شرح العقيدة السفارينية-04a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
العقيدة السفارينية
معنى قوله:( ولا نـرد ذاك بالـعـقـول لـقـول مـفـتـر به جـهـول ) هل المرجع في إثبات الصفات ونفيها هو العقل؟ والرد على من قال ذلك.
الشيخ : طيب (( الرحمن على العرش استوى )) كيف نطبّق على هذه القاعدة؟
الطالب : نثبت أن الله عز وجل مستوٍ على العرش بدون كيف.
الشيخ : أو نقرأ (( الرحمن على العرش استوى )) ولا نتعرّض لمعناها؟
الطالب : لا، المعنى معلوم، لكن الكيف مجهول.
الشيخ : من الذين يقرؤونه ولا يتعرّضون للمعنى؟
الطالب : المفوضّة.
الشيخ : هاه؟
الطالب : أهل التفويض.
الشيخ : أهل التفويض. طيب.
إذن نحن نقول: (( الرحمن على العرش استوى )) نمرّه كما جاء، وهو لفظ جاء لمعنى، ما هذا المعنى؟ هو أنه عزّ وجلّ علا على عرشه علوا يليق بجلاله وعظمته، لا نكيّفه ولا نمثّله، واضح؟ طيب. أثبت الله عزّ وجلّ عن نفسه أنه يجيء، فقال: (( وجاء ربّك والملك صفّا صفّا )) هاه؟
الطالب : نقول نثبتها ... أن الله سبحانه وتعالى ..
الشيخ : يجيء حقّا.
الطالب : مجيئا يليق به سبحانه وتعالى ولا نقول كيف، بل نثبت المعنى.
الشيخ : طيب. من الذين يقولون نقرأ (( وجاء ربّك )) ولا نتعرّض للمعنى؟
الطالب : أهل التفويض.
الشيخ : أهل التفويض، تمام.
طيب. قال المؤلف رحمه الله: " ولا نرد ذاك بالعقول " " ولا نرد ذاك " أي: ما جاءت به النّصوص من الآيات والأحاديث لا نردّه بالعقول، لا نردّه بالعقول، وإنما قال ذلك إشارة إلى قول من يقول إن المرجع في إثبات الصفات أو نفيها هو العقل، فما اقتضى العقل ثبوته أثبتناه، وما اقتضى العقل نفيه نفيناه، سواء كان موجودا في القرآن والسنة أم غير موجود، وما لا يقتضي العقل إثباته ولا نفيه فإما أن نتوقّف فيه، وإما أن ننفيه وأكثرهم نفى ذلك، فالأقسام عندهم ثلاثة، الأول: ما اقتضته العقول فيثبتونه سواء كان ثابتا في الكتاب والسنة أم لا. الثاني: ما اقتضى العقل نفيه أيش؟ فينفونه سواء كان ذلك موجودا في الكتاب والسنة أم لا. الثالث: ما لا يقتضي العقل إثباته ولا نفيه فانقسموا فيه إلى قسمين: قسم نفاه وهم الأكثر، وقسم توقّف فيه، وقال: لا نثبت ولا ننفي، لأن العقل لا يقتضي إثباته ولا نفيه، فالذين نفوه وهو الأكثر، قالوا: لأن العقل لم يدلّ عليه، وما لم يدل عليه الدليل فالواجب نفيه، والذين توقّفوا فيه قالوا: إن العقل لم يدل على نفيه ولم يدل على إثباته فالواجب التوقّف.
لكن كل هذه القاعدة قاعدة مبنية على شفا جرف هار، لأنها قاعدة تقتضي تقديم المعقول على المنقول، والعقل يقتضي تقديم المنقول على المعقول، وهذا من العجب أن يقولوا نحن نتبع العقل وهم يهدمون العقل بما يدّعونه عقلا.
