تتمة فوائد حديث ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ).
الطالب : بالأسباب.
الشيخ : بالأسباب، لأنّ ترتّب الشّيء على سببه دليل على حكمة الله سبحانه وتعالى.
ومن أَنكر الأسباب وقال إنّه لا تأثير لها فقد خالف المعقول والمحسوس، فهم يقولون: إنّك لو أثبت الأسباب وأنّها أي: الأسباب تؤثّر بنفسها ، كنت جعلت مع الله فاعلا، ولهذا يقولون: إنّ الشّيء إذا حصل بسببه فلا تقل حصل به، بل قل: حصل عنده، فإذا حذفت زجاجة بحجر وانكسرت لا تقل: إنّ الكسر حصل باصطدام الزّجاجة بالحجر، ولكن عندها، لا بها، وهذا عقل يضحك منه إن شئنا قلنا: السّفهاء، كيف نقول: حصل عندها؟! ضع الحجر على الزّجاجة وضعا رفيقا تنكسر ولاّ لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : ما تنكسر، إذن حصل بها، لكنّنا نحن نقول: ما الذي جعل هذه الأسباب مؤثّرة؟
الطالب : الله.
الشيخ : هو الله عزّ وجلّ، ولهذا لا نقول إنّ مع الله خالقًا، نقول: إنّ الذي جعل التّأثير بهذا السّبب هو الله عزّ وجلّ، بدليل أنّ الأسباب أحيانا تتخلّف عنها مسبّباتها، فهذه النّار جعل الله فيها قوّة الإحراق تحرق أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : وألقي فيها إبراهيم فقال الله لها: (( كوني بردا وسلاما على إبراهيم )) فكانت بردا وسلاما ولم يتأثّر بها ، وبهذا عرفنا أنّ تأثير الأسباب بمسببّاتها من أين هو؟
الطالب : من الله.
الشيخ : من الله عزّ وجلّ، فلم نقل إنّ الأسباب تستقلّ بالتّأثير ، ولكنّها مؤثّرة بأمر الله عزّ وجلّ.
طيب في الحديث ردّ على الجبريّة في قوله: ( مَن قام رمضان إيماناً واحتساباً ) ووجه ذلك أنّه أضاف الفعل إلى العبد والأصل في ما يضاف أن يكون المضاف إليه متّصفا به هذا هو الأصل وعلى هذا فنقول: إنّ في الحديث ردّا على الجبريّة، فهل فيه ردّ على القدريّة؟
الطالب : ...
الشيخ : هاه؟ كيف ذلك؟
الطالب : وجهه ؟
الشيخ : إي وجهه؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : إثبات أنّ الله يغفر هذا واضح.
الشيخ : إثبات أنّ الله يغفر هذا واضح، هم ما ينكرون هذا، لكن يقولون: إنّ الإنسان مستقلّ بعمله، القدريّة يقولون: إنّ الإنسان مستقلّ فهل يمكن أن نأخذ من هذا الحديث ما يردّ به عليهم؟
الطالب : المغفرة.
الشيخ : لا، المغفرة هذه فعل الله ما ينكرونها.
الطالب : ما فيه دليل.
الشيخ : الظّاهر أنّه ما فيه دليل.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أي : العشر الأخيرة من رمضان شد مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله ). متفق عليه .
( إذا دخل العشر ): فسّرت بأنّها العشر الأخير من رمضان.
( شدّ مئزره ): المئزر معروف يعني ما يتّزر به الإنسان وشدّه بمعنى ربطه.
وثانياً: ( أيقظ أهله ) للصّلاة.
ثالثًا: ( وأحيا ليله ) بالقيام هذه ثلاثة أمور يخصّها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بدخول العشر.
قولها: ( شدّ مئزره ) : قيل إنّ المراد به ربطه وحزمه يعني فلا يجامع النّساء، يعتزل نساءه، وقيل: إنّه كناية عن التّشمير للعمل لأنّ الإنسان إذا أراد أن يعمل فإنّه يرفع مئزره ويشدّه ويربطه من أجل أن يتقوّى على العمل.
ويمكن أن يقال: إنّه لا مانع أن يكون المراد به الأمرين يعني: اعتزال النّساء والثاني: التّشمير للعمل.
وقولها: ( أحيا ليله ) أي: سهر اللّيل فلم ينم لاشتغاله صلّى الله عليه وسلّم بالقيام.
ولم يرد عنه صلّى الله عليه وسلّم أنّه كان يقوم اللّيل كلّه إلاّ في العشر الأواخر من رمضان، فإنّه كان يحيي اللّيل كلّه.
ولكن إذا قال قائل: كيف يتأتّى ذلك مع أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يفطر ويصلّي المغرب ويصلّي العشاء ويتوضّأ ويقضي حاجته؟
فالجواب: أنّ الاستعداد للعبادة من العبادة، فالمعنى: أنّه يتهيّأ للقيام من حين ما ينتهي من صلاة العشاء وهو يتهيّأ للقيام بما يحتاج إليه، فيكون قد أحيا الليل.
وأمّا إيقاض الأهل فكان يوقضهم عليه الصّلاة والسّلام في هذه اللّيالي حتى يقوموا.
في غير هذه اللّيالي ما كان يوقضهم، كان يقوم وعائشة رضي الله عنها نائمة فإذا أوتر أيقظها، ولا يوقظها قبل ذلك، لكن في العشر الأواخر من رمضان كان يوقظ أهله من أجل العمل في هذه اللّيالي المباركة.
2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أي : العشر الأخيرة من رمضان شد مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله ). متفق عليه . أستمع حفظ
هل تصح زيادة (وما تأخر ) في الحديث؟
السائل : زيادة : غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر؟
الشيخ : نعم.
السائل : ما حكم زيادة وما تأخّر؟
الشيخ : هذه الزّيادة يقولون: إنّها ليست بصحيحة وأنّ كلّ عمل رتّب عليه وما تأخّر فهو ما يصحّ، لأنّ هذا من خصائص النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام هو الذي غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر فهو ما يصحّ، لأنّ هذا من خصائص النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام هو الذي غفر الله ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.
ولا يرد هذا إلاّ على أهل بدر لكنّها خاصّة بهم، وليس أيضا غفران ما تقدّم من ذنوبهم على هذا الوجه بل قال لهم الله عزّ وجلّ: ( اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ).
السائل : يوم عرفة يا شيخ؟
الشيخ : نعم .
السائل : ما فيها هذا الشيء؟
الشيخ : بس ما هو ما تأخّر من الذّنب، مخصوص بعام واحد، ولكن وما تأخّر إلى أن يموت، يعني ليس من هذا الباب، نعم.
السائل : ...
الشيخ : لا أنا ما رأيته إلاّ في الكتاب هذا، حتى ما رأيته في البخاري، في مسلم ما أدري عنه، لكن في البخاري ما رأيته.
هل ينافي الجماع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في العشر؟
الشيخ : نعم.
السائل : شيخ قلنا : ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنّه كان يصبح جنبا من جماع فيصوم، كيف كان يجامع وهو يقيم الليل كله.
الشيخ : أيه، لا لا، في غير العشرة.
السائل : ...
الشيخ : لا لا، فيه أحاديث أخر صريحة: ( واعتزل نساءه )، نعم يا مصطفى؟
السائل : ... هل تغفر الكبائر ؟
الشيخ : تقبل؟
السائل : هل تغفر يا شيخ .
الشيخ : أي تقبل، هل تغفر؟
السائل : نعم.
الشيخ : أيه، أنا حسبتك تقول هل تقبل صلاته، هل تغفر الكبائر ظاهر الحديث أنّها لا تغفر، لأنّ الحديث ما اجتنبت الكبائر، أو إذا اجتنبت الكبائر، نعم يا ؟
السائل : بالنسبة لمن قال: أعبد الله لأنه مستحق العبادة .
الشيخ : إيش؟
السائل : قال: بالنسبة للعبادة.
الشيخ : نعم.
السائل : أعبده لأنه يستحق العبادة.
الشيخ : لا لا، ما يكفي هذا، أعبده لمحبّتي له ورجائي فضله وثوابه.
السائل : هذا ردّ على من؟
الشيخ : ردّ على الصّوفيّة، الصّوفيّة يقولون: يجب أن تعبد الله لله لذاته لا للثّواب، لأنّك إذا أردت الثّواب أردت المخلوق، وهذا نوع من الشّرك.
السائل : والصحيح ؟
الشيخ : هو الصّحيح لهذا ولهذا.
السائل : للجميع ، الإعتكاف في غير رمضان؟
الشيخ : ما نصبر إلى أن يأتي الإعتكاف، ما بعد جاء في الحديث، نعم.
