فوائد حديث ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان ...). حفظ
الشيخ : في هذا الحديث تقول عائشة رضي الله عنها : إنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كان يعتكف العشر الأواخر، وأنّه استمرّ على ذلك إلى أن توفّاه الله وأزواجه اعتكفن من بعده.
فيستفاد من هذا الحديث: مشروعيّة الاعتكاف لماذا؟
لأنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فعله، والأصل في ما فعله النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام تعبّدا أنّه مشروع، ولكن هل يكون للوجوب؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، فإنّ الفعل المجرّد لا يفيد الوجوب نعم.
طيب أفعال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لها أقسام متعدّدة:
أوّلا: ما فعله بمقتضى الطّبيعة.
والثاني: ما فعله بمقتضى العادة.
والثالث: ما فعله تعبّدا.
والرّابع: ما احتمل الأمرين: التّعبّد والعادة.
والخامس: ما فعله بيانا لمجمل هذه خمسة أنواع.
ما فعله بمقتضى الجبلّة لا حكم له لأنّ هذا شيء تقتضيه الطبيعة مثل النّوم، فهل نقول للإنسان: يسنّ أن تنام، سيقول: إذا جاءني النّوم نمت غصبا عليّ، الأكل؟
كذلك مقتضى الطّبيعة والجبلّة، كون الإنسان يتدفّى إذا برد أو يطلب البراد إذا احترّ هذا أيضا مقتضى الجبلّة، لكن قد يؤجر الإنسان عليه لسبب آخر بحسب نيّته قد يقول: أنا أنام بمقتضى الطّبيعة وأريد أن أريح بدني، لأنّ لبدني عليّ حقّا، أنا آكل بمقتضى الطّبيعة إذا جعت أكلت، لكن أيضا أريد بذلك التّقرّب إلى الله عزّ وجلّ، بامتثال أمره بالأكل، وبالاستعانة به على طاعة الله وبحفظ بدني وبما أشبه ذلك فيؤجر من هذه النّاحية.
طيب كذلك قد يؤجر الإنسان فيما يتعلّق في فعل الجبلّة بمقتضى هيئاته أو صفاته، مثلا:
النّوم على الجنب الأيمن سنّة يؤجر عليه الإنسان، الأكل باليمين واجب، يؤجر عليه الإنسان، الشّرب باليمين كذلك، واضح؟
لكن هذا ليس عائدًا إلى الأكل نفسه بل عائد إلى صفة الأكل.
ما فعله على سبيل العادة فهو مشروع لجنسه لا لعينه أو نوعه، وبعض الأصوليّين أطلق كونه مباحًا.
نعم قد نقول: إنّه مباح من حيث الأصل لكن موافقة العادة التي ليست نحرمة أمر مطلوب، ولهذا نهى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن لبس الشّهرة الذي يشتهر به الإنسان لأنّه مخالف للعادة.
وبناء على ذلك نقول: مثلا أيّهما الأفضل لنا الآن أن نلبس القميص والغترة أو أن نلبس الإزار والرّداء والعمامة؟
الطالب : الأوّل.
الشيخ : الأوّل أفضل، لأنّ هذا مقتضى العادة، والذي يتبيّن لنا أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لبس الإزار والرّداء والعمامة لأنّ ذلك كان العرفَ في عهده.
الثّالث: ما كان متردّدا .
الطالب : بالنسبة للجنس لا للنوع.
الشيخ : هاه؟
الطالب : بالنسبة للجنس لا للنوع.
الشيخ : ليش؟
الطالب : ...
الشيخ : أي أقول نعم بالنّسبة للجنس لا للنّوع يعني مثلا: النّوع إزار ورداء وعمامة، طبعا العين متعذّر في الواقع ليش؟
لأنّ الأعيان الموجودة في عهد الرّسول ما هي موجودة الآن لكن نوعها موجود، أمّا الجنس فنقول: جنس اللّباس المعتاد، فلباس الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: إزار ورداء وعمامة هذا نوع، كونه هو المعتاد هذا جنس، فنحن نتبعه في الجنس، الرّابع !
الطالب : الثالث يا شيخ.
الشيخ : الثالث: ما كان متردّداً، لا الثالث: التّعبّد ما فعله على سبيل التّعبّد، كيف على سبيل التّعبّد؟
قد يقول قائل: كيف نعرف أنّه فعله تعبّدا لله؟
نقول: نحن لا نطّلع على ما في القلوب، لكن ما ظهر لنا فيه قصد التّعبّد بحيث لا يكون فيه منفعة للبدن، فإنّ الظّاهر أنّه فعله تعبّدًا، فما ظهر فيه قصد التّعبّد فإنّه يُفعل ويكون مشروعاً، لكن هل هو على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب؟
الصّحيح أنّه على سبيل الاستحباب، وجه ذلك: أنّ فعله تعبّدا يرجّح مشروعيّته، أو بالأصحّ يقتضي مشروعيّته، والأصل عدم التّأثيم بالتّرك، أليس هذا هو الأصل؟
الطالب : بلى.
الشيخ : أنّ الإنسان لا يأثم بتركه إلاّ بدليل، ففعله إيّاه يجعله مشروعا، وعدم تأثيم التّارك له يجعله من قسم إيش؟
المستحبّ لا الواجب، ولهذا كان القاعدة عند جمهور الأصوليّين : " أنّ فعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المجرّد يدلّ على الاستحباب لا على الوجوب " ، وهذا هو الصّحيح.
الرّابع: ما كان متردّداً محتملا لأن يكون على سبيل الجبلّة والعادة أو على سبيل التّعبّد: فهذا تجد العلماء يختلفون فيه، فمنهم من يقول: مستحبّ، ومنهم من يقول: ليس بمستحبّ في نوعه.
ومثاله: إبقاء شعر الرّأس للرّجل طبعًا، المرأة معروف أنّه يبقى: هل اتّخاذ الشّعر سنّة أو هو من قسم العادة ؟
كذلك لبس النّعال السِّبتيّة التي لها سبتة من فوق من ظهر القدم ، ولها سبتة من خلف العقب، هل لبسها على سبيل العادة وبيان الجواز أو على سبيل الاستحباب؟
لكن المثال الأوّل أظهر وهو؟
الطالب : الشّعر.
الشيخ : الشّعر، فمن العلماء من قال: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم اتّخذه تعبّدًا، وبناء على ذلك فإنّه يسنّ لنا أن نتّخذ الشّعر، لأنّ الرّسول فعله تعبّدا ونحن مأمورون باتّباعه والتّأسّي به.
ومنهم من قال: إنّه فعله لا على سبيل التّعبّد ولكن على سبيل العادة وأنّ النّاس في ذلك الوقت يرون اتّخاذ الشّعر، فلم يرغب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يخالفهم، ولهذا لما قدم المدينة وجد اليهود يسدلون شعورهم يعني ينفره كذا ويتركه بدون فرق، ثمّ إنّه عليه الصّلاة والسّلام أمر بمخالفتهم وصار يفرقه، يضع فرقاً الشّعر الأيمن لليمين والأيسر لليسار، وهذا يدلّ على أنّه كان يتّبع؟
الطالب : العادة.
الشيخ : العادة، وأنّ هذا ليس من الأمور المشروعة.
لكن المشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- أنّه من الأمور المشروعة، ولهذا قال فيه: " هو سنّة لو نقوى عليه اتّخذناه، ولكن له كلفة ومؤونة " ، الشعر ، ولذلك كان الإمام أحمد يحلق رأسه لأنّ هذا أسهل، كيف أسهل؟
الطالب : لا يحتاج تعب.
الشيخ : لا يحتاج إلى ترجيل، ولا إلى دهن، ولا إلى تسريح، ولا إلى شيء، يحلقه وإن طال حلقه مرّة ثانية نعم واستراح منه، أي نعم.
بقي عندنا الخامس: ما فعله النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بيانا لمجمل:
الطالب : ما الراجح ؟
الشيخ : الذي يترجّح عندي أنّ الأصل عدم المشروعيّة ، وأنّ ما كان متردّدا يلحق ما كان عاديّا أو جبليّا.
الخامس: ما فعله بيانا لمجمل: مثل أمر الله بأمر على سبيل الإجمال، ففعله النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام فهذا له حكم المجمل.
إن كان هذا المجملُ واجبا كان ذلك واجبا، وإن كان مستحبّا كان ذلك مستحبّا.