العقل يقتضي أن هذه الأمور الغيبية نقتصر فيها على الخبر المجرّد، لأن العقل لا يمكن أن يتحكّم فيها أو يدركها، فكان مقتضى العقل الصريح أن أيش؟ أن يرجع فيها إلى النقل، خبر محض ما تدركه بعقلك، كيف ترجع إلى عقلك فيه؟ الآن إلى رجعت إلى عقلك بالنسبة إلى حال شخص من البشر، هل يمكن أن تحكم بعقلك على أحواله؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا يمكن، لكن إنما تعتمد في أحواله على ما نقله عن نفسه أو نُقل عنه بالخبر الصادق، أما أن تتحكم عليه بعقلك ما هو صحيح، كلّ له تصرّف يختص به، أنت ربما في بيتك أنك تقوم وتفطر وتروح إلى عملك، هو ما يقوم ولا يفطر، يروح إلى العمل قبل أن يفطر، أليس كذلك؟ يختلف عنك هذا وهو بشر، حاله قريبة من حالك، فكيف بالله عزّ وجلّ؟ كيف تحكم على الله بعقلك، والعقل يقتضي أن تعتمد في ذلك على أيش؟ على النقل، لأن هذا لا يثبت إلا بالخبر المحض، ولهذا نقول أنتم يا أصحاب العقول هدمتم العقول، لأنكم تقولون العقل يقتضي أن لا يوصف الله بذلك، وهو قد وصف به نفسه، وهو خبر، خبر عن أمر لا يدركه العقل فالواجب فيه الاعتماد على؟
الطالب : النقل.
الشيخ : النقل. تقولون: هذا ثابت لله والله لم يثبته لنفسه، هذا أيضا إثبات للعقل بما ينافي العقل، لأن الذي يقتضيه العقل أن ما لم يبلغك خبره في أمر غائب عنك أن أيش؟ أن تتوقّف فيه، أما أن تثبته مع نفي الله له فهذا زيادة في العدوان.
الطالب : نثبت أن الله عز وجل مستوٍ على العرش بدون كيف.
الشيخ : أو نقرأ (( الرحمن على العرش استوى )) ولا نتعرّض لمعناها؟
الطالب : لا، المعنى معلوم، لكن الكيف مجهول.
الشيخ : من الذين يقرؤونه ولا يتعرّضون للمعنى؟
الطالب : المفوضّة.
الشيخ : هاه؟
الطالب : أهل التفويض.
الشيخ : أهل التفويض. طيب.
إذن نحن نقول: (( الرحمن على العرش استوى )) نمرّه كما جاء، وهو لفظ جاء لمعنى، ما هذا المعنى؟ هو أنه عزّ وجلّ علا على عرشه علوا يليق بجلاله وعظمته، لا نكيّفه ولا نمثّله، واضح؟ طيب. أثبت الله عزّ وجلّ عن نفسه أنه يجيء، فقال: (( وجاء ربّك والملك صفّا صفّا )) هاه؟
الطالب : نقول نثبتها ... أن الله سبحانه وتعالى ..
الشيخ : يجيء حقّا.
الطالب : مجيئا يليق به سبحانه وتعالى ولا نقول كيف، بل نثبت المعنى.
الشيخ : طيب. من الذين يقولون نقرأ (( وجاء ربّك )) ولا نتعرّض للمعنى؟
الطالب : أهل التفويض.
الشيخ : أهل التفويض، تمام.
