سبب عدم تسمية الله باسم القديم.
الطالب : حادث.
الشيخ : حادث، ليس أزليّا، لأن العرجون القديم هو عذق النخلة الذي يلتوي إذا تقدّم به العهد، ولا شك أنه حادث، والحدوث ونقص، وأسماء الله تعالى كلها حسنى لا تحتمل النقص بأي وجه، فتبين أنّ تسمية الله بالقديم لا تجوز بدليل عقلي وبدليل سمعي.
الدليل السمعي قوله تعالى (( قل إنما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن )) إلى قوله (( وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) وقوله تعالى (( ولا تقف ما ليس لك به علم )).
الدليل العقلي أن القديم ليس من الأسماء الحسنى، لأنه يتضمّن نقصا، ما هو النقص؟ أن القديم قد يراد به الشيء الحادث، ومعلوم أن الحدوث نقص.
فلو قال المؤلف بدل القديم الحمد لله العليم أو العظيم أو الكريم أو ما أشبه ذلك من الأسماء التي أثبتها الله لنفسه.
إذن هذا مما يؤخذ على المؤلف، انتبهوا، نحن قلنا إن المنظومة هذه على مذهب أهل السنة والجماعة، لكن فيها بعض الأشياء التي فيها نظر، من جملتها هذا الاسم.
معنى قوله: (الباقي) وأن هذا الإسم لم يرد في الكتاب والسنة فلا نسمي الله به، والفعل والصفة لا يشتق منها اسم، واسم الله الآخر يغني عنه.
طيب، إذن نقول: الصواب أن يجعل بدل هذين الاسمين الأول والآخر كما ثبت ذلك في القرآن والسنة.
2 - معنى قوله: (الباقي) وأن هذا الإسم لم يرد في الكتاب والسنة فلا نسمي الله به، والفعل والصفة لا يشتق منها اسم، واسم الله الآخر يغني عنه. أستمع حفظ
معنى قوله: (مقدر الآجال والأرزاق).
الأرزاق جمع رزق وهو العطاء، والله سبحانه وتعالى هو مقدّر الأرزاق، يقسمّها بين عباده حسب ما تقتضيه حكمته، وقد جاء في الحديث ( إن من عبادي من لو أغنيته لأفسده الغنى، وإن من عبادي من لو أفقرته لأفسده الفقر ) والله عزّ وجلّ يرزق من يشاء لكن حسب حكمته ورحمته.
قد يبتلي الله الإنسان بالفقر ليعلم أيصبر أم يجزع، وقد يبتلي الله الإنسان بالغنى ليعلم أيشكر أم يكفر، والله تعالى يقدّر الأرزاق كلها.
فإذا قال قائل: إذا كان الله مقدر الآجال والأرزاق، فهل يسوغ لنا أن لا نفعل ما يكون به الرزق؟ هاه؟
الطالب : لا يسوغ.
الشيخ : لا يسوغ، لأن الله تعالى إذا قدّر شيئا فإنه يقدّره بأسبابه، فإذا قدّر الرزق لشخص فإنه يقدّره لأسباب يقوم بها الشخص، وقد يكون لأسباب لا يقوم بها الشخص، كما لو مات لك ميّت فورثته هذا ليس من فعلك، لكن على كل حال تقدير الله للأشياء لا يستلزم ولا يسوّغ أن تدع الأسباب النافعة.
معنى قوله: (حي عليم قادر موجود) الكلام على اسم الله الحي وصفته الحياة.
الكلام على اسم الله العليم وصفته العلم.
معنى قوله: (قادر) والفرق بين القوة والقدرة وأن القوة أشمل من القدرة.
وأضرب مثلا يتبين به الفرق، فإذا قيل لشخص: ارفع هذا الحجر، فزحزحه فعجز، نقول: إنه غير قادر ولا لا؟ ولا غير قوي؟
الطالب : غير قادر.
الشيخ : غير قادر. وإذا حمله لكن بمشقة شديدة، نقول: قادر ولكنه ليس بقوي، طيب، وجاء رجل ثالث فحمله بسهولة، نقول هذا قوي، كذا؟
طيب، إذن القوة أكمل من القدرة، كما أن القوة أيضا أشمل من القدرة، لأنها أي القوة يوصف بها ذو الشعور وغيره، فيقال للإنسان قوي وللحيوان قوي، وللحديد قوي، وللصخر أيش؟
الطالب : قوي.
