باب الرضاع .
الكلام : اسم مصدر ، لماذا ؟ لأنك تقول : كلم يكلم تكليماً هذا المصدر ، إذًا الكلام بمعنى التكليم لكن ليس على حروفه فيكون اسم مصدر .
السلام كذلك اسم مصدر ، لأن المصدر من سلَّم تسليمًا لكن سلام يدل على التسليم ولكن ليس فيه حروفه فيكون اسم مصدر .
الرضاع إذًا اسم مصدر ، وهو في الأصل : " مص الطفل اللبن من الثدي " ، هذا في الأصل ، مص الطفل اللبن من الثدي ، ثدي المرأة أو من أي ثدي حتى لو التقم ثدي شاة !
الطالب : لا .
الشيخ : إلا بلى رضاع ، لكن لا يؤثر هو رضاع ، لكن لا يؤثر ، إذًا فالرضاع إيش ؟ مص الطفل اللبن من الثدي هذا في الأصل ، وعلى هذا فلو أن المرأة حلبت اللبن في إناء وشربه فإنه لا يعد رضاعاً لغة ، وهل يعد رضاعا شرعا ؟ في هذا خلاف أما الظاهرية الذين يجمدون على ظاهر اللفظ فيقولون : إن هذا ليس برضاع ، وأنك لو أسقيت الطفل خمسة فناجين لم يكن شيئا لأنه ليس رضاعا لغة ، ولكنه لغة شرب ، فلا يؤثر ، لكن سيأتينا إن شاء الله أن قول الجمهور لا فرق بين مص اللبن من الثدي أو شربه ونحوه بدلالة السنة على ذلك .
الرضاع محرِّم يثبت به من أحكام النسب أربعة أحكام : تحريم النكاح ، إباحة النظر والخلوة المحرمية ، إباحة السفر ، هذا الذي يثبت به ، إيش قلنا ؟ المحرمية تحريم النكاح إباحة النظر والخلوة إباحة السفر إي نعم ، أربعة ، وكل هذه ثابتة أو فرع عن المحرمية لكن لا مانع من التفصيل ، ولا يثبت به بقية أحكام النسب ، كل أحكام النسب لا تثبت به ، إلا هذه الأربعة فقط ، النفقة لا تثبت ، تحمّل الدية لا يثبت ، الإرث لا يثبت ، كل أحكام النسب لا تثبت، نعم .
الطالب : النفقة .
الشيخ : ذكرناها ، طيب ، لكن لثبوت أحكام الرضاع شروط بينتها السنة ، أما في القرآن فالرضاع مطلق لقوله تعالى : (( وأمهاتكم الاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة )) بدون شروط ، لكن السنة بينت ذلك .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تحرم المصة والمصتان ) . أخرجه مسلم .
لا نافية ، تحرم : فعل مضارع منفي ، أي : لا يثبت التحريم بالمصة والمصتين ومعروف ما هو المص ، المص هو أن الطفل إذا التقم الثدي جذب اللبن منه بهذا المص ، فالمصة الواحدة لا تحرم ، والمصتان لا تحرم ، وهل هما رضاع ؟
لغة رضاع ، لكن شرعا لا أثر له ، لا أثر له لأنه لم تتم فيه الشروط .
طيب والثلاث ؟ نقول : منطوق الحديث أن المصة والمصتين لا تحرمان ، مفهومه أن ما زاد عليهما مؤثر وهو الثلاث فأكثر ، وبهذا أخذ بعض العلماء وقال : " إن الرضاع المحرم ما بلغ ثلاث رضعات ، وما دونها لا يحرِّم بناء على المفهوم من الحديث : ( لا تحرم المصة والمصتان ) أخرجه مسلم " .
2 - عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تحرم المصة والمصتان ) . أخرجه مسلم . أستمع حفظ
وعنها رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة ) . متفق عليه .
( انظرن ) : فعل أمر ، والخطاب للنساء ، والمراد به أو الموجه إليه الخطاب عائشة رضي الله عنها ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل عليها ذات يوم وعندها رجل فتأثر ، فبينت له أنه أخوها من الرضاعة ، فقال : ( انظرن من إخوانكن ؟ ) ، ( انظرن ) : خطاب للنسوة لكنه موجه إلى عائشة ، وهذا من ملاطفة عائشة رضي الله عنها أنه لم يجابهها بالخطاب ، بل قال : (انظرن ) جعله خطاباً عاماً ، وقوله : ( مَن إخوانكن ؟ ) : الجملة استفهامية أي : مَن الذي يكون أخا أو ليس بأخ ؟
لأنها هي قالت : إنه أخي ، ثم قال : ( فإنما الرضاعة من المجاعة ) : إنما الرضاعة من المجاعة المعنى : إنما الرضاعة المؤثرة ما تغني مِن المجاعة ، إنما الرضاعة ما يغني من المجاعة ، وعلى هذا فيكون المعنى : أن الطفل يتغذى باللبن ، لأنه لا يغني من المجاعة إلا إذا كان يتغذى به ، أما إذا كان يتغذى بالطعام فيغنيه من المجاعة ، إيش ؟ الطعام ، وهذا يدل على أنه لا بد من شرط في الرضاع غير العدد :
الشرط أن يكون في الزمن الذي يتغذي فيه الطفل باللبن ، فإن فُطم فلا أثر للرضاع ، لماذا ؟
لأن لأنه إذا فطم لا يدفع جوعَته اللبن وإنما يدفعها الطعام ، وبناء على هذا نقول : يشترط للرضاع أن يكون قبل الفطام ، وهذا كما أنه مقتضى الدليل السمعي ، فهو مقتضى الدليل العقلي أيضًا ، لأنه إذا كان بعد الفطام فإن تغذي الطفل به ضعيف ، إذ أنه يتغذى بالمأكول والمشروب ، وغذاؤه باللبن ضعيف لكن إذا كان لم يفطم فهو محتاج إلى اللبن يتغذى به وينمو به جسمه ، وهذا الذي دلَّ عليه الحديث هو القول الراجح ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : أنه يشترط للرضاع أن يكون قبل الفطام ، لأنه هو الذي تندفع به المجاعة .
إذًا عندنا شرطان :
الشرط الأول : عدد يزيد على الثنتين هكذا نقول ، من أين يؤخذ ؟ من قوله : ( لا تحرم المصة والمصتان ) .
الشرط الثاني : أن يكون قبل الفطام في زمن تندفع به المجاعة ، وذلك قبل الفطام .
وهذا هو القول الراجح .
وذهب بعض العلماء إلى أن المعتبر السن : فما كان في الحولين فهو محرِّم وما كان بعدهما فليس بمحرِّم سواء فطم أم لم يفطم ، واستدلوا بقوله تعالى : (( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة )) : فبين الله تعالى أن تمام الرضاعة يكون بتمام الحولين ، قالوا : ولأن الحولين زمن يمكن الإحاطة به ، لأنه معلوم ، لكن الفَطام أمر تختلف فيه الأفهام ، فلا ندري هل هذا فُطم أو لم يفطم ؟ نحن نراه إذا بكى ثم ألقمناه الثدي سكت ، وإذا بكى ثم أعطيناه ثمرة سكت ، إذًا هو مفطوم أو غير مفطوم ؟ نعم ؟ لا ينضبط ، فقالوا : إن الفطام أمر لا ينضبط ، وإذا كان أمرا لا ينضبط فالسنتان أمر منضبط فليكن الرجوع إليها حتى لا يحصل الشك أو التشكك ، ولكن يقال في الجواب عن ذلك : إن الفطام أمر معلوم ، معلوم في العرف فرق بين طفل نأتي له بالطعام والشراب مع الناس يتغدى ويتعشى ويفطر أو نعطيه البسكوت أو نعطيه الكعك ويستغنى به ، وطفل ما يمكن يأكل من هذا شيئا إلا نادرا في اليوم والليلة ويحتاج إلى اللبن .
وذهب بعض العلماء إلى أن المعتبر الأكثر ، يعني إن فُطم قبل الحولين فالمعتبر الحولان ، وإن تمت الحولان قبل الفطام فالمعتبر الفطام ، وكأن هذا القول أراد به قائله أن يجمع بين الدليلين فيقول : نعتبر بالأكثر ، لكن الذي يظهر لي من الأدلة أن المعتبر الفطام ، لأنه هو الذي يتضمن العلة المعقولة وهي تغذي الطفل باللبن ، ولا يمنع أن يكون غير مفطوم إذا أكل تمرة أو تمرتين ، أو قرصًا أو قرصين وما أشبه ذلك هذا لا يمنع هو لم يفطم ولو أكل مثل هذا الشيء لأنه شيء يسير جرت به العادة .