طيب. قال المؤلف رحمه الله: " ولا نرد ذاك بالعقول " " ولا نرد ذاك " أي: ما جاءت به النّصوص من الآيات والأحاديث لا نردّه بالعقول، لا نردّه بالعقول، وإنما قال ذلك إشارة إلى قول من يقول إن المرجع في إثبات الصفات أو نفيها هو العقل، فما اقتضى العقل ثبوته أثبتناه، وما اقتضى العقل نفيه نفيناه، سواء كان موجودا في القرآن والسنة أم غير موجود، وما لا يقتضي العقل إثباته ولا نفيه فإما أن نتوقّف فيه، وإما أن ننفيه وأكثرهم نفى ذلك، فالأقسام عندهم ثلاثة، الأول: ما اقتضته العقول فيثبتونه سواء كان ثابتا في الكتاب والسنة أم لا. الثاني: ما اقتضى العقل نفيه أيش؟ فينفونه سواء كان ذلك موجودا في الكتاب والسنة أم لا. الثالث: ما لا يقتضي العقل إثباته ولا نفيه فانقسموا فيه إلى قسمين: قسم نفاه وهم الأكثر، وقسم توقّف فيه، وقال: لا نثبت ولا ننفي، لأن العقل لا يقتضي إثباته ولا نفيه، فالذين نفوه وهو الأكثر، قالوا: لأن العقل لم يدلّ عليه، وما لم يدل عليه الدليل فالواجب نفيه، والذين توقّفوا فيه قالوا: إن العقل لم يدل على نفيه ولم يدل على إثباته فالواجب التوقّف.
لكن كل هذه القاعدة قاعدة مبنية على شفا جرف هار، لأنها قاعدة تقتضي تقديم المعقول على المنقول، والعقل يقتضي تقديم المنقول على المعقول، وهذا من العجب أن يقولوا نحن نتبع العقل وهم يهدمون العقل بما يدّعونه عقلا.
العقل يقتضي أن هذه الأمور الغيبية نقتصر فيها على الخبر المجرّد، لأن العقل لا يمكن أن يتحكّم فيها أو يدركها، فكان مقتضى العقل الصريح أن أيش؟ أن يرجع فيها إلى النقل، خبر محض ما تدركه بعقلك، كيف ترجع إلى عقلك فيه؟ الآن إلى رجعت إلى عقلك بالنسبة إلى حال شخص من البشر، هل يمكن أن تحكم بعقلك على أحواله؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا يمكن، لكن إنما تعتمد في أحواله على ما نقله عن نفسه أو نُقل عنه بالخبر الصادق، أما أن تتحكم عليه بعقلك ما هو صحيح، كلّ له تصرّف يختص به، أنت ربما في بيتك أنك تقوم وتفطر وتروح إلى عملك، هو ما يقوم ولا يفطر، يروح إلى العمل قبل أن يفطر، أليس كذلك؟ يختلف عنك هذا وهو بشر، حاله قريبة من حالك، فكيف بالله عزّ وجلّ؟ كيف تحكم على الله بعقلك، والعقل يقتضي أن تعتمد في ذلك على أيش؟ على النقل، لأن هذا لا يثبت إلا بالخبر المحض، ولهذا نقول أنتم يا أصحاب العقول هدمتم العقول، لأنكم تقولون العقل يقتضي أن لا يوصف الله بذلك، وهو قد وصف به نفسه، وهو خبر، خبر عن أمر لا يدركه العقل فالواجب فيه الاعتماد على؟
الطالب : النقل.
الشيخ : النقل. تقولون: هذا ثابت لله والله لم يثبته لنفسه، هذا أيضا إثبات للعقل بما ينافي العقل، لأن الذي يقتضيه العقل أن ما لم يبلغك خبره في أمر غائب عنك أن أيش؟ أن تتوقّف فيه، أما أن تثبته مع نفي الله له فهذا زيادة في العدوان.
1 - معنى قوله:( ولا نـرد ذاك بالـعـقـول لـقـول مـفـتـر به جـهـول ) هل المرجع في إثبات الصفات ونفيها هو العقل؟ والرد على من قال ذلك. أستمع حفظ
الرد على من قال أن المرجع في إثبات الصفات ونفيها هو العقل من خمسة أوجه:
الشيخ : فالحاصل أن قول المؤلف " لا نرد ذاك بالعقول " يشير به إلى رد قول من يقول: إن المرجع في صفات الله إلى العقل. نقول لهم: إن هذه القاعدة باطلة من أساسها، وإن هذه القاعدة تبطل الاعتماد على العقل، لأن العقل يقتضي أن ما طريقه الخبر المجرّد يعتمد فيه على أيش؟
الطالب : على النقل.