الشيخ : قوي، القدرة لا يوصف بها إلا ذو الشعور، ولهذا لا نقول للحديد إنه قادر، ولا للصخر إنه قادر، لكن نقول إنه قوي.
طيب، الرب عزّ وجلّ قادر، قال الله تعالى (( وهو على كل شيء قدير )) قدرته لا يستعصي عليها شيء، قادر على كل شيء، وسيأتينا إن شاء الله تعالى بيان ما تتعلق به القدرة في كلام المؤلّف.
معنى قوله: (موجود) ولفظ الحي يغني عنها، وبيان أن الموجود ليس من أسماء الله بل يخبر عنه.
الطالب : موجود.
الشيخ : موجود، وكلمة موجود ليست من الصفات الكاملة، لأن الموجود قد يكون ناقصا، وقد يكون كاملا، لكن يعتذر عن المؤلف أنه أتى بها من باب الخبر، لا من باب التسمية، ويصح أن نخبر عن الله بأنه موجود، ولكن لا نسميه بذلك، كما يصح أن نقول إن الله متكلم ولكن لا نسميه بذلك، لماذا لا نسميه بأنه متكلّم؟ لأن الكلام ليست صفة مدح على كل حال، قد يتكلم الإنسان بسوء فيكون كلامه نقصا، لكن أقول إنه يتسامح عن المؤلف بأنه قصد الخبر.
7 - معنى قوله: (موجود) ولفظ الحي يغني عنها، وبيان أن الموجود ليس من أسماء الله بل يخبر عنه. أستمع حفظ
معنى قوله: (قامت به الأشياء والوجود ).
مناقشة الشيخ للطلاب حول ما سبق
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
" الحمد لله القديم الباقي *** مقدّر الآجال والأرزاق
حي عليم قادر موجود *** قامت به الأشياء والوجود "
فما هو الحمد؟ الأخ؟
الطالب : ...
الشيخ : لا لا، الذي وراء، أي نعم، هاه؟
الطالب : الوصف بالجميل.
الشيخ : لا.
الطالب : ...
الشيخ : نعم، يا يحيى؟
الطالب : ...
الشيخ : أحسنت. وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم. انتبه يا أخ! يمكن هذا الذي قلت بناء على تعريف عرفه به بعض العلماء فقال: إن الحمد هو الثناء بالجميل، وهذا ضعيف، لأن الحديث الصحيح عن أبي هريرة يدل على أن الثناء غير الحمد، ( إذا قال الحمد لله قال حمدني عبدي، إذا قال الرحمن، قال: أثنى ).
طيب، اللام في قوله لله، الأخ؟ أنت يا أخي؟ لا هذا الصف الثاني، اللام في قوله لله أيش معناها؟ لا تنظر للكتاب يا أخي! انظر إلى كتاب قلبك! وش معنى اللام، أو ما حضرت أمس؟ ما حضرت، طيب قل ما حضرت عشان ما يروح علينا الوقت، نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : لا لا، ما هي أل، اللام في قوله لله؟
الطالب : قيل للاختصاص وقيل للاستغراق.
الشيخ : لا لا، يا أخي ما قيل للاستغراق، هاه؟
الطالب : للاستحقاق.
الشيخ : طيب، نحن ذكرنا إنها للمعنيين جميعا، فالله سبحانه وتعالى ...
الطالب : ...
الشيخ : ... قلنا إنها للمعنيين جميعا، لأن الله هو مستحق الحمد، وهو المختص بالحمد الكامل.
طيب، إذن اللام للاختصاص والاستحقاق.
طيب "الله" علم؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم، علم على الله عزّ وجلّ الذي هو رب العالمين، مختص به.
طيب قوله "القديم" ما معناه؟
الطالب : السابق لغيره.
الشيخ : السابق لغيره. "الباقي" ؟
الطالب : ... .
الشيخ : لا.
نعم؟
الطالب : ... .
الشيخ : الذي يبقى بعد غيره.
طيب، لماذا جاء المؤلف بالقديم والباقي بإزاء. عليان؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب. هل يوافق المؤلف على هذا فيعدل عما جاء به القرآن؟
الطالب : لا يوافق.
الشيخ : لا يوافق لا المؤلف ولا غيره. إذن الأفضل أن يعبر بالأول والآخر كما عبر الله سبحانه وتعالى عن نفسه.
