تتمة الكلام على العالم الرباني
هذا هو العالم الرباني، إذن العالم الرباني من أخلص لله في علمه ونفع عباد الله به ورباهم في ذلك تربية أيش؟ تربية علمية وخلُقية.
أيضا التربية الخلقية وهي نسأل الله أن يتوب علينا مفقودة منّا في كثير من الأشياء، لا يتفقّد العالم طلابه في تطبيق العلم، يعلّمهم بالعلم ولا يدري عن العمل، يمكن ينهاهم عن النزاع والتفرّق والشتات والعداوة والبغضاء، ومن يوم يطلع منهم كل واحد قالب شوشة الثاني ينازعه ويخاصمه، هذا في الحقيقة فيه نقص في التربية، الذي ينبغي للمعلم وأنا مقصّر في ذلك في الحقيقة، الذي ينبغي للمعلم أن يبحث عن طلابه هل طبّقوا العلم أو لم يطبّقوه؟ وأن يتفقّدهم، وإذا ذكر له عن شخص مخالفة يتكلّم معه بالكلام الذي يناسب وفي الوقت المناسب وفي المكان المناسب، أما أن يملأهم من العلوم ويدعهم من العمل فهذا بلا شك قصور جدّا، لأن ثمرة العلم هي أيش؟ هي العمل، فإذا لم نعمل فإن علمنا أدنى من الحبر على الورق.
سؤال: تقسيم المحال إلى محال ذاتي ومحال معنوى ومحال لغيره هل هذا التقسيم صحيح ؟
الشيخ : نعم.
السائل : قسمنا المحال إلى محال لذاته ومحال معنوي ومحال لغيره
الشيخ : نعم، أيش؟
السائل : قسمنا المحال إلى محال معنوي وذاتي ومحال لغيره، تقسيم صحيح هذا؟
الشيخ : لا ...، المحال مهما كان، كل شيء لا يجوز على الله فهو محال عليه.
سؤال: ما المراد بقول الناظم : ( يروق للسمع .... ويشفي من ظما )
الشيخ : صحيح، لكن أيهما أشدّ؟
السائل : الأشد الشعر، لكن ...
الشيخ : لا، يكفي، لأن حتى يشفي من ظما أحيانا يكون النثر أشفى من الظما من النظم، أما الشيء الذي يكون فيه النظم أظهر نوافق المؤلف عليه.
سؤال حول قول الناظم : ( على اعتقاد أهل السنة والجماعة ) بدلاً من أن يأتي بفرد منهم ؟
الشيخ : إيه، لا، لأن الإمام أحمد رحمه الله متّفق على أنه إمام أهل السنة، يعني حتى أنه يطلق عليه إمام أهل السنة.
السائل : ... الصحابة أولى منه.
الشيخ : صحيح، لكن الصحابة ما حصل في وقتهم من البدع فاحتاجوا أن يدافعوا كما يدافع الإمام أحمد، لأنهم كلهم على الحق مستقيمون، ما برز أحد يدافع، أي نعم. نعم؟
السائل : ...
الشيخ : أيش؟
السائل : ...
الشيخ : كيف؟
السائل : أقول تسمية الصحابي
الشيخ : خمسة أخذنا الآن؟
الطالب : أربعة ونصف!
الشيخ : أربعة ونصف؟! ههه، خليها بعد!
الطالب : يجبر الكسر.
الشيخ : لا، يحذف الكسر.
الطالب : ...
الشيخ : لالا، كيف النحو؟
الطالب : يوم الخميس.
الشيخ : ما فهمت؟
الطالب : ...
الشيخ : إذا كملنا خمسة فأكثر سمّعنا، وإن لم نكمّل خمسة فلا نسمّع، ما كمّلنا.
