مهندس زراعي يعمل بالأردن يقول في سؤاله نحن ثلاثة اخوة ولنا أخ من والدي أي أن والدته متوفية وكان هذا الأخ عاق لوالده أي والدي وكان يتشاجر معه كثيراً وقد ساعده أبي منذ مدة في شراء منزل له وفي إحدى المرات التي تشاجر معه فيها قرر والدي أن يكتب المنزل الذي نقيم نحن فيه مع والدنا أن يكتب هذا المنزل لنا خوفاً من أخي أن يتشاجر معنا بعد وفاة والدي وهذا مقابل أنه ساعده في شراء منزل له كما قلت سابقاً وشاء الله أن مات أخي هذا وله أولاد بعضهم متزوج ووالدي مازال حياً وسؤالي هل تعتبر ذمة والدي الآن بريئة منه على الرغم أنه كان عاقاً له أو ندفع نحن لأولاده مقداراً من المال مقابل كتابة والدي المنزل لنا أفيدونا في ذلك بارك الله فيكم ؟ حفظ
السائل : نحن ثلاثة إخوة ولنا أخ من والدي، أي: أن والدته متوفية، وكان هذا الأخ عاقاً لوالده أي والدي، وكان يتشاجر معه كثيراً، وقد ساعده أبي منذ مدة في شراء منزل له، وفي إحدى المرات التي تشاجر معه فيها قرر والدي أن يكتب المنزل الذي نقيم نحن فيه مع والدنا أن يكتب هذا المنزل لنا خوفاً من أخي أن يتشاجر معنا بعد وفاة والدي، وهذا مقابل أنه ساعده في شراء منزل له كما قلت سابقاً، وشاء الله أن مات أخي هذا وله أولاد بعضهم متزوج، ووالدي ما زال حياً، وسؤالي: هل تعتبر ذمة والدي الآن بريئة منه على الرغم أنه كان عاقاً له، أو ندفع نحن لأولاده مقداراً من المال مقابل كتابة والدي المنزل لنا؟
الشيخ : قبل جوابي على هذا السؤال أحب أن أبين أنه يجب على المرء أن يعدل بين أولاده في العطية والهبة، وألا يفضل منهم أحدا على أحد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد حين أعطى ولده النعمان ما لم يعط إخوته قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )، وقال له: ( أشهد على هذا غيري، فإني لا أشهد على جور )، والتسوية بين الأولاد في العطية تكون كما قسم الله تعالى لهم في الميراث، للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا في غير ما يكون دفعا للحاجة، فأما ما كان دفعا للحاجة فإنه يعطى كل إنسان مقدار حاجته، فإذا قدر أن للإنسان أولادا يحتاج أحدهم إلى النكاح للزواج وكان الآخرون صغارا، فزوج هذا الكبير الذي احتاج إلى زواج فإنه لا يلزمه أن يعطي الصغار مثل ما دفع لهذا من المهر، أو ما أعطاه من مؤونة النكاح، لكن إذا بلغوا ما بلغه هذا واحتاجوا إلى الزواج لزمه أن يزوجهم كما زوج الأول، ولقد كان بعض الناس إذا زوج أولاده الكبار وكان له أولاد صغار يوصي لهم أي للصغار بشيء من ماله مقابل ما زوج به الكبار، وهذا حرام ولا يجوز، والوصية في مثل هذه الحال باطلة، لأنها وصية لوارث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا وصية لوارث ).
بعد هذا نجيب على السؤال، فنقول: إن مساعدة والدك لأخيكم من أبيكم في شراء منزل له من باب الجور والحيف، وكان الذي ينبغي أن يجعل ما ساعده به قرضا في ذمته، ومن الواجب عليه لما ساعده في منزله أن يعدل بينكم بأن يعطى كل واحد منكم مثل ما أعطاه، هذا بالنسبة للذكور، ونصف ما أعطاه بالنسبة للإناث، وحيث أنك ذكرت أنه كتب منزله لكم فينظر إذا كان ذلك بقدر ما أعطى أخاكم فقد برئت ذمة الوالد وحل لكم ما أخذتموه، ولا يلزمكم أن تعطوا أولاد أخيكم شيئا، وأما إذا كان البيت الذي كتبه لكم نصيب كل واحد منكم أكثر مما أعطى أخاكم فإنه يجب عليه في هذه الحال أن يعطي أولاد أخيكم حتى يساويه بكم، وذلك لأنه كان واجبا عليه أن يعدل بينكم في حياة أخيكم، وحق أخيكم لا يسقط بموته فيكون لورثته من بعده.