طيب إذًا نأخذ شرطين : الشرط الأول هذا ، والشرط الثاني : ألا يكون أقل من مصتين .
3 - وعنها رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة ) . متفق عليه . أستمع حفظ
رجل في البر ليس معه طعام ومعه زوجته وثدييها ممتلئتان لبنا فجعل يمصها فاندفعت مجاعته ؟
الشيخ : إي .
السائل : يعني جعل حياته لأجل هذا اللبن !
الشيخ : ما تقولون في هذا ؟! يقول : رجل في البر ليس معه طعام ، ومعه زوجته وقد امتلأ ثدياها من اللبن ، نعم فجعل يمصها ، فهذا اندفعت مجاعته بلبن امرأته ، كم مرة ؟
السائل : خمس مرات في الصحراء وبعيد .
الشيخ : لا هذا نادر ، ثم هذا عارض سبب دفع المجاعة لأنه ما وجد غيره ، لو وجد غيرها اندفعت مجاعته به .
سؤال عن معنى آية (( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ... )) ؟
الشيخ : الآية .
السائل : الآية : (( والوالدات يرضعن )) .
الشيخ : هذه نجيب فيما إذا حصل نزاع وخصام بين الزوج والأم .
السائل : لا ، الآية !
الشيخ : اقرأ نعم : (( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ )) : كل هذه فيما بين الزوجين ، أما التأثير فهذا شيء آخر .
السائل : شيخ تحديدها بالحولين ؟
الشيخ : نعم تحديد الحولين عند النزاع ، ولهذا لو أن الأم أرادت أن ترضع الولد أكثر من سنتين وهو محتاج للبن ترضع ، ولو فطمته قبل سنتين وهو لا يحتاج فطمته ، نعم ، داود .
سؤال عن وقت تأثير الرضاع في المحرمية ؟
الشيخ : يعني مثلا إذا فُطم قبل الحولين ، فعلى رأي من يعتبره فطام يقول : ما بعد الفطام لا يؤثر ولو في الحولين ، نعم يا ابن داود !
السائل : القول الثالث : كأنه هو القول الثاني .
الشيخ : القول الثالث : إذا فطم قبل الحولين فإنه إذا رضع بعد ذلك اعتُبر الرضاع ، أفهمت ؟ !
السائل : نعم حتى .
الشيخ : وعلى القول بأن المعتبر الفطام لا يؤثر ، إذا تمت الحولان وهو يرضع لم يُفطم ، يقول : رضاعه مؤثر ، رضاعه مؤثر فيكون جامعًا بين القولين ، وذلك لأنك إذا أخذت القول بالتحديد بالسنتين ، فإنه إذا تجاوزت السنتين وهو يرضع لا يؤثر رضاعها ، وإذا أخذت الفطام فإنه إذا فطم ولو في الحولين لا يؤثر رضاعه ، واضح ؟
السائل : نعم .
الشيخ : شيخ سليمان !
السائل : أحسن الله إليك ، مسألة بداية ... .
الشيخ : نعم .
السائل : هذه وقعت في غير الضرورة .
الشيخ : نعم .
السائل : في امرأة صار بينها وبين زوجها خصام فذهبت تُرضع نفسها .
الشيخ : ترضع نفسها ؟!
السائل : أي نعم ، من أجل أن تحرم عليه .
الشيخ : هذه غريبة ، صارت بنت لنفسها ؟
السائل : واقعة هذه صحيح .
الشيخ : لا ما تحرم عليه ، ما تحرم عليه .
السائل : أفتوا بعض الذين سئلوا في هذه المسألة أنها تحرم عليه .
الشيخ : لا لا ، أعوذ بالله .
السائل : ولكن جاؤوا للشيخ عبد العزيز -حفظه الله- ابن باز قال : اطلب تطلق تطليقتين ورجعوها لبيتها .
الشيخ : طيب ، طيب ، لا أنا كنت أتوقع تقول : سوت له حليب في الصباح من ثديها وأرضعته وهو نائم .
السائل : هل رضاع الكبير يحرم ؟ ما يحرم !
الشيخ : بيجينا فيه إن شاء لله تفصيل ، لأن المؤلف بعدما ذكر هذا ذكر حديث سالم مولى أبي حذيفة .
السائل : رجحنا أنه ما يحرم .
الشيخ : أي ما في شك ، ما في شك له رجحنا أنه خاص بصورة لا تتحقق الآن .
بالنسبة للمصة والمصتان هل يقصد بها الرضعة المشبعة أم هي المصة العادية ؟
الشيخ : لا لا ، المصة المصة .
السائل : يعني طيب إذا كانت المصة يا شيخ معروف أنه خمس رضعات مشبعات .
الشيخ : بيجينا بيجينا اصبر شوي جزاك الله خير ، نحن الآن ما نشرح إلا الذي قرأنا ، نعم .
السائل : أحسن الله إليكم : بالنسبة الآن إذا فُطم الطفل على الثدي .
الشيخ : إيش ؟
السائل : إذا فطم الطفل عن الثدي ، لكن أخذ حليب من هذا الصناعي .
الشيخ : إذا إيش ؟
السائل : فطم عن ثدي أمه .
الشيخ : أي نعم ، نعم نعم .
السائل : وهو صغير ، ويأخذ الحليب الصناعي !
الشيخ : ولا يتغدى بالطعام ؟
السائل : نعم .
الشيخ : إي هذا مثل الذي يرضع من أمه ، أي نعم .
السائل : يعني لو اعترف أحد الورثة بالولد أو بالعم أن هذا أخ لهم وأنكره آخرون كيف يفعل المعترض !
الشيخ : نعم .
السائل : كيف نقول : هذا أخ قسم وليس أخ الآخرين ، لأنه لازم إذا ثبت هذا لنفسه يثبت للآخرين !؟
الشيخ : لا ما يثبت ما دام أنكروا ، إلا ببينة .
السائل : أليس هو أخوهم ؟
الشيخ : لا يقول ما هو أخانا ولا نعرفه .
السائل : لا الذي اعترف ؟
الشيخ : بلى أخوه .
السائل : كيف ؟
الشيخ : نقول : أنت اعترفت وهم أنكروا .
السائل : إذا كان أخ له هو أخ لهم .
الشيخ : لا يقول : لا ، يأبى .
بيان مسألة أمر النبي صلى الله عليه وسلم لزمعة بأن تعتجب من أخيه المشكوك فيه لما قال لها ( احتجبي منه يا سودة ) .
الطالب : ذكرته .
الشيخ : ذكرناه متى ؟
الطالب : ذكرته أنت فقلت سكوتها بيان .
الشيخ : لا لا غير ، لماذا أمر باحتجابها مع حكمهِ بأنه أخوها ؟
هذه المسألة اختلف العلماء في تخريجها : -نذكرها الآن لو أن بعض الإخوان راح نعم لكن تسجل- :
نقول : هذه المسألة اختلف العلماء في تخريجها على قولين :
القول الأول : أنه من باب الاحتياط ، وإلا فإن الولد ثابت لزمعة ، وأخوته لسودة ثابتة ، لكن من باب الاحتياط أمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تحتجب من أجل الشبه ، عرفتم ؟
وقال آخرون : بل هو إعمال للدليلين ، لأن هذه القضية تنازعها شيئان : الشَّبه والفراش ، فعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمقتضى الفراش ، بأنه ولده ، ولد زمعة وأخو سودة ، وعمل بمقتضى الشبه وأنه أجنبي منها ، فيجب عليها أن تحتجب ، فهذا إعمال بالدليلين ، ولكن الصحيح أنه من باب الاحتياط ، لأن هذين الدليلين إعمالهما متناقض ، ولا يمكن أن يجمع بين متناقضين ، لأنه إما إثبات أو نفي ، إما إثبات أنه أخوها فيكون أخوها وتثبت فيه جميع أحكام النسب ، أو ليس أخاً لها فتنتفي عنه جميع أحكام النسب ، أما أن يجمع في حكمين متضادين فلا ، هذا هو الصحيح في هذه المسألة .
8 - بيان مسألة أمر النبي صلى الله عليه وسلم لزمعة بأن تعتجب من أخيه المشكوك فيه لما قال لها ( احتجبي منه يا سودة ) . أستمع حفظ
بيان مسألة أم الزوجة من الرضاع هل هي من محارم الزوج .