طيب، ذكرنا أن القديم لا يصح أن يكون من أسماء الله، وإن كان يصح أن يخبر به عن الله، لكن لا يصح أن يكون من أسمائه، لماذا؟
الطالب : ...
الشيخ : لوجهين.
الطالب : ... لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة.
الشيخ : أحسنت.
الطالب : أيضا لأنه من القول على الله بلا علم.
الشيخ : لا، فيكون من القول على الله بلا علم، هذا متفرع على ذاك.
الطالب : ثانيا لأن لفظ القديم ليس من أسمائه الحسنى، والله سبحانه وتعالى يقول: (( ولله الأسماء الحسنى )).
الشيخ : ما وجه كونه من غير الأسماء ؟
الطالب : نعم؟
الشيخ : ما وجه كونه من غير الأسماء الحسنى؟
الطالب : لأنه يطلق أيضا على الحادث وعلى الأزلي.
الشيخ : على الحادث السابق لغيره وإن كان لم يكن أزليا. مثل؟
الطالب : قوله تعالى : (( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم )).
الشيخ : مثل قوله تعالى : (( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم )). كذا؟
أما في المقارنة بينه وبين الأول فنقول: إن الأول أفضل منه بكثير، أولا: لأن الله تسمى به وهو أعلم بأسمائه، والثاني: أنه يدل على أن الله قبل كل شيء أنه أزلي، والثالث: أن الأول قد يكون له معنى آخر غير السبق في الزمن، وهو المآل، الأول يعني الذي تؤول إليه الأشياء، فيكون مأخوذ من الأَوْلِ بمعنى الرجوع، لأن مرجع كل شيء إلى الله، فيكون أوسع دلالة من القديم.
طيب، مقدر الآجال والأرزاق، ما هي الأرزاق؟ جمع رزق، وهو؟
الطالب : ...
الشيخ : لكن في اللغة؟
الرزق يعني العطاء، يعني أن العطاء يقدره الله عز وجل، زين.
وسيأتي إن شاء الله البحث في الرزق وأنه يشمل ما كان حلالا وما كان حراما.
يقول المؤلف رحمه الله: "قامت به الأشياء والوجود " ما معناها يا سامي؟ قامت به الأشياء والوجود؟
الطالب : ... .
الشيخ : قائمة بالله. هو الذي أوجدها، وهو الذي أمدها حتى بقيت، وهو الذي أعدها أي هيأها لما تكون صالحة له.
الطالب : ...
الشيخ : ما أدري والله. يعني ما قلناها؟
الطالب : ...
الشيخ : زين. ما يخالف، طيب.
الطالب : شرحناها.
الشيخ : المثبت مقدم على النافي، وأنا عندي أنا شرحناها، لكن بقي علينا ما ذكرته لكم أمس وهو الإعداد.
بيان أن قيام الشيء بالله يشمل ثلاثة أشياء: الإيجاد والإمداد والإعداد، وذكر الأدلة على ذلك.
أما الإيجاد فلولا الله عز وجل ما وجدت الأشياء، هو الذي أوجد الأشياء عزّ وجلّ بقدرته وبحكمته، وهذه الأشياء الموجدة منها ما هو معلوم لنا ومنها ما هو غير معلوم، نحن لا نعلم إلا ما أعلمنا الله تعالى منها، ومع ذلك فما أعلمنا الله به لا نعلم أكثر مما أعلمنا عنه، قال الله تعالى (( ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض )) نحن لا نعرف إلا السماء والأرض والنجوم والشمس والقمر والنجوم والعرش والكرسي، لكن هناك مخلوقات قبل ما ندري عنها، هناك مخلوقات من قبل لا ندري عنها، لأن الله سبحانه وتعالى لم يزل ولا يزال فعالا، والفاعل والفعل لابد أن ينتج عنه إيش؟ مفعول، فإذا قلنا إن من صفاته الأزلية أنه فعال لزم من ذلك أن يكون هناك مفعول.
طيب، فكل الأشياء كائنة بالله.
أيضا الإمداد هو الذي أمدّها حتى تبقى، أرأيت النبات ينبت في الأرض إذا منع الله المطر بقي النبات ولا فني؟ هاه؟ فني النبات، وإذا أنزل الله المطر بقي النبات وزاد النبات، إذن فإمداد هذه الموجودات بما يبقيها وينميها من عند من؟ من عند الله عزّ وجلّ.
