لقد سمعت في برنامجكم نور على الدرب أنه ينبغي مقاطعة تارك الصلاة لأنه كافر وبما أن ابن خالي لا يصلي وبما أنه جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين...) الآية فهل يجوز لي أن أصله وأسد حاجته متعللا بهذه الآية ؟ حفظ
السائل : لقد سمعت في برنامجكم الممتاز هذا : نور على الدرب ، أنه ينبغي مقاطعة تارك الصلاة لكفره وبما أن ابن خالي لا يصلي وبما أنه جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى : (( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ... )) الآية ، فهل يجوز لي أن أصله وأسد حاجته متعللا بهذه الآية الكريمة ؟
الشيخ : الجواب أن تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً كافر كما دل علي ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والآثار الواردة عن الصحابة والنظر الصحيح ، فهذه أربعة أدلة كلها تدل على كفر تارك الصلاة :
فمن أدلة القرآن : قول الله تبارك وتعالى عن المشركين بل قول الله تعالى في المشركين : (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )) فاشترط الله تعالى لثبوت أخوتهم في دين الله ثلاثة شروط :
الأول : التوبة من الشرك ، والثاني : إقام الصلاة ، والثالث : إيتاء الزكاة ، فإن لم يتوبوا من الشرك فهم مشركون وليسوا أخوة لنا وإن لم يقيموا الصلاة فليسوا إخوة لنا أيضاً وإن لم يؤتوا الزكاة فليسوا إخوة لنا أيضاً ، ولكن نقول : أما عدم إقامتهم للصلاة فإن أخوتهم لنا في دين الله تنتفي انتفاءً مطلقاً لأنهم كفار كما دل على ذلك نصوص السنة وآثار الصحابة ، وأما إذا لم يؤتوا الزكاة فليسوا إخوة لنا الأخوة الكاملة المطلقة ، لأن مانع الزكاة قد دلت السنة على أنه لا يكفر ، فنحن نأخذ بالأدلة حيث ما كان مدلولا نفرق بين ما فرق الله ورسوله ونألف بين ما ألف الله ورسوله .
وأما دلالة السنة على كفر تارك الصلاة ففي قوله صلى الله عليه وسلم : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) وكلاهما صحيح الأول في مسلم والثاني في السنن ، وهما صريحان في أن تارك الصلاة خارج من الإسلام لأن البينية حد فاصل ، والحد يفصل بين المحدودين بحيث لا يتداخلان ، وعليه فإنهها صريحان في كفر تارك الصلاة .
فإن قال قائل : أفلا يحمل الحديثان على أن المراد بذلك من ترك الصلاة جاحداً لوجوبها ، قلنا : هذا لا يصح لوجهين :
الوجه الأول : أن جاحد وجوب الصلاة كافر ولو صلى فيكفر بجحده لا بتركه .
والوجه الثاني : أننا لو قلنا بذلك لأبطلنا دلالة النص وصرفناه عن ظاهره إلى معنىً يخالف الظاهر ، ولكان يلزم من ذلك أن الرجل إذا صلى وهو جاحد للوجوب فليس بكافر ، مع أن الجحد كفر على كل حال .
وأما الآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم فقد روي ذلك عن عمر وابن مسعود ، وبضعة عشر صحابياً ، بل قال عبد الله ابن شقيق : ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة ) ، وقد نقل إسحاق ابن راهويه رحمه الله الإجماع على كفر تارك الصلاة من عهد الصحابة إلى زمنه رحمه الله .
وأما النظر فلأنه كيف يمكن أن نقول عن رجل يحافظ على ترك الصلاة ليلاً ونهاراً ولا يبالي بها ، كيف نقول إن هذا في قلبه إيمان ؟ وهو يعلم ما للصلاة من شأن في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى إن الله تعالى فرضها على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بدون واسطة وفرضها عليه وهو فوق السماوات وفرضها عليه خمسين صلاة لولا أن الله خفف عن عباده إلى خمس كل هذا يدل على أهمية الصلاة وعلو شأنها . والله أعلم .
السائل : شكر الله لك يا شيخ محمد وعظم الله مثوبتكم .