الطالب : هي من محارمه !
الشيخ : لا ما هي من محارمه ليست من محارمه على القول الراجح ، لكن عليها أن تحتجب احتياطاً لقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- .
الطالب : ما يتزوجها ؟
الشيخ : ما يتزوج نعم ، لا يتزوجها وتحتجب عنه ، لا يتزوجها اتباعا لمن ؟
الطالب : لابن تيمية .
الشيخ : لا ، للجمهور ، وتحتجب عنه اتباعا لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- .
الطالب : هي من محارمه !
الشيخ : لا لا ، لأننا لو قلنا بأنها من محارمه لقول الجمهور لم يلزمها الاحتجاب .
الطالب : هي تكون من محارمه وتحتجب !
الشيخ : لا ، لو قلنا بأنها من محارمه لم يلزمها الاحتجاب ، فنقول : لا يثبت المحرمية ، لأنه نحن نرجح ما قاله شيخ الإسلام -رحمه الله- أنها أجنبية منه نرجح هذا ، لكن احتياطا لقول أكثر العلماء نقول : تحتجب عنه .
الطالب : وأبو الزوج ؟
الشيخ : وكذلك بالعكس انتهى . نعم .
الطالب : قولكم العبرة بالمجاعة !
الشيخ : قولنا العبرة بالمجاعة ما قلناه يا عبد الله ، ما قلناه جزاك الله خير ، أبدًا ما قلنا العبرة بالمجاعة أبد ، نعم .
سؤال عن تأثير الرضاع متى يكون هل هو بالفطام أو غيره ؟
الشيخ : نعم .
السائل : طيب ، يا شيخ لو أن بقي الحليب ولكن يعني لم يفطم بعد الحولين .
الشيخ : إي يكون رضاعه محرمًا ، يعني لو فرض هذا الطفل يعني أُصيب مثلا بمرض ، بأمراض كثيرة ولا فطم بالحولين ، ما زال يحتاج للبن ما يأكل ، فنحن نقول : إرضاعه مؤثر حتى يُفطم ، لو أرضعته ، أي نعم .
السائل : الذي أقره بعض الإخوان بالأخوة .
الشيخ : إيش ؟
السائل : الذي أقره بعض الإخوان بالأخوة .
الشيخ : نعم ، يرث من المقر ولا يرث من هؤلاء .
السائل : كيف يرث من الأب ؟
الشيخ : أي الإرث تقصد ؟ الإرث من الأب بسيطة الإخوة الذين أنكروا يعطون نصيبهم كاملا يعني مثل مِن اثنين هم اثنين ، والثالث هو الذي فيه خلاف ، يعطى النصف الذي لم يقر يعطى النصف ، وذاك يؤخذ منه السدس .
الطالب : وش السدس ؟
الشيخ : سدس الكل أي نعم ، سدس النصيب .
مناقشة ما سبق .
الطالب : الرضاع شرعًا هو أن يلتقم الطفل الثدي ويمصه .
الشيخ : هذا شرعًا ولغة ؟
الطالب : لا هذا لغة .
الشيخ : وشرعاً ؟
الطالب : هو أن يمص الثدي .
الشيخ : شرعاً ؟!
الطالب : مص الطفل اللبن من الثدي .
الشيخ : يلا .
الطالب : هو الذي فوق المصتان .
الشيخ : لا ، لا لا خلاص .
الطالب : شيخ !
الشيخ : نعم ؟
الطالب : بعدد محدود .
الشيخ : لا .
الطالب : هو مص الطفل اللبن من الثدي .
الشيخ : إي هذا اللغة .
الطالب : هو مصه من الثدي لبنا .. .
الشيخ : المهم إي نعم ، مصه من الثدي أو شربه ، أما ما ذكرتم في البقية هذه شروط .
إذًا الرضاع هنا شرعاً أعم منه لغة ، لأن اللغة يختص الرضاع بمص الثدي والشرع مصه أو شربه أو عجن الطعام به أو ما أشبه ذلك ، المهم أن يتغدى به ، نعم .
الطالب : عند الجمهور ؟
الشيخ : هذا هو الصحيح ، هذا شرعًا طيب .
الطالب : التعريف يا شيخ ؟
الشيخ : التعريف : هو مص الثدي أو مص اللبن من الثدي أو شربه ونحوه يعني أعم ، وهذه المسألة نادرة جداً أن يكون التعريف شرعًا أعم منه لغة ، وله نظير بينته لكم في الشرح : الإيمان في اللغة التصديق ، وفي الشرع أعم اعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان .
طيب ما هي شروط الرضاع المحرم ؟ حكمت !
الطالب : أن يكون في مدة الرضاع ، وأن يكون .
الشيخ : اصبر ، أن يكون في مدة الرضاع ، ما هي مدة الرضاع ؟
الطالب : قيل سنتان ، وقيل : ما دام يرضع .
الشيخ : ما دام يرضع ، يعني حتى الكبير إذا رضع ؟
الطالب : لا ، يعني يرضع في سنتين وإذا فطم فليس .
الشيخ : يعني قول ثاني معلق بالفطام .
الطالب : نعم .
الشيخ : يعني ما دام يتغدى باللبن وهو غداؤه الرئيسي فقد حصل الشرط .
والقول الثاني : أنه يشترط أن يكون في الحولين .
طيب إذًا نأخذ نقول : هذا الشرط أن يكون في زمن الرضاع وهو سنتان على قول ، أو قبل الفطام على القول الثاني طيب هذا شرط .
الشرط الثاني يا عمر ؟
الطالب : أن يكون مجاعة .
الشيخ : هذا لا مشبع هذا .
الطالب : مجاعة يا شيخ !
الشيخ : هذا هو ما ذكرنا قبل ، أن يكون إما في زمن الحولين أو قبل الفطام خالد !
الطالب : يزيد على اثنين .
الشيخ : كيف ؟
الطالب : الحديث الذي معنا يا شيخ أن يزيد على اثنين .
الشيخ : ألا ينقص عن ثلاثة .
الطالب : ألا ينقص عن ثلاثة .
الشيخ : ألا ينقص عن ثلاثة ، الدليل ؟
الطالب : ( لا تحرم المصة والمصتان ) .
الشيخ : طيب ، ألا ينقص عن ثلاثة ، وما المراد بالثلاث ، أو ما المراد بالمصة في قولها : ( المصة والمصتان ) ؟
الطالب : كيف هو ؟
الشيخ : نعم ؟ ظاهر الحديث ، خذ ظاهر الحديث بعدين إذا كان لك رأي ثاني .
الطالب : قصدي يعني الرضعة .
الشيخ : ها ؟
الطالب : المصة .
الشيخ : المصة معروفة نعم ، يجيبله شيء ويمصه ، إذا مص مرة يعني يمكن يمص ثلاث مرات في نفس واحد أليس كذلك ؟ هذا ظاهر الحديث لكن المراد ؟
الطالب : المراد هو !
الشيخ : ثلاث رضعات كذا ؟ طيب ، ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله الأحمدي ( إنما الرضاعة من المجاعة ) ؟
الطالب : يعني الرضاعة المعتبرة شرعًا هي ما كانت تنبت لحما .
الشيخ : يعني تنفع من المجاعة ، يعني إذا جاع الطفل لا ينفعه إلا الرضاع فهذا هو الذي يثبت به حكم الرضاع شرعًا ، طيب أخذنا حديث سهلة ؟
الطالب : لا ما أخذنا .
الشيخ : لم نأخذ طيب .
الطالب : يا شيخ ما يحرِّم ، ما يحرِّم ؟
الشيخ : نأخذ درس جديد الآن : بسم الله الرحمن الرحيم ، أيهم ؟
الطالب : طيب فوائد الأحاديث يا شيخ ؟
الشيخ : أيهم ؟ كلها أخذنا فوائدها ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : يا شيخ : ذكرت أنه يثبت بالتحريم أربعة أشياء ، يثبت به أربعة أشياء ـ يثبت بالرضاع أربعة أشياء أي نعم عدها لنا ؟
الطالب : تحريم النكاح .
الشيخ : تحريم النكاح .
الطالب : إباحة النظر .
الشيخ : إياحة النظر
الطالب : السفر .
الشيخ : الخلوة .
الطالب : الخلوة والمحرمية .