السائل : الإصرار على الصغائر هل يغفر ذلك ؟
الشيخ : العلماء يقولون: إنّ الذي يصرّ على الصّغيرة في حكم فاعل الكبيرة، ولهذا يقولون: " لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار " ، فبناء على هذا الذي عليه جمهور العلماء نقول: إنّ الإنسان الذي يصرّ على المعصية الصّغيرة هو في كبيرة دائماً.
السائل : سبحان الله .
سائل آخر : حكم الإسبال ؟
الشيخ : الإسبال من الكبائر.
السائل : وحكم الصلاة فيه؟
الشيخ : حسب الحال إذا كان الصّلوات في حال الإسبال ما تقوى على تكفير الصّغائر ...
السائل : الإسبال؟
الشيخ : كبيرة.
قال : " وعنها رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده ) ".
الطالب : الفوائد يا شيخ.
الشيخ : كلا الحديثين؟
الطالب : حديث عائشة.
الشيخ : حديث عائشة طيب.
فوائد حديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر ...).
ومنها من فوائده: مشروعيّة إحياء اللّيل كلّه في العشر الأواخر من رمضان وهل يقاس على ذلك بقيّة اللّيالي بمعنى أن نقول أنّ الإنسان ينبغي أن تسهر اللّيل كلّه في القيام؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، بل إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن ذلك حين بلغه أنّ قوما قالوا وممّا قالوا قول أحدهم: ( إنّي أقوم ولا أنام ، فقال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: أنا أصوم وأفطر وأصلّي وأنام وأتزوّج النّساء فمن رغب عن سنّتي فليس منّي ).
ومن فوائد الحديث: أنّه ينبغي استقبال هذه العشر والتّهيّؤ لها في القوّة لقوله: ( شدّ مئزره ).
ومنها: جواز تخلّف الإنسان عن أهله في مثل هذه المدّة، وبه يتبيّن ضعف قول من يقول: إنّه يلزمه أن يبيت عند امرأته ليلة من أربع، وينفرد في الباقي إن أراد، لأنّ هذا القول ليس عليه دليل، والإنسان يعاشر أهله بالمعروف، وليس من المعروف في غير مثل هذه الأوقات أن ينفرد الإنسان عن زوجته ثلاث ليال من أربع، بل المعروف أن يبيت معها كلّ ليلة، إلاّ إذا دعت حاجة أو مصلحة كقيام رمضان كما في هذا الحديث.
ومن فوائده: مشروعيّة إيقاظ الأهل في اللّيالي الفاضلة، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يوقظ أهله.
ومن فوائده أيضا: أنّ الإيقاظ لأمر ليس بواجب في الأيّام الفاضلة من هدي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، لا يقال مثلا: ليش تحرمهم من النّوم خلّيهم ينامون ما دام هذا ليس بواجب، فيقال: إنّه ليس بواجب لكنّ هذه أوقات تعتبر مواسم للخير فلا ينبغي للإنسان أن يضيعها، هل يؤخذ منه جواز تصرّف الإنسان في أهله؟
الطالب : نعم.
الشيخ : هاه؟
الطالب : نعم.
الشيخ : بمعنى أنّه يوقظهم وإن لم يأمروه بذلك؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نقول: نعم، أمّا في الواجب فواجب عليه أن يوقظهم وإن لم يأمروا بذلك، بل لو قالوا: لا توقظنا وجب عليه أن يوقظهم للواجب، بل يجب أن يوقظ للواجب من ليس من أهله، ولهذا قال العلماء: يحب إعلام النّائم بدخول وقت الصّلاة إذا ضاق الوقت.
أمّا غير الواجب فهذا للإنسان أن يوقظ أهله وإن لم يأمروه بذلك لئلاّ تفوت هذه المصلحة العظيمة.
السائل : لا يكون مطلقا يا شيخ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : أقول لحديث: ( رحم الله امرءً قام من اللّيل وأيقظ أهله فإن أبت نضح في وجهها الماء ).
الشيخ : والله ما أدري عن صحّة هذا الحديث أنا متشكّك فيه، ولكن هذا يحمل إن صحّ الحديث يحمل على ما إذا كانت راضية بهذا، أي نعم.
وعنها رضي الله عنها :( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله, ثم اعتكف أزواجه من بعده ). متفق عليه .
كان: فعل ماض قال العلماء إذا كان خبرها فعلا مضارعا دلّت على الاستمرار غالبا لا دائما، فتقول: كان يفعل كذا، ويجوز أن تقول: وأحيانا لا يفعل فهي تكون للاستمرار غالبا.
وقولها : ( يعتكف ) : تقدّم لنا معنى الاعتكاف لغة وشرعا.
وقولها: ( العشر الأواخر ) لماذا خصّ الإعتكاف بالعشر الأواخر؟
طلبا لليلة القدر، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم اعتكف أوّل ما اعتكف العشر الأوّل، ثمّ اعتكف العشر الأوسط، ثمّ أتي فقيل له إنّها في العشر الأواخر فاستمرّ على اعتكاف العشر الأواخر فقط رجاء ليلة القدر.
وفي قولها: ( حتى توفّاه الله ) يعني: حتّى قبضه، والوفاة تطلق على وفاة الموت وعلى وفاة النّوم، قال الله تعالى: (( الله يتوفّى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها ))، وقال تعالى: (( وهو الذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار ثمّ يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمّى )) .
لكنّها عند الإطلاق يراد بها وفاة الموت كما في هذا الحديث يعني : ( حتى توفّاه الله ) أي: أماته.
وفائدة قولها: ( حتّى توفّاه الله ) بيان أنّ هذا الحكم لم ينسخ وأنّه استمرّ إلى آخر حياته.
قالت: ( ثمّ اعتكف أزواجه من بعده ) أي : من بعد موته، وأزواجه جمع زوج، وهو في اللّغة يشمل الذّكر والأنثى، فيقال : زوج للرّجل، ويقال : زوج للمرأة، لكن فيه لغة قليلة ، وبعضهم قال لغة رديئة : بالتّاء للأنثى وبحذفها للذّكر.
إلاّ أنّ الفرضيّين التزموا أن يجعلوها للأنثى بالتّاء، وللذّكر مجرّدة من أجل التّمييز في المسائل الفرضيّة لأنّهم إذا قالوا مات زوج وهم يريدون الزّوجة أشكل على الطالب فالتزم الفرضيّون رحمهم الله أن يقولوا زوجة للمرأة وزوج للرّجل.
6 - وعنها رضي الله عنها :( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله, ثم اعتكف أزواجه من بعده ). متفق عليه . أستمع حفظ
فوائد حديث ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان ...).
فيستفاد من هذا الحديث: مشروعيّة الاعتكاف لماذا؟
لأنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فعله، والأصل في ما فعله النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام تعبّدا أنّه مشروع، ولكن هل يكون للوجوب؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، فإنّ الفعل المجرّد لا يفيد الوجوب نعم.
طيب أفعال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لها أقسام متعدّدة:
أوّلا: ما فعله بمقتضى الطّبيعة.
والثاني: ما فعله بمقتضى العادة.
والثالث: ما فعله تعبّدا.
والرّابع: ما احتمل الأمرين: التّعبّد والعادة.
والخامس: ما فعله بيانا لمجمل هذه خمسة أنواع.
ما فعله بمقتضى الجبلّة لا حكم له لأنّ هذا شيء تقتضيه الطبيعة مثل النّوم، فهل نقول للإنسان: يسنّ أن تنام، سيقول: إذا جاءني النّوم نمت غصبا عليّ، الأكل؟
كذلك مقتضى الطّبيعة والجبلّة، كون الإنسان يتدفّى إذا برد أو يطلب البراد إذا احترّ هذا أيضا مقتضى الجبلّة، لكن قد يؤجر الإنسان عليه لسبب آخر بحسب نيّته قد يقول: أنا أنام بمقتضى الطّبيعة وأريد أن أريح بدني، لأنّ لبدني عليّ حقّا، أنا آكل بمقتضى الطّبيعة إذا جعت أكلت، لكن أيضا أريد بذلك التّقرّب إلى الله عزّ وجلّ، بامتثال أمره بالأكل، وبالاستعانة به على طاعة الله وبحفظ بدني وبما أشبه ذلك فيؤجر من هذه النّاحية.
طيب كذلك قد يؤجر الإنسان فيما يتعلّق في فعل الجبلّة بمقتضى هيئاته أو صفاته، مثلا:
النّوم على الجنب الأيمن سنّة يؤجر عليه الإنسان، الأكل باليمين واجب، يؤجر عليه الإنسان، الشّرب باليمين كذلك، واضح؟
لكن هذا ليس عائدًا إلى الأكل نفسه بل عائد إلى صفة الأكل.
ما فعله على سبيل العادة فهو مشروع لجنسه لا لعينه أو نوعه، وبعض الأصوليّين أطلق كونه مباحًا.
