تتمة شرح الحديث:( فقالت خديجة كلا والله ما يخزيك الله أبدًا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ) حفظ
القارئ : ( فقالت خديجة كلا والله ما يخزيك الله أبدًا ، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ).
الشيخ : الله أكبر ، ذكاء هذه المرأة عجيب ، هذا من أعجب ما يكون ، استدلت بنعمة الله عليه أولا ، أن لا يخيبه ثانيا ، وهذا مأخوذا من قوله تعالى : (( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى )) ، فإذا رأيت الرجل قد من الله عليه بهذه الأوصاف فاعلم أنه من المتقين ، اعلم أنه من المتقين ، وأنه ميسر لليسرى ، ما دامت الأمور الحسنى تيسر له وتسهل له ، فهذه بشرى عاجلة للمؤمن ، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها .
هي رضي الله عنها لما رأت النبي عليه الصلاة والسلام على هذه الأوصاف ، قالت : لا يمكن أن يخزيك الله أبدا ، لا يمكن أن يذلك ، لا يمكن أن يلحق بك العار أبدا ، لماذا ؟.
لهذه الخصلة العظيمة الحميدة ، وهي : ( إنك لتصل الرحم )، وسبحان الله بفطرة الإنسان أنه من وصل الرحم وصله الله ، وهذا ثابت في الصحيح ( أن من وصل رحمه وصله الله )، ولكن من الواصل ، هل الواصل الذي إذا وصله أقاربه وصلهم ؟.
هذا يقال له مكافئ ، يكافئ كل من أحسن إليه يحسن إليه ، لكن الواصل هو الذي إذا قطعت رحمه ، إيش ؟.
وصلها ، ولما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : يا رسول الله إن لي رحما أصلهم ويقطعونني ، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عليهم ، يعني ويجورون عليه ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن كان ما تقول حقا فكأنما تسفهم المل ولا يزال لك من الله عليهم ظهير ) يعني تسفهم المل ، ما هو المل ؟.
الطالب : التراب الحار .
الشيخ : التراب الحار أو الرمد الحار ، الشاهد أنها استدلت بكونه يصل الرحم ، وما بقي من الصفات على أن الله لا يخزيه .
الثاني : ( وتحمل الكل ) ، يعني تحمل الذي لا يستطيعه أن يحمل نفسه لتعبه فإنك تحمله ، إن كان فقيرا فبالمال ، إن كان ضعيفا بالجسم فبالمعونة ، فالنبي عليه الصلاة والسلام قد بذل نفسه قبل النبوة وبعد النبوة ، وتعرفون أنه صلوات الله وسلامه عليه بعد النبوة يربط الحجر على بطنه من الجوع ، ويعطي عطاء من لا يخشى الفقر ، ( أعطى رجلا مرة غنما بين الجبلين )، غنم بين الجبلين معناه كثيرة جدا ، ومات ودرعه مرهونة عند يهود ، وهذا غاية الكرم صلوات الله وسلامه عليه ، فهو يحمل الكل .
( ويكسب المعدوم )، يكسب المعدوم أي أن المعدوم يكسبه ليوفره على غيره ، ليوفره على غيره ، فيحصل الخير للغير صلوات الله وسلامه عليه .
( وتقري الضيف )، معنى تقري الضيف أي تعطيه القراء وهي ما يقدم للضيف من الكرامة ، فكان الرسول عليه الصلاة والسلام قبل أن يوحى إليه كان مضيافا ، يقري الضيوف .
الخامس : ( وتعين على نوائب الحق )، نوائب الحق ما ينوب الناس من الأمور إذا كانت حقا فإنه يعين عليها وإن كانت باطلا فإنه ضدها ، هذه الصفات الكريمة الجليلة العظيمة لا يمكن أن يخزي الله عزوجل من اتصف بها ، لأن ذلك خلاف مقتضى حكمته جل وعلا ، فهو جل وعلا حكيم ، يضع الأشياء في مواضعها ، فمن كان وعاء للخير ملأ الله وعاءه ، ومن كان وعاء للشر حرم الخير ، (( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين )) ، نعم .