فوائد الآية (( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون )) وذكر مسألة: إذا لم يأتمر الشخص بالمعروف وينتهي عن المنكر فهل له أن يأمر غيره بالمعروف وينهاه عن المنكر ؟ حفظ
من فوائد هذه الآية : توبيخ هؤلاء الذين يأمرون بالبر وينسون أنفسهم، لأن ذلك مناف للعقل، وقد ورد الوعيد الشديد على من كان هذا دأبه، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه يؤتى بالرجل فيلقى في النار حتى تندلق أقتاب بطنه والأقتاب هي الأمعاء فيدور عليها كما يدور الحمار على رحاه فيجتمع إليه أهل النار ويقولون يا فلان ألست تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه ) فهو من أشد الناس عذابا والعياذ بالله .
فإن قال قائل: بناء على أن هذا مخالف للعقل وبناء على شدة عقوبته، أنقول لمن لا يفعل ما أمر به و من لا يترك ما نهى عنه لا تأمر ولا تنهى؟ نعم ؟
نقول: لا، بل نقول: مر وافعل ما تأمر به، لأنه لو ترك الأمر مع تركه ا فعله ارتكب جنايتين : الأولى: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والثانية: عدم قيامه بما أمر به، وكذلك لو أنه ارتكب ما ينهى عنه ولم ينه عنه فقد ارتكب مفسدتين: الأولى: ترك النهي عن المنكر، والثانية: ارتكابه للمنكر، ثم نقول أينا الذي لم يسلم من منكر؟ لو قلنا لا ينهى عن المنكر إلا من لم يأت منكرا نعم؟ لم ينه أحد عن منكر، ولو قلنا لا أحد يأمر بالمعروف إلا من أتى المعروف لم يأمر أحد بالمعروف، أينا الذي يسلم ؟ لهذا نقول: مر بالمعروف وجاهد نفسك على فعله، إنه عن منكر وجاهد نفسك على تركه .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : توبيخ العالم المخالف، وأن العالم إذا خالف فهو أسوأ حالا من الجاهل، من أين تؤخذ ؟ من قوله :(( وأنتم تتلون الكتاب)) وهذا أمر فطر الناس عليه أن العالم إذا خالف صار أشد لوما من الجاهل، حتى العامة تجدهم إذا فعل العالم منكرا قالوا كيف تفعل هذا وأنت رجل عالم؟ أو إذا ترك واجبا قالوا كيف تترك هذا الواجب وأنت عالم؟ والآية الكريمة واضحة في هذا (( وأنتم تتلون الكتاب )) .
ومن فوائد الآية الكريمة: أن الكتاب يطلق وهو مفرد على جميع الكتب، لأن هؤلاء اليهود يتلون كتاب الله القرآن ويتلون أيضا التوراة فهم يتلون هذا وهذا .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: توبيخ بني إسرائيل وأنهم أمة جهلة حمقى ذووا غي لقوله: (( أفلا تعقلون )).
ومن فوائدها : أن من أمر بمعروف ولم يفعله أو نهى عن منكر وفعله من هذه الأمة ففيه شبه بمن ؟ باليهود، لأن هذا دأبهم والعياذ بالله.