ثالثا: إعدادها، يعني: تهيأتها لما هي صالحة له، فالإبل مثلا للركوب (( أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون )) كيف أعدّها وجعلها صالحة لما خلقت له من حيث القوة والشكل واحدداب الظهر حتى يقوى على التحمل، وإيجاد الشحم الكثير على ظهرها، لئلا يرهقها الحمل ويكسر العظام أو يخل بها، إلى غير ذلك من الأشياء التي تكون مهيئة للشيء لما أعدّ له.
فقيام الأشياء بالله عزّ وجلّ من حيث أيش؟ الإيجاد، أيش بعد؟
الطالب : الإمداد.
الشيخ : والإمداد، والإعداد، كل هذا قائم بالله عزّ وجلّ.
دليل هذا قال الله تعالى: (( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره )) لولا أمر الله عزّ وجلّ الكوني ما قامت السماوات والأرض، وصلاح الأرض والسماء بالقيام بأمر الله الشرعي أيضا، ولهذا تعدّ معصية الله من الإفساد في الأرض.
ودليل آخر قوله تعالى: (( الله لا إله إلا هو الحي والقيوم )) لأن معنى القيوم القائم بنفسه القائم على غيره.
ودليل ثالث قوله تعالى: (( فمن هو قائم على كل نفس بما كسبت )) يعني: كمن ليس كذلك، ومن هو القائم على كل نفس بما كسبت؟ هو الله عز وجل.
فصار الوجود كله قائم بالله تعالى إيجادا، إيش بعد؟ وإمدادا وإعدادا.
10 - بيان أن قيام الشيء بالله يشمل ثلاثة أشياء: الإيجاد والإمداد والإعداد، وذكر الأدلة على ذلك. أستمع حفظ
معنى قوله: (دلـت على وجـوده الحوادث ) الاستدلال على وجود الله وهي دلالة الحوادث وذكر الأدلة على ذلك.
" دلت على وجوده الحوادث *** سبحانه فهو الحكيم الوارث "
أراد المؤلف رحمه الله أن يستدل على وجود الله عزّ وجلّ، فاستدل بوجوده سبحانه وتعالى على الحوادث، يعني: أن حدوث الأشياء دليل على وجود الله عزّ وجلّ.
وتقرير هذا الدليل أن نقول: كل حادث لا بد له من محدث، وإذا تتبعنا الأشياء وجدنا أنه لا محدث لهذا الحادث إلا الله عزّ وجلّ، ودليل هذا قوله تعالى: (( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون )) الجواب: لا هذا ولا ذاك، يعني ليسوا خلقوا من غير خالق، ولا خلقوا أنفسهم، وحينئذ يتعيّن أن يكون لهم خالقا فمن الذي خلقهم؟ الذي خلقهم هو الله، لأنه لا أحد يستطيع أن يقول أنا الذي خلقت، حتى الأب والأم لا يستطيعان أن يقولا خلقنا ما في بطون الأم، لو قال الأب أنا الذي خلقت ابني، وجعلت له عينين ولسانا وشفتين وأصابع يدين ورجلين قال الناس له؟ هاه؟ كذبت ملأ شدقيك، وأين أنت من الجنين في بطن أمه؟ هل شققت البطن وجعلت تسوي هذا؟ أبدا، هل نفخت فيه الروح؟ نعم؟
الطالب : لا.
الشيخ : أبدا، إذن فهو كاذب ولا يمكن أن يدّعي ذلك أحد، لو قال والله الذي خلقه سيدنا فلان، سيدنا فلان المولى العظيم الكبير! وينه؟ قال في قبره! وش نقول له؟ نقول: كذبت ألف مرة، هذا اذهب إلى قبره إما أن يكون قد أكلته الأرض وإلا فهو جثة لا يملك لنفسه شيئا فكيف يملك لغيره؟ وإذا كابرت فكل أحد يرد قولك.
إذن الحوادث دليل على وجود الله؟ نعم، الدليل؟ (( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون* أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون )).
ودليل عقلي أن كل حادث لا بد له من محدث، ولا محدث للحوادث إلا الله عزّ وجلّ.
11 - معنى قوله: (دلـت على وجـوده الحوادث ) الاستدلال على وجود الله وهي دلالة الحوادث وذكر الأدلة على ذلك. أستمع حفظ
هل المؤلف أراد حصر الدليل على وجود الله عز وجل بطريق الحوداث فقط ؟
الجواب: لا، فإن كان أراد ذلك فلا شك أن هذا قصور، لأن الأدلة على وجود الله عزّ وجلّ، الأدلة كثيرة، شرعية وعقلية وحسية وفطرية.