الشيخ : على النقل، وعلى الخبر، ما دامت العقول لا تدرك هذا فالواجب عليها أن تعتمد على النقل وما أخبر الله به عن نفسه أو أخبرت عنه رسله.
ثالثا: أن نقول تحكيم العقل في هذا الباب تحكيم من لا يحيط بالحكم علما، وذلك لأن ما يصف الله به نفسه، لا يمكن للعقل أن يدركه، إذا كان الله يقول: (( لا تدركه الأبصار )) والإدراك بالبصر إدراك بالمحسوس، فكيف تدركه العقول؟! العقول لا تدرك كنه حقيقة صفات الله عزّ وجلّ أبدا (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )).
ثم نقول لهم رابعا: أن هذه العقول التي زعمتم أنها مرجع ومحكّم في صفات الله عقول متناقضة، كيف؟ لأن هؤلاء العقلاء كما يدّعون يتناقضون، فتجد بعضهم يقرّر وجوب ذلك عقلا، والآخر يقرّر إمتناع ذلك عقلا، إمتناع ذلك، وفرق واسع شاسع بين الواجب والممتنع، وكلّ منهم يدّعي أنه من ذوي العقول، هذا يقول هذا ممتنع على الله ولا يجوز وصفه به، وهذا يقول واجب لله فيجب وصفه به! وين العقل؟! بأي شيء يوزن ما يجب لله تعالى وما يمتنع؟ بأي عقل يوزن؟ إن قلنا بعقل زيد قال عمرو: وراكم تتركون عقلي، إن قلنا عقل عمرو قال زيد: وراكم تتركون عقلي، فبأي عقل يوزن؟ فأنتم متناقضون، بل إنهم كما قال شيخ الإسلام وغيره من أهل العلم: " إن الواحد من هؤلاء -الذين يحكّمون العقل - يكون متناقضا، فيكتب في بعض مصنّفاته أن هذا واجب لله، ويكتب في المصنّفات الأخرى أنه ممتنع على الله! ".
إذن الرجوع إلى العقل باطل من هذه الوجوه الأربعة، والواجب أن نرجع إلى أي شيء؟ إلى النقل، فإذا وجب الرجوع إلى النقل، فهناك مرحلة أخرى واجبة، وهي أن نأخذ بظاهر هذا النقل، ولا نحرّفه لا نقول المراد به كذا وكذا مما يخالف الظاهر، بل الواجب أن نأخذ بظاهره.
فإذا قال قائل: إذا أخذت بظاهره فقد مثّلت الله بخلقه، ولنفرض أنّك أخذت بظاهر اليد أن لله يدين، يقول: إذا قلت إن المراد باليدين هما ما يؤخذ بهما ويقبض فقد مثّلت الله بخلقه، وحينئذ وقعت فيما هو كفر، فما جوابنا على ذلك؟
جوابنا على ذلك أن نقول: من يقول إن ظاهر اليدين الحقيقة يقتضي المماثلة، من يقول هذا؟ بل لنا أن نقول: إن ظاهر اليدين المضافتين إلى الله حقيقة يقتضي امتناع المماثلة، كيف ذلك؟ لأنها يد أضيفت إلى موصوف، إلى متّصف بها، ومن المعلوم أن ما أضيف إلى الشيء فإنه يكون لائقا به، فاليدان اللتان أضافهما الله إلى نفسه يدان لائقتان بالله عزّ وجلّ لا يمكن أن تماثل أيدي المخلوقين، ألم تكن تقول يد زيد، أو تقول يد إنسان، وتقول يد حمار، وتقول يد جمل، وتقول يد هرّ، وتقول يد أسد، وتقول يد ذرّة، هل أحد من الناس يعتقد التماثل في هذه الأيدي؟
الطالب : مستحيل.
