فوائد حديث (أحلت لنا ميتتان ودمان ...). حفظ
الشيخ : طيب فيستفاد من هذا الحديث فوائد: الفائدة الأولى أنّه ليس للنّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلم أن يحلّل أو يحرّم إلاّ بإذن الله لقوله: ( أحلّت لنا ) وهذا مبنيّ على صحّة الحديث مرفوعًا وسنتكلّم عليه إن شاء الله تعالى، أو نتكلم عليه الآن، الحديث يقول المؤلف أنّ فيه ضعف، وقد صحّح جماعة من الحفاظ صححه موقوفًا على من؟
الطالب : على ابن عمر.
الشيخ : على ابن عمر فيكون من قول ابن عمر، ولكن نقول إنّ قول ابن عمر ( أحلّت لنا ميتتان ودمان ) في حكم المرفوع لأنه يتكلم عن حكم شرعيّ ولا يمكن أن يأتي به من عنده لأنّه لا مجال للاجتهاد فيه، وعلى هذا فيكون إن لم يصح مرفوعًا صريحًا فهو مرفوع حكمًا.
طيب نأخذ الفائدة الأولى: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يملك أن يحلّل أو يحرّم إلاّ بإذن الله، ولهذا لمّا نهى النّبي صلى الله عليه وسلّم عن قربان مسجد في من أكل بصلًا أو ثومًا في يوم خيبر قال الناس: " حرّمت حرّمت " فقال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إنّه ليس بي تحريم ما أحل الله ) يعني ليس لي التحريم، التحريم إلى من؟
الطالب : إلى الله.
الشيخ : إلى الله عزّ و جلّ، فإذا أحلّ الرّسول شيئًا أو حرّم شيئًا علمنا أنّ الله قد إيش؟ قد أذن له، ليس المعنى أنّه إذا أحلّ شيئًا أو حرّم شيئًا نقول أين الدّليل أنّ الله حرّمه، كفى بقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم دليلًا لكن نعلم أنّ الرسول ما أحلّه ولا حرّمه إلاّ بإذن الله طيب قال لهم ( إنّه ليس بي تحريم ما أحل الله ولكنّها شجرة أكره ريحها ) ( أكره ريحها ) فدلّ هذا على أنّ محمدًا رسول الله لا يملك أن يحرّم، ثم في القرآن ما يدل على هذا (( ولو تقوّل عليْنا بعض الْأقاوِيل بعض الأقاويل لَأخَذْنَا مِنْهُ بالْيمِين ثمّ لقطعنا منه الْوَتِينَ فما منكم من أحَد عَنْهُ حاجزِين )) إذن الرسول عليه الصلاة والسلام معصوم من أن يتقوّل على الله فإذا لم يأذن له الله في تحريم شّيء أو تحليله فلن يحلّله ولن يحرّمه.
طيب من فوائد هذا الحديث: حسن تعليم الرسول عليه الصلاة و السلام وإلقائه الخطاب وذلك بالإجمال ثم التفصيل، ميتتان ودمان عندما يرد على سمع المخاطب مثل هذا تجده إيش؟
الطالب : يتشوّق.
الشيخ : يتشوّق ما هاتين الميتتين والدّمين؟ وهذا لا شك أنه من حسن التّعليم أن الإنسان يأتي بشيء مجملا ثم يأتي به مفصّلا، وقد وصف الله القرآن أو وصف آيات القرآن بذلك قال: (( كتاب أحكمت آيَاته ثُمّ فصِّلت )) ، الإجمال ثم التفصيل لا شك أنّه من أساليب البلاغة البالغة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الجراد ميتته حلال ميتته حلال، وهذا إذا صار بفعل آدمي فلا شكّ في ذلك كما لو شوى الجرادة أو كبّها في الماء الغالي الذي يغلي من النار هذه واضح أنّه حلال لأنه من فعل العبد، لكن إذا وجدنا جرادًا ميتًا على ظهر الأرض أحلال هو أم لا؟
الطالب : حلال.
الشيخ : حلال، سبحان الله! تأكلوه نعم هو حلال إلاّ إذا علمنا أنه مات بسمّ يعني أنّ فيه مبيدات رشّت عليه ومات فهنا نقول لا تأكل لأن في ذلك؟
الطالب : مضرة.
الشيخ : ضررًا، والدين الإسلامي قاعدته: " لا ضرر ولا ضرار " طيب إذا قال قائل: ما الحكمة في أنّ ميتته تحلّ؟ وهو حيوان بري يعيش في البر ما الحكمة؟ قال العلماء الحكمة في ذلك أنه ليس له دم، ليس له دم وأصل خبث الميتة احتقان الدم فيها ولذلك إذا أنهر الدم وماتت إيش صارت؟
الطالب : حلالًا.
الشيخ : صارت حلالًا، الجراد ما فيه دم فلذلك صارت ميتته حلالًا، واضح؟ إذا كان الحيوان مما يحرم أكله لخبثه و ليس له دم صار طاهرًا ما هو حلالًا يا رجل! صار طاهرا أنت تأكل العقارب؟! العقارب مالها دم لكن تكون ميتته طاهرة مع أنها ميته نعم، وقصّة الذباب تعرفونها، الرسول صلى الله عليه وسلم أمر إذا وقع الذباب في شراب أحدنا أن نغمسه وهو سوف يموت إذا كان الشراب حارًّا على كل حال إذن ما الحكمة في أنّ ميتة الجراد حلالًا إيش؟
الطالب : ليس له دم.