دلالة الفطرة على وجود الله أقوى من كل دليل لمن لم تجتله الشياطين، ولهذا قال الله تعالى: (( فطرة الله التي فطر الناس عليها )) بعد قوله (( فأقم وجهك للدين حنيفا ))، فالفطرة السليمة تشهد بوجود الله، ولا يمكن أن يعدل عن هذه الفطرة إلا من اجتالته الشياطين، ومن اجتالته الشياطين فقد وجد في حقّه مانع قوي يمنع هذا الدليل.
أظن انتهى الوقت؟
الطالب : نعم.
الشيخ : أجل، نقف على هذا.
القارئ : قال رحمه الله تعالى
ثم الصلاة السلام سرمدا *** على النبي المصطفى كنز الهدى
وآله وصحبه الأبرار *** معادن التقوى مع الأسرار
وبعد فاعلم أن كل العلم*** كالفرع للتوحيد فاسمع نظمي
الشيخ : بس.
الدلالة الأولى على وجود الخالق: وهي دلالة الحوادث على وجود الله وأنها دلالة حسية عقلية فقط.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سبق أن المؤلف رحمه استدل على وجود الخالق بالحوادث، وقال: " دلت على وجوده الحوادث " ولا شك أن وجود الحوادث دليل على المحدث، لأنه ما من حادث إلا وله محدث، لقوله تعالى: (( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ))، فكل حادث لا بد له من محدث.
والحقيقة أن دلالة الحوادث على المحدث دلالة حسية عقلية، أما كونها حسية فلأنها مشاهدة بالحس، وأما كونها عقلية فلأن العقل يدل على أن كل حادث لا بد له من محدث.
ولهذا سئل أعرابي بم عرفت ربّك؟ فقال: " الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير " الجواب: بلى، هذا أعرابي استدل بعقله الفطري على أن هذه الحوادث العظيمة تدل على خالق عظيم عزّ وجلّ هو السميع البصير.
فالحوادث دليل على وجود المحدث، ثم كل حادث منها يدل على صفة غير الوجود، على صفة مناسبة غير الوجود، فنزول المطر يدل لا شك على وجود الخالق ويدل على رحمته، وهذه دلالة غير الدلالة على الوجود، وجود الجدب والخوف والحروب تدل على وجود الخالق ولا لا؟ وتدل على أمر ثانٍ وهو غضب الله عزّ وجلّ وانتقامه.
فكل حادث فله دلالتان، دلالة كلية عامة تشترك فيها كل الحوادث، وهي أيش؟ وهي وجود الخالق وجود المحدث، ودلالة خاصة في كل حادث بما يختص به كدلالة الغيث على الرحمة، ودلالة الجدب على الغضب، وهكذا.
13 - الدلالة الأولى على وجود الخالق: وهي دلالة الحوادث على وجود الله وأنها دلالة حسية عقلية فقط. أستمع حفظ
الدلالة الثانية على وجود الخالق: وهي أن جميع الشرائع دالة على وجود الله.
الجواب: نعم، هناك أدلة أخرى، جميع الشرائع دالة على الخالق وعلى كمال علمه وحكمته ورحمته، لأن هذه الشرائع لا بد لها من مشرّع، والمشرّع هو الله عزّ وجلّ، فجميع الشرائع دالة على وجود المشرع، وهو الله سبحانه وتعالى.
الدلالة الثالثة على وجود الخالق وهي دلالة النوازل التي تنزل لسبب .
لما دعى النبي صلى الله عليه وسلم الله أن يغيث الخلق، قال: ( اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، ثم نشأ السحاب وأمطر قبل أن ينزل من على المنبر ) هذا يدل على وجود الخالق ولا لا؟ نعم، وهذا أخص من دلالة العموم.
إذن، فعندنا من الدلالات على وجود الخالق: الحوادث على سبيل العموم، الشرائع، الحوادث الخاصة التي تكون لسبب.
الدلالة الرابعة على وجود الخالق: وهي الفطرة.
معنى قوله: (سبحانه فهو الحكيم الوارث) الكلام على قوله: (سبحانه) وهو تنزيه الله عن النقص سواء في صفاته أو بمقارنتها بصفات المخلوقين.
الطالب : تسبيح.