المراجعة لما سبق.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى :
" على اعتقاد ذي السداد الحنبلي *** إمام أهل الحق ذي القدر العلي
حبـر الملا فرد العلى الربانـي *** رب الحجا ماحي الدجـى الشيبانـي
فإنه إمام أهل الأثر *** فمن نحا منحاه فهو الأثري
سقا ضريحا حله صوب الرضى *** والعفو والغفران ما نجم أضا
وحله وسائر الأئمة *** منازل الرضوان أعلى الجنة ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
سبق لنا أن المؤلف رحمه الله نظم عقيدة أرجوزة وجيزة، وأنها تشتمل على مقدّمة وخاتمة وستة أبواب، وأنه سماها بالدرة المضية في عقد أهل المرضية، وأنها على اعتقاد الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، ووصفه بأنه " حبر الملا فرد العلا الرباني ".
معنى قوله:( رب الحجى ماحي الدجى الشيباني ) والكلام على المنطق وتعلمه
" الشيباني " يعني أنه من بني شيبان رحمه الله، وهذا نسبه، ومن أراد المزيد من العلم بحياته فليرجع إلى ما صنّف في تاريخ حياته، وقد صنّف في تاريخ حياته مصنّفات مستقلة، وذكر أيضا على سبيل التبع في كتب الرجال وكتب التاريخ.
معنى قوله:( فإنه إمام أهل الأثر فمن نـحا منـحـاه فهو الأثـري ) الكلام على فتنة خلق القرآن وصبر الإمام أحمد فيها
7 - معنى قوله:( فإنه إمام أهل الأثر فمن نـحا منـحـاه فهو الأثـري ) الكلام على فتنة خلق القرآن وصبر الإمام أحمد فيها أستمع حفظ
معنى قوله:( فمن نحا منحاه فهو الأثري ) وتقسيم العلوم إلى قسمين: أثري ونظري وأيهما الأصل؟
والعلوم نوعان أثرية ونظرية، فما كان متلقى من الكتاب والسنة فهو أثري، وما كان متلقى من العقل فهو نظري.
واعلم أن العلم الأثري لا ينافي العلم النظري، بل كلاهما يؤيّد الآخر، وأيهما الأصل؟ الأصل عند أهل السنة هو الأثر، لا في الأمور العلمية ولا في الأمور العملية، فهم يحكمون كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل شيء، والأصل عند أهل البدع؟ هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : العلوم النظرية، ولهذا يقدمون ما يدعون أنه عقل على الآثار من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فضلوا بذلك عن سواء السبيل، وأضلوا أمما لا يعلمهم إلا الله.
إذن من هو الأثري؟ هو الذي نحا منحى الإمام أحمد رحمه الله في الرجوع إلى إيش؟ الكتاب والسنة.
ولهذا أقول: من الممكن أن نقول إن الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل الأثر في مسلكه لا في أقواله، ومعنى في مسلكه أنه سلك تحكيم الكتاب والسنة، وليس المعنى إمام أهل الأثر يؤخذ قوله، وحينئذ لا نحتاج إلى تقييد الإمامة بالنسبة له، لأنا نقول هذه الإمامة صحيحه أن يكون متبعا لما جاء به الكتاب والسنة.
في "الأثر" وفي "الأثري" جناس، تام ولا غير تام؟
الطالب : ناقص.
الشيخ : ليش؟
الطالب : ...
الشيخ : لزيادة الياء في الثاني.
8 - معنى قوله:( فمن نحا منحاه فهو الأثري ) وتقسيم العلوم إلى قسمين: أثري ونظري وأيهما الأصل؟ أستمع حفظ
معنى قوله:( سقى ضريحاً حله صوب الرضى والعفو والغفران ما نجم أضا ) الفرق بين العفو والمغفرة
واعلم أن الله سبحانه وتعالى إذا رضي عن العبد أرضى الناس عنه، وإذا سخط على العبد أسخط الناس عليه، فإذا كنت تريد أن يرضى الناس عنك فاتبع رضا الله، ولكن لا تتبع رضا الله من أجل أن يرضى الناس عنك، فتطلب الأعلى للأدنى، ولكن اجعل رضا الله هو الأصل، وثق بأن الله إذا رضي عنك رضي عنك الناس، ولكن إياك أن تنوي بطلب رضا الله رضا الناس، فتكون متوسّلا بالأعلى إلى الأدنى، لأنه ربما إذا نويت هذه النية لا يرضى الله عنك، وحينئذ يفوتك مقصودك مع ضعف مقصودك.
