وعن الصماء بنت بسر رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب ، أو عود شجرة فليمضغها ) . رواه الخمسة ، ورجاله ثقات ، إلا أنه مضطرب ، وقد أنكره مالك ، وقال أبو داود : هو منسوخ . حفظ
الشيخ : قال: " وعن الصماء بنت بسر رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب ، أو عود شجرة فليمضغها ) رواه الخمسة، ورجاله ثقات، إلاّ أنّه مضطرب، وقد أنكره مالك، وقال أبو داود: هو منسوخ " :
الطالب : الذي سبق ؟
الشيخ : نخلّيه نأجله، من أجل أن نستمرّ مع الأيّام.
قال: ( لا تصوموا يوم السّبت إلاّ فيما افترض عليكم ) :
هذه لا: ناهية، والدّليل على أنّها ناهية؟
الطالب : الجزم.
الشيخ : هاه؟
الطالب : الجزم.
الشيخ : جزم الفعل، حذف النّون في لا تصوموا.
وقوله: ( إلاّ فيما افترض عليكم ) يعني: إلاّ فيما كان فرضا كرمضان وقضاء رمضان، والكفّارة .
الطالب : والنّذر.
الشيخ : كيف؟
الطالب : والنّذر.
الشيخ : والنّذر إذا لم يعيّنه، إذا لم يقل أصوم يوم السّبت، لأنّه إذا نوى الصّوم يوم السّبت فقد نذر مكروها، لكن إذا نذر أن يصوم يوما فصام يوم السّبت فهذا يدخل فيه.
وقوله: ( إلاّ فيما افترض عليكم ) : استثناء يدلّ على أنّ ما قبله عامّ، لأنّ لدى أهل العلم قاعدة، يقولون: " إنّ الإستثناء معيار العموم " ، معيار أي: ميزان، يعني: أنّه إذا جاء اللّفظ فيه استثناء فما قبل المستثنى عامّ، وأظنّه واضح، لأنّه إذا استثنى شيء، هذا الشّيء المعيّن دلّ على أنّه أراد العموم في ما سبق، وإلاّ لم يكن للاستثناء فائدة، فإذا جاء شيء عامّ واستثني منه شيء فاعلم أنّه عامّ في ما عدا إيش؟
الطالب : المستثنى.
الشيخ : المستثنى طيب.
وقول: ( فإن لم يجد أحدكم ) يعني: إذا صامه وأراد أن يفطر ( فإن لم يجد أحدكم إلاّ لحاء عنب ) :
اللّحاء: القشر، لأنّه يلحى بالمقلمة بالمبراة.
( أو عود شجرة فليمضغها ) يعني: إن لم يجد ما يفطر به إلاّ هذا فليفطر به وهذا تأكيد لفطر يوم السّبت إذا صامه الإنسان -انتبه- إذا تأمّلنا في هذا الحديث، يقول المؤلّف : " رواه الخمسة ورجاله ثقات إلاّ أنّه مضطرب " : مضطرب في إسناده كما يعلم ذلك من كلام علماء الحديث عليه وممّن تكلّم عليه وأطال الشّوكاني في *نيل الأوطار* هذا واحد.
" وقد أنكره مالك " : وهو إمام حافظ من أئمّة الحديث أنكره قال هذا كذب لا يصحّ عن النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام.
الثالث: " وقال أبو داود هو منسوخ " : نعم والنّسخ يحتاج إلى دليل.
فيه أيضا علّة رابعة : وهي الشّذوذ في متنه.
وفيه علّة خامسة : وهي نكارة متنه من حيث القواعد الشّرعيّة، نعم.
أمّا الإضطراب في السّند فهذا يرجع فيه إلى ما قاله المحدّثون كالشّوكاني مثلا، لأنّه تكلّم عليه كلاما طويلا.
وأمّا إنكار مالك له: فلعلّ مالكا أنكره من جهة شذوذه ونكارة متنه.
وأمّا شذوذه: فلأنّه مخالف للأحاديث الصّحيحة كحديث أبي هريرة السّابق : ( إلاّ أن تصوموا يوما قبله أو يوما بعده )، واليوم الذي بعده هو يوم؟
الطالب : السّبت.