الشيخ : تسبيح، وأصل هذه المادة يدل على البعد، ومنه السبح في الماء، لأن السابح يذهب بعيدا، والمراد بتسبيح الله عزّ وجلّ تنزيهه المتضمّن لبعده عن كل نقص، عن كل نقص، والنقص إما أن يكون في أصل الصفة وإما أن يكون بمقارنتها بغيرها، ففي أصل الصفة نقول هو حي، عليم، قادر، حكيم، عزيز، كل صفاته ليس فيها نقص، حي حياة لا نقص فيها، عليم علما لا نقص فيه، سميع سمعا لا نقص فيه، وهكذا.
أو نقص باعتبار مقارنتها بغيرها، وذلك بأن ننزهه عن مماثلة المخلوقين، لأن تمثيله بالمخلوقين يعتبر نقصا.
فصار النقص دائرا بين شيئين، أولا: نقص الصفة بذاتها فصفاته غير ناقصة، والثاني نقصها باعتبار مقارنتها بصفة المخلوق، فإنه لا مقارنة بين صفات الخالق وصفات المخلوق، فهو منزّه إذن عن النقص في صفاته، وعن النقص بمشابهته أو بمماثلته للمخلوقين.
نحن نقول في الصلاة: سبحان ربي الأعلى، وإني أسألكم هل أنتم حينما تقولون: سبحان ربي الأعلى تستحضرون هذا المعنى؟
الطالب : أحيانا.
الشيخ : أو تقولون: سبحان ربي الأعلى باعتبار أنه ذكر وثناء على الله؟ هاه؟
الطالب : أحيانا.
الشيخ : الغالب هو هذا، الغالب على الناس عموما وخصوصا أنهم إذا قالوا: سبحان ربي الأعلى لا يشعرون إلا بالثناء على الله والتنزيه المطلق، لكن ما يشعر أني أنزّهك يا ربي عن مماثلة المخلوقين وعن كل نقص في صفاتك، ما تشعر بهذا إلا قليلا.
17 - معنى قوله: (سبحانه فهو الحكيم الوارث) الكلام على قوله: (سبحانه) وهو تنزيه الله عن النقص سواء في صفاته أو بمقارنتها بصفات المخلوقين. أستمع حفظ
معنى قوله: (فهو الحكيم...) وتعريف الحكمة وبيان أقسام الحكم وهما الحكم الكوني والحكم الشرعي وذكر الأدلة على ذلك
قال العلماء: والحكم حكمان، حكم كوني، وحكم شرعي.
مثال الحكم الكوني قوله سبحانه وتعالى عن أحد إخوة يوسف (( فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي )) هذا حكم كوني، ليس حكما شرعيا، لأنه من حيث الحكم الشرعي قد حكم الله له، لكن من حيث الحكم الكوني، فهذا حكم يتعين أن يكون حكما كونيا.
(( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )) هذا حكم شرعي، ولا يتضمّن حكما كونيا.
(( له الحكم وإليه ترجعون )) هذا يشمل الكوني والشرعي.
(( أليس الله بأحكم الحاكمين )) يشمل الحكم الكوني والشرعي.
إذن أحكام الله عزّ وجلّ كونية وشرعية.
18 - معنى قوله: (فهو الحكيم...) وتعريف الحكمة وبيان أقسام الحكم وهما الحكم الكوني والحكم الشرعي وذكر الأدلة على ذلك أستمع حفظ
الفرق بين الحكم الكوني والحكم الشرعي.
الفرق بينهما من وجهين:
أولا: الحكم الكوني واقع لا محالة، شامل لكل أحد، واقع لا محالة وشامل لكل أحد. الحكم الكوني يكون فيما يرضاه وما لا يرضاه. قد يحكم الله عزّ وجلّ بأن يقع الكفر والشرك والزنا والفواحش، لكنه لا يرضاها شرعا.
الحكم الشرعي باعتبار مقابلته مع الأول قد يقع وقد لا يقع، بمعنى: أنه قد ينفّذ وقد لا ينفّذ، أما من حيث أن الله حكم به فهو واقع لا شك فيه، الحرام حرام واقع، لكن هل ينفّذ أو لا؟ قد ينفّذ وقد لا ينفّذ، إذا قضى الله عزّ وجلّ بأن هذا واجب على العباد فقد يفعلونه وقد لا يفعلونه، لكن إذا حكم كونا بأن هذا واجب على العباد أي واقع عليهم فلا بد أن يقع. طيب الثاني: أن الحكم الشرعي لا يكون إلا فيما يرضاه الله عزّ وجلّ إما أن يرضى وجوده وإما أن يرضى عدمه، فإن كان مأمورا به فقد رضي وجوده، وإن كان منهيا عنه فقد رضي عدمه.