قال: " والعفو والغفران " العفو عن ترك الواجبات، والغفران عن فعل المحرمات، هذا إذا اقترن العفو بالمغفرة، أما إذا انفصل أحدهما عن الآخر، فكل واحد منهما يتضمّن معنى الثاني، لكن إذا قيل: عفى الله عنك وغفر لك، صار عفا الله عنك ما أهملته من واجبات، وغفر لك ما اقترفته من سيئات، لأن الغفر بمعنى الستر والتجاوز، والعفو بمعنى النزول عن الحق والإبراء منه.
" والعفو والغفران ما نجم أضا " يعني مدّة إضاءة النجم، وهذا طويل ولا قصير؟
الطالب : طويل.
الشيخ : إلى ما لا نهاية له، وأيضا يقول " ما نجم " نكرة يشمل كل نجم.
9 - معنى قوله:( سقى ضريحاً حله صوب الرضى والعفو والغفران ما نجم أضا ) الفرق بين العفو والمغفرة أستمع حفظ
معنى قوله:( وحله وسائر الأئمة منازل الرضـوان أعلى الـجـنـة )
" وحلّه وسائر الأئمة *** منازل الرضوان أعلى الجنة ".
بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: " المقدّمة " المؤلف رحمه الله بين أن كتابه هذا يشتمل على ستة أبواب ومقدّمة وخاتمة.
المقدّمة ذكر فيها ما يدل على الثناء على أهل السنة والجماعة المتّبعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
معنى قوله:( اعلم هديت أنه جاء الـخبـر عن النبي المقتـفى خـيـر البـشر ) تعريف الخبر
بأن ذي الأمة سوف تفترق *** بضعا وسبعين اعتقادا والمحق
ما كان في نهج النبي المصطفى "، " اعلم " يعني علم يقين، وقوله " هديت " جملة معترضة دعائية، يعني: وُفّقت للخير وعلّمت الخير.
" أنه جاء الخبر " يعني الحديث، والخبر في اللغة: كل قول يحتمل الصدق والكذب لذاته، يعني: بقطع النّظر عن قائله، لأن في القول ما لا يحتمل الكذب باعتبار قائله، وفي القول ما لا يحتمل الصدق باعتبار قائله، ونحن لا نتكلم باعتبار القائل، بل باعتبار القول، فكل خبر يتضمّن الصدق والكذب لذاته لا للمخبر به فإنه يسمّى خبرا.
طيب، قول الرسول صلى الله عليه وسلم بل قول الله ورسوله هل يحتمل الكذب؟
الطالب : لا.
الشيخ : لذاته ولا للمخبر به؟
الطالب : المخبر به.
الشيخ : باعتبار المخبر به، قول مدّع النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم يحتمل الصدق؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا يحتمل الصدق، لكن باعتبار المخبر به.
لو قال: إني رسول الله، كلمة إني رسول الله، هذا خبر، لأنه يحتمل الصدق والكذب لذاته، لكن لو قاله محمّد رسول الله كان صدقا، ولو قاله مسيلمة الكذاب كان كذبا.
طيب، هذا الخبر في اللغة.
أما في الاصطلاح فالخبر: ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من قول أو فعل أو تقرير.
معنى قوله:( عن النبي المقتفى خير البشر ) وذكر أقسام الناس في رسول الله صلى الله عليه وسلم بين غلو وتفريط ووسط
ويقال النبي بالياء، فقيل: إن أصله النبيء لكن سهّلت الهمزة ياء وأدغمت الياء في الياء، وقيل بل أصله النبيوُ بالواو من النبوة وهي الارتفاع فسمّي نبيّا لارتفاع مرتبته.
