فائدة: تتعلق بإثبات صفة الوجه لله عز وجل . حفظ
الشيخ : والمراد بالوجه هنا ذاته بمعنى أنه عبر بالوجه عن الذات وليس كما قال أهل الضلال أن الرب عز وجل يفنى إلا وجهه أعوذ بالله هذا منكر من القول، والله عز وجل يعبر عن وجهه بمقام الثناء كما قال تعالى : (( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) فهذه (( كل شيء هالك إلا وجهه )) بإزاء (( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) والتعبير بالوجه عن الذات لا يعني أننا خرجنا عن المعنى المراد إذ أن التعبير بالوجه على الذات يدل على أن لله وجهاً وهذا هو المطلوب فالله عز وجل له وجه موصوف بالجلال والإكرام، بالعظمة والإكرام والإحسان إلى الخلق وإكرام من يستحق الإكرام هذا الوجه حقيقي لكنه غير معلوم الكيفية لأن الله أخبرنا عن وجهه ولم يخبرنا عن كيفية وجهه وكما أنه لا كيفية لذاته من حيث الكل ولا نقول الكل بالنسبة لله فكذلك لا كيفية لصفاته لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات ولهذا قال بعض العلماء : إذ قال لك الجهمي أنت أثبتَّ لله وجهاً فكيف وجهه أثبت لله يداً فكيف يده فقل له أنت تثبت لله ذاتاً فكيف ذاته فإذا قلت هذا فسوف ينقطع، لأنه لا يمكن ان يكيف ذاته، فنقول له إذا كنت لا تكيف ذاته فإننا لا نكيف صفاته لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات وقال بعض العلماء على حديث النزول إذا قال لك المعطل : إن الله ينزل إلى السماء الدنايا كيف ينزل فقل له إن الله أخبرنا أنه ينزل ولم يخبرنا كيف ينزل، وكل هذه جوابات مفهمة واضحة لا تحتاج على تكلف فالوجه لله حقيقة ثابتة موصوف بالجلال والإكرام لكن كيفيته غير معلومة لنا لا نعلم كيفية هذا الوجه لأنه أعظم من أن تحيط به عقولنا أو أفهامنا وأهل السنة والجماعة على طريقتهم وعلى جادتهم يقولون إنه وجه حقيقي يليق بالله عز وجل ولا تعلم كيفيته وهذا النوع من الصفات يسمى الصفات الخبرية لأن اثباتها بمجرد الخبر العقل لا يهتدي إليه لكن السمع والبصر صفات معنوية يهتدي إليها العقل يعلم أنه لا يصح أن يكون رباً إلا من كان سميعاً بصيراً ولهذا قال إبراهيم لأبيه : (( يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً )) لكن الوجه واليد وما أشبهها لا يمكن أن يثبتها العقل فهي موقوفة على السمع والخبر ولهذا سموها صفات خبرية ورابطها أن مسماها بالنسبة إلينا أبعاض وأجزاء ليست معان الوجه اليد العين الساق القدم الأصبع كل هذه نسميها صفات خبرية ، أهل التحريف الذين يسمون أنفسهم أهل التأويل يقولون إن الله ليس له وجه لأن إثبات وجه حقيقي يستلزم التجسيم والمجسمة كفار التجسيم كفر عندهم فلا نقول إن لله وجهاً حقيقياً طيب إذن ما المراد بالوجه ؟ قالوا المراد بالوجه الجهة أو المراد بالوجه الثواب وليس المراد الوجه الحقيقي فيقال إن هذا تحريف وأي معنى للجهة في قوله تعالى (( كل شيء هالك إلا وجهه )) أي معنى لهذا يعني مثلاً لو صح أو استقام أن تكون الجهة صحيحة في مثل قوله تعالى : (( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله )) لو صح إثبات الوجه هنا بمعنى الجهة لم يستقم لمثل قوله تعالى : (( كل شيء هالك إلا وجهه )) قالوا إذن نحول المعنى أن المراد الثواب بعني إلا ثوابه لأن ثوابه لا يفنى فالجنة مؤبدة أبد الآبدين ولكن كل هذا انحراف عن الصراط المستقيم سببه الرجوع إلى العقل ولو أن الإنسان تأدب مع ربه ومع نبيه ولم يحكم عقله في ما جاء عن الله ورسوله لسلم من هذه المشاكل ما الذي يضيره إذا قال لله وجها حقيقيا لكنه لا يشبه الأوجه لا يماثل أوجه المخلوقين ولا نعلم كيفيته أي شيء يضيره فالصواب إذن المقطوع به المتعين عقيدة أن تثبت لله وجهاً حقيقياً موصوفاً بماذا ؟ بالجلال والإكرام ((ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) ولكننا لا نكيفه ولا نمثله بخلقه ثم ساق المؤلف حديثاً فيه ذكر الوجه وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( أعوذ بوجهك ) قالها عند قوله تعالى (( قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم )) من فوقكم يعني حاصلاً من السماء كالصواعق وغيرها مما يهلك الناس (( أو من تحت أرجلكم )) الخسف والزلزال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعوذ بوجهك ) (( أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض )) قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هذه أيسر ) أو قال : ( أهون ) أي بالنسبة لغيرها لأن الأول لا يمكن مدافعته والثاني لا يمكن مدافعته والثالث يمكن مدافعته بالإصلاح بين الناس يدافع بالاصلاح بين الناس .
السائل : شيخ حفظك الله ، بالنسبة لقول أهل التحريف عن الوجه أنه الجهة والثواب قلتم أن الذي حرم هذا هو التحاكم للعقل
الشيخ : نعم
السائل : شيخ لو قلنا التحاكم إلى العقل الفاسد لأن العقل الصريح لو حكمناه ما دلنا إلا أن هذا الوجه على حقيقته.
السائل : نعم صحيح هم لجؤوا إلى عقول فاسدة نقول إن الرجوع إلى العقل في هذه الأمور مخالف للعقل مجرد الرجوع في هذه الأمور إلى العقل مخالف للعقل لأن هذه من الأمور الغيبية والعقل يقتضي أن تكون الأمور الغيبية مرجعها إلى الخبر الخبر الصحيح.