ما حكم من يأكل بعد أذان الفجر في الصيام ويقول ما في شىء.؟ حفظ
السائل : أقول يا شيخ بعض الأهل عندنا كانوا يأكلون بعد أذان الفجر، ولما ذكرت لهم عدم جواز ذلك قالوا ليس في ذلك شيء، فما حكم صومهم في هذه الحالة؟
الشيخ : ما فيه شيء؟! ليش ما فيه شيء؟!
السائل : هم يقولون هذا وأنا نبّهتهم.
الشيخ : يعني يأكلون للضّحى ويقولون ما فيه شيء!
السائل : فما الحكم في الأيّام الماضية؟
الشيخ : كلمة ما فيه شيء هذه ليست بحجة، لكن نعم لو قالوا: ما طلع الفجر، مثل أن يكونوا في البرّ وليس حولهم أنوار، وقالوا لم نشاهد الفجر ما طلع، لأنّ بعض الناس الآن يشكّكون في التّقويم الموجود بين أيدي النّاس، يقولون: إنّه متقدّم على طلوع الفجر، ويقولون: نحن خرجنا إلى البر وليس حولنا أنوار، ورأينا الفجر يتأخر، حتى بالغ بعضهم وقال: يتأخّر ثلث ساعة، نعم، لكن الظاّهر أنّ هذا لا يصحّ، الظّاهر أنّ التّقويم الذي بين أيدي النّاس الآن -الذي هو تقويم أم القرى- فيه تقديم خمس دقائق في الفجر خاصّة، يعني: لو أكلت وهو يؤذّن فلا حرج، إلاّ إذا كان المؤذّن يحتاط ويتأخّر، لأنّ بعض المؤذّنين جزاهم الله خيرا يحتاطون، ولا يؤذّنون إلا بعد خمس دقائق من التّوقيت الموجود الآن.
وهذه المسألة مسألة خطيرة، وبعض جهّال المؤذّنين يتقدّمون في أذان الفجر زعمًا منهم أنّ هذا أحوط للصّوم، لكنّهم ينسون أنّهم يهملون ما هو أشدّ من الصّوم! وهو صلاة الفجر، فربّما يصلّي أحد قبل الوقت، والإنسان إذا صلّى قبل الوقت ولو بتكبيرة الإحرام ما صحّت صلاته.
ثمّ هم يقولون: نحن نحتاط، نقول: تحتاطون أكثر ممّا احتاط الله للعباد؟!
إنّ الله يقول: (( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْط )) حتى يتبيّن الفجر، حتّى التّعبير لم يقل: حتّى يطلع الفجر، (( حَتَّى يَتَبَيَّنَ )) فأنتم الآن إذا أذّنتم، ومنعتم عباد الله أن يأكلوا ويشربوا في هذه اللّحظة، معناه أنّكم حرمتم النّاس ما أباح الله لهم، فيكون عليهم إثم من هذه الناحية أيضا، حتّى لو فرض أنّ النّاس تمهّلوا ولم يصلّوا من حين الأذان فعليهم إثم من جهة أنّهم منعوا عباد الله ما أحلّ الله لهم، فالجهل داءٌ قاتل، وبعض النّاس يكون جاهلًا وينظر بعين الأعور، الأعور يرى من جانب واحد، والجانب الثّاني مهمل،ما يشوف، وهذا غلط عظيم، ولذلك يجب على طلبة العلم أن ينبهوا الناس على هذه المسألة وخصوصاً المؤذنين، ويقولون: اتقوا الله في عباد الله! كيف تؤذنّون قبل الفجر وتمنعون عباد الله ما أحلّ الله لهم؟!
ربما يكون إنسان لتوّه قام من النّوم عطشانًا ويريد أن يشرب، ولكن لورعه وتقواه لما سمع المؤذّن أمسك، والمؤذّن يؤذّن قبل الفجر زعمًا منه أنّ هذا هو الاحتياط، فيحرم هذا الرّجل المسكين، والاحتياط ليس أن تتبع الأشدّ، بل الاحتياط الحقيقيّ أن تتبع ما جاءت به الشّريعة، هذا هو الاحتياط، أي نعم.