وعنها رضي الله عنها :( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله, ثم اعتكف أزواجه من بعده ). متفق عليه . حفظ
الشيخ : ثمّ قال المؤلّف: " وعنها -أي عن عائشة- رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان ) " :
كان: فعل ماض قال العلماء إذا كان خبرها فعلا مضارعا دلّت على الاستمرار غالبا لا دائما، فتقول: كان يفعل كذا، ويجوز أن تقول: وأحيانا لا يفعل فهي تكون للاستمرار غالبا.
وقولها : ( يعتكف ) : تقدّم لنا معنى الاعتكاف لغة وشرعا.
وقولها: ( العشر الأواخر ) لماذا خصّ الإعتكاف بالعشر الأواخر؟
طلبا لليلة القدر، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم اعتكف أوّل ما اعتكف العشر الأوّل، ثمّ اعتكف العشر الأوسط، ثمّ أتي فقيل له إنّها في العشر الأواخر فاستمرّ على اعتكاف العشر الأواخر فقط رجاء ليلة القدر.
وفي قولها: ( حتى توفّاه الله ) يعني: حتّى قبضه، والوفاة تطلق على وفاة الموت وعلى وفاة النّوم، قال الله تعالى: (( الله يتوفّى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها ))، وقال تعالى: (( وهو الذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار ثمّ يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمّى )) .
لكنّها عند الإطلاق يراد بها وفاة الموت كما في هذا الحديث يعني : ( حتى توفّاه الله ) أي: أماته.
وفائدة قولها: ( حتّى توفّاه الله ) بيان أنّ هذا الحكم لم ينسخ وأنّه استمرّ إلى آخر حياته.
قالت: ( ثمّ اعتكف أزواجه من بعده ) أي : من بعد موته، وأزواجه جمع زوج، وهو في اللّغة يشمل الذّكر والأنثى، فيقال : زوج للرّجل، ويقال : زوج للمرأة، لكن فيه لغة قليلة ، وبعضهم قال لغة رديئة : بالتّاء للأنثى وبحذفها للذّكر.
إلاّ أنّ الفرضيّين التزموا أن يجعلوها للأنثى بالتّاء، وللذّكر مجرّدة من أجل التّمييز في المسائل الفرضيّة لأنّهم إذا قالوا مات زوج وهم يريدون الزّوجة أشكل على الطالب فالتزم الفرضيّون رحمهم الله أن يقولوا زوجة للمرأة وزوج للرّجل.