الشيخ : أو لا؟
الطالب : ...
الشيخ : أبدا، لأنها أيدٍ مضافة إلى متّصف بها، فتكون هذه الأيدي لائقة بالموصوف بها، لكن إذا قلت يد أسد، ويد أسد آخر صارت مماثلة ولا لا؟ صارت مماثلة، فإذا علم التباين بين المخلوقات بعضها مع بعض، فالتباين بين الخالق والمخلوق من باب أولى.
ومن اعتقد أن ظاهر نصوص الكتاب والسنة التمثيل من اعتقد ذلك فقد كفر، لأن تمثيل الله بخلقه كفر، ومن زعم أن ظاهر الكتاب والسنة ما يقتضي الكفر فهو كافر، لأن الكتاب والسنة يقرّران الإيمان، وينكران الكفر، ولهذا قال نعيم بن حمّاد الخزاعي رحمه الله شيخ البخاري: " من شبّه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها ".
فالحاصل أن نقول: إننا إذا أخذنا بظاهر النصوص لم نكن ممثلين، بل نحن أبعد الناس عن التمثيل، والممثل حقيقة هو الذي صرف النصوص عن ظاهرها، هذا هو الذي جعل النصوص دالّة على التمثيل، الذي جعل النصوص دالّة على التمثيل هو الذي صرفها عن ظاهرها، لماذا؟ لأنه لم يصرفها عن ظاهرها إلا حيث اعتقد أن ظاهرها يقتضي التمثيل، فلما اعتقد هذه العقيدة الباطلة ذهب يصرفها عن ظاهرها، ولهذا نقول: كل معطّل فهو ممثل، كل معطّل فهو ممثل، ليش؟ لأنه لم يعطّل إلا حيث اعتقد أن ظاهرها التمثيل، فذهب يصرفها عن ظاهرها، ويعطّل مدلولها عما أراده الله.
طيب. من القائلون بتحكيم العقل؟ القائلون بتحكيم العقل: الجهمية، المعتزلة، الأشاعرة، الماتوريدية، وكل أهل التأويل يقولون بتحكيم العقل في هذا الباب، وسيأتي إن شاء الله في كلام المؤلف أن الأشاعرة لا يثبتون من الصفات إلا سبعا، ادّعوا أن العقل يقتضيها، وأنكروا بقية الصفات، بحجّة أن العقل لا يقتضيها، ولكننا نقول إن شاء الله بأن العقل يؤيّد ما جاءت به النصوص من هذه الصفات الكمالية التي اتّصف الله سبحانه وتعالى بها.
قال: " ولا نرد ذاك بالعقول " طيب. والذين رجعوا إلى العقول هل ردّوها؟
الطالب : نعم.
الشيخ : هاه؟ ردوها، لأنهم أنكروا دلالتها على المراد بها، فقالوا في قوله تعالى مثلا، أضرب مثلا، قالوا في قوله تعالى: (( وجاء ربك )) أي: وجاء أمر ربك، فردوها ... قالوا: نحن لم نردها ولا نكذّب بمجيء الله، لكن المراد بمجيئه مجيء أمره، نقول: وهل هذا إلا ردّ؟! ما معنى الرد إذا لم يكن هذا ردّا؟ ربّنا عزّ وجلّ يقول (( وجاء ربك )) وأنتم تقولون لم يجئ ربك! من الذي جاء؟! أمره! سبحان الله! هل الله يبين لعباده خشية أن يضلوا؟! أو يعمّي على عباده ليضلّوا؟!
الطالب : الأول.