نعم قد نقول: إنّه مباح من حيث الأصل لكن موافقة العادة التي ليست نحرمة أمر مطلوب، ولهذا نهى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن لبس الشّهرة الذي يشتهر به الإنسان لأنّه مخالف للعادة.
وبناء على ذلك نقول: مثلا أيّهما الأفضل لنا الآن أن نلبس القميص والغترة أو أن نلبس الإزار والرّداء والعمامة؟
الطالب : الأوّل.
الشيخ : الأوّل أفضل، لأنّ هذا مقتضى العادة، والذي يتبيّن لنا أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لبس الإزار والرّداء والعمامة لأنّ ذلك كان العرفَ في عهده.
الثّالث: ما كان متردّدا .
الطالب : بالنسبة للجنس لا للنوع.
الشيخ : هاه؟
الطالب : بالنسبة للجنس لا للنوع.
الشيخ : ليش؟
الطالب : ...
الشيخ : أي أقول نعم بالنّسبة للجنس لا للنّوع يعني مثلا: النّوع إزار ورداء وعمامة، طبعا العين متعذّر في الواقع ليش؟
لأنّ الأعيان الموجودة في عهد الرّسول ما هي موجودة الآن لكن نوعها موجود، أمّا الجنس فنقول: جنس اللّباس المعتاد، فلباس الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: إزار ورداء وعمامة هذا نوع، كونه هو المعتاد هذا جنس، فنحن نتبعه في الجنس، الرّابع !
الطالب : الثالث يا شيخ.
الشيخ : الثالث: ما كان متردّداً، لا الثالث: التّعبّد ما فعله على سبيل التّعبّد، كيف على سبيل التّعبّد؟
قد يقول قائل: كيف نعرف أنّه فعله تعبّدا لله؟
نقول: نحن لا نطّلع على ما في القلوب، لكن ما ظهر لنا فيه قصد التّعبّد بحيث لا يكون فيه منفعة للبدن، فإنّ الظّاهر أنّه فعله تعبّدًا، فما ظهر فيه قصد التّعبّد فإنّه يُفعل ويكون مشروعاً، لكن هل هو على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب؟
الصّحيح أنّه على سبيل الاستحباب، وجه ذلك: أنّ فعله تعبّدا يرجّح مشروعيّته، أو بالأصحّ يقتضي مشروعيّته، والأصل عدم التّأثيم بالتّرك، أليس هذا هو الأصل؟
الطالب : بلى.
الشيخ : أنّ الإنسان لا يأثم بتركه إلاّ بدليل، ففعله إيّاه يجعله مشروعا، وعدم تأثيم التّارك له يجعله من قسم إيش؟
المستحبّ لا الواجب، ولهذا كان القاعدة عند جمهور الأصوليّين : " أنّ فعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المجرّد يدلّ على الاستحباب لا على الوجوب " ، وهذا هو الصّحيح.
الرّابع: ما كان متردّداً محتملا لأن يكون على سبيل الجبلّة والعادة أو على سبيل التّعبّد: فهذا تجد العلماء يختلفون فيه، فمنهم من يقول: مستحبّ، ومنهم من يقول: ليس بمستحبّ في نوعه.
ومثاله: إبقاء شعر الرّأس للرّجل طبعًا، المرأة معروف أنّه يبقى: هل اتّخاذ الشّعر سنّة أو هو من قسم العادة ؟
كذلك لبس النّعال السِّبتيّة التي لها سبتة من فوق من ظهر القدم ، ولها سبتة من خلف العقب، هل لبسها على سبيل العادة وبيان الجواز أو على سبيل الاستحباب؟
لكن المثال الأوّل أظهر وهو؟
الطالب : الشّعر.
الشيخ : الشّعر، فمن العلماء من قال: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم اتّخذه تعبّدًا، وبناء على ذلك فإنّه يسنّ لنا أن نتّخذ الشّعر، لأنّ الرّسول فعله تعبّدا ونحن مأمورون باتّباعه والتّأسّي به.
ومنهم من قال: إنّه فعله لا على سبيل التّعبّد ولكن على سبيل العادة وأنّ النّاس في ذلك الوقت يرون اتّخاذ الشّعر، فلم يرغب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يخالفهم، ولهذا لما قدم المدينة وجد اليهود يسدلون شعورهم يعني ينفره كذا ويتركه بدون فرق، ثمّ إنّه عليه الصّلاة والسّلام أمر بمخالفتهم وصار يفرقه، يضع فرقاً الشّعر الأيمن لليمين والأيسر لليسار، وهذا يدلّ على أنّه كان يتّبع؟
الطالب : العادة.
الشيخ : العادة، وأنّ هذا ليس من الأمور المشروعة.
لكن المشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- أنّه من الأمور المشروعة، ولهذا قال فيه: " هو سنّة لو نقوى عليه اتّخذناه، ولكن له كلفة ومؤونة " ، الشعر ، ولذلك كان الإمام أحمد يحلق رأسه لأنّ هذا أسهل، كيف أسهل؟
الطالب : لا يحتاج تعب.
الشيخ : لا يحتاج إلى ترجيل، ولا إلى دهن، ولا إلى تسريح، ولا إلى شيء، يحلقه وإن طال حلقه مرّة ثانية نعم واستراح منه، أي نعم.
بقي عندنا الخامس: ما فعله النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بيانا لمجمل:
الطالب : ما الراجح ؟
الشيخ : الذي يترجّح عندي أنّ الأصل عدم المشروعيّة ، وأنّ ما كان متردّدا يلحق ما كان عاديّا أو جبليّا.
الخامس: ما فعله بيانا لمجمل: مثل أمر الله بأمر على سبيل الإجمال، ففعله النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام فهذا له حكم المجمل.
إن كان هذا المجملُ واجبا كان ذلك واجبا، وإن كان مستحبّا كان ذلك مستحبّا.
قد نمثّل له بقوله تعالى: (( وإن كنتم جنبا فاطّهروا )) ، وبقوله تعالى: (( وأقيموا الصّلاة )) :
فالرّسول صلّى الله عليه وسلّم أقام الصّلاة وتطهّر اغتسل على صفة معيّنة ، فله حكم المجمل لكنّنا نقول: إنّ قوله: (( فاطّهروا )) : الذي بيّنه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بفعله ظاهر السّنّة يقتضي أنّ فعله يعني: كيفيّة الغسل ليست بواجبة، ففي حديث عمران بن حصين الطّويل الذي رواه البخاري في قصّة الرّجل الذي رآه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم معتزلا لم يصلّ في القوم فقال له: ( ما لك؟ قال أصابتني جنابة ولا ماء، قال: عليك بالصّعيد ) : لأنّ الرّجل ظنّ أن الإنسان إذا كان عليه جنابة وليس عنده ماء لا يصلّي، قال: ( عليك بالصّعيد فإنّه يكفيك ) ، ثمّ جيء بالماء وبقي منه بقيّة فأعطاه الرّجل وقال: ( خذ هذا فأفرغه على نفسك )، وهذا بعد نزول الآية بلا شكّ.
فذهب الرّجل واغتسل، هذا الحديث يدلّ على كيفيّة الغسل التي كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقوم بها ليست واجبة، لأنّها لو كانت واجبة لبيّنها لهذا الرّجل، إذ أنّ هذا الرّجل لا يعرف.
طيب المثال الثاني: (( وأقيموا الصّلاة )) قلنا: هذا مجمل لا نعرف كيف إقامتها ولكن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بيّنها، لكن بيان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لإقامة الصّلاة كان بالقول أحيانا وبالفعل أحيانا.
أحيانا يبيّن للناس قولوا كذا وقولوا كذا وافعلوا كذا، وأحيانا بالفعل ويقول: ( صلّوا كما رأيتموني أصلّي ) .
نرجع إلى الاعتكاف، الاعتكاف .!
الطالب : الخصوصية يا شيخ!
الشيخ : ما هو؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش؟
الطالب : الخصوصية.
الشيخ : لا لا، هذا معروف، الخصوصية خاصّ به، الخصوصية قد تكون قولا، وقد تكون فعلا وقد تكون تركا، مثلا الأفعال كثيرة، والأقوال: سؤال الوسيلة وما أشبه ذلك ممّا يختصّ به، والتّرك كمنعه من الرّمز بالعين، ما يمكن لرسول أو لنبيّ أن يرمز بعينه يعني يفشرك ممنوع، لكن نحن لنا أن نفشر ولاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : هاه؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : لنا أن نفشر، الواحد بيتكلّم بكلام لا تريد أن يسمعه الذي بجانبك تقول هكذا بعينك يعني: اسكت، نعم، هذا لا بأس به، أما الرّسول عليه الصّلاة والسّلام فهو ممنوع من الإشارة بالعين كلّ الأنبياء.
