وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى ). متفق عليه . حفظ
الشيخ : " وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه -الدّرس الجديد- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تشدّ الرّحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى ) " :
أوّلا: نسأل ما المناسبة في ذكر الحديث في باب الإعتكاف؟
المناسبة أنّه لمّا كان الإعتكاف خاصّا بالمساجد أتى المؤلّف بما هو أخصّ من الاعتكاف وهو شدّ الرّحال، حيث لا يجوز شدّ الرّحال إلاّ لهذه المساجد، فالاعتكاف خاصّ بالمساجد وشدّ الرّحال أخصّ حيث لا يجوز إلاّ لهذه المساجد الثلاثة.
طيب وأمّا استنباط بعض الشّرّاح أنّ المؤلّف يريد الإشارة إلى أنّ الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة لا يصحّ ، فليس بصواب ، لأنّ المؤلّف ممّن يرون جواز الاعتكاف في غير المساجد الثّلاثة، لكن السّبب هو ما أشرنا إليه أوّلا.
طيب يقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ( لا تشدّ الرّحال ) لا نافية ولاّ لا؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : بدليل ضمّ الفعل، ولو كانت ناهية؟
الطالب : ...
الشيخ : هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، لجزم وأيضا لكانت: لا تشدّوا، نعم.
الرّحال: معروف الرّحل هو الذي يوضع على البعير ليركب.
وقوله: ( إلاّ لثلاثة مساجد ) أين المستثنى منه؟
المستثنى منه محذوف وإنّما حذف للعموم، ليشمل شدّ الرّحل إلى المساجد الأخرى، يعني لا تشدّ الرّحال لأيّ مسجد إلاّ إلى المساجد الثّلاثة، وإلى الأماكن الأخرى التي يعتقد من يشدّ الرّحال إليها أنّ لها مزيّة كالذين يشدّون الرّحال إلى القبور، لأنّ القبور أماكن.
طيب وهل يعمّ شدّ الرّحل إلى البلاد الأخرى لطلب العلم؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا يشمل، لأنّ الشّادّ لطلب العلم ليس شادّا للمكان ولكن للعلم، وقد ثبت عن الصّحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم أنّهم يشدّون الرّحال لطلب العلم.
قوله: ( إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ) إلى آخره، في هذا تفصيل بعد الإجمال، الإجمال في قوله؟
الطالب : ثلاثة مساجد.
الشيخ : ثلاثة مساجد، والتّفصيل المسجد الحرام، وقد ذكرنا أنّ هذا من أساليب اللغة العربيّة التي يقصد بها تثبيت الكلام في هن السّامع، كيف ذلك؟
لأنّ السّامع إذا جاءه الإجمال تشوّق ذهنه إلى التّفصيل والتّبيين ، فإذا قال : ( إلى ثلاثة مساجد ) بدأ الذّهن يقول وش المساجد هذه، ويدوّر ويطلب، فإذا جاء التّعيين ورد على ذهن متشوّف ومتشوّق أيضا إلى معرفة هذا الشّيء كما لو قلت : عندي لك ثلاثة وش؟
الطالب : تشوف.
الشيخ : تشوّف، وش الثّلاثة هؤلاء، ثلاثة كتب، ثلاثة ريالات، ثلاثة أقلام، ثلاثة دراهم، وش هي؟
المهمّ أن يعود الذّهن كلّ مذهب، فإذا قلت: ثلاثة دراهم ورد هذا التّعيين على ذهن متشوّف ومتشوّق إلى البيان.
المسجد الحرام هو مسجد مكّة، وسمّي حرامًا لحرمته وتحريمه.
والثاني: ( مسجدي هذا ) يعني المسجد النّبويّ.
الثّالث: المسجد الأقصى الذي في فلسطين.
هذه المساجد كلّها وضعت وأسّست على التّقوى:
المسجد الحرام من الذي رفع قواعده؟
إبراهيم، والمسجد الأقصى يعقوب، ولكنّه جُدّد على عهد سليمان، ولهذا سئل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كم بينهما؟ الكعبة والمسجد الأقصى؟ قال: أربعون سنة، لأنّ المدّة بين إبراهيم ويعقوب قريبة.
أمّا سليمان فإنّه بناه تجديداً.
طيب المسجد النّبويّ بناه من؟
الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فهو آخرها لكنّه في الفضل أفضل من المسجد الأقصى، لأنّ الصّلاة في المسجد النّبوي خير من ألف صلاة فيما عداه إلاّ المسجد الحرام، والمسجد الحرام بمائة ألف صلاة فيما عداه، والأقصى بخمسمائة صلاة، فأفضلها إذن المسجد الحرام.