ونحن نقول: إن اللفظ صالح للوجهين، أي: صالح أن يكون أصله النبيء ولكن سهّل، ولأن يكون أصله من النبوة وهو الارتفاع، لأن النبي رفيع المقام وهو مُخبِر ومُخبَر.
وقوله " المقتفى " يعني الذي يجب اقتفاؤه، ومعنى الاقتفاء أن نكون خلفه نقفو أثره، فالنبي صلى الله عليه وسلم مقتفى، أي: واجب الاقتفاء، يعني: يجب على أمّته أن تقتفي به أي أن تقفو أثره وأن تتبعه.
" خير البشر " البشر هم بنو آدم، وسمّوا بشرا، لأن أبشارهم ظاهرة بادية، والمخلوقات الأخرى أبشارها مستورة، وهذا من رحمة الله عزّ وجلّ، لأن الحيوانات الأخرى لابد أن يسترها شيء يقيها من الحر والبرد، أما بنو آدم فجعل الله تعالى الستر لهم هم الذين يسترون أنفسهم بالثياب التي رزقهم الله عزّ وجلّ، وهذه حكمة عظيمة، من أجل أن يعرف الإنسان أنّه بحاجة إلى ستر عورته المعنوية كما أنه بحاجة إلى ستر عورته الحسية، فيحاول ستر عورته المعنوية كما يستر عورته الحسية.
إذن النبي عليه الصلاة والسلام خير البشر، كل البشر؟
الطالب : نعم.
الشيخ : حتى الأنبياء؟
الطالب : حتى الأنبياء.
الشيخ : حتى الأنبياء والرسل، فإنه صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل، وهذه الخيرية تشمل كل الخيريات، خير البشر في النسب، وخير البشر في الخلق، وخير البشر في العلم، وخير البشر في الهداية، وخير البشر في العبادة، فهي خيرية مطلقة من جميع الوجوه، ومع هذا فإنه ليس له حق في خصائص الربوبية، فليس يعلم الغيب، وليس يملك لنفسه الضرر والنفع، ولا يملك لغيره كذلك، والناس بالنسبة لرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الباب بين طرفين ووسط، بين طرف غالٍ مفرط في المدح والثناء حتى جعلوه بمنزلة الرب، وبين طرف آخر يتنقّص النبي صلى الله عليه وسلم، ويجعله لا فرق بينه وبين البشر في الأمور التي يختصّ بها، وقسم ثالث عرف للنبي صلى الله عليه وسلم حقّه فأنزله منزلته، وقال هو عبد الله ورسوله، وليس له حقّ فيما يختص بالرب عزّ وجلّ، وهو أعلى من البشر فيما خصّ الله به، وهذا هو مذهب أهل الحق.
12 - معنى قوله:( عن النبي المقتفى خير البشر ) وذكر أقسام الناس في رسول الله صلى الله عليه وسلم بين غلو وتفريط ووسط أستمع حفظ
معنى قوله:( بأن ذي الأمـة سـوف تفترق بضعاً وسبـعـيـن اعتقاداً والمحق ) وإعراب بأن ذي الأمة، وتطلق الأمة في اللغة على عدة معاني.
الطالب : ...
الشيخ : أليس ذي تنصب بالألف؟ من الأسماء الخمسة.
الطالب : هذا ليس من الأسماء الخمسة هذا اسم إشارة.
الشيخ : اسم إشارة، كذا؟ طيب الأمة؟
الطالب : الأمة خبر لذي.
الشيخ : لا، نقول هي منصوبة ولا مجرورة؟
الطالب : منصوبة.
الشيخ : منصوبة، صحّ، أي نعم، فذي هنا اسم إشارة وليست بمعنى صاحب، يعني هذه الأمة سوف تفترق " ذي الأمة " المراد بالأمة هنا أمّة الإجابة، لأن أمّة الدعوة تشمل اليهود والنصارى والمشركين، لكن المراد بذلك أمّة الإجابة الذين ينتسبون إلى رسالة النبي صلى الله عليه وسلم.