طيب الاعتكاف، كان يعتكف العشر الأواخر، هذا الفعل بيان للمجمل وإلاّ لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ليس بيانا لأمر مجمل، وهل هو على سبيل التّعبّد؟
الطالب : نعم.
الشيخ : إيش الدّليل؟
الدّليل: لزوم المسجد، والمسجد مكان العبادة، وليس للبدن مصلحة هاه في ذلك، إذن فهو عبادة، ما دام البدن ليس له مصلحة حتى نقول هذا يراعى فيه المصلحة الدّنيويّة فهو عبادة.
طيب فيؤخذ منه مشروعيّة الاعتكاف وقد دلّ عليها أيضا القرآن، لقوله تعالى: (( ولا تباشروهنّ وأنتم عاكفون في المساجد )).
إذا قال قائل : كيف نعرف من هذه الآية أنّ العكوف مشروع أو أنّ الاعتكاف مشروع؟
نقول: لأنّ الشّارع رتّب له أحكاما، وترتيب الأحكام عليه يدلّ على مشروعيّته والرّضا به، فقال: (( ولا تباشروهنّ وأنتم عاكفون في المساجد )) إذن الاعتكاف له حرمة وهو أنّ الرّجل يمنع من مباشرة أهله فيكون عبادة. وسبق لنا في أول الباب أنّ الاعتكاف مشروع بالإجماع نقل ذلك من؟
الطالب : الإمام أحمد.
الشيخ : الإمام أحمد، ولا يجب إلاّ بالنّذر لحديث عمر بن الخطّاب رضي الله عنه.
طيب وهل يصحّ في كلّ مسجد أو في مساجد مخصوصة؟
نشوف من العلماء من يقول: لا يصحّ إلاّ في مسجد المدينة فقط.
ومن العلماء من قال: لا يصحّ إلاّ في مسجدي مكّة والمدينة، هذا قولان. ومنهم من يقول: لا يصحّ إلاّ في المساجد الثّلاثة.
ومنهم من يقول: لا يصحّ إلاّ في المسجد الجامع.
ومنهم من يقول: لا يصحّ إلاّ في مسجد الجماعة.
ومنهم من يقول: يصحّ في كلّ مسجد.
ومنهم من يقول يصحّ في كلّ مصلّى حتى مصلّى المرأة في بيتها، تعتكف فيه.
الطالب : سبعة.
الشيخ : ستّة أو سبعة؟
الطالب : سبعة.
الشيخ : لكن، الرّاجح من هذه الأقوال بلا شكّ أنّه يصحّ في كلّ مسجد تقام فيه الجماعة، لأنّه إذا كان المسجد لا تقام فيه الجماعة، فإنّ هذا الرّجل الذي اعتكف إمّا أن يتردّد إلى الجماعة والتّردّد الكثير كخمس مرّات في اليوم واللّيلة ينافي الاعتكاف، وإمّا أن يدع الجماعة فيترك واجبا لمسنون وهذا لا يمكن، لا يمكن أن يقام المسنون لترك واجب.
فالصّحيح أنّه يصحّ في كلّ مسجد تقام فيه الجماعة.
أمّا الجمعة فهي في الأسبوع مرّة يخرج إليها ، ومع هذا نقول: الأفضل أن يكون في المسجد الجامع إن تخلّل اعتكافه جمعة حتى لا يحتاج إلى الخروج من مكانه اعتكافه.
طيب ومن فوائد الحديث: فضيلة العشر الأواخر لتخصيص النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لها في الاعتكاف.
ومن فوائده: أهميّة ليلة القدر، وأنّ الإنسان ينبغي أن يكون مستعدّا لها.
ومن فوائده: أنّ أفضل مكان للخلوة بالله بيوت الله عزّ وجلّ، لأنّها بيوته أضافها الله إلى نفسه في قوله: (( ومن أظلم ممّن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه )) .
وأضافها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى الله أيضا في قوله: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ) .
ومن فوائد الحديث: أنّ الاعتكاف لم تنسخ مشروعيّته، لقولها: ( حتّى توفّاه الله ).
ومنها: جواز اعتكاف المرأة لقولها: ( واعتكف أزواجه من بعده ) .
فإن قلت: أفلا يعارض هذا أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بنقض الأخبية حينما فَعلت زوجات الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ذلك، بنينَ لهنّ أخبية في المسجد ليعتكفن ، لأنّ الرّسول لما أراد أن يعتكف بنت عائشة لها خباء، وبنت زينب لها خباء، وبنت حفصة لها خباء في ما أظنّ وهو قد بنى له خيمة، فلمّا خرج ورأى هذه الأخبية قال: ( آلبرّ أردن؟ -أو قال- يردن؟-أو قال- ترون؟ ) يعني: هل تظنّون أنّهنّ فعلن هذا للبرّ، ثمّ أمر بنقض الأبنية الأربعة وترك الاعتكاف تلك السّنة، واعتكف بعد ذلك في شوّال.
وهنا تقول: ( ثمّ اعتكف أزواجه من بعده ) واستبطنا منها جواز ومشروعيّة اعتكاف المرأة، فكيف نجيب عن هذا الحديث؟
الطالب : يجاب عن هذا أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ما نقض الأخبية إلاّ لأنّه شكّ في صلاح نيّتهنّ، لأنّه ظنّ أنّ الدّافع لهنّ الغيرة.
الشيخ : أي صحّ، هذا هو الجمع بين هذا الحديث والحديث الذي أشرنا إليه، أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ظنّ أنّهنّ أردن الغيرة، كل واحدة تقول: وراه أنا ببني خباء وتعتكف أنا أفعل، لو فُتح الباب لهنّ كم تصير عنده من خباء؟ تسعة أخبية، والعاشرة للرّسول عليه الصّلاة والسّلام.
فالنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام أراد أن يقطع كون العبادات يحمل عليها الغيرة والتّفاخر والتّباهي، ولهذا جاء في الحديث: ( لا تقوم السّاعة حتّى يتباهى النّاس في المساجد ) : ما يتّخذونها مكان عبادة، مكان مباهاة ما شاء الله فلان عمر هذا المسجد العظيم مزخرف محلاّ وش نقول؟
الطالب : بالنّقوش.
الشيخ : بالنّقوش، وبالمعادن وبالرّخام وهكذا، يقول لكن أبي بنى أزين منه قال لا ليس أزين، قال نذهب أنا وإيّاك نشوف، هذه مباهاة.
وفعلا بعض المساجد رأيناها في بعض المناطق يكاد الإنسان يجزم بأنّ الإنسان بناها مباهاة لأنّه ما فيه داع لهذه الأشياء.
وسبحان الله يقول لي بعض النّاس: إنّه إذا صلّى في مسجد الطّين كان أخشع له وأحضر لقلبه، وإذا صلّى في هذه المساجد يروح فكره، نعم.
الحاصل أنّنا نقول فيما أجبنا عنه: فيما ظاهره معارضة الحديث، في أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أمر بنقضها خوفا من أن يكون الحامل لذلك أو ظنّا أنّ الحامل لذلك هو الغيرة، أي نعم.
السائل : يا شيخ؟
الشيخ : نعم إبراهيم؟
السائل : بعض العوامّ يقولون نحن نجمّل بيوتنا.
الشيخ : نعم.
السائل : ونزخرفها فما بالنا لا نجمّل بيوت الله ولا نهتمّ بها؟
الشيخ : والله لو صدق الله لما فعل ذلك.
السائل : ويقولون فيه إغاضة لأعداء الإسلام كما يزعمون.
الشيخ : نعم نعم هذا ليس بصحيح ولهذا قال: ( لتزخرفنها كما زخرفة اليهود والنصارى ).
السائل : حديث عمران : لا يقول قائل: كيفيّة الغسل ...
الشيخ : أي لا يصحّ هذا، لأنّ هذا الرّجل ما عرف أنّ العادم للماء يتيمّم، كيف يعرف تفاصيل الغسل؟
السائل : شيخ؟
الشيخ : نعم، آخر واحد.
السائل : قد يقول قائل: أنّ الجمع هذا فيه سوء ظنّ بأزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
الشيخ : لا لا، ما فيه سوء ظنّ، الرّسول نفسه عليه الصّلاة والسّلام: ( آلبرّ يردن؟ ) وقال للصّحابة: ( آلبرّ تقولون؟ ) أو ( آلبرّ ترون؟ ) وتعرف النّساء المرأة لا تلام على الغيرة، الغيرة في الحقيقة يحمل المرء على ما لا يريد ، حتى إنه يغضب.
وبعض العلماء يقول: إنّ الإنسان إذا قذف على سبيل الغيرة لا يحد بالقذف.
السائل : شيخ بارك الله فيك ما الدّليل على أنّه يجوز الاعتكاف في كلّ مسجد؟
الشيخ : إيش؟
السائل : يجوز الاعتكاف في كلّ مسجد.