الشيخ : نعم هو أنّه ليس له دم، والعلّة في تحريم الميتة هو احتقان الدم فيها والدّليل لذلك هو أنّه إذا أنهر هذا الدّم؟ أجيبوا يا جماعة؟
الطالب : صارت حلالًا.
الشيخ : صارت حلالًا، طيب أقول مرّة ثانية إذا كان الحيوان ممّا كان يحرم أكله وليس له دم ماذا يكون؟
الطالب : طاهرًا.
الشيخ : يكون طاهرًا تمام طيب، من فوائد هذا الحديث حل جميع حيوانات البحر، أنّ جميع حيوانات البحر حلال ونسأل عقيل لو وجدت سمكة على شكل أنثى فتاة حلال أو حرام؟
الطالب : حلال.
الشيخ : حلال؟ تأكلها؟ أجب.
الطالب : ...
الشيخ : توافقون على هذا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم يوافق على هذا، جميع الحيتان حلال سواء على صورة آدمي، أو صورة سبع، أو صورة ثعبان، أو صورة كلب لعموم قوله تعالى: (( أحلّ لكم صيد البحر وطعامه )) وجه ذلك يا إخواننا أن صيد مفرد مضاف، والمفرد المضاف خذوها قاعدة مفيدة في علم الأصول المفرد المضاف يكون عامًّا اقرأوا قول الله تعالى: (( واذكروا نعمة الله عليكم )) أي نعمة؟ واحدة؟
الطالب : جميع النّعم.
الشيخ : (( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها )) إذن كلّ النّعم، كلّ النّعم، ولهذا قال العلماء: لو قال الرّجل امرأتي طالق وله أربع نساء من يطلق؟
الطالب : كلّهنّ.
الشيخ : كلّ النّساء و لو قال عبدي حرّ وله أكثر من عبد عتق كل العبيد ما لم ينو الواحد، طيب إذن جميع حيتان البحر حلال حيّها و ميّتها الدّليل من غير هذا الحديث: (( أحل لكم صيد البحر وطعامه )) قال ابن العباس رضي الله عنهما وناهيك به علمًا في التّفسير قال: " صيده ما أخذ حيًّا وطعامه ما أخذه ميتًا " وإنّما قال ذلك لأنّه لو كان مراد بالطعام البحر الطعام الذي هو ثمار الأشجار في البحر لم يكن لتخصيص البحر فائدة، لأنّ ثمار الأشجار إيش؟ حلال في البرّ و البحر، إذن فالمراد بطعامه ما ذكره رضي الله عنه وهو ما أخذ من الحيتان ميتًا طيب.
ومن فوائد هذا الحديث: حل الكبد ولو كانت تقطر دمًا لكن بشرط أن تكون من مذكّاة مع أنها دم، طيب ماذا نقول في دم القلب بعد الذبح، لأن القلب بعد الذبح يتحجّر فيه الدم ولهذا إذا شقه الإنسان صار فيه دم أ هو نجس أم طاهر؟
الطالب : طاهر.
الشيخ : طيب أحلال أو حرام؟
الطالب : حلال.
الشيخ : حلال، فإذا قال قائل: لماذا لم يذكر في الحديث؟ نقول: لأن دم القلب خفيّ ليس ظاهرًا كالكبد والطحال فهو خفيّ كالدّم الذي في العروق، ولهذا لدينا ضابط اضبطوه: جميع الدم الذي يكون بعد الذكاة حلال طاهر ولو كان أحمر ولو تغيّر به القدر، لأنّه لما تمّت الذكاة صارت جميع البهيمة صارت حلالًا طيّبة، إذن الدم الذي يبقى في اللّحم والعروق وفي جوف القلب حكمه؟
الطالب : طاهر.
الشيخ : طاهرًا حلال.
نعم ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الأصل في الميتات التّحريم الدّليل؟
الطالب : أحلّت.
الشيخ : أحلّ ميتتان، يعني وغير هذا حرام و يؤخذ هذا من المنطوق أو المفهوم؟
الطالب : من المفهوم.
الشيخ : أحل لنا ميتتان؟
الطالب : من المفهوم.
الشيخ : المفهوم، يعني وحرّم علينا ما سواهما و كذلك نقول في الدم الأصل في الدّم أنّه حرام طيب يكون نجسًا؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : أي نعم، لأنّنا قلنا القاعدة كل ما حرم من الحيوان فهو نجس، وكانوا في الجاهلية كان الرجل منهم إذا نفذ طعامه شقّ عرق ناقته ثم مصّه، ومعلوم أنّ الدّم مغذّي لا شكّ ثمّ مصّه فحرّم الله ذلك إلا بعد الذّكاة.
قال: " وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثمّ لينزعه، فإنّ في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاءً ) أخرجه البخاري، وأبو داود وزاد: ( وإنّه يتَّقي بجناحه الذي فيه الداء ) " نعم.