الشيخ : والمحرمية ، إذًا تحريم النكاح وثبوت المحرمية يمكن يتفرع عنها الثلاث الأخرى : تحريم النكاح وثبوت المحرمية ، ولو قلنا أيضًا : إن ثبوت المحرمية انتظم كل الشروط ، كل الأشياء ، لأنه متى كان محرما ها حرم النكاح وجاز السفر وجاز النظر وجازت الخلوة ، المهم أنه لا يثبت به شيء من أحكام النسب سوى هذا ، هذا أهم شيء ، فلا يثبت به ميراث ولا عقل ولا عقل في الدية ولا نفقة ولا غيرها .
فوائد حديث : ( لا تحرم المصة والمصتان ) .
أن للرضاع تأثيرا في الأحكام الشرعية لقوله : ( لا تحرم المصة والمصتان ) .
ومن فوائده : أنه لا يحرم من الرضاع ما دون الثلاثة ، وهذه الفائدة تؤخذ من المفهوم أو من المنطوق ؟
الطالب : من المفهوم .
الشيخ : من المفهوم ، طيب ومن فوائد هذا الحديث : أن المعتبر هو المصة لكن ذكرنا أنه يراد بالمصة الرضعة بناء على الأحاديث الآتية إن شاء الله .
فوائد حديث : ( انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة ) .
وجوب الاحتياط في الخلوة وغيرها من المسائل التي الأصل فيها التحريم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( انظرن مَن إخوانكن ) .
ومن فوائده : حرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حماية بيته ، لأنه قال ذلك حين وجد عند عائشة رجلا ، وقالت : ( إنه أخوها من الرضاع ) .
ومن فوائده أيضًا : أنه يجب علينا أن نتبع الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا ، وأن ننظر مَن يأتي إلى أهلنا ، حتى لو فُرض أنها من النساء التي يخشى منها فإن علينا أن ننتبه ، وذلك لأنَّ أهلك يحتاجون إلى رعايتك وأنت مسؤول عنهم .
ومنها : ثبوت لقب الأُخوة بالرضاع ، وكذلك الأمومة وكذلك الأبوة ، ففي القرآن : (( وأمهاتكم الاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرَّضاعة )) : ولم يأت في القرآن آباؤكم ، ما أتى في القرآن ، لكن أتى بعموم السنة وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( يحرم من الرَّضاع ما يحرم من النسب ) .
ومن فوائد هذا الحديث : أن الرضاع لا يؤثر إلا إذا كان نافعاً من المجاعة ، وهذا كناية عن كون الطفل لم يفطم ، لقوله : ( إنما الرضاعة من المجاعة ) . ومن فوائده : أن السنة تخصص القرآن وذلك من وجهين :
الوجه الأول هنا : أن زمن الرضاعة محدود . والوجه الثاني : العدد في الحديث الأول ، فإن السنة بينت أن ما دون الثلاث لا يؤثر مع أن ظاهر القرآن : (( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم )) ظاهره إيش ؟
الطالب : الإطلاق .
الشيخ : الإطلاق ، وأنه يحصل التحريم برضعة واحدة ، لكن السنة تقيد القرآن وتخصصه تقيد مطلقه وتخصص عامه .
ومن فوائد هذا الحديث : الرد على من قال : إن رضاع الكبير محرم ، لقوله : ( إنما الرضاعة من المجاعة ) نعم .
ومن فوائده أيضًا : أنه يدل على أن العبرة في زمن الرضاعة بالفطام لا بالسن ، وحينئذ يحتاج إلى الجمع بينه وبين قوله تعالى : (( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين )) ، وقد ذكرنا الجمع فيما سبق فمن يستحضره ؟ نعم ؟
الطالب : يا شيخ قلت -أستحضر القول- إن الرضاع سنتين لكن بعضهم يفطم قبل السنتين ، والراجح أن الرضاعة قبل الفطام تكون .
الشيخ : نعم .
الطالب : شيخ هذا عند التنازع وليس بيقين ؟
الشيخ : ولهذا قال : (( فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما )) طيب .
وعنها رضي الله عنها قالت : جاءت سهلة بنت سهيل فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سالماً مولى أبي حذيفة معنا في بيتنا ، وقد بلغ ما يبلغ الرجال ، فقال : ( أرضعيه تحرمي عليه ) . رواه مسلم .
" وعنها رضي الله عنها قالت : ( جاءت سَهلة بنت سُهيل فقال : يا رسول الله إن سالماً مولى أبي حذيفة معنا في بيتنا ، وقد بلغ ما يبلغ الرجال ، فقال : أرضعيه تحرمي عليه ) " :
قولها رضي الله عنها : ( سهلة بنت سهيل ) : هي زوجة نعم ؟ سهلة بنت سهيل نعم ، سهلة بنت سهيل هي زوجة أبي حذيفة رضي الله عنه ، أبي حذيفة بن اليمان وكان له مولى يقال له سالم ، تبناه وجعله ابنًا له ، وكانوا في الجاهلية يتبنى الواحد منهم من ليس له أحد مِن الموالي ونحوهم ، ويتخذه ابنًا له كابنه من النسب ، فنسخ الله عز وجل ذلك في قوله : (( وما جعل أدعياءكم أبناءكم )) ، قال : (( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ )) : فلا يجوز في الإسلام أن يتبنى أحدٌ أحدًا من الناس ، لكن في الجاهلية كانوا يفعلون ذلك .
وكانوا قد جعلوا هذا الرجل بمنزلة الابن يدخل عليهم ويخرج ويقضي حوائجهم ويعمل كما يعمل الابن ، فلما تبين في الشرع أن الرضاعة لا تكون إلا في زمن معين ، جاءت تشتكي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : ( إنه معنا في بيتنا وقد بلغ ما يبلغ الرجال ) : فكأنها تقول : ما الحل لهذه المشكلة ؟ فقال : ( أرضعيه تحرمي عليه ) : أي تحرمي عليه نكاحًا فتكوني من محارمه ، وفي قوله : ( تحرمي عليه ) من حيث الإعراب نقول : إنها حذفت النون لأنها مجزومة على أنها جواب الأمر في قوله : ( أرضعيه ) ، فقال : ( أرضعيه تحرمي عليه ) .
ففي هذا الحديث : دليل على أن الرضاع محرم حتى للكبار ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( أرضعيه تحرمي عليه ) ، وقد أخذ بذلك أهل الظاهر ، وقالوا : إن الرضاع محرم بلا عدد ولا زمن ، لإطلاقه في الآية : (( وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ )) ، ولحديث سالم مولى أبي حذيفة ، وكانت عائشة إذا أرادت من أحد أن يدخل عليها تأمر أختها أسماء بنت أبي بكر أن ترضعه ولو كان كبيرًا مِن أجل أن تكون عائشة خالة له ، فلا يجب عليها الحجاب عنه .
ولكن جمهور العلماء ومنهم أمهات المؤمنين سوى عائشة يقولون : إن هذا خاص بسالم مولى أبي حذيفة ، ومنهم مَن يرى أنه منسوخ ، ولكن تعلمون أن هاتين الدعويين تحتاجان إلى دليل :
أما الخصوصية فالأصل تساوي الناس في الأحكام الشرعية ، هذا هو الأصل ولا تقبل دعوى الخصوصية إلا بدليل ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو النبي لا تقبل دعوى الخصوصية فيه في أي حكم من الأحكام إلا بدليل فما بالك بمن سواه ؟!
والنسخ كذلك يحتاج إلى دليل ، لأنه لا بد أن نعلم أن هذا الحديث الناسخ متأخر .
ومن يقول : إن قوله : ( إنما الرضاعة من المجاعة ) متأخر عن قوله : ( أرضعيه تحرمي عليه ) من قال هذا ؟ ومن يقول : إنه قال : ( لا تحرِّم المصة والمصتان ) بعد قوله : ( أرضعيه تحرمي عليه ) حتى نقول : إن هذا الحديث يدل على أنه لا يشترط عدد ولا زمن .