الشيخ : نعم.
السائل : ما الدّليل على ذلك؟
الشيخ : إيش؟
السائل : هل يجوز الاعتكاف في كلّ مسجد؟
الشيخ : أي نعم.
السائل : ما الدّليل على ذلك؟
الشيخ : الدّليل الأصل عدم الخصوصيّة، مثل الأحكام التي فعلها الرّسول نقول ما هي خاصّة به، ثمّ الآية الكريمة : (( وأنتم عاكفون في المساجد )) عامّة.
لو قال قائل: لعلّه يريد المساجد الثّلاثة؟
قلنا: كيف يخاطب الأمّة المتفرّقة في كلّ مكان بأمر لا يكون إلاّ في أمكنة خاصّة.
( لا اعتكاف إلاّ في المساجد الثّلاثة ) فهذا إن صحّ فالمراد الأكمل، يعني: أن أكمل الاعتكاف ما كان في المساجد الثّلاثة.
وعنها رضي الله عنها قالت :( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه ). متفق عليه .
قولها: ( كان أراد أن يعتكف ) : يعني إذا أراد الدّخول في المعتكف، والإرادة محلّها القلب لأنّها النّيّة.
قالت: ( صلّى الفجر ثمّ دخل معتكفه ) أيّ فجر؟
لم تبيّن، لكن قولها في الحديث الذي قبله " ( كان يعتكف العشر الأواخر ) ": فإنّه يحتمل أنّه الفجر من يوم عشرين ليستقبل العشر الأواخر كاملة، أو أنّه الفجر من إحدى وعشرين:
فعلى الأوّل يمكن أن يكون كذلك، ولكنّه يخالف قولها: ( يعتكف العشر الأواخر )، لماذا؟
لأنّ اليوم العشرين ليس من العشر الأواخر.
وعلى الثاني يشكل أيضا إذا قلنا: إنّه يدخل في صباح يوم الحادي والعشرين يشكل أيضا لماذا؟
لأنّ ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر، وهي تقول: ( إنّه كان يعتكف العشر الأواخر )، وهي أيضا تحتمل أن تكون ليلة القدر كما رآه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين اعتكف العشر الأوسط من رمضان، ثمّ أري ليلة القدر وأنّه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، فمطرت السّماء ليلة إحدى وعشرين، فوكف المسجد، فصلّى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فجر يوم إحدى وعشرين وكان مسجده عليه الصّلاة والسّلام طينا مبتلاّ من المطر، فلمّا انصرف إذا على جبهته أثر الماء والطّين، من صبح إحدى وعشرين.
فعندنا الآن هي لم تبيّن: ( إذا أراد أن يعتكف صلّى الفجر ثمّ دخل معتكفه )، أيّ فجر هو؟
قلنا : يحتمل أنّه فجر اليوم العشرين ، وحينئذ يكون اعتكف أكثر من العشر الأواخر ، وهي : تقول : ( يعتكف العشر الأواخر )، ويحتمل أنّه فجر إحدى وعشرين وحينئذ يكون قد نقص من العشر الأواخر إيش؟
الطالب : واحد وعشرين.
الشيخ : ليلة إحدى وعشرين، لهذا قال العلماء إنّ مرادها بقولها: ( صلّى الفجر ثمّ دخل معتكفه ) أي: أنّه عليه الصّلاة والسّلام انعزل عن النّاس أو اعتزل النّاس، فكان في ليلة إحدى وعشرين يختلط بالنّاس ويهيّء مكان اعتكافه، ولكن لا يعتزل النّاس إلاّ في صباح إحدى وعشرين، إذا صلّى الفجر، قالوا ذلك لأجل أن يجمعوا بين هذا الحديث، وبين الحديث الأوّل : ( كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان ).
وعلّلوا ذلك أيضا فقالوا: إنّ العشر الأواخر من رمضان تبتدأ من غروب شمس يوم عشرين، لأنّ النّهار تابع اللّيل، فليلة الثّلاثاء مثلا هي مساء يوم الاثنين، إذن ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر، تعتبر من العشر الأواخر، هذا ما حمله عليه أهل العلم، ولم يتبيّن لي أنّ هذا الحمل جيّد، وكذلك أيضاً بعد مراجعة ما تيسر من شرّاح الحديث ما رأيت أحدا رجّح أحد الاحتمالين السّابقين.
وعندي أنّ الاحتمال الأوّل أنّه يدخل معتكفه في صباح عشرين قد يكون جيّدًا لأنّه في هذا اليوم يدخل ليهيّء المكان ويحسّنه حتى يكون قابلا للاعتكاف فيه من ليلة واحد وعشرين.
ولكنّي ما رأيت أحدًا من أهل العلم قال بذلك، نعم رأيت بعض العلماء يقول: إنّه يدخل المعتكف في فجر يوم إحدى وعشرين، في هذا اليوم، ويلغي ليلة إحدى وعشرين، ولكن أيضاً هذا يبعده أنّ ليلة إحدى وعشرين هي إحدى اللّيالي التي يمكن أن تكون ليلة القدر.
8 - وعنها رضي الله عنها قالت :( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه ). متفق عليه . أستمع حفظ
وعنها رضي الله عنها قالت :( إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل علي رأسه - وهو في المسجد - فأرجله ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة ، إذا كان معتكفاً ). متفق عليه ، واللفظ للبخاري .
الطالب : الفوائد؟
9 - وعنها رضي الله عنها قالت :( إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل علي رأسه - وهو في المسجد - فأرجله ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة ، إذا كان معتكفاً ). متفق عليه ، واللفظ للبخاري . أستمع حفظ
فوئد حديث ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه ).
وهي أنّ الإنسان إذا اعتكف فإنّه يدخل معتكفه في اللّيلة التي تسبق اليوم لكنّه لا يعتزل النّاس إلاّ في صباحه حيث يكون ابتداء تمام الاعتكاف.
السائل : من فوائده الدلال على الاعتكاف.
الشيخ : نعم؟
السائل : يدل على الاعتكاف؟
الشيخ : أي، هذه الفائدة هي أصل الاعتكاف لأنّ انقطاع الإنسان عن النّاس واعتزاله إيّاهم ليتفرّغ لطاعة الله، أي نعم، تضمّ هذه الفائدة إلى ما سبق.
10 - فوئد حديث ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه ). أستمع حفظ
تتمة شرح حديث ( إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل علي رأسه ...).
واللّام في قولها: ( ليدخل ) واجبة الوجود، يعني يجب أن توجد، لماذا؟
لأنّها لو حُذفت لأوهم أنّ إنْ إيش؟
الطالب : ناهية.
الشيخ : لا، نافية، لأوهم أن تكون ما كان يُدخل عليّ رأسه فأرجّله، وقد قال ابن مالك في ألفيّته هاه؟
الطالب : " وتلزم اللّام إذا ما تهمل ".
الشّيخ : " وتلزم اللّام إذا ما تهمل
وربّما استغني عنها إن بدا *** ما ناطق أراده معتمدا " .
فذكر أنّه يمكن الاستغناء عنها بشرط: أن يكون المعنى واضحا، فإن كان غير واضح فلا بدّ من وجودها وتسمّى: اللّام الفارقة.
قولها: ( إن كان ليدخل إليّ رأسه وهو في المسجد ) : جملة وهو في المسجد حال من فاعل يدخل.
( فأرجّله ): التّرجيل تسريح الشّعر بالمشط ودهنه حتى يكون نظيفا ليّنا. وقالت: ( وكان لا يدخل البيت ) يعني: بيت عائشة رضي الله عنها أو غيرها من النّساء ( إلاّ لحاجة ) : والمراد بالحاجة هنا حاجة الإنسان كما جاءت مفسّرة في حديث آخر، وحاجة الإنسان هي البول أو الغائط.
وقولها: ( إذا كان معتكفا ) هذا شرط، يعني أنّها ذكرت هذين الحالين في ما إذا كان صلّى الله عليه وسلّم معتكفا وقد عرفت متى كان يعتكف وهو أنّه يعتكف العشر الأواخر من رمضان.
فوائد حديث ( إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل علي رأسه ...).
كذلك تقول: إنّه إذا احتاج إلى الخروج من المسجد خرج إلى البيت، ولكنّه لا يخرج إلاّ للحاجة ثمّ يرجع.
ففيه عدّة فوائد:
الفائدة الأولى: أنّ الإنسان لا يبطل اعتكافه بخروج بعض الجسد، الدّليل: أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كان يدخل رأسه إلى البيت.
ومثل ذلك لو حلف لا يخرج من البيت فأخرج بعض جسده فإنّه لا يحنث بدليل هذا الحديث.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز ترجيل المعتكف رأسَه، لفعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، لا نقول للمعتكف: كن أشعث أغبر، بل نقول: لا بأس أن ترجّل رأسك.