والأمة في اللغة تأتي لعدّة معان، تأتي بمعنى الزمن، وبمعنى الجماعة، وبمعنى الإمامة، وبمعنى أيش؟ الطريقة، هذه أربعة معان، تأتي بمعنى الزمن مثل قوله تعالى: (( وادّكر بعد أمّة )) أي: بعد زمن، وتأتي بمعنى الملّة مثل: (( وأن هذه أمّتكم أمّة واحدة )) وتأتي بمعنى الطائفة كما في هذا الكلام في كلام المؤلّف، وتأتي بمعنى الإمامة: (( إن إبراهيم كان أمّة )) أي: إماما، " بأن ذي الأمة " يعني الطائفة وهي أمة الإجابة.
13 - معنى قوله:( بأن ذي الأمـة سـوف تفترق بضعاً وسبـعـيـن اعتقاداً والمحق ) وإعراب بأن ذي الأمة، وتطلق الأمة في اللغة على عدة معاني. أستمع حفظ
معنى قوله:( سوف تفترق بضعاً وسبعين ) ذكر حديث الافتراق، وسبب الافتراق إما لشبهة أو شهوة.
وإنما افترقت على ثلاث وسبعين، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن هذه الأمة: ( لتتبعن سنن من كان قبلكم، قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن ) والمتبع لسنة من كان قبله مخالف لشريعته، فإذا كان اليهود إحدى وسبعين، والنصارى ثنتين وسبعين، وارتكب أحد من هذه الأمة طريقة النصارى صار الضلال في ثنتين وسبعين فرقة، فيبقى فرقة واحدة هي التي خرجت عن مشابهة اليهود والنصارى، وصارت على ملّة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال المؤلف رحمه الله:
" والمحق ما كان في نهج النبي المصطفى *** وصحبه من غير زيغ وجفا ".
والغريب أن هذه الفرق كلها تدّعي أنها على الحقّ، فالذي على الحق منها أمره واضح، والذي على غير الحق ويدّعي أنه على الحق نقول: هذا لا تخل حاله من أحد أمرين، إما شبهة عرضت له فظنّ أن ما عليه هو الحق، وإما شهوة عرضت له أراد بذلك الرئاسة الجاه فبقي على الضلال مدّعيا أنه على الحق.
فالعوام المتّبعون لأئمة البدع الذي حملهم على الخروج عن الحقّ شبهة ولا شهوة؟ شبهة، لأن العامي لا يدري فظن أن هذا هو الحق، وأئمة البدع الضالون هؤلاء عرض لهم شهوة، لأن الغالب عليهم أنهم يعرفون الحق، لكن أصروا على ما هم عليه من أجل البقاء على رئاستهم وعلى قيادتهم والعياذ بالله، مثل ما صنع أئمة الكفر في الجاهلية كأبي جهل وغيره بقوا على الضلال مع علمهم بالحق، وكما فعل فرعون، فرعون يعلم أنه على باطل وأن الحق فيما جاء به موسى ومع ذلك بقي على باطله.
طيب، إذن نقول: إن هذه الفرق الثلاث والسبعين كل واحدة منها تعتقد أنها على صواب وعلى حقّ، فالذين أصابوا ما عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه هؤلاء على الحق ولا شك، والذين خالفوه عرضت لهم إما شبهة وإما شهوة.
14 - معنى قوله:( سوف تفترق بضعاً وسبعين ) ذكر حديث الافتراق، وسبب الافتراق إما لشبهة أو شهوة. أستمع حفظ
معنى قوله:( ما كان في نهج النبي المصطـفى وصـحبـه مـن غيـر زيغ وجفا ) وهل قول الصحابي حجة؟
فالجواب: بالرجوع إلى كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم والآثار الواردة عن الصحابة.