الشيخ : هاه؟ الأول (( يبيّن الله لكم أن تضلوا )) لو كان الله يريد بقوله (( وجاء ربك )) وجاء أمر ربّك لكان هذا أبلغ ما يكون في التعمية، كيف يقول لنا (( وجاء ربك )) وهو يريد وجاء أمره؟! هل هذا من البيان أو من عدم البيان؟ هذا من عدم البيان، بل من التلبيس على العباد، كيف يقول عن نفسه وهو واجب على عباده أن يعرفوه بصفاته، كيف يقول (( وجاء ربك )) وهو يريد وجاء أمر ربّك.
طيب. فإذا قال قائل: إن الله يقول (( أتى أمر الله فلا تستعجلوه )) فيجب أن نحمل (( وجاء ربك )) على هذه الآية؟
نقول: هذه الآية التي استدللتم بها حجّة عليكم، وليست حجّة لكم، لأن اختلاف التعبير في موضعين يدل على أن أحدهما غير الآخر، لو كان الله يريد بقوله (( وجاء ربك )) جاء أمر ربّك لقاله، كما قاله في الآية الثانية (( أتى أمر الله ))، ثم إن الله قال هنا (( وجاء ربك والملك صفّا صفّا )) ومعلوم أن الذي جاء هم الملائكة أنفسهم وليس أمرهم، ففي الآية أيضا قرينة لفظية تدل على امتناع تفسيرها بمجيء أمره، ولا تعجبوا أن يكون كل دليل استدل به المبطل فإنه يكون دليلا عليه، لأن استدلاله به يدل على أن فيه إشارة إلى هذا المعنى، لكنه إشارة على غير ما أراده، وقد التزم شيخ الإسلام في كتابه يا عادل " درء تعارض العقل والنقل " التزم بأنه لا يأتي مبطل بحجّة يحتجّ بها على باطله إلا جعلها دليلا عليه لا له،.
نعم. إذن نحن نقول لهؤلاء الذين يحكّمون العقل: إنكم أنتم الذين خرجتم بآيات الصفات وأحاديثها عن أيش؟ عن ظاهرها، أما نحن فإننا أخذنا بظاهرها، لأن الله تعالى إنما أنزل الكتاب تبيانا لكل شيء، وأراد من عباده أن يهتدوا بهذا القرآن، لا أن يضلوا فيه، وإذا كنتم أنتم تعملون بظاهر النصوص في العبادات والمعاملات وهي أيضا أعني العبادات والمعاملات فيها ما يرجع فيه إلى العقل كالمسائل القياسية، فكيف لا ترجعون فيها إلى مجرد النقل وتمنعون القياس كما منعه أهل الظاهر؟ مع أن هؤلاء الذين يرجعون إلى العقل في بعض الصفات يرجعون إليها أيضا في باب الأحكام، لكنهم يأخذون بظاهر النصوص فيها ولا يأخذون بظاهر النصوص في باب الصفات، وهذا من التناقض في الاستدلال.
الطالب : على النقل.
الشيخ : على النقل، وعلى الخبر، ما دامت العقول لا تدرك هذا فالواجب عليها أن تعتمد على النقل وما أخبر الله به عن نفسه أو أخبرت عنه رسله.
ثالثا: أن نقول تحكيم العقل في هذا الباب تحكيم من لا يحيط بالحكم علما، وذلك لأن ما يصف الله به نفسه، لا يمكن للعقل أن يدركه، إذا كان الله يقول: (( لا تدركه الأبصار )) والإدراك بالبصر إدراك بالمحسوس، فكيف تدركه العقول؟! العقول لا تدرك كنه حقيقة صفات الله عزّ وجلّ أبدا (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )).