ولكن ذهب بعض أهل العلم إلى أنه خاص بمولى أبي حذيفة على وجه دقيق ، وقال : إنه إذا وُجد من حاله كحال هذا الرجل فإن حكم هذا الرجل يثبت له ، لأن الأحكام الشرعية لا يمكن أن تخصص بأحد بعينه إلا لسبب ، فإذا وجد هذا السبب في غيره ثبت للغير حكم التخصيص ، وقالوا : إن الحاجة تبيح إرضاع الكبير ليكون محرمًا ، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام أبن تيمية -رحمه الله- في موضع من كلامه ، وقال : " إن المرأة إذا احتاج الرجل إلى الدخول عليها دائمًا فإنها ترضعه ويكون ولدًا لها " ، لأن سهلة بنت سهيل شكت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام هذه الحاجة ، وقال في موضع من كلامه : " إنه إذا وجدت حالة مثل حالة سالم مِن كل وجه ثبت الحكم ، وإلا فلا " : وهذا الأخير هو الصحيح ، وقوله الأول أنه مطلق الحاجة ، مردود ، مردود بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إياكم والدخول على النساء . قالوا : يا رسول الله أرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت ) ، ولو كان الإرضاع لمطلق الحاجة مثبتًا للمحرمية لقال : الحمو ترضعه زوجة قريبه ، ويزول المحذور ، فلما لم يقل ذلك مع دعاء الحاجة إليه ، عُلم أن مطلق الحاجة لا يبيح أو لا يثبت به حكم الرضاع .
إذا أخذنا بالقول الثاني من أقوال شيخ الإسلام -رحمه الله- أو من قوليه ، فإن الحالة التي صارت لسالم لا يمكن أن توجد ، لأن سالما كان متبنى ومتخذًا ابنًا كابن النسب لا يحتشمون عنه بأي شيء من الأشياء ، وكان قد داخلهم مداخلة كاملة ، ففي هذه الحال يكون من الصعب جدًا أن يحرم من الدخول إلى البيت والخلوة بالمرأة وما أشبه ذلك ، فمن أجل هذه الحاجة الشديدة ووجود السبب المقتضي لها قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( أرضعيه تحرمي عليه ) ، وبهذا تجتمع الأدلة ونسلم من القول بأن إرضاع الكبير للحاجة مطلق الحاجة جائز ، ومثبت للحكم .
14 - وعنها رضي الله عنها قالت : جاءت سهلة بنت سهيل فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سالماً مولى أبي حذيفة معنا في بيتنا ، وقد بلغ ما يبلغ الرجال ، فقال : ( أرضعيه تحرمي عليه ) . رواه مسلم . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( أرضعيه تحرمي عليه ) .
أولًا : أنه قد تقرر عندهم أن إرضاع الكبير لا أثر له ، وجه الدلالة ؟ أنها جاءت تشتكي الحال التي هي عليها ، ولو كان متقرر عندهم أن رضاع الكبير كرضاع الصغير ما سألت .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز مخاطبة المرأة ، وأن كلامها مع الرجل ليس بمحرم ، لأن سهلة خاطبت النبي عليه الصلاة والسلام وخاطبها ، لكن هذا مشروط بما إذا لم تكن فتنة ، فإن كان فتنة ، فإن الأدلة الأخرى تدل على منع ذلك .
طيب وإذا قلنا بجواز مخاطبة المرأة للرجل ، فهل هو على إطلاقه ؟ لا ، ليس على إطلاقه بل عند الحاجة ، وشرط آخر : ألا تخضع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ، أما مع عدم الحاجة فإن المخاطبة سبب للفتنة فتجتنب ، وأما الخضوع فهو محرم ، لأنه وسيلة لطمع مَن في قلبه مرض .
هل يجب على من أرضعته أن يصلها ويبرها ؟
سؤال عن خضع المرأة في كلامها مع الرجل الأجنبي ؟
الشيخ : كلها ، سواء في الكلام في موضوع الكلام ، أو في صفته ، نعم بحيث إنها تتخنث في كلامها ، أي نعم .
السائل : بعض تكون صوتها واطي جدًا بعضها تكون عالي ، تقول : أنا لا أخضع بالقول لأني إذا خفضت صوتي يكون هذا خضوع .
الشيخ : أي نعم ، على كل حال هو يكون بهذا وبهذا ، والله قال : (( ولا تخضعن )) ، أما الشيء الطبيعي للمرأة مثلا لا تستطيع ترفع صوتها فهذا ليس بلازم ، خليل !
السائل : في جدة تبنى رجل جهلا منه وعمره عشرين ، هل يجوز له أنه يرضع ؟
الشيخ : لا ما يجوز ، ما يجوز لأن الشرع ألغى هذا ، فإذا أُلغي هذا لغت أحكامه .
السائل : فصلت فيها ، قلنا إن هذا خاص بمولى أبي حذيفة ، أو قلنا : إنه لمطلق الحاجة لأنه في النتبجة أنها واحدة .
الشيخ : أحسنت ، النتيجة واحدة ، لكن لو وجد له نظير في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ، الآن النتيجة واحدة ، لكن لو وجد في عهد الرسول ؟ السائل : ما في .
الشيخ : لا أخص نريد إثبات الحكم ، لو وجد في عهد الرسول ، أما الآن فلا يمكن قلنا لا يمكن الآن نعم .
ما هو ضابط الكبر عن الرضاعة ؟
الشيخ : الكبر ما زاد على الحولين على قول بأن المدة هي الحولان ، أو ما كان بعد الفطام على القول بأن المدة الفطام
السائل : وهو الراجح يا شيخ ؟
الشيخ : أي نعم .
لو كان الزوج يرى أن الرضاع يحرم بثلاث مصات وهي تقول لا أرى إذا كان ثلاث وجبات ؟
الشيخ : إيش تقولون في هذا ؟ يقول : لو كان الزوج يرى أن اللبن ، الرضاع قصدي يحرم بثلاث مصات ، وهي تقول : لا أرى إلا إذا كان ثلاث وجبات ، نقول من الأصل لا تتزوج .
السائل : ما درت .
الشيخ : كيف ما دريت ؟ ما علموا بالرضاع ولا شلون ؟
السائل : أخبرها أنه رضع ثلاث رضعات مصاً ، وهي ترى أنها وجبة كاملة فهل .
الشيخ : معناها أنها تحبه الآن ، تريد تبقى عنده ، إلا .
السائل : على رأيها .
الشيخ : هو يرى أن المصات الثلاث تحرم !
السائل : لا يا شيخ ، هو يرى أن المصات الثلاث لا تحرم لابد من وجبة كاملة .
الشيخ : نعم .
السائل : وهي ترى أن المص فقط كافي .
الشيخ : زين ، إذًا هذه ما تبيه ، ما تبيه .
السائل : نستفصل يا شيخ .
الشيخ : على كل حال نقول : أولًا : يجب من الأصل ألا تتزوج ، يحرم من تزوجها .
السائل : هي الآن تزوجت .
الشيخ : طيب لكن تقول ما أرى صحة هذا قبل العقد ، أما بعد العقد فيجب عليها أن تحاول فسخ النكاح بكل ما تستطيع ، ونظيره لو أنها ادعت عليها أنه طلقها ثلاثا وهو ينكر ذلك فهنا يجب عليها أن تحاول بقدر ما تستطيع أن تتخلص منه ، ويجب عليها أن تفر منه عند الجماع ، ويجب عليها أن تحتجب عنه ، أي نعم ، نعم ؟
لو كان كافرا في بلد يرى أهلها جواز التبني فتنبي طفل فأسلم وشق عليه دخول هذا الرجل فهل نقول إنها مثل قصة سالم أو لا ؟
الشيخ : ويش تقولون ؟
الطالب : سبق الجواب عليه .
الشيخ : هذا سؤال جيد يقول : لو كان كافرًا في بلد يرى أهلها جواز التبني ، فتبنى هذا ، تبناه ، ثم أسلم وشق عليه دخول هذا الرجل ، هل نقول إنها مثل قصة سالم أو لا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لا ، أما على رأي الجمهور ما ينفع ، أما على الرأي الثاني فالظاهر أنه لا ينفع أيضًا ، لأن الإنسان إذا أسلم طُبقت عليه أحكام الإسلام فإذا كان المانع قائمًا فإنه يثبت المنع ، كما لو تزوج أخته من النسب مثلا وهو يرى الجواز ثم أسلم فإنه يفرق بينهم ، الظاهر أنه لا يثبت هذا ، نعم ؟
السائل : خاصة أن النصوص نعمل بها على حسب ما جاءت ، قلنا بالتخصيص هنا ، وثانيًا : إذا أخذنا بظاهر القرآن يكون أحوط للسنة .
