قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال الإمام أمين فقولوا آمين فمتى نقول أمين إذا كان الإمام لا يجهر بالتأمين؟ حفظ
السائل : إذا قال الإمام آمين فقولوا آمين فمتى نقول آمين نحن وما نسمع صوت الإمام يقول آمين؟
الشيخ : أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفسر بعضها بعضا هذا الحديث تفسيره في الحديث الآخر وهو متفق عليه أيضا ألا وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( إذا أمّن الإمام فأمّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) إذا أمّن فأمّنوا هذا هو الوقت الذي ينبغي على المقتدين أن يتلفظوا بالتأمين وبيان ذلك أن الإمام إذا بدأ بقوله آمين فعلى المقتدين أن يتابعوه في ذلك لا يتقدمونه ولا يتأخرون عنه ومن الملاحظ مع الأسف أن هذه السنة مهجورة في كثير من البلاد التي أتيتها وصليت وراء أئمتها فإن الإمام لا يكاد ينتهي من قوله ولا الضالين إلا ضج المسجد بقولهم آمين يجب على كل مصل بصورة عامة أن يكون يقظا ولا يكون غافلا ومن لازم هذه اليقظة أن يضع كل شي موضعه فمن ذلك أن لا يسبق الإمام بقول آمين فينبغي أن ينتظر حتى يسمع قول الإمام مبتدأ بمد الألف الممدود آ فيبدأ الجمع بي متابعة الإمام في آمين وإلا أولا خالفوا هذا الأمر النبوي الصريح إذا أمن فأمنوا فإنه على وزان قوله عليه السلام ( إذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا ) إلى آخر الحديث وثانيا إذا سابقوا الإمام خسروا ذلك الأجر العظيم الذي وعد به عليه الصلاة والسلام المؤمنين المأمّنين خلف الإمام وهو غفر الله له ما تقدم من ذنبه ( إذا أمّن الإمام فأمّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) ذكر عليه الصلاة والسلام هنا الملائكة مشيرا إلى أنهم كما وصفهم ربهم بحق (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) فبدهي جدا أن الملائكة الكرام الذين يحضرون الصلاة مع جماعة المسلمين لا يسبقون الإمام كما يفعل بعض المصلين خلف الرسول عليه السلام وكما نحن في صدد بيان ذلك فحينئذ إذا تقيد المسلم بهذا الحديث من حيث عدم مسابقته للإمام تقع أو يقع تأمينه مع تأمين الملائكة ما قد جعل الرسول عليه السلام هذه الموافقه سببا شرعيا لتحصيل المؤمن مغفرة الله لذنوبه ومن فضل الله عز وجل على عباده أنه في الوقت الذي ابتلاهم بصفتهم بشرا ابتلاهم بالشهوة وبغريزة الميل إلى الهوى فهم ولا بد يقعون في شيء كثير أو قليل من المخالفة لأنهم لم يفطروا على العصمة كالملائكة كما يشير إلى ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ( كتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدركه لا محالة فالعين تزني وزناها النظر والأذن تزني وزناها السمع واليد تزني وزناها البطش -أي المصافحة- والرجل تزني وزناها المشي والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه ) فإذن الإنسان بطبيعة كونه إنسانا لابد أن يواقع قليلا أو كثيرا من المعاصي التي إن لم يغفرها الله كان ارتكابه لمعاصيه سببا لنيل عذابه (( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )) مع هذا الطبع الذي طبع الله عز وجل البشر من عباده قد جعل لهم أسبابا شرعية يكفر الله لهم بها ذنوبهم بعض هذه الأسباب سبحان الله ميسرة ما تحتاج مثلا إلى جهد جهيد كمثل قوله عليه السلام ( من حجّ فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) وكقوله عليه السلام ( مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جارٍ غمر أمام دار أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات أترونه يبقى من درنه على بدنه شيء؟ قالوا : لا يا رسول الله، قال : فكذلك الصلوات الخمس يكفر الله بهن الخطايا ).
فالصلوات تحتاج إلى جهد إلى استعداد و و إلى آخره لكن من فضل الله عز وجل أنه جعل سببا ميسرا جدا لنيل مغفرته مع قليل من الملاحظة أو الجهاد للنفس ما هو؟ فقط أن تراقب قول الإمام ولا الضالين وتحبس نفسك حتى يشرع الإمام فيقول آ إذا تابعه أنت وإذا بك استحققت مغفرة الله تبارك وتعالى بمجرد تحقيق هذه المتابعة ( إذا أمّن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) ومن هنا يظهر وقد انتهيت من الإجابة عن السؤال فأذكر فائدة : يظهر تجاوب أحكام الشريعة بعضها مع بعض فالذين يذهبون إلى عدم شرعية جهر الإمام بالتأمين يكون ذهابهم أو مذهبهم هذا مخسرا لهم هذه الفضيلة لأنهم لا يتمكنون من تطبيق هذا الأمر النبوي الكريم ( إذا أمّن الإمام فأمنوا ) هم ما يدرون أتابع الإمام القول بآمين فور انتهائه من قرائته ولا الضالين لا يدرون ذلك ثم هم لا يدرون أطال المد المسمى عند علماء التجويد بمد اللين ولا الضالين هل مد حركتين أم أربع أم ست حتى يتمكن هم بدورهم أن يتابعوه في آمين لا يستطيعون ذلك ما دام أن الإمام لا يجهر بآمين فخسروا بذلك هذه الفضيلة بسبب خطئهم الأول فوقعوا في خطأ آخر في خسران كبير لهذا الفضل العظيم لذلك كان من السنة الصحيحة أن الإمام يجهر بآمين كما جاء في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما وصل إلى قوله ولا الضالين قال ( آمين ورفع بها صوته ) هذه سنة فعلية رفع بها صوته ترتب من ورائها حكم آخر هو ما ذكرته آنفا ترتب على هذا الحكم الآخر ذلك الفضل الكبير من رب العالمين فعلى المسلم إذا أن يلاحظ قراءة الإمام بعامة ثم فراغه من قوله (( ولا الضالين )) ثم شروعه في قوله آمين حتى يتابعه فيكون تبعا للأمر ومستحقا للأجر.
تفضل