شرح قول ابن مالك رحمه الله: واسما أتى وكنية ولقبا *** وأخــــــرن ذا إن ســــواه صحبــــــا. حفظ
الشيخ : ثم قال : " واسمًا أَتى وكنيةً ولَقبا " ،
" اسمًا أتى " : اسمًا هذه : حال مقدمة ، يعني وأتى العلم اسما ، وكنية : معطوفة على اسما ، يعني وأتى كنية ، ولقبًا : معطوفة على اسمًا ، أي وأتى لقبًا ، فبيّن المؤلف بهذا الشطر من هذه الأُرجوزة أن العلم ينقسم إلى ثلاثة أقسام : اسم ، وكنية ، ولقب ، فالاسم : ما جعل علامة على المسمى بدون إشعار بمدح أو ذم ، ما جعل علامة على مسمى بدون إشعار بمدح أو ذم ، مثل : زيد ، بكر ، خالد ، وغالب الأعلام هي هذا ، أسماء ، واللقب : ما جعل علمًا مشعِرًا بمدحٍ أو ذم ، مشعِرًا بمدحٍ أو ذم ، مثل : قُفّة : اسم رجل، رجل يسمى قفّة ، هذا مشعِر بمدح ولا بذم ؟
الطالب : بذم .
الشيخ : بذم ، نعم ، إيش ؟
الطالب : ما معنى القفة ؟
الشيخ : المعنى القفة فيما يظهر لي : أنها الشيء الذي يوضع فيها ، إناء ، نعم ؟
الطالب : إناء يصنع من النخل .
الشيخ : إي نعم ، توضع فيه الحاجات . زين العابدين : هذا لقب ، لأنه أشعر بمدح ، فما كان علمًا أو فما وضع علمًا مشعرًا بمدح أو ذم فهو : لقب ، الثالث : كنية : وهي ما صدّر بأب أو أم ، وبعضهم قال : أو عم أو خال ، مثل : أبي بكر ، أبي هريرة ، أم الفضل ، لزوجة ؟
الطالب : العباس
الشيخ : ماهو العباس ، عبدالمطلب ، الفضل بن عباس ، نعم زوجة العباس ، هذا يسمى كنية ، وقد تكون الكنية كنيةً لقبًا ، إذا كنّي بما يدل على المدح مثل : أبو الجود ، أبو الجود ، هذا يكون كنية باعتبار ، ولقب باعتبار آخر ، كنية باعتبار أنه صدّر بأب ، لقب باعتبار أنه يشعر بمدح ، طيب ، إذا أشعر بذم ؟ نقول : يكون كنية ولقب ، يكون كنيةً ولقبًا ، مثل إيش ؟
الطالب : أبو لهب .
الشيخ : أبو لهب ، أبو لهب هذا لاشك أنه يشعر بذم ، فيكون هذا كنية من وجه ، ولقبًا من وجه آخر ، طيب ، هل يمكن أن يجتمع الاسم واللقب ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لا ، لأنه إذا أشعر بمدح أو ذم انتقل من الاسمية إلى اللقب ، لكن يمكن أن يجتمع كنية ولقب ، طيب ابن عباس، ابن عباس كنية ؟
الطالب : كنية .
الشيخ : كنية ، نعم ؟
الطالب : اسم اسم، مش كنية .
الشيخ : ليش ؟
الطالب : ...
الشيخ : هم يقولون : أو ابن ، أو أخت ، أو خال ، أو أم ، على الصحيح ، آه ، نعم لأب أو أم ، معروف ، المشهور الأب والأم ، ولكن الصحيح حتى غير هذا ، حتى ما صدّر بأب أو أم أو خالة أو عمة أو خال ، فهو كنية ، طيب ، ابن عباس علم على من ؟
الطالب : على عبد الله .
الشيخ : على عبدالله ، ابن عمر ؟
الطالب : على عبد الله .
الشيخ : على عبدالله ، هذا يكون علم ، وهو كنية ، يقول :
" اسمًا أتى وكُنيةً ولَقَبا *** وأَخِّرّنْ ذَا إِن سِواهُ صَحِبَا "
أخرن ذا : المشار إليه أقرب شيء ، وماهو أقرب شيء ؟
الطالب : اللقب .