وهل يجوز أن يحلقه لو كان الحلق عند النّاس من باب التّجمّل كما في عادتنا اليوم؟ الجواب؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، يجوز له أن يحلق رأسه للتّجمّل أو لغرض آخر.
طيب ومن فوائد الحديث: جواز استخدام الرّجل زوجته في غير ما يتعلّق بمصالح النّكاح، هاه؟
الطالب : التّرجيل.
الشيخ : كون الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يُدخل رأسه على عائشة لترجّله. فإن قال قائل: لماذا لا يأمر عائشة فتأتي فترجّل رأسه في المسجد؟
فالجواب: قد يكون لها عذر، وأيضاً قد يكون في المسجد رجالًا، فأحبّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن لا ترجّله أمامهم.
المهمّ أنّ هذه قضيّة عين، ولو أنّ الرّجل دعا زوجته ورجّلت رأسه في المسجد فلا بأس، لكن بشرط أن لا يتلوّث المسجد بذلك، بحيث يؤخذ ما يتناثر من الشّعر ويلقى خارج المسجد.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: أيضا جواز ملامسة الرّجل زوجته وهو معتكف، الملامسة يعني: اللّمس باليد وليس الجماع، نعم لأنّ عائشة ترجّل الشّعر والغالب أنّها تمسّ بشرته، هذا هو الغالب، أمّا مسّ الشّعر فقد سبق لنا عدّة مرّات أنّ الشّعر في حكم؟
الطالب : المنفصل.
الشيخ : ومن فوائد الحديث: أنّه ينبغي للإنسان أن يفعل مع زوجته ما يجلب المودّة والمحبّة، هاه؟ كيف ذلك؟
الطالب : كانت ترجله.
الشيخ : أنّه كان يدخل رأسه لترجّله، ولا شكّ أنّ الإنسان إذا عامل زوجته هذه المعاملة فسوف تقوى الرّابطة بينهما، يعني لو قال لها مثلا: احلقي رأسي هذا من جنس التّرجيل، أو إذا كان عليه شعر يقول: رجّليه كذا؟ أو غسل بدنه أو ما أشبه ذلك، كلّ هذا ممّا يجلب المودّة بين الزّوجين وما كان جالبا للمودّة فإنّه مأمور به.
ومن فوائد الحديث: أنّه لا يجوز للمعتكف الخروج من المسجد إلاّ لحاجة، ( وكان لا يدخل البيت إلاّ لحاجة ) : البول والغائط .
ويقاس عليهما ما لا بدّ منه من أكل وشرب ولباس ولحاف وما أشبهها ، ولكن بشرط أن لا يجد من يأتي به إليه ، فإن وجد من يأتي به إليه صار غير محتاج لذلك ، لأنّ رجلا مثلا معتكف ويقول: أريد أن أذهب إلى البيت لآكل وأشرب، أجائز ذلك؟
الطالب : فيه تفصيل.
الشيخ : فيه تفصيل: إن كان يجد من يأتي به إليه فإنّه لا يجوز أن يخرج ، لأنّه غير محتاج .
وإن كان لا يجد جاز أن يخرج، نعم.
طيب، الوضوء، يجوز يخرج من المسجد ويتوضّأ في البيت؟
الطالب : على التفصيل.
الشيخ : على التّفصيل: إذا كان ليس في المسجد ما يتوضّأ به جاز أن يخرج، إذا كان فيه ما يتوضّأ به فإنّه لا يجوز.
طيب ومثله اللّباس: إذا احتاج إلى زيادة لباس كما لو كان في الشّتاء ولم يجد ما يأتي به فله أن يخرج ليلبس.
ومثله أيضا اللّحاف إذا خرج من المسجد ليأتي به وليس له أن يأتي به إليه، المهمّ أن الحاجة التي لا تندفع إلاّ بالخروج فله أن يخرج.
ومن فوائد الحديث: أنّه لا يزيد على قدر الحاجة إذا خرج، من أين نأخذه؟
الطالب : إلاّ لحاجة.
الشيخ : من قولها: ( إلاّ لحاجة ) وإذا جاز الشّيء لحاجة يعني: ما نأخذ هذه الفائدة إلاّ بعد أن نعرف القاعدة التي نبني عليها وهي: " إذا كان الشّيء مقيّدا بالحاجة فإنّه يتقدّر بقدر الحاجة " هذه القاعدة، إذا كان الشّيء جائزا للحاجة فإنّه يتقدّر بقدر الحاجة لأنّ ما زاد عليها في غنى عنه.
فلو خرج من المسجد وهو معتكف لقضاء حاجته، ثمّ وجد صاحبا له وقال له صاحبه: استرح عندي لك قضيّة خاصّة وجلسوا يسلفوا يجوز؟
الطالب : لا يجوز.
الشيخ : لا يجوز، وإن كان أصل خروجه جائزا للحاجة لكن بقاؤه يتحدّث إلى صاحبه ليس فيه حاجة فلا يجوز.
طيب من هنا نبيّن أنّ العلماء -رحمهم الله- ذكروا أنّ خروج الإنسان المعتكف من المسجد ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
خروج لا بدّ منه شرعا أو طبعا فهذا يخرج، يخرج لما لا بدّ منه شرعا أو طبعا، الشّرع لم أذكره لكن الآن أمثّل له: كما لو كان عليه جنابة وليس في المسجد ماء يغتسل فيه، كما لو كان على غير وضوء انتقض وضوؤه في المسجد وليس في المسجد ماء يتوضّأ فيه هذا لا بدّ أن يخرج، لا بدّ منه شرعا ولاّ طبعا؟
الطالب : شرعا.
الشيخ : شرعا، طيب، لا بدّ منه طبعا؟
الطالب : الأكل والشّرب.
الشيخ : الأكل والشّرب والبول والغائط والدّفء وما أشبه ذلك.
ما لا بدّ منه شرعا وطبعا : يجوز أن يخرج من المسجد إليه سواء اشترطه أو لم يشترطه، أي: سواء اشترطه عند دخوله ، أم لم يشترطه.
الثاني : ما ينافي الاعتكاف فهذا لا يجوز الخروج، إليه سواء اشترطه أم لم يشترطه مثل: أن يكون صاحب دكّان ودخل المسجد معتكفاً واشترط أن يخرج إلى دكّانه ليبيع ويشتري، يجوز ولاّ لا؟
الطالب : لا يجوز.
الشيخ : لماذا؟
الطالب : ينافي الاعتكاف.
الشيخ : لأنّ هذا ينافي الاعتكاف، الاعتكاف: هو أن تلزم المسجد لطاعة الله أمّا أن تخرج تبيع وتشتري، ما تأتي تعتكف إلاّ إذا صار ليس لك شغل باللّيل هذا ليس معتكفا.
رجل حديث عهد بزواج ودخل الاعتكاف واشترط أن يبيت مع امرأته؟
الطالب : لا يصح يا شيخ.
الشيخ : يصحّ وإلاّ لا؟
الطالب : لا يصحّ.
الشيخ : ما يصحّ ، عريس جديد لا يعتكف من أصله، نعم إذن لا يصحّ، ولو فعل لبطل اعتكافه.
طيب القسم الثالث: ما له منه بدّ ولا ينافي الاعتكاف لكونه عبادة يتقرّب بها إلى الله، فهذا يصحّ إن شرطه، وإن لم يشترطه لا يصحّ، مثل: أن يشترط شهود جنازة يعني: أنّه خائف قريبه أو صديقه يموت في هذه المدّة فاشترط عند ابتداء اعتكافه أن يخرج لتشييع جنازته، هذا جائز، لماذا؟
الطالب : عبادة.
الشيخ : لأنّ هذا عبادة ولا ينافي الاعتكاف ولكن تتقدّر بقدرها، كذلك لو كان له مريض واشترط عند ابتداء اعتكافه أن يخرج لعيادته فهذا لا بأس له. ولكن هل الأفضل أن يشترط ذلك ليحصّل الأجر أم الأفضل أن يحافظ على اعتكافه؟
الطالب : الأفضل أن يحافظ على اعتكافه.
الشيخ : الأفضل أن يحافظ على اعتكافه إلاّ لمصلحة راجحة، كما لو كان المريض قريباً له، وتغيّبه عنه مدّة عشرة أيّام يعدّ قطيعة، فهنا نقول: الأفضل أن تشترط، وكذلك لو كان المريض الذي يُخشى أن يموت قريبا له: فهنا نقول: الأولى أن تشترط لوجود المصلحة الرّاجحة، وهي: مع التّشييع أو العيادة صلة الرّحم.
