ما حكم صلاة ركعتين بعد صلاة العصر ؟ حفظ
الشيخ : أما المسألة الأخرى فهي هناك حديثان الحديث المشهور ( لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ) وكما نقول دائما وأبدا أن النص إذا جاء مطلقا أو عاما فيجب إبقائه كذلك إلا إذا دخل عليه تخصيص أو تقييد فحين ذاك يعمل بالنص العام أو بالنص المطلق مع النص المخصّص أو المقيد وهكذا وقع في هذا الحديث تخصيصات كثيرة وكثيرة جدا أو تقييدات فقوله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث ( ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ) يشمل كل الوقت الممتد من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس لكن هذا الوقت قد دخله قيد في الحديث الذي سمعتم السؤال عنه ألا وهو قوله عليه السلام ( لا صلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة ) وفي بعض الروايات نقية أي بيضاء صافية فإذا ضممنا الحديث الثاني إلى الحديث الأول فهمنا أن الإطلاق المذكور في الحديث الأول غير مراد بدليل الحديث الثاني ( إلا أن تكون الشمس مرتفعة نقية ) فهكذا يجب العمل بالأحاديث كلها ولا يجوز ضرب بعضها ببعض والنتيجة الفقهية من هذه العملية أن المكروه من الصلاة بعد العصر ليس هو بعد العصر مباشرة إذا صُلّيت صلاة العصر في وقتها أي إذا ظل الشيء مثليه فصلى فرض العصر الحديث الثاني يعني أن الصلاة بعد صلاة العصر هذه جائزة غير منهي عنها لأن الوقت لا يزال بياضا ونقيا والشمس مرتفعة ويؤكد هذا ما جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يكاد يصلي يوما صلاة العصر ويدخل عند السّيدة عائشة إلا وصلى ركعتين بعد صلاة العصر وهذه سنة مجهولة عند أكثر الناس وبخاصة المذهبيين الذين لا يدرسون السنة فلا يعلمون مثل هذا الحديث وإن كان بعض من سلف قد تنبهوا لهذا الحديث ولكنّهم جعلوه من خصوصيات النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم لم يعلموا النص المقيد لقوله عليه السلام ( لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ) فقالوا إن صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهاتين الركعتين بعد العصر هذه من خصوصياته لكن الصحيح أن هذا مما سنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمته لأن الصلاة بعد العصر مباشرة تجوز بدليل ذاك الحديث وهو مروي عن صحابيين اثنين فلا مجال للشك في صحته أحدهما علي بن أبي طالب والآخر أنس بن مالك كلاهما روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( لا صلاة بعد العصر -وفي لفظ- نهى عن الصلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة ) ولذلك قال الإمام أبو محمد بن حزم في حديث علي إسناده في غاية الصحة فهذا الإستثناء الصحيح في هذا الحديث يفتح مجال اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الركعتين اللتين كان يصليهما بعد العصر ويرفع دعوى أنهما من خصوصياته عليه الصلاة والسلام فلذلك كان بعض السلف كان يصلّي هاتين الركعتين وهو عبد الله بن الزبير ابن أخت عائشة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما فكان يصلّي هاتين الركعتين بعد العصر مما يدلنا على أن السيدة عائشة وهي خالة عبد الله بن الزبير لقّنت عبد الله بن الزبير هذه السنة على إنها سنة ليست من خصوصياته عليه الصلاة السلام وإنما هي مشروعة أيضا لكل المصلين وعلى ذلك فلا وجه للقول بالخصوصية لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاها ولم يدل على أنها تختص به دون الناس أولا ثم قد رفع الحظر عن الصلاة بعد العصر مباشرة وسمح بالصلاة حتى تصير الشمس صفراء أي قبل غروب الشمس بنحو نصف ساعة على الأكثر.