وفهم من كلام المؤلف رحمه الله أن قول الصحابة حجّة، لقوله " في نهج النبي المصطفى وصحبه " وهذا أحد احتمالين أن يكون مراده بذلك أن قول الصحابي حجّة، والاحتمال الثاني: أن يكون مراده أن نهج الصحابة الرجوع إلى الكتاب والسنة، فمن كان على نهجهم ورجع إلى الكتاب والسنة فهو على صواب، ولا يلزم على هذا الاحتمال أن يكون قول الصحابي حجّة، لأنه أي الصحابي قد يرجع إلى الكتاب والسنة ويكون لديه خطأ خطأ في الفهم أو خطأ في الدليل لخفاء الدليل عليه أو لخفاء الدلالة.
على كل حال كلام المؤلف يحتمل وجهين، الوجه الأول: أن يكون قول الصحابي مرجعا يرجع إليه، والقول الثاني: أن تكون طريقة الصحابة في استخراج الأحكام والعقائد مرجعا يرجع إليه، وأيهما أسلم للمرء؟ الأخير أسلم، يعني إذا قال: أنا لا أريد إلا أن أتبع الكتاب والسنة لأن هذا هو نهج الصحابة، خير من أن يقول أن أتبع الكتاب والسنة وما جاء عن الصحابي، ولكن اعلم أن ما أجمع عليه الصحابة فهو حق، لأن الإجماع دليل مستقل بنفسه، وكلامنا في الاحتمالين اللذين ذكرناهما إنما هو في قول الواحد من الصحابة، وأما إذا أجمعوا فلا شك أن إجماعهم حجّة وأنه دليل مستقل.
15 - معنى قوله:( ما كان في نهج النبي المصطـفى وصـحبـه مـن غيـر زيغ وجفا ) وهل قول الصحابي حجة؟ أستمع حفظ
سؤال: في قوله : ( وصحبه ) ألا يقصد الحديث : ( من كان على ما أنا عليه وأصحابي ) .؟
الشيخ : وشلون يعني؟
الطالب : ( ما أنا عليه وأصحابي ).
الشيخ : أي ( ما أنا عليه وأصحابي ) لكن الواو للجمع يعني أنا وأصحابي عليه، ما في نص صريح على أن أصحابه إذا كانوا على شيء فهو حق إلا إذا أجمعوا عليه.
الطالب : قصد المؤلف هذا الحديث؟
الشيخ : يمكن قصده هذا، المهم أن اللفظ من حيث هو يحتمل الوجهين.
سؤال: كم وصل عدد الفرق ؟
الشيخ : الفرق الآن الذين عدّوها أوصلوها إلى ثلاث وسبعين لكن بتكلف، حتى إنهم ليجعلون في بعض الفرق الرجل المخالف في مسألة واحدة مخالفا في المنهج، وهذا في النفس منه شيء.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الثلاث والسبعين فرقة غير معلومة لنا، غير معلومة، ويحتمل أنها قد حصلت الآن، ويحتمل أنها لم تحصل، وأنها ستأتي، وهذا القول أولى، لأنك إذا رجعت إلى ما مشى عليه الشارح رحمه الله وغيره في تعداد الفرق وجدت أن بعضها لا يصح أن يعدّ فرقة، تجد واحدا من هذه الفرقة مثلا من الجهمية خالف في مسألة من المسائل ما يعدّ هذا منهجا مستقلا، كما أنه في مسائل الفروع تجد بعض الحنابلة يخالفون مذهب الإمام أحمد إلى مذهب الشافعي أو غيره، فهل نقول إنهم خرجوا بذلك عن الحنبلية؟ لا، أي نعم.
سؤال: من هم الأفضل البشر أم الملائكة؟
الشيخ : البشر، البشر.
الطالب : ...
الشيخ : الذي عندنا البشر، والمؤلف رحمه الله ذكر فصلا مستقلا في تفضيل الملائكة على البشر أو البشر على الملائكة قال:
" وعندنا تفضيل أعيان البشر *** على ملاك ربنا كما اشتهر "
قال: " ومن قال سوى ذلك افترى *** وقد تعدى في المقال واجترى " يعني ذكر بحثا مستقلا يأتي إن شاء الله.