طيب هل من ذلك لو اشترط حضور درس؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : يعني مثلا فيه دروس بالنّهار أو في اللّيل لا يحبّ أن تفوته، وإنّ طلب العلم من أفضل العبادات هل نقول: له أن يشترط ذلك؟
أو نقول: ولا سيما في وقتنا هذا إنّه ليس بحاجة إلى الحضور لأنّه يمكن أن يسجّل الدّرس ويستمع إليه؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب، الظّاهر لي والله أعلم أنّه إذا أمكن التّسجيل: تسجيل الدّرس والاستماع إليه فلا يجوز، لأنّ حاجته إلى الخروج في هذه الحال نعم قليلة.
من هذا النّوع ما حصل فيه إشكال في العام الماضي، فيه أناس معتكفون في المسجد الحرام، وكان هناك درس في سطح المسجد الحرام، ولا يمكن الوصول إلى السّطح إلى بعد الخروج من المسجد الحرام والصّعود مع الدّرج الكهربائيّ، فهل يخرجون لاستماع الدّرس أو لا؟
الطالب : بالشّرط.
الشيخ : لا بدون شرط، هم ما اشترطوا.
الطالب : لا لا يخرجون.
الشيخ : نعم؟
الطالب : هم في المسجد ما خرجوا.
الشيخ : لا، يخرجون لأنّ السّلّم الكهربائي هذا خارج المسجد.
الطالب : لا يخرجون.
الشيخ : سئل بعض العلماء عن ذلك وهو من العلماء الموثوقين فقال: إنّ هذا لا يعدّ خروجا في الواقع، لأنّهم يخرجون ليرجعوا إلى المسجد، لأنّ خطواتهم لا تعتبر شيئا وفيه باب لكن لا يفتح، فيه باب يدخل على الدّرج هذا من الطابق الثّاني لكنّه لا يفتح، وفيه باب أظنّه يخرج على السّطح رأسًا.
الطالب : أي نعم.
الشيخ : طيب هو إذا كان فيه باب يخرج إلى السّطح مباشرة بالدّرج فلا ينبغي للإنسان أن يعرّض اعتكافه لأمر مشتبه.
أمّا إذا لم يكن فالظاهر أنّ هذا لا يعدّ خروجا في الحقيقة وخطوات بسيطة قليلة ويدخل في المسجد.
الطالب : فيه حيلة.
الشيخ : ما هي؟
الطالب : يروح يتوضّأ وبعدين يذهب.
الشيخ : هههه، طيب إذا خرج ليتوضّأ من أجل ذلك، مشكل هذا، من أراد أن يأكل ويشرب في نهار رمضان يقول: أسافر لآكل وأشرب؟
أنا أقول: فيه مسألة تشبه هذه قريبة منه وهي: بعض النّاس يصاب بمرض في الكلى ويجعل له آلة تصفية للدّم خارج الجسم، فيخرج الدّم من جسمه ليصفّى في الآلة ثمّ يعود وهو صائم، هل يبطل صومه؟
الطالب : لا يبطل.
الشيخ : لأنّه عندنا الآن مسألتان:
خروج دم ودخول دم، دخول الدّم هل يفطّر؟
فيه احتمال أنّه يفطّر، لأنّه يقوم مقام الأكل والشّرب، لأنّ نتيجة الأكل والشّرب أنّهما ينقلبان إلى دم يتغذّى به الجسم، خروج هذا الدّم يفطّر وإلاّ ما يفطّر؟
الطالب : يفطّر.
الشيخ : الحجامة تفطّر لا شكّ فيها لكن هل هذا مثل الحجامة؟
الطالب : لا.
الشيخ : قد نقول: ليس مثلها لأنّ هذا يخرج من البدن ليعود إليه، الحجامة تخرج من البدن لئلاّ تعود، فالذي يظهر لي أنّ هذا لا يبطل صومه، لأنّه يخرج منه ليدخل فيه، فهو لا يزيده إلاّ خيرا ، لا يزيده ضعفا بخلاف الحجامة .
وأمّا مسألة إدخال الدّم للصّائم فكنت أقول: بأنّه يفطّر ولكنّي رجعت عنه، ورأيت أنّه لا يفطّر، لأنّه لا يقوم مقام الأكل والشّرب، فإنّ هذا لو حقن فيه الدّم يبقى جائعا إذا كان ليس في معدته شيئا ويبقى عطشانا إذا كان ليس في معدته شيء.
الطالب : مريض الكلى يفطر .
الشيخ : هو على كلّ حال ما هو مفطر واضح، خالد؟
السائل : ...
الشيخ : هاه؟
السائل : الحدّ الأدنى والأعلى ...
الشيخ : الحدّ الأدنى والأعلى، والله سأنظر إذا كان المؤلّف ذكر.
السائل : ما ذكر الحديث.
الشيخ : ما ذكر حديث عمرو؟
ما هو دليل الاشتراط في الاعتكاف؟
الشيخ : دليل؟
السائل : الاشتراط في الاعتكاف؟
الشيخ : أي نعم الذين أجازوا ذلك أنهم رأوا الاشتراط في هذا، وقاسوه أيضا على حديث بُضاعة بنت الزّبير أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم قال لها: ( حجّي واشترطي ).
كيف يشترط المعتكف؟
الشيخ : أيه، يشترط يقول: إن احتجت إلى تشييع، عند الدّخول، عند النّيّة .
السائل : نعم.
الشيخ : يشترط أن تكون باللفظ.
السائل : أي نعم.
الشيخ : يشترط يقول: إن احتجت إلى تشييع جنازة فلان أو احتجت إلى عيادة ، أستثني على ربي أن أعود فلانا أو ما أشبه ذلك.
ما حكم عمل المعتكفين الآن في دخولهم صبيحة الواحد والعشرين؟
الشيخ : الآن؟
السائل : أي نعم.
الشيخ : هذا لا أعرفه.
السائل : بعضهم يتبع هذا الحديث ويعملون به .
الشيخ : هذا رأي لبعض العلماء، لكن الجمهور على أنّه يدخل من الغروب.
السائل : ويعمل بهذا ؟
الشيخ : ...
السائل : لكن قد يكون بعض النّاس إذا رأى الشّيخ أفضل من أن يستمع إلى الشّريط.
الشيخ : قد يكون في هذه الحال إن صح ...
السائل : نعم يا شيخ.
الشيخ : طيّب في هذه الحال ...
بعض المساجد فيها غرف تابعة لها فهل من دخلها بطل اعتكافه؟
الشيخ : من أين بابها؟
السائل : هاه؟
الشيخ : بابها من أين؟
السائل : داخل المسجد.
الشيخ : الباب داخل المسجد؟
السائل : أي.
الشيخ : العلماء يقولون: الحجرة التّابعة للمسجد من المسجد إذا كان بابها في المسجد، والغرفة المستقلّة هذه ليست من المسجد وإن كان بابها في المسجد، لأنّ بيوت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أبوابها في المسجد لكنّها مستقلّة.
السائل : إذا كان لها بابان؟
الشيخ : هاه؟
السائل : إذا كان لها بابان؟
الشيخ : ...
السائل : إذا كان لها باب خارج المسجد وباب داخله؟
الشيخ : يرونها ليست من المسجد.
السائل : إيش معنى مستقلّة؟
الشيخ : مستقلّة يعني ما هي داخلة في المسجد، يعني مثلا حد المسجد لكن بابها في المسجد وهي خارجة لكن بابها في المسجد.
السائل : كيف مبنية ؟
الشيخ : هذه مبنيّة مستقلّة للإمام، هذه مستقلّة، وتلك التي فيها الآلات تابعة للمسجد ...
تتمة كلام الشيخ على مسألة الاشتراط في الاعتكاف
وهذا إبطال لفريضة الحجّ ، فأذن لها أن تشترط فإذا جاز الاشتراط في الخروج من فريضة الحجّ فالنّفل؟
الطالب : من باب أولى.
الشيخ : من باب أولى، أي نعم.
الطالب : ...
الشيخ : الظّاهر أن نوقف الأسئلة.
وعنها قالت :( السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً ، ولا يشهد جنازة ، ولا يمس امرأة ، ولا يباشرها ، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد له منه ، ولا اعتكاف إلا بصوم ، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع ). رواه أبو داود ولا بأس برجاله إلا أن الراجح وقف آخره .
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما : أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( ليس على المعتكف صيام إلاّ أن يجعله على نفسه ) رواه الدّارقطني والحاكم والرّاجح وقفه أيضا " :
طيب هذا تقول عائشة رضي الله عنها: ( السّنّة على المعتكف ) كذا عندكم على ولاّ للمعتكف؟
الطالب : على.
الشيخ : على المعتكف، كأنّها قالت : على دون اللّام ، لأنّ هذه سنّة واجبة، وإذا قال الصّحابيّ : من السّنّة، فقد قال العلماء: إنّ له حكم الرّفع، وإذا قال: من السّنّة، فقد يكون ذلك الشّيء واجبا وقد يكون مستحبّا، المهمّ أنّه من الشّريعة، ووجوبه واستحبابه يؤخذ من دليل آخر، إذن هذا الحديث له حكم الرّفع، لأنّ عائشة رضي الله عنها قالت: ( إنّه من السّنّة أن لا يعود مريضا ) : مع أنّ عيادة المريض من أفضل الأعمال، وهي: فرض كفاية على القول الرّاجح.