الشيخ : اللقب . " وأخرن ذا إن سواه صحبا " : يعني إذا اجتمعت هذه الثلاثة فأيها يُقدّم ؟ المؤلف بيّن أنه يجب تأخير ، يجب تأخير اللقب عن أخويه ، عن الاسم وعن الكنية ، فتقول مثلا : جاء محمدٌ زين العابدين ، صحيح هذا ولا لا ؟
الطالب : صحيح .
الشيخ : طيب ، هذا لقب ، لو قلت : جاء زين العابدين محمد !!
الطالب : لا يجوز .
الشيخ : فعلى كلام المؤلف لا يجوز ، لأنه قال : أخرن ذا ، وهذا فعل أمر ، والأمر هنا ما فيه أمر استحباب ، الأمر كله للوجوب ، نعم ، ولكنهم استثنوا من ذلك ما إذا كان الإنسان مشهورًا بلقبه ، فإنه يجوز تقديم اللقب ، مثل : المسيح عيسى بن مريم ، (( إنما المسيح عيسى بن مريمَ رسولُ الله )) ، فهنا قدّم اللقب على الاسم ، الاسم عيسى ، والمسيح اللقب ، لماذا ؟ لأنه كان مشهورًا به ، وإنما يجب تأخير اللقب عن الاسم ، لأن اللقب بمنزلة الصفة ، والصفة لا تكون إلا بعد معرفة الموصوف ، وحينئذ يلزم تقديم إيش ؟
الطالب : الاسم .
الشيخ : الاسم لنأتيَ باللقب يكون كالوصف له ، ولهذا كان اللقب إذا كان المسمى مشهورًا به يجوز تقديمه ، طيب ، الإمام أحمد ، الإمام الشافعي ، وما أشبه ذلك ، هل نقول : قال الإمام أحمد ، أو قال : أحمد الإمام ؟
الطالب : الأول .
الشيخ : الأول هو المألوف ، لأنه اشتهر بهذا اللقب ، فقُدّم ، ولكن لو قال قائل : هل الإمام علم أفلا يمكن أن نجعل الإمام صفة ؟ قلنا : بلى لكن الإمام عند أصحابه إذا أطلق فالمراد به ؟
الطالب : علم .
الشيخ : علم ، فهو علم للإمامهم ، ولهذا في كتب الشافعية إذا قال : قال الإمام ، فهو الشافعي ، في الحنابلة أحمد ، في الأحناف أبو حنيفة ، في المالكية مالك ، وظاهر قول المؤلف : " أخرن ذا إن سواه صحبا " :
أنَّه يجب الترتيب بين الكنية واللقب ، فتؤخر اللقب ، فلا يجوز على كلام المؤلف : قال الصديق أبو بكر ، بل يجب أن نقول : قال أبو بكر الصديق ، ولكن في هذا نظر !! والصحيح أنه لا ترتيب بين الكنية واللقب ، الصحيح أنه لا ترتيب بين الكنية واللقب ، لأن الكنية تشبه عطف البيان ، فهي قريبة من معنى الصفة ، فيجوز أن يتقدم اللقب ، ويجوز أن يتأخر ، فقول المؤلف : " إن سواه صحبا " : ليس على إطلاقه ، هكذا قال الشُّرّاح ، ولكن قد نقول : إن هذا رأي للمؤلف ، وأنه يرى أنَّ اللقب يجب أن يكون مؤخرًا بكل حال ، طيب ، على ترتيب المؤلف نبدأ أولًا ؟ بإيش ؟
الطالب : بالاسم .
الشيخ : ثم ؟
الطالب : الكنية .
الشيخ : ثم ؟
الطالب : اللقب .
الشيخ : اللقب ، فنقول : قال عبدالله أبو بكر الصديق ، كذا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب ، لكن الواقع أن أبا بكر رضي الله عنه قد اشتَهر بالصديق ، فبناءً على الاستثناء الذي ذكرنا يجوز أن نقول : قال الصديق أبو بكر عبدالله ، أو عبدالله أبو بكر ، لأنه مشتهر به ، الفاروق مَن ؟
الطالب : عمر .
الشيخ : عمر بن الخطاب ، نقول : قال عمر بن الخطاب الفاروق ، وإذا اشتهر به قلنا : قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهذا هو الذي عليه العمل ، كل الذين يذكرون أبا بكر أو عمر يقولون : قال الصديق أبو بكر ، وقال الفاروق عمر بن الخطاب .
" وأخرن ذا إن سواه صحبا " .