20 - لو كان كافرا في بلد يرى أهلها جواز التبني فتنبي طفل فأسلم وشق عليه دخول هذا الرجل فهل نقول إنها مثل قصة سالم أو لا ؟ أستمع حفظ
إن التخصيص إبطال لأحد النصين فكيف نبطل القرآن بالسنة ؟
الطالب : ومسألة الأحوط ؟
الشيخ : أما مسألة الأحوط فقد يكون الأحوط هذا وقد يكون الأحوط بالعكس ، قد يكون رجل قد تزوج امرأة ثم تبين أن أمها أرضعته مرة واحدة فما هو الأحوط هنا ؟
إن قلنا : بالفراق مشكل ، لأن الأصل بقاء النكاح ، وقد يترتب على ذلك أن نبيحها لغيره وهي معه الأشياء تختلف .
الطالب : حكم توضأ المرأة بماء الرجل ؟
الشيخ : أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة ، وتتوضأ المرأة بفضل الرجل ، لأنه ثبت في * صحيح مسلم * من حديث ابن عباس : ( أن الرسول اغتسل بفضل ميمونة ) .
السائل : حديث ماذا يا شيخ ... .
الشيخ : والثاني : هل يجوز مسح جميع الرأس ولا إيش ؟ هل يجوز مسح بعض ؟
السائل : بعض الرأس أو كله مع العمامة ؟
الشيخ : لا ، مع العمامة يكفي مسح ظاهره ، العمامة وما ظهر منه ، وأما إذا لم يكن عمامة فلا بد من مسح الجميع .
والثالث : ما هي الحال التي يخرج بها الماء الطهور به ؟
إذا تغير بالنجاسة فهو نجس لا يجوز التطهر به .
السائل : شيخ ... على الموت .
الشيخ : ماذا السؤال ؟ ما هو وقت أسئلة الآن .
السائل : شيخ .
الشيخ : نعم ؟
السائل : الاختبارات على الأبواب .
الشيخ : نعم ؟
السائل : الاختبارات على الأبواب ؟
الشيخ : ما المعنى ؟
السائل : ... .
الشيخ : ما هو بحثنا ، ما هو بحثنا ، نحن انتبهنا لها أخيرا ورأينا أننا نقول : صلى الله عليه وآله وسلم إلا إذا نسيت ، عشان نفتك من الإدغام هذا ولكون الرسول قال : ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ) ، نعم عبد الرحمن !
السائل : قال -رحمه الله تعالى- : " كتاب الرضاع " .
الشيخ : الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين :
أظن أننا سبق النقاش في هذا ؟
السائل : لم نناقش الأخير .
الشيخ : الأخير ما ، طيب ، ما هو سبب الحديث : ( انظرن من إخوانكن ) ؟
السائل : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة ذات يوم فوجد عندها رجلًا ، فتغير وجهه ، فقالت له : ( يا رسول الله إن هذا أخي من الرضاع ، فقال لها : انظرن من إخوانكن ، فإنما الرضاع من المجاعة ) .
الشيخ : أحسنت ، طيب أسباب الحديث ، هل ألف فيها مؤلفات كأسباب القرآن ، أسباب النزول ؟ نعم عبد الرحمن !
السائل : أي نعم باب ورود الحديث للسيوطي .
الشيخ : وغيره ؟
السائل : هذا ما عرفت .
سائل آخر : كذلك يا شيخ أيضا * البيان والتعريف لأسباب ورود الحديث الشريف * لابن حمزة الدمشقي .
الشيخ : طيب هذان اثنين .
السائل : ... للشيخ محمد جمال .
الشيخ : محمد جمال ، على كل حال معرفة أسباب الحديث يعين على فهم معنى الحديث كأسباب نزول الآيات .
تتمة فوائد حديث : ( أرضعيه تحرمي عليه ) .
أولاً : حرص الصحابة رضي الله عنهم على تعلم العلم رجالا ونساءً ، وجه ذلك أنها سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن هذه القضية .
ومن فوائد هذا الحديث : أنَّ صوت المرأة ليس بعورة ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينهها عن ذلك .
ومن فوائد الحديث أيضًا : جواز إرضاع الكبير وأنه مؤثر ، لقوله : ( أرضعيه تحرمي عليه ) .
ومن فوائد الحديث : أن ارتكاب المحرم لغيره إذا دعت الحاجة إليه فلا بأس به ، لقوله : ( أرضعيه ) ، فإنه قبل أن يكون ولدا لها لا يحل له أن يمس ثديها مثلا ، وهنا إذا أرادت الرضاعة فلا بد أن يمس ثديها ويرضع منه ، لكن للحاجة جاز ، فهذا وسيلة لأمر يُحتاج إليه ، وأصل تحريم مس المرأة أنه وسيلة إلى الفاحشة والزنا ، " وما حرم تحريم الوسائل فإن القاعدة عند أهل العلم : أنه يباح عند الحاجة " .
طيب ونظير ذلك من بعض الوجوه إذا أصاب المحرم طيب وهو محرم فلا حرج عليه أن يمسه من أجل إزالته .
ومِن ذلك أيضًا أن الإنسان يمس الخبث في الاستنجاء بيده من أجل إزالته . ومِن ذلك أيضًا أنَّ الغاصب يخرج من الأرض المغصوبة فيمشي فيها من وسطها إلى طرفها وهو مشي محرم ، لأنه في غير ملكه لكن من أجل التخلص مِن هذا ، فالتخلص مِن الشيء المحرم إذا سار الإنسان به فإنه لا يعتبر محرمًا لأنه للخلاص منه ، وكذلك : " ما حَرُم تحريم الوسائل فإنه تبيحه الحاجة " .
ومن فوائد حديث عائشة هذا في قصة سالم مولى أبي حذيفة : أن إرضاع الكبير مؤثر ، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أرضعيه تحرمي عليه ) ، وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أنه لا عبرة برَضاع الكبير .
والقول الثاني : أنه مُعتبر .
والقول الثالث : أنه معتبر عند الحاجة إليه ، لا إذا لم يكن هناك حاجة . فالأقوال ثلاثة : أما الذين قالوا : إنه مؤثر فاحتجوا بهذا الحديث : ( أرضعيه تحرمي عليه ) ، مع أنها تقول : بلغ ما يبلغ الرجال ، واستدلوا أيضًا بعموم قوله تعالى : (( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم )) ، وهذا مطلق : (( أرضعنكم )) لم يقيد بزمن ولا بحال ، فيكون الإرضاع مؤثراً مطلقاً ، أهكذا يا بدر ؟ أهكذا ؟ ما هو ؟
الطالب : قالوا : بأن إرضاع الكبير يثبت .
الشيخ : ويش آخر ما ذكرنا من أدلتهم ؟
الطالب : ذكرنا قول الله تعالى : (( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم )) .
الشيخ : نعم ، فإنه مطلق لم يقيد بزمن ولا حال ، فيكون على إطلاقه .
وأما القائلون بأنه لا يؤثر ولا عبرة به فاستدلوا بأدلة منها : قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إنما الرضاعة من المجاعة ) وسبق معنى الحديث .
ومنها : الأحاديث الآتية : ( لا رضاع إلا ما أنشز العظم وكان قبل الفطام ) ، ومنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( إياكم والدخول على النساء . قالوا : أرأيت يا رسول الله الحمو ؟ قال : الحمو الموت ) ، ولم يقل : الحمو ترضعه المرأة ، حتى يكون محرَمًا لها مع أن الحاجة داعية إلى أن ترضعه ليدخل البيت ويسلم من الشر ، وحينئذٍ تثبت دعواهم أنه لا تؤثر رضاع الكبير ، لكن يحتاجون إلى إيش ؟ إلى الجواب عن أدلة القائلين بأنه مؤثر ، فأجابوا عن إطلاق الآية بأن هذه ليست أول آية أُطلقت ثم قُيدت بالسنة ، فقوله تعالى : (( وءاتوا حقه يوم حصاده )) : مقيد بقوله عليه الصلاة والسلام : ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ) ، والأمثلة على هذا كثيرة .
والسنة تبين القرآن وتفسره وتعبر عنه وتقيد مطلقه وتخصص عامه ، وليس هذا بغريب .
فالآية مطلقة ويكون المراد : (( أرضعنكم )) أي : إرضاعا محرِما حسب ما تقتضيه السنة .
وأما حديث سالم فأجابوا عنه بأنه خاص ، خاص بسالم ، وهذا مبني على جواز تخصيص الشخص بعينه أو لعينه ، قالوا : فهو خاص به فلا يلحق به غيره .
وأجاب بعضهم بأنه منسوخ بالأحاديث الدالة على أنه لا بد أن يكون الرضاع في الحولين ، أو في زمن المجاعة ، أو قبل أن يفطم ، فقالوا : إن هذا منسوخ بهذا .