الشيخ : السّبت، وكحديث جويرية قال: ( أتصومين غدا؟ قالت: لا ) وغدا بالنّسبة للجمعة هو يوم السّبت، واضح، طيب.
من جهة نكارة المتن: نكارة المتن من وجهين:
الوجه الأوّل: أنّ ظاهره تحريم صوم هذا اليوم مطلقا، سواء ضمّ إليه ما قبله أو ما بعده أو لم يضمّ، من أين يؤخذ أنّ ظاهره التّحريم؟
أوّلا: من النّهي. والثّاني: من التّأكيد على فطره، مع أنّ الرّسول ما قال: إلاّ أن تصوموا يوما قبله ويوما بعده، والأحاديث الصّحيحة تدلّ على أنّه إذا صام يوم الجمعة قبله فصومه جائز وما فيه شيء، فيكون على هذا منكر المتن، لأنّه كيف يكون واجبا أو يكون صومه محرّما مع أنّه يجوز إذا ضمّ إلى يوم الجمعة.
وجه آخر من النّكارة: أنّه قيل في هذا الحديث : ( إن لم يجد أحدكم إلاّ لحاء عنب ) وهل يشترط للفطر الأكل ولاّ تكفي النّيّة؟
الطالب : تكفي النّيّة.
الشيخ : تكفي النّيّة، وهذا يدلّ على أنّ الحديث منكر لمخالفته القواعد الشّرعيّة المعلومة من الدّين، وعلى هذا فيكون الحديث غير معمول به.
نأتي إلى دعوى النّسخ : أبو داود رحمه الله يقول: إنّه منسوخ، يعني : إنّ النّهي عنه منسوخ ، ولكن لم يبيّن النّاسخ، والنّسخ كما تعلمون : " رفع حكم النّصّ الشّرعي بدليل شرعيّ متأخّر " ، وسواء كان هذا الحكم تلاوة أو حكما، يعني: إيجابا أو تحريما.
ولكنّه يشترط للنّسخ : أن لا يمكن الجمع، والثاني : أن يعلم التّاريخ.
فعدم إمكان الجمع ظاهر، أنّه لا يمكن الجمع بينه وبين حديث أبي هريرة وحديث جويرية، لأنّ ظاهره التّحريم مطلقا وظاهرهما؟
الطالب : الجواز.
الشيخ : الجواز إذا ضمّ إليه يوم الجمعة.
لكن التّاريخ، ولعلّ أبا داود رحمه الله أخذه ممّا كان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أوّل ما قدم إلى المدينة كان يحبّ موافقة أهل الكتاب ، وأهل الكتاب واليهود يرون أنّ هذا اليوم يوم عيد ، فكان ينهى عن صيامه لأنّ صيامه في نوع من تعظيمه ولاّ لا؟
أو نقول: لأنّ صيامه فيه مخالفة لليهود وإفطاره من أجل أنّه يوم عيد فيه موافقة لهم، ثمّ بعد ذلك كان عليه الصّلاة والسّلام كان يكره موافقة أهل الكتاب فأباح صيامه، لأنّ صيامه مخالفة لليهود إذ أنّ يوم العيد يوم فرح وسرور وليس يوم صوم وانطواء.
ربّما أنّ أبا داود أخذه من هذا الحكم العامّ بالنّسبة للرّسول عليه الصّلاة والسّلام حيث كان في أوّل قدومه المدينة يحبّ موافقة أهل الكتاب ثمّ بعد ذلك صار يحبّ مخالفتهم.
على كلّ حال الأحاديث تدلّ على أنّ صوم يوم السّبت لا بأس به ولا حرج فيه، سواء أفرده أو ضمّه إلى ما سواه وهذا الحديث كما سمعتم فيه هذه العلل.
ثمّ قال: " وعن أمّ سلمة رضي الله عنها أنّ رسول الله " .
الطالب : شيخ.
الشيخ : هاه؟ نتوقّف عند هذا قبل استكمال البحث؟
الطالب : استكمال البحث.
الشيخ : هاه؟
الطالب : نستكمل البحث.