ثم نقول لهم رابعا: أن هذه العقول التي زعمتم أنها مرجع ومحكّم في صفات الله عقول متناقضة، كيف؟ لأن هؤلاء العقلاء كما يدّعون يتناقضون، فتجد بعضهم يقرّر وجوب ذلك عقلا، والآخر يقرّر إمتناع ذلك عقلا، إمتناع ذلك، وفرق واسع شاسع بين الواجب والممتنع، وكلّ منهم يدّعي أنه من ذوي العقول، هذا يقول هذا ممتنع على الله ولا يجوز وصفه به، وهذا يقول واجب لله فيجب وصفه به! وين العقل؟! بأي شيء يوزن ما يجب لله تعالى وما يمتنع؟ بأي عقل يوزن؟ إن قلنا بعقل زيد قال عمرو: وراكم تتركون عقلي، إن قلنا عقل عمرو قال زيد: وراكم تتركون عقلي، فبأي عقل يوزن؟ فأنتم متناقضون، بل إنهم كما قال شيخ الإسلام وغيره من أهل العلم: " إن الواحد من هؤلاء -الذين يحكّمون العقل - يكون متناقضا، فيكتب في بعض مصنّفاته أن هذا واجب لله، ويكتب في المصنّفات الأخرى أنه ممتنع على الله! ".
إذن الرجوع إلى العقل باطل من هذه الوجوه الأربعة، والواجب أن نرجع إلى أي شيء؟ إلى النقل، فإذا وجب الرجوع إلى النقل، فهناك مرحلة أخرى واجبة، وهي أن نأخذ بظاهر هذا النقل، ولا نحرّفه لا نقول المراد به كذا وكذا مما يخالف الظاهر، بل الواجب أن نأخذ بظاهره.
فإذا قال قائل: إذا أخذت بظاهره فقد مثّلت الله بخلقه، ولنفرض أنّك أخذت بظاهر اليد أن لله يدين، يقول: إذا قلت إن المراد باليدين هما ما يؤخذ بهما ويقبض فقد مثّلت الله بخلقه، وحينئذ وقعت فيما هو كفر، فما جوابنا على ذلك؟
جوابنا على ذلك أن نقول: من يقول إن ظاهر اليدين الحقيقة يقتضي المماثلة، من يقول هذا؟ بل لنا أن نقول: إن ظاهر اليدين المضافتين إلى الله حقيقة يقتضي امتناع المماثلة، كيف ذلك؟ لأنها يد أضيفت إلى موصوف، إلى متّصف بها، ومن المعلوم أن ما أضيف إلى الشيء فإنه يكون لائقا به، فاليدان اللتان أضافهما الله إلى نفسه يدان لائقتان بالله عزّ وجلّ لا يمكن أن تماثل أيدي المخلوقين، ألم تكن تقول يد زيد، أو تقول يد إنسان، وتقول يد حمار، وتقول يد جمل، وتقول يد هرّ، وتقول يد أسد، وتقول يد ذرّة، هل أحد من الناس يعتقد التماثل في هذه الأيدي؟
الطالب : مستحيل.
الشيخ : أو لا؟
الطالب : ...
الشيخ : أبدا، لأنها أيدٍ مضافة إلى متّصف بها، فتكون هذه الأيدي لائقة بالموصوف بها، لكن إذا قلت يد أسد، ويد أسد آخر صارت مماثلة ولا لا؟ صارت مماثلة، فإذا علم التباين بين المخلوقات بعضها مع بعض، فالتباين بين الخالق والمخلوق من باب أولى.
ومن اعتقد أن ظاهر نصوص الكتاب والسنة التمثيل من اعتقد ذلك فقد كفر، لأن تمثيل الله بخلقه كفر، ومن زعم أن ظاهر الكتاب والسنة ما يقتضي الكفر فهو كافر، لأن الكتاب والسنة يقرّران الإيمان، وينكران الكفر، ولهذا قال نعيم بن حمّاد الخزاعي رحمه الله شيخ البخاري: " من شبّه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها ".