وإذا كانت فرض كفاية وسنّة مؤكّدة إذا قام بها من يكفي فإنّه لا يخرج المعتكف لها، لأنّها تنافي الاعتكاف: (( وأنتم عاكفون في المساجد )) عاكفون أي: ملازمون لها دائمون فيها.
فإذا أراد الإنسان المعتكف كلّما ذكر له مريض ذهب له وعاده، وكلّما جاءت جنازة خرج معها فأين الاعتكاف في المساجد؟
لكن لما كانت هذه من الأمور المشروعة التي لا تنافي الاعتكاف منافاة تامّة أجاز العلماء فعلها بالشّرط، وقالوا: إذا اشترط أن يعود المريض فلا بأس، ولكن هل نقول: إنّه يعود كلّ مريض، أو ينبغي أن يقال له: لا تشترط إلاّ مريضا له عليك حقّ كقريب وصديق وزوجة وما أشبه ذلك ، أمّا أن تشترط أن تعود كلّ مريض فإنّك ربّما تستوعب كلّ الوقت ولاّ لا؟ لكن مريضا معيّنا له حقّ عليك هذا طيّب أن تشترط عيادته، لأنّه ربّما يصل هذا المريض إلى حال قد يُخشى أن يموت قبل أن ينتهي الاعتكاف، نعم، وربّما يكون هذا المريض من النّاس الذين لا يعذرون، ويريدون أن يوفى لهم حقّهم كاملا، طيب، الجنازة أيضا مثلها، ( ولا يشهد جَنازة ) ولاّ جِنازة؟
الطالب : يجوز الأمران.
الشيخ : يجوز الأمران ولكن الأكثر أنّ الفتح للميّت والكسر للنّعش الذي عليه الميّت، جِنازة يعني: نعشًا عليه ميّت، جَنازة يعني ميّتا على نعش.
( لا يشهد جنازة ) : ونقول في تعليله ما قلنا في تعليل عيادة المريض.
طيب شهود الجنازة فرض ولاّ سنّة؟
الطالب : فرض كفاية.
الشيخ : فرض كفاية، لأنّه لا بدّ من تشييع الجنازة، تشييعها فرض كفاية. طيب : ( ولا يمسّ امرأة ) : المراد بمسّ المرأة هنا لشهوة، أمّا مجرّد المسّ فقد سبق أنّ عائشة ترجّل شعر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولا بأس أن يأخذ بيد امرأته إذا دخلت عليه في معتكفه ليسلّم عليها ويمسّها.
ولكن لا يمسّ لشهوة، لأنّه إن كان جماعا فهو مفسد للاعتكاف، وإن كان دونه فهو ذريعة للإفساد.
قالت: ( ولا يباشرها ) : إذن نقول ولا تباشر المرأة، هي جمعت بين المسّ والمباشرة ، وحينئذ نحمل المسّ على الجماع لقوله تعالى: (( وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ )) ، ويحمل المباشرة على ما دونه.
قالت: ( ولا يخرج لحاجة إلاّ لما لا بدّ منه ) : يعني : لا مفرّ ولا مناص منه هذا يخرج، مثل؟
البول والغائط والأكل والشرب إذا لم يجد من يأتي بهما إليه، طيب الوضوء؟
الطالب : له.
الشيخ : إذا لم يكن في المسجد ميضئة وكذلك الغسل.
طيب لو أنه دخل معتكفه في دفء ثمّ نشط البراد واحتاج إلى ثياب أو إلى لحاف وليس عنده من يأتي له بذلك يخرج؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لأنّ هذا لا بدّ منه، قالت: ( ولا اعتكاف إلاّ بصوم ) : " لا " نافية للجنس، واعتكاف اسمها ، وخبرها محذوف ، وبصوم بدل منه، أي: من الخبر أي: ولا اعتكاف كائن نعم إلاّ بصوم أو متعلّق بالخبر.
طيب هذا النّفي هل يحمل على الوجود أو على الصّحّة أو على الكمال؟
ذكرنا قاعدة في ما سبق أنّ الأصل في النّفي؟
الطالب : نفي الصّحّة.
الشيخ : لا يا أخي نفي الوجود، فإذا لم يمكن بأن وجد الشّيء؟
الطالب : نفي للصّحّة.
الشيخ : فهو نفي للصّحّة، فإذا لم يمكن بأن كان الشّيء صحيحا مع انتفاء هذا الشّيء فهو؟
الطالب : للكمال.
الشيخ : للكمال، عرفتم؟
طيب : ( لا اعتكاف إلاّ بصوم ) هل هو للوجود؟
لا، لأنّ الإنسان قد يعتكف وليس بصائم، إذن نفي وجود الاعتكاف بدون صوم غير صحيح، طيب نفي للصّحّة؟
الطالب : غير صحيح.
الشيخ : ننظر، إن جاء في الشّرع ما يدلّ على صحّة الاعتكاف بلا صوم فليس نفيا للصّحّة، وإن لم يأت فهو نفي للصّحّة.
ننظر ثبت في الصّحيحين من حديث عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: ( أنّه نذر أن يعتكف ليلة أو يوما في المسجد الحرام، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أوف بنذرك ) ، ولم يأمره بالصّوم .
ورواية أمره بالصّوم أنّه قال له: ( أوف بنذرك وصم ) ضعيفة لا تصحّ، والذي في الصّحيحين وغيرهما : ( أوف بنذرك ) ولم يأمره بالصّوم ، ولو كان الصّوم واجبا لا يصحّ الاعتكاف إلاّ به لأمره به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
إذن وجدنا في السّنّة ما يدلّ على صحّة الاعتكاف بلا صوم، فيكون النّفي هنا:
النّفي للكمال يعني: ولا اعتكاف كاملا إلاّ بصومٍ، وهذا صحيح: أنّ الأفضل لمن اعتكف أن يصوم، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يعتكف إلاّ صائما، إلاّ حين قضا الاعتكاف في شوّال فإنّه لم يصم.
قالت: ( ولا اعتكاف إلاّ في مسجدِ جامع ) : هذا أيضا نقول فيه كما قلنا في قولها: ( ولا اعتكاف إلاّ بصوم ) هل يمكن أن يوجد اعتكاف في غير مسجدِ جامع؟
الطالب : نعم.
الشيخ : إذن لا يصحّ أن يكون نفيا للوجود، لأنّه يمكن أن يوجد.
طيب هل يصحّ الاعتكاف في مسجد غيرِ جامع؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم لما سبق من أنّه يصحّ لعموم قوله تعالى: (( وأنتم عاكفون في المساجد )) .
طيّب وش بقي علينا؟
الطالب : الكمال.
الشيخ : نفي الكمال، ولا شكّ أنّ الاعتكاف في مسجد جامع أكمل من الاعتكاف في غير جامع لا سيما إذا تخلّل اعتكافه جمعة، لأنّه إذا تخلّل اعتكافه جمعة، سلم من إيش؟
من الخروج للجمعة، ولأنّ الغالب في مسجد الجوامع الغالب أنّها أكثر جمعا، نعم ولأنّ الغالب أيضا في مسجد الجوامع أنّ فيها فوائد لكثرة النّاس إمّا دروس علمية أو غير ذلك، فلهذا كان المسجد الجامع أفضل وليس شرطا.
على أنّه يقول: " رواه أبو داود ولا بأس برجاله إلاّ أنّ الرّاجح وقف آخره " : قوله: " ولا بأس برجاله " :
هذه الكلمة لا توصل الرّجال إلى أن يكونوا في قمّة الثّقات، بل ولا في الوسط وإنّما تدلّ على أنّه يعني موثّقون، فمثل هذه العبارة تعتبر من أدنى مراتب التّعديل: " لا بأس به " نعم ، هو ليس بجرح ولكنّه تعديل ضعيف، لكنّه يقول: " إلاّ أنّ الرّاجح وقف آخره " :
استفدنا من هذا الاستثناء فائدتين:
الفائدة الأولى: أنّ قولها من السّنّة في حكم؟
الطالب : الرّفع.
الشيخ : الرّفع، لأنّه يقول: إلاّ أنّ الرّاجح وقف آخره.
الثاني: أنّه لا احتجاج بالموقوف لأنّ الموقوف قول صحابيّ، وقول الصّحابيّ مختلف في حجيّته، والقائلون بحجّيّته يشترطون شرطين:
أن لا يخالف نصّا، وأن لا يخالف صحابيّا آخر، يعني الذين قالوا بأنّ قول الصّحابيّ حجّة