طيب الحكم الكوني والشرعي قلنا إن الحكيم بمعنى الحاكم وبمعنى المحكم.
بيان أن كل أحكام الله سبحانه الكونية والشرعية كلها محكمة مبنية على الحكمة، وذكر نوعي الحكمة وهما الغائية والصورية.
والحكمة نوعان: غائية وصورية.
الغائية بمعنى أن الشيء إنما كان لغاية حميدة، والصورية بمعنى أن كون الشيء على هذه الصورة المعينة هاه؟ لحكمة.
فإذا تدبّرت مثلا الصلاة، كونها على هذا الوجه: قيام ثم ركوع ثم قيام، ثم سجود، ثم قعود، هذه صورية مطابقة للحكمة تماما، الغاية منها حكمة أيضا، الغاية منها الثواب والأجر عند الله عزّ وجلّ.
وهكذا أيضا المخلوقات، كون الشمس بهذا الحجم، وبهذه الحرارة وبهذا الارتفاع هذا صورية ولا لا؟ نعم، هذا مناسب للحكمة تماما، الثمرات الناتجة عن الشمس غائية.
فالحاصل أن حكمة الله عزّ وجلّ تتعلّق بالشيء من حيث صورته ومن حيث غايته، وكل ذلك مطابق للحكمة.
20 - بيان أن كل أحكام الله سبحانه الكونية والشرعية كلها محكمة مبنية على الحكمة، وذكر نوعي الحكمة وهما الغائية والصورية. أستمع حفظ
وهل تكون الحكمة معلومة للخلق؟ ومعنى قول العلماء: الأحكام التعبدية، وخطأ سؤال الناس عن العلة والحكمة من العبادة .
الجواب: قد تكون معلومة وقد تكون غير معلومة، لكن كونها غير معلومة لا يعني أنها معدومة، بل إنها موجودة لكن لقصورنا أو تقصيرنا لم نصل إليها.
الأحكام الشرعية إذا لم يعلم العلماء حكمتها سمّوها بالأحكام التعبدية.
ولهذا لو قال لك قائل: ما الحكمة في أن تكون صلاة الظهر أربعا دون ثمان؟
الطالب : للتعبد.
الشيخ : هذه تعبدية، ليس للعقل فيها مجال، هذه تعبدية، فهم يقولون: إن علمت حكمة الحكم فهو حكم معقول المعنى مع ما فيه من التعبّد الله، وإن لم تعلم فهو حكم أيش؟ تعبدي، ليس لنا أمامه إلا التعبّد.
وأيهما أقوى في التعبّد: الامتثال للحكم التعبدي أو للحكم المعقول المعنى؟
الطالب : الأول.
الشيخ : الأول لا شك، الأول أبلغ في التذلّل، أن تقبل الحكم وإن لم تعرف حكمته، هذا أبلغ، لأن كون الإنسان لا يقبل الحكم إلا إذا علم حكمته فيه نوع من الشرك، وهو عبادة الهوى، وأنه إذا وافق الشيء هواه وأدرك حكمته قبله واطمأن إليه ورضي به، وإن لم يكن صار عنده فيه تردّد.
وانظروا إلى الناس اليوم تجدوا أن أكثرهم يطلبون العلة العقلية، حتى إن بعضهم تقول قال الله ورسوله يقول طيب وش الحكمة؟ طيب، أنت مأمور إن كنت مؤمنا أن تكون الحكمة عندك قول الله ورسوله، ولهذا لما سئلت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ بماذا أجابت؟ هاه؟ ( كنّا يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) إذن هذه الحكمة، إذا أجبنا بهذه الحكمة لا يمكن لأحد أن يتكلّم، لكن إذا ذهبنا نأتي بعلل معقولة قد تكون مقصودة للشرع وقد لا تكون أوردوا علينا وناقضونا، لأن هؤلاء إنما يريدون الجدل، فكلما أتيت بعلة نقضوها، ولهذا نقول: كل من سأل ما الحكمة في هذا؟ نقول الحكمة قول الله ورسوله إن كنت مؤمنا، هكذا إن كنت مؤمنا، لأن الله عزّ وجلّ يقول: (( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )).