وعنها رضي الله عنها قالت :( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه ). متفق عليه . حفظ
الشيخ : " وعنها رضي الله عنها قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه ) " :
قولها: ( كان أراد أن يعتكف ) : يعني إذا أراد الدّخول في المعتكف، والإرادة محلّها القلب لأنّها النّيّة.
قالت: ( صلّى الفجر ثمّ دخل معتكفه ) أيّ فجر؟
لم تبيّن، لكن قولها في الحديث الذي قبله " ( كان يعتكف العشر الأواخر ) ": فإنّه يحتمل أنّه الفجر من يوم عشرين ليستقبل العشر الأواخر كاملة، أو أنّه الفجر من إحدى وعشرين:
فعلى الأوّل يمكن أن يكون كذلك، ولكنّه يخالف قولها: ( يعتكف العشر الأواخر )، لماذا؟
لأنّ اليوم العشرين ليس من العشر الأواخر.
وعلى الثاني يشكل أيضا إذا قلنا: إنّه يدخل في صباح يوم الحادي والعشرين يشكل أيضا لماذا؟
لأنّ ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر، وهي تقول: ( إنّه كان يعتكف العشر الأواخر )، وهي أيضا تحتمل أن تكون ليلة القدر كما رآه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين اعتكف العشر الأوسط من رمضان، ثمّ أري ليلة القدر وأنّه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، فمطرت السّماء ليلة إحدى وعشرين، فوكف المسجد، فصلّى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فجر يوم إحدى وعشرين وكان مسجده عليه الصّلاة والسّلام طينا مبتلاّ من المطر، فلمّا انصرف إذا على جبهته أثر الماء والطّين، من صبح إحدى وعشرين.
فعندنا الآن هي لم تبيّن: ( إذا أراد أن يعتكف صلّى الفجر ثمّ دخل معتكفه )، أيّ فجر هو؟
قلنا : يحتمل أنّه فجر اليوم العشرين ، وحينئذ يكون اعتكف أكثر من العشر الأواخر ، وهي : تقول : ( يعتكف العشر الأواخر )، ويحتمل أنّه فجر إحدى وعشرين وحينئذ يكون قد نقص من العشر الأواخر إيش؟
الطالب : واحد وعشرين.
الشيخ : ليلة إحدى وعشرين، لهذا قال العلماء إنّ مرادها بقولها: ( صلّى الفجر ثمّ دخل معتكفه ) أي: أنّه عليه الصّلاة والسّلام انعزل عن النّاس أو اعتزل النّاس، فكان في ليلة إحدى وعشرين يختلط بالنّاس ويهيّء مكان اعتكافه، ولكن لا يعتزل النّاس إلاّ في صباح إحدى وعشرين، إذا صلّى الفجر، قالوا ذلك لأجل أن يجمعوا بين هذا الحديث، وبين الحديث الأوّل : ( كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان ).
وعلّلوا ذلك أيضا فقالوا: إنّ العشر الأواخر من رمضان تبتدأ من غروب شمس يوم عشرين، لأنّ النّهار تابع اللّيل، فليلة الثّلاثاء مثلا هي مساء يوم الاثنين، إذن ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر، تعتبر من العشر الأواخر، هذا ما حمله عليه أهل العلم، ولم يتبيّن لي أنّ هذا الحمل جيّد، وكذلك أيضاً بعد مراجعة ما تيسر من شرّاح الحديث ما رأيت أحدا رجّح أحد الاحتمالين السّابقين.
وعندي أنّ الاحتمال الأوّل أنّه يدخل معتكفه في صباح عشرين قد يكون جيّدًا لأنّه في هذا اليوم يدخل ليهيّء المكان ويحسّنه حتى يكون قابلا للاعتكاف فيه من ليلة واحد وعشرين.
ولكنّي ما رأيت أحدًا من أهل العلم قال بذلك، نعم رأيت بعض العلماء يقول: إنّه يدخل المعتكف في فجر يوم إحدى وعشرين، في هذا اليوم، ويلغي ليلة إحدى وعشرين، ولكن أيضاً هذا يبعده أنّ ليلة إحدى وعشرين هي إحدى اللّيالي التي يمكن أن تكون ليلة القدر.