قد نمثّل له بقوله تعالى: (( وإن كنتم جنبا فاطّهروا )) ، وبقوله تعالى: (( وأقيموا الصّلاة )) :
فالرّسول صلّى الله عليه وسلّم أقام الصّلاة وتطهّر اغتسل على صفة معيّنة ، فله حكم المجمل لكنّنا نقول: إنّ قوله: (( فاطّهروا )) : الذي بيّنه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بفعله ظاهر السّنّة يقتضي أنّ فعله يعني: كيفيّة الغسل ليست بواجبة، ففي حديث عمران بن حصين الطّويل الذي رواه البخاري في قصّة الرّجل الذي رآه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم معتزلا لم يصلّ في القوم فقال له: ( ما لك؟ قال أصابتني جنابة ولا ماء، قال: عليك بالصّعيد ) : لأنّ الرّجل ظنّ أن الإنسان إذا كان عليه جنابة وليس عنده ماء لا يصلّي، قال: ( عليك بالصّعيد فإنّه يكفيك ) ، ثمّ جيء بالماء وبقي منه بقيّة فأعطاه الرّجل وقال: ( خذ هذا فأفرغه على نفسك )، وهذا بعد نزول الآية بلا شكّ.
فذهب الرّجل واغتسل، هذا الحديث يدلّ على كيفيّة الغسل التي كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقوم بها ليست واجبة، لأنّها لو كانت واجبة لبيّنها لهذا الرّجل، إذ أنّ هذا الرّجل لا يعرف.
طيب المثال الثاني: (( وأقيموا الصّلاة )) قلنا: هذا مجمل لا نعرف كيف إقامتها ولكن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بيّنها، لكن بيان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لإقامة الصّلاة كان بالقول أحيانا وبالفعل أحيانا.
أحيانا يبيّن للناس قولوا كذا وقولوا كذا وافعلوا كذا، وأحيانا بالفعل ويقول: ( صلّوا كما رأيتموني أصلّي ) .
نرجع إلى الاعتكاف، الاعتكاف .!
الطالب : الخصوصية يا شيخ!
الشيخ : ما هو؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش؟
الطالب : الخصوصية.
الشيخ : لا لا، هذا معروف، الخصوصية خاصّ به، الخصوصية قد تكون قولا، وقد تكون فعلا وقد تكون تركا، مثلا الأفعال كثيرة، والأقوال: سؤال الوسيلة وما أشبه ذلك ممّا يختصّ به، والتّرك كمنعه من الرّمز بالعين، ما يمكن لرسول أو لنبيّ أن يرمز بعينه يعني يفشرك ممنوع، لكن نحن لنا أن نفشر ولاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : هاه؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : لنا أن نفشر، الواحد بيتكلّم بكلام لا تريد أن يسمعه الذي بجانبك تقول هكذا بعينك يعني: اسكت، نعم، هذا لا بأس به، أما الرّسول عليه الصّلاة والسّلام فهو ممنوع من الإشارة بالعين كلّ الأنبياء.
طيب الاعتكاف، كان يعتكف العشر الأواخر، هذا الفعل بيان للمجمل وإلاّ لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ليس بيانا لأمر مجمل، وهل هو على سبيل التّعبّد؟
الطالب : نعم.
الشيخ : إيش الدّليل؟
الدّليل: لزوم المسجد، والمسجد مكان العبادة، وليس للبدن مصلحة هاه في ذلك، إذن فهو عبادة، ما دام البدن ليس له مصلحة حتى نقول هذا يراعى فيه المصلحة الدّنيويّة فهو عبادة.
طيب فيؤخذ منه مشروعيّة الاعتكاف وقد دلّ عليها أيضا القرآن، لقوله تعالى: (( ولا تباشروهنّ وأنتم عاكفون في المساجد )).
إذا قال قائل : كيف نعرف من هذه الآية أنّ العكوف مشروع أو أنّ الاعتكاف مشروع؟
نقول: لأنّ الشّارع رتّب له أحكاما، وترتيب الأحكام عليه يدلّ على مشروعيّته والرّضا به، فقال: (( ولا تباشروهنّ وأنتم عاكفون في المساجد )) إذن الاعتكاف له حرمة وهو أنّ الرّجل يمنع من مباشرة أهله فيكون عبادة. وسبق لنا في أول الباب أنّ الاعتكاف مشروع بالإجماع نقل ذلك من؟
الطالب : الإمام أحمد.
الشيخ : الإمام أحمد، ولا يجب إلاّ بالنّذر لحديث عمر بن الخطّاب رضي الله عنه.
طيب وهل يصحّ في كلّ مسجد أو في مساجد مخصوصة؟
نشوف من العلماء من يقول: لا يصحّ إلاّ في مسجد المدينة فقط.
ومن العلماء من قال: لا يصحّ إلاّ في مسجدي مكّة والمدينة، هذا قولان. ومنهم من يقول: لا يصحّ إلاّ في المساجد الثّلاثة.
ومنهم من يقول: لا يصحّ إلاّ في المسجد الجامع.
ومنهم من يقول: لا يصحّ إلاّ في مسجد الجماعة.
ومنهم من يقول: يصحّ في كلّ مسجد.
ومنهم من يقول يصحّ في كلّ مصلّى حتى مصلّى المرأة في بيتها، تعتكف فيه.
الطالب : سبعة.
الشيخ : ستّة أو سبعة؟
الطالب : سبعة.
الشيخ : لكن، الرّاجح من هذه الأقوال بلا شكّ أنّه يصحّ في كلّ مسجد تقام فيه الجماعة، لأنّه إذا كان المسجد لا تقام فيه الجماعة، فإنّ هذا الرّجل الذي اعتكف إمّا أن يتردّد إلى الجماعة والتّردّد الكثير كخمس مرّات في اليوم واللّيلة ينافي الاعتكاف، وإمّا أن يدع الجماعة فيترك واجبا لمسنون وهذا لا يمكن، لا يمكن أن يقام المسنون لترك واجب.
فالصّحيح أنّه يصحّ في كلّ مسجد تقام فيه الجماعة.
أمّا الجمعة فهي في الأسبوع مرّة يخرج إليها ، ومع هذا نقول: الأفضل أن يكون في المسجد الجامع إن تخلّل اعتكافه جمعة حتى لا يحتاج إلى الخروج من مكانه اعتكافه.
طيب ومن فوائد الحديث: فضيلة العشر الأواخر لتخصيص النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لها في الاعتكاف.
ومن فوائده: أهميّة ليلة القدر، وأنّ الإنسان ينبغي أن يكون مستعدّا لها.
ومن فوائده: أنّ أفضل مكان للخلوة بالله بيوت الله عزّ وجلّ، لأنّها بيوته أضافها الله إلى نفسه في قوله: (( ومن أظلم ممّن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه )) .
وأضافها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى الله أيضا في قوله: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ) .
ومن فوائد الحديث: أنّ الاعتكاف لم تنسخ مشروعيّته، لقولها: ( حتّى توفّاه الله ).
ومنها: جواز اعتكاف المرأة لقولها: ( واعتكف أزواجه من بعده ) .
فإن قلت: أفلا يعارض هذا أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بنقض الأخبية حينما فَعلت زوجات الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ذلك، بنينَ لهنّ أخبية في المسجد ليعتكفن ، لأنّ الرّسول لما أراد أن يعتكف بنت عائشة لها خباء، وبنت زينب لها خباء، وبنت حفصة لها خباء في ما أظنّ وهو قد بنى له خيمة، فلمّا خرج ورأى هذه الأخبية قال: ( آلبرّ أردن؟ -أو قال- يردن؟-أو قال- ترون؟ ) يعني: هل تظنّون أنّهنّ فعلن هذا للبرّ، ثمّ أمر بنقض الأبنية الأربعة وترك الاعتكاف تلك السّنة، واعتكف بعد ذلك في شوّال.
وهنا تقول: ( ثمّ اعتكف أزواجه من بعده ) واستبطنا منها جواز ومشروعيّة اعتكاف المرأة، فكيف نجيب عن هذا الحديث؟
الطالب : يجاب عن هذا أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ما نقض الأخبية إلاّ لأنّه شكّ في صلاح نيّتهنّ، لأنّه ظنّ أنّ الدّافع لهنّ الغيرة.
الشيخ : أي صحّ، هذا هو الجمع بين هذا الحديث والحديث الذي أشرنا إليه، أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ظنّ أنّهنّ أردن الغيرة، كل واحدة تقول: وراه أنا ببني خباء وتعتكف أنا أفعل، لو فُتح الباب لهنّ كم تصير عنده من خباء؟ تسعة أخبية، والعاشرة للرّسول عليه الصّلاة والسّلام.
فالنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام أراد أن يقطع كون العبادات يحمل عليها الغيرة والتّفاخر والتّباهي، ولهذا جاء في الحديث: ( لا تقوم السّاعة حتّى يتباهى النّاس في المساجد ) : ما يتّخذونها مكان عبادة، مكان مباهاة ما شاء الله فلان عمر هذا المسجد العظيم مزخرف محلاّ وش نقول؟
الطالب : بالنّقوش.
الشيخ : بالنّقوش، وبالمعادن وبالرّخام وهكذا، يقول لكن أبي بنى أزين منه قال لا ليس أزين، قال نذهب أنا وإيّاك نشوف، هذه مباهاة.
وفعلا بعض المساجد رأيناها في بعض المناطق يكاد الإنسان يجزم بأنّ الإنسان بناها مباهاة لأنّه ما فيه داع لهذه الأشياء.
وسبحان الله يقول لي بعض النّاس: إنّه إذا صلّى في مسجد الطّين كان أخشع له وأحضر لقلبه، وإذا صلّى في هذه المساجد يروح فكره، نعم.
الحاصل أنّنا نقول فيما أجبنا عنه: فيما ظاهره معارضة الحديث، في أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أمر بنقضها خوفا من أن يكون الحامل لذلك أو ظنّا أنّ الحامل لذلك هو الغيرة، أي نعم.
السائل : يا شيخ؟
الشيخ : نعم إبراهيم؟
السائل : بعض العوامّ يقولون نحن نجمّل بيوتنا.
الشيخ : نعم.
السائل : ونزخرفها فما بالنا لا نجمّل بيوت الله ولا نهتمّ بها؟
الشيخ : والله لو صدق الله لما فعل ذلك.
السائل : ويقولون فيه إغاضة لأعداء الإسلام كما يزعمون.
الشيخ : نعم نعم هذا ليس بصحيح ولهذا قال: ( لتزخرفنها كما زخرفة اليهود والنصارى ).
السائل : حديث عمران : لا يقول قائل: كيفيّة الغسل ...
الشيخ : أي لا يصحّ هذا، لأنّ هذا الرّجل ما عرف أنّ العادم للماء يتيمّم، كيف يعرف تفاصيل الغسل؟
السائل : شيخ؟
الشيخ : نعم، آخر واحد.
السائل : قد يقول قائل: أنّ الجمع هذا فيه سوء ظنّ بأزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
الشيخ : لا لا، ما فيه سوء ظنّ، الرّسول نفسه عليه الصّلاة والسّلام: ( آلبرّ يردن؟ ) وقال للصّحابة: ( آلبرّ تقولون؟ ) أو ( آلبرّ ترون؟ ) وتعرف النّساء المرأة لا تلام على الغيرة، الغيرة في الحقيقة يحمل المرء على ما لا يريد ، حتى إنه يغضب.
وبعض العلماء يقول: إنّ الإنسان إذا قذف على سبيل الغيرة لا يحد بالقذف.
السائل : شيخ بارك الله فيك ما الدّليل على أنّه يجوز الاعتكاف في كلّ مسجد؟
الشيخ : إيش؟
السائل : يجوز الاعتكاف في كلّ مسجد.
الشيخ : نعم.
السائل : ما الدّليل على ذلك؟
الشيخ : إيش؟
السائل : هل يجوز الاعتكاف في كلّ مسجد؟
الشيخ : أي نعم.
السائل : ما الدّليل على ذلك؟
الشيخ : الدّليل الأصل عدم الخصوصيّة، مثل الأحكام التي فعلها الرّسول نقول ما هي خاصّة به، ثمّ الآية الكريمة : (( وأنتم عاكفون في المساجد )) عامّة.
لو قال قائل: لعلّه يريد المساجد الثّلاثة؟
قلنا: كيف يخاطب الأمّة المتفرّقة في كلّ مكان بأمر لا يكون إلاّ في أمكنة خاصّة.
( لا اعتكاف إلاّ في المساجد الثّلاثة ) فهذا إن صحّ فالمراد الأكمل، يعني: أن أكمل الاعتكاف ما كان في المساجد الثّلاثة.