سؤال: هل الجهمية والمعتزلة كفار؟
الشيخ : أي نعم، إلا من كفر منهم، لأن بعضهم يعتبر كافرا، كل من انتسب إلى القبلة فهو معدود من أمّة الإجابة، لكن قد يفعل فعلا يكون كافرا، بعض السلف أخرج الجهمية من هذا، وقال إن الجهمية وإن استقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا فليسوا منا.
سؤال: ما الفائدة من معرفة افتراق هذه الطوائف ؟
الشيخ : لا، الفائدة أن نمشي على منهج الرسول، وأن نجعل كل ما خالف ذلك فهو مرفوض.
الطالب : والعلم بها يؤيد ... .
الشيخ : العلم بها نعم، لأن الشيء لا يعرف حسنه إلا بمعرفة ضدّه، لكن قد لا نعلمها، نحن الآن نعلم طوائف لا شك أنها خارجة، لكن هل إننا نقحم أنفسنا حتى نلجأها إلى أن تتم ثلاث والسبعين؟ أو نقول عرفنا الآن عشرين فرقة والباقي قد يكون يأتي فيما بعد، وإذا أردنا أن نعد كما عدّ بعض العلماء ربما نعد أكثر من ثنتين وسبعين.
معنى حديث الافتراق:" كلها في النار ".
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
" وليس هذا النص جزما يعتبر *** في فرقة إلا على أهل الأثر
فأثبتوا النصوص بالتنزيه *** من غير تعطيل ولا تشبيه
وكل ما جاء من الآيات *** أو صحت في الأخبار من الثقات
من الأحاديث نمره كما *** قد جاء فاسمع من نظامي واعلما
ولا نرد ذاك بالعقول *** لقول مفترٍ به جهول "
الشيخ : بس.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
ذكر المؤلف في أول المقدّمة أنه جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن هذه الأمة ستفترق، على كم فرقة؟
الطالب : ثلاث وسبعين فرقة.
الشيخ : هاه؟
الطالب : ثلاث وسبعين فرقة.
الشيخ : طيب كلها في النار إلا واحدة، من هي هذه الواحدة؟
الطالب : قال ( من هي على ما أنا عليه وأصحابي )
الشيخ : طيب، قوله ( كلها في النار ) هل يقتضي هذا أن كل هذه الفرق كافرة؟ الجواب؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، لكن ما خرجت به عن السنة فهو من عمل أهل النار، لأن أهل النار مخالفون لأهل الجنة، وكل من خرج عن عمل أهل الجنة فقد دخل في عمل أهل النار، ولا يلزم أن يكون من أصحاب النار، وفرق بين قوله ( في النار ) وقوله من أصحاب النار، لأن أصحاب النار هم أصحابها الذين هم أهلها، وأما في النار فقد يكون المراد أنه يعذّب بحسب ما خرج به عن أهل الحق ولكن لا يخلّد فيها.
معنى قوله:(وليس هذا النص جزماً يعتبـر في فـرقـة إلا على أهـل الأثـر ) وبيان أهل الأثر
" وليس هذا النص جزماً يعتبـر *** في فـرقـة إلا على أهـل الأثـر ".
" وليس هذا النص جزما " جزما عائد على النفي، وليس متعلقا بقوله يعتبر جزما، بحيث أنه يعتبر ظنا لا، المعنى أن هذا النص جزما لا يعتبر في فرقة إلا على أهل الأثر، والنص قوله: ( كلها في النار إلا واحدة ) فمن هذه الواحدة؟ نقول: نجزم جزما بأنها هي فرقة أهل الأثر، أهل الأثر يعني الكتاب والسنة، لأن الدليل إما أثر وإما نظر، فإن كان الدليل عقليا فهو نظر، وإن كان الدليل شرعيا فهو أثر.