وأما الذين قالوا بأنه جائز للحاجة فجمعوا بين الأدلة وقالوا : إن قضية سالم حاجة فلهذا أرشدها النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن ترضعه ، ولم يرشد غيرها إلى ذلك ، لأنه لا يوجد فيه مثل حاجة هذا الرجل : إذ أن هذا كان كالابن لهم تمامًا قد تبناه أبو حذيفة وصار عندهم بمنزلة الولد ، ويشق عليهم كثيرا أن يحتجبوا منه ، فلهذا أذن فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وما أكثر الأحكام التي تثبت عند الحاجة التي تشبه الضرورة لقوم ، وتمنع من قوم آخرين لم يتحقق لهم مثل ذلك .
وهذا الأخير اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ، وبه تجتمع الأدلة ، ويجيب عن دعوى التخصيص : " بأنه ليس هناك حكم يخص به أحد لعينه ، لأن الناس عند الله سواء ، فلا يمكن أن يخص زيدا دون عمرو لغير سبب معنوي يقتضي التخصيص " ، ولو تأملت هذا لوجدته لا يوجد في الشريعة من خصص بالحكم لعينه أي : لأنه فلان ابن فلان ، حتى الرجل الذي ضحى قبل الصلاة ، وقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( شاتك شاة لحم، قال : إن عندي عناقا ) -يعني ماعزا لها أربعة أشهر أو نحو ذلك هي أحب إلينا من شاتين- فأذن له أن يضحى بها وقال : ( إنها لن تجزئ عن أحد بعدك ) ، ( لن تجزئ عن أحد بعدك ) ، والحديث في * الصحيحين * ، وهذا يدل على أن الرجل خص بذلك بعينه ، ولكن شيخ الإسلام أبى ذلك وقال : " هذا الرجل لا يخص بعينه لماذا لا يخص ؟ بل يقال : من كانت حاله مثل حاله فحكمه حكمه ، فلو وجد رجل جاهل ضحى بأضحيته قبل الصلاة ولم يكن عنده ما يضحي به إلا مثل هذه العناق قلنا : إنها تجزئ عنك ، ولو كانت لم تبلغ السن " ، لم تكن ثنية ، وهذا الذي قاله هو المتعين ، حتى خصائص الرسول عليه الصلاة والسلام لم يخصص بها لأنه محمد بن عبد الله ، لكن خص بها لأنه رسول الله ، فله وصف لا يكون لغيره ، فلهذا خص بما يقتضيه هذا الوصف ، وما قاله -رحمه الله- هو الراجح ، أنه لا تخصيص لأحد بعينه في حكم من أحكام الشريعة ، لأن الشريعة معلقة بالحكم والأسرار والمعاني والعلل لا بالأشخاص.
وعلى هذا فنقول : القول الراجح في هذا ما اختاره شيخ الإسلام .
بقينا في الجواب عن النسخ عن دعوى النسخ :
دعوى النسخ كما نعلم أو كما تعلمون لا تقبل إلا بشرطين :
الشرط الأول : عدم إمكان الجمع . والشرط الثاني : العلم بالتاريخ .
فإذا أمكن الجمع فلا نسخ ، لأن النسخ يستلزم إبطال أحد النصين ، وإبطال النص ورد النص ليس بالأمر الهين ، يعني كثير من العلماء -عفا الله عنهم- إذا عجزوا عن الجمع بين النصين قالوا : منسوخ ، هذا لا يجوز ، لأن حكمك أن هذا الحكم منسوخ يعني ردك وعدم اعتباره من الشرع ، فليس بالأمر الهين ، فلا يجوز أن نتساهل في ادعاء النسخ ، نقول : النسخ لا يمكن قبوله أو لا يمكن دعوى قبوله إلا بإيش ؟ إلا بأمرين ، بشرطين :
أولا : تعذر الجمع . والثاني : العلم بالمتأخر ، لأن الناسخ هو المتأخر ، فإذا أمكن الجمع حرُم العدول عنه ، وإذا تعذر الجمع نظرنا ، إذا علمنا بالتاريخ قلنا المتأخر الناسخ ، وإذا لم نعلم وجب علينا أن نتوقف .
فنأخذ الحكم الذي لا يتعارض فيه النصان وندع ما تعارض فيه النصان ، هذا هو الواجب اتباعه في نصوص الشرع ، وعلى هذا فتكون دعوى النسخ في حديث سالم إيش ؟ مردودة غير مقبولة ، فيبقى عندنا يصح دعوى التخصيص لكن لا بشخصه بل بحاله ، تخصيص بالحال لا بالشخص ، فمن كانت حاله كحال هذا الرجل فإننا نفتيه بما أفتى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما أفتى به سهلة .
ومن فوائد هذا الحديث : التكنية عن الشيء بلازمه ، في قولها : ( وقد بلغ ما يبلغ الرجال ) : لم تقل : إنه بلغ أن ينظر للمرأة لشهوة أو ما أشبه ذلك ، تكنية طيبة وتفيد المعنى .
ومن فوائد الحديث : أنه ينبغي للمستفتي أن يذكر جميع أوصاف القضية من أجل أن يفتيه المفتي على بصيرة ، مثل قولها : ( معنا في بيتنا ) ، لأن هذا وصف يقتضي ترتَّب الحكم عليه ، فلا ينبغي للمستفتي أن يأتي بالشيء المجمل بل يأتي بالشيء البين الذي تختلف فيه موارد الحُكم حتى يكون المفتي على بصيرة ، ومن ذلك لو قال لك قائل :
هلك هالك عن بنت وأخ وعم ، عن بنت وأخ وعم شقيق ، فهنا لا يجب عليك أن تسأل عن البنت ما يحتاج تقول ما هي البنت ؟ أو يجب أن تقول هي شقيقة أو لأب أو لأم ؟
الطالب : إذا أُطلقت فهي شقيقة !
الشيخ : إذا أطلقت فهي شقيقة ؟!!! هههه آه ، بنت ، بنت !! وأخ وعم شقيق ، هل يجب أن تستفصل عن البنت ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا ، البنت ما فيها شقيق ولا لأب ولا لأم ، طيب الأخ هنا يجب أن تستفصل تقول ما الأخ ؟ إن قال لك : لأم ، فما بقي بعد البنت للعم لماذا ؟ لأن الأخ من الأم يسقط بالفرع الوارث ، وإن قال : أب لأب أو شقيق يأخذ الباقي ويسقط العم ، هذا لا بد منه ، لا بد أن يقول السائل : إنه أخ شقيق أو لأب أو لأم فإن لم يقل وجب على المفتي أن يسأل لأنه يترتب الحكم على معرفته ، وهنا نسأل هل يجب على المفتي أن يسأل عن الموانع ؟
الطالب : لا .
الشيخ : نعم ؟
الطالب : لا يجب .
الشيخ : لا يجب ، لا يجب أن يسأل عن الموانع ، فلا يجب عليه أن يقول : هل البنت موافقة لأبيها في الدين ؟ لا ، لا يجب ، هل يجب عليه أن يقول : هل البنت رقيقة وأبوها حر ؟ لا يجب ، لأن الأصل عدم المانع ، وكذلك لو جاء رجل يقول : إنه طلق زوجته هل يجب أن نقول : طيب بأي شرط ثبت أنها زوجتك ؟ هل أنت تزوجتها بشهود وبولي وبرضا وبتعيين أو لا يجب ؟ لا يجب لأن الأصل الصحة وثبوته على وجه شرعي .
هل يجب أن يقول : هل هي حائض أو لا ؟ لا يجب ، لا يجب لأن هذا سؤال عن المانع فلا يلزمه .
اللهم إلا أن يكون المانع يعني خفيا على الناس فهنا ربما نقول : نسأل : هل هي حائض ؟ هل هي في طهر جامعتها فيه أو ما أشبه ذلك ، لكن الأصل أنه لا يسأل عن المانع .
ومن فوائد الحديث : أن الرضاع لا يشترط له عدد ، لقوله : ( أرضعيه ) ولم يحدد ( تحرمي عليه ) فلا يشترط له عدد ، ولا يشترط له كيفية ، بمعنى أنه لا يشترط الإرواء لا كمية ولا كيفية لقوله : ( أرضعيه ) ، ولكن يقال : إن هذا الإطلاق مقيد بالأحاديث الأخرى الدالة على أنه لا بد من عدد ، ففي الحديث الذي روته عائشة نفسها أول الباب : ( لا تحرم المصة ولا المصتان ) : فيكون هذا المطلق محمولا على المقيد .