طيب، من هم أهل الأثر؟ هم الذين اتّبعوا الآثار، اتّبعوا الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم، وهذا لا يتأتى في أي فرقة من الفرق إلا على السلفيين الذين التزموا طريق السلف.
22 - معنى قوله:(وليس هذا النص جزماً يعتبـر في فـرقـة إلا على أهـل الأثـر ) وبيان أهل الأثر أستمع حفظ
معنى قوله:(فأثبتوا النصوص بالتـنـزيـه من غيـر تـعطـيـل ولا تشبـيه ) بيان أن الإثبات يتضمن ثلاثة أشياء: إثباتها لفظا وعقيدة وعملا بمقتضاها.
الإثبات يتناول ثلاثة أشياء: إثباتها لفظا، وإثباتها عقيدة، وإثباتها عملا بمقتضاها.
طيب، إثباتها اللفظي أيضا يتفرع عليه الإثبات المعنوي، فيحسن أن نقول إثباتها لفظا ومعنى، وإثباتها اعتقادا، وإثباتها عملا بمقتضاها.
طيب، مثال ذلك من أسماء الله تعالى مثلا السميع، أثبتوا هذا الاسم لفظا، وأثبتوه معنى، واعتقدوا لله السمع، اعتقدوه أن الله تعالى متّصف بالسمع، وعملوا بمقتضى ذلك وهو أنهم إذا اعتقدوا أن الله يسمع نزّهوا ألسنتهم عن قول ما لا يرضاه الله عزّ وجلّ، أليس كذلك؟ نعم، كما أنك ولله المثل الأعلى لو كنت تعلم أن عندك رجلا من المباحث هل تتكلم بما لا يرضاه الملك؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، ما تستطيع، كذلك إذا علمت أن الله يسمع كل قول تقوله فإنك إذا كنت مؤمنا بذلك لم تتكلم بما لا يرضاه الله عزّ وجلّ.
نعيد المثال مرة ثانية السميع أثبتوه لفظا، وش بعد؟
الطالب : ومعنى.
الشيخ : ومعنًى، يعني أنه دال على السمع، ليس مجرد السميع فقط، واعتقادا اعتقدوا أن الله تعالى سميع ذو سمع متّصف به، والثالث عملوا بمقتضى ذلك، فتجنّبوا كل قول لا يرضاه الله عزّ وجلّ، لأنهم يعتقدون أن الله يسمعهم.
طيب، البصير كيف إثباته؟ إثباته لفظا وإثباته معنى أي أنه دال على البصر، اعتقاد ذلك لأنه ليس مجرّد العلم كافيا، بل لا بد من عقيدة، والرابع العمل بمقتضاه، ما مقتضى الإيمان بأن الله يرى؟ أن لا أفعل شيئا لا يرضاه الله، ما أتحرك بأي حركة لا يرضاها الله عزّ وجلّ، لأني أومن بأن من أسماء الله تعالى البصير وأن البصير متضمّن للبصر وأعتقد ذلك بقلبي، إذن جوارحي لا بد أن تعمل بمقتضى ذلك الإعتقاد.
أنا قلت لكم إن العلم لا يستلزم العقيدة، أبو طالب يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم رسول من عند الله، يعلم ذلك، لكن هل نفعه ذلك؟
الطالب : لا.
الشيخ : ليش؟
الطالب : ما اعتقد.
الشيخ : لأنه ما اعتقد ولا انقاد، فقول المؤلّف " أثبتوا النصوص " نقول أثبتوها على أي وجه؟ لفظا ومعنى واعتقادا وعملا بمقتضاها.
طيب، وقوله " النصوص " جمع نصّ، والمراد به الكتاب والسنة، وقوله " بالتنزيه " الباء للمصاحبة، يعني: أثبتوها إثباتا مصاحبا للتنزيه، والمراد بالتنزيه تنزيه الله عزّ وجلّ عن كل نقص، فمثلا يثبتون لله القدرة.