فإن قال قائل : أفلا يمكن أن يكون مثل هذه الحال يكفي فيها قضاء واحد ؟ قلنا : لا ، لأن السنة يقيد بعضها بعضا ، فلا بد من العدد المشترط .
طيب ومن فوائد الحديث : أن مَن حرُمت عليه المرأة فله أن ينظر إليها ، وأن إباحة النظر وتحريم النكاح متلازمان لقوله : ( أرضعيه تحرمي عليه ) ، ولم يقل أرضعيه تحلي له ، أي : يحل له النظر إليك ، لم يقل : أرضعيه يحل له النظر إليك مع أن المشكلة في إيش ؟ ليس فيه أنها تحرم عليه لأنه لا يمكن يتزوجها وهي مع زوج ، المشكلة في النظر والخلوة ، لكن لما كان تحريم النكاح يلزم منه إباحة النظر والخلوة قال : ( أرضعيه تحرمي عليه ) ، وكأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عَدَل إلى هذا الحكم لأنه موافق للقرآن ، قال الله تعالى : (( حرِّمت عليّكم أمهاتكم وبناتكم )) إلى قوله : (( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم )) : فعدل النبي عليه الصلاة والسلام عن ذاك إلى هذا لأنه موافق لكتاب الله عز وجل .
وعنها أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها بعد الحجاب ، قالت : فأبيت أن آذن له ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعته ، فأمرني أن آذن له علي وقال : ( إنه عمك ) . متفق عليه .
" وعنها : ( أن أفلح أخا أبي القُعيس جاء يستأذن عليها بعد الحجاب ، قالت : فأبيت أن آذن له ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعته ، فأمرني أن آذن له عليَّ ، وقال : إنه عمك ) متفق عليه " : قولها : ( أن أفلح أخا أبي القُعيس ) : بندر يبين لي لماذا قال أخا ؟ لماذا جعل لفظ أخا أبي القعيس ؟
الطالب : خبر إن .
الشيخ : يا شيخ السؤال له ، آه خبر إن منصوب ؟ اسم إن منصوب ؟
الطالب : أو صفة منصوب !
الشيخ : صفة لإيش ؟
الطالب : لأفلح .
الشيخ : أفلح ، وأفلح منصوب ؟
الطالب : إي نعم .
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : اسم إن .
الشيخ : اسم إن ، طيب ، لكن هل نقول صفة ؟ قد يكون فيه إشكال لأن الصفة لا بد تكون مشتقة ، قال ابن مالك :
" وانعت بمشقٍّ كصعبٍ وذرب *** وشبهه كذا وذي والمنتسب " .
الطالب : يكون بدلا أو عطف بيان .
الشيخ : يكون بدلا أو عطف بيان ، عطف البيان من حيث المعنى كالصفة يوضح ويبين ، والبدل قد لا يأتي بجديد من حيث الصفة ، قد لا يأتي بجديد ولكن عطف البيان لا بد أن يكون فيه بيان ، ولهذا سمي عطف بيان ، لا بد أن يكون في الأول خفاء بينه الثاني .
نعم قالت : ( جاء يستأذن علي بعد الحجاب ) : وكان أخًا لأبيها من الرضاعة ، وقولها : ( بعد الحجاب ) : لأن الحجاب في الشريعة الإسلامية له حالان :
الحال الأول : في أول الإسلام ، أو في أول الهجرة على الأصح ، كانت النساء لا تحتجب عن الرجال تكشف وجهها ويديها وقدميها ، وربما يرتفع الثوب إلى الساقين مثلا ، المهم أنه ليس فيه حجاب ، ثم بعد ذلك أنزل الله الحجاب وفرضه على النساء ، وبهذا نعلم أن كثيراً من الأحاديث التي ظاهرها جواز كشف المرأة عن وجهها وكفيها واختلاطها بالرجال ، تكون محمولة على ما قبل الحجاب ، لأن ما قبل الحجاب ست سنوات كلها قبل الحجاب ، فالناس لا بد أن يعملوا أعمالا في هذه المدة الطويلة ، ولا بد أن تكون الرجال مع النساء ، النساء مع الرجال وأن تكون النساء غير محجبات ، ثم بعد ذلك نزل الحجاب .
ولكن هنا سؤال : هل حجاب أمهات المؤمنين أخص من حجاب عموم النساء ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم الظاهر هذا أن حجابهن أخص ، وأنهن يلزمهن أن يحتجبن حتى بأشخاصهن ، ولهذا كن إذا حججن يكن في الهوادج ، في الهوادج يعني شيء مثل البيت يعمل من الخشب ويكسى بالثياب حتى لا ترى المرأة ، وسيأتي إن شاء الله مزيد بحث لهذه المسألة نعم .
الطالب : شيخ أحسن الله إليك : إذا وجدنا شخصًا مثله نفتيه بما أفتاه النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : نعم .
الطالب : هل يمكن أن ...
الشيخ : لا ما يمكن ، ولهذا ينبغي أن يكون التعبير إن وجدنا ، إن وجدنا ، لأن إذا قد تدل على الوقوع .
23 - وعنها أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها بعد الحجاب ، قالت : فأبيت أن آذن له ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعته ، فأمرني أن آذن له علي وقال : ( إنه عمك ) . متفق عليه . أستمع حفظ
سؤال عن معنى قوله صلى الله عليه وسلم ( إنها لن تجزي عن أحد بعدك ) لما قال ذلك لأبي بردة بن نيار رضي الله عنه ؟
الشيخ : البعدية هل هي بعدية زمانية أو بعدية حالية ؟
السائل : بعدية زمانية .
الشيخ : هذا محل الخلاف ، شيخ الإسلام يقول : ليست بعدية زمنية ، ولكنها بعدية حالية ، مثل ما تقول لإنسان إذا أساء إليك : ما بعد الحال صداقة ولا مودة ، أو إذا أحسن إليك تقول : ما بعد هذا عداوة ولا ، نعم ؟
24 - سؤال عن معنى قوله صلى الله عليه وسلم ( إنها لن تجزي عن أحد بعدك ) لما قال ذلك لأبي بردة بن نيار رضي الله عنه ؟ أستمع حفظ
من أين أخذنا البعدية الزمانية والحالية ؟
الشيخ : نصنفها من القاعدة الشرعية العظيمة العظمى التي أرسى من الجبل : " أن الشريعة لا يراعى الناس فيها بالأشخاص أبدًا ، لأن الله عز وجل ليس بينه وبين أحد نسب حتى يراعي هذا لشخصه وهذا لشخصه أحكام شرعية معلقة بعلل شرعية " .
السائل : شيخ !
الشيخ : نعم ؟ أنا الصوت عندي وأمامي أيدي كثيرة .
السائل : شيخ .
الشيخ : نعم ؟
السائل : ذكرت يا شيخ في الدرس السابق جزاك الله خير أربعة أقوال في المسألة .
الشيخ : أيهم ؟
السائل : في حديث سالم .
الشيخ : نعم .
السائل : ورجحت القول الآخر لشيخ الإسلام .
الشيخ : هو القول الرابع ، هو ظاهر كلام شيخ الإسلام في موضع من كلامه : إنها الحاجة مطلقا ، فهمت ؟ فشيخ الإسلام له كلامان : كلام أنها حاجة لمثل حاجة سالم ، وكلام مطلق حاجة ، لكن إجابته لمطلق الحاجة ما هو صحيح ، لأن قضية الحمو واضحة ، حاجة عظيمة ومع ذلك ما أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم .
البخاري رحمه الله ساق هذا الحديث في كتاب النكاح في باب لبن الفحل حدثي أبي فليح فما وجه مطابقة هذا الحديث للترجمة ؟
الشيخ : نعم ، حديث أبي القعيس ؟ حديث أبي القعيس ؟
السائل : نعم يا شيخ .
الشيخ : نعم .
السائل : وجه مطابقة هذا الحديث للترجمة ؟
الشيخ : لأنه كان أخا أبيها مِن أب .
السائل : ولبن يا شيخ يكون من الفحل ؟
الشيخ : يكون من الفحل ومن الأنثى ، قد يكون أخا لك من الأم فقط ، كما لو رضعت من امرأة مع زوج ثم طلقها وتزوجت آخر وأتت منه بولد فأنت أخ لهذا الولد من الأم ، قد يكون بالعكس ، قد تكون أخا له من الأب نعم ؟
السائل : يقول يا شيخ أحسن الله إليكم قول القائلين .