فالحاصل أن نقول: إننا إذا أخذنا بظاهر النصوص لم نكن ممثلين، بل نحن أبعد الناس عن التمثيل، والممثل حقيقة هو الذي صرف النصوص عن ظاهرها، هذا هو الذي جعل النصوص دالّة على التمثيل، الذي جعل النصوص دالّة على التمثيل هو الذي صرفها عن ظاهرها، لماذا؟ لأنه لم يصرفها عن ظاهرها إلا حيث اعتقد أن ظاهرها يقتضي التمثيل، فلما اعتقد هذه العقيدة الباطلة ذهب يصرفها عن ظاهرها، ولهذا نقول: كل معطّل فهو ممثل، كل معطّل فهو ممثل، ليش؟ لأنه لم يعطّل إلا حيث اعتقد أن ظاهرها التمثيل، فذهب يصرفها عن ظاهرها، ويعطّل مدلولها عما أراده الله.
طيب. من القائلون بتحكيم العقل؟ القائلون بتحكيم العقل: الجهمية، المعتزلة، الأشاعرة، الماتوريدية، وكل أهل التأويل يقولون بتحكيم العقل في هذا الباب، وسيأتي إن شاء الله في كلام المؤلف أن الأشاعرة لا يثبتون من الصفات إلا سبعا، ادّعوا أن العقل يقتضيها، وأنكروا بقية الصفات، بحجّة أن العقل لا يقتضيها، ولكننا نقول إن شاء الله بأن العقل يؤيّد ما جاءت به النصوص من هذه الصفات الكمالية التي اتّصف الله سبحانه وتعالى بها.
قال: " ولا نرد ذاك بالعقول " طيب. والذين رجعوا إلى العقول هل ردّوها؟
الطالب : نعم.
الشيخ : هاه؟ ردوها، لأنهم أنكروا دلالتها على المراد بها، فقالوا في قوله تعالى مثلا، أضرب مثلا، قالوا في قوله تعالى: (( وجاء ربك )) أي: وجاء أمر ربك، فردوها ... قالوا: نحن لم نردها ولا نكذّب بمجيء الله، لكن المراد بمجيئه مجيء أمره، نقول: وهل هذا إلا ردّ؟! ما معنى الرد إذا لم يكن هذا ردّا؟ ربّنا عزّ وجلّ يقول (( وجاء ربك )) وأنتم تقولون لم يجئ ربك! من الذي جاء؟! أمره! سبحان الله! هل الله يبين لعباده خشية أن يضلوا؟! أو يعمّي على عباده ليضلّوا؟!
الطالب : الأول.
الشيخ : هاه؟ الأول (( يبيّن الله لكم أن تضلوا )) لو كان الله يريد بقوله (( وجاء ربك )) وجاء أمر ربّك لكان هذا أبلغ ما يكون في التعمية، كيف يقول لنا (( وجاء ربك )) وهو يريد وجاء أمره؟! هل هذا من البيان أو من عدم البيان؟ هذا من عدم البيان، بل من التلبيس على العباد، كيف يقول عن نفسه وهو واجب على عباده أن يعرفوه بصفاته، كيف يقول (( وجاء ربك )) وهو يريد وجاء أمر ربّك.
طيب. فإذا قال قائل: إن الله يقول (( أتى أمر الله فلا تستعجلوه )) فيجب أن نحمل (( وجاء ربك )) على هذه الآية؟
نقول: هذه الآية التي استدللتم بها حجّة عليكم، وليست حجّة لكم، لأن اختلاف التعبير في موضعين يدل على أن أحدهما غير الآخر، لو كان الله يريد بقوله (( وجاء ربك )) جاء أمر ربّك لقاله، كما قاله في الآية الثانية (( أتى أمر الله ))، ثم إن الله قال هنا (( وجاء ربك والملك صفّا صفّا )) ومعلوم أن الذي جاء هم الملائكة أنفسهم وليس أمرهم، ففي الآية أيضا قرينة لفظية تدل على امتناع تفسيرها بمجيء أمره، ولا تعجبوا أن يكون كل دليل استدل به المبطل فإنه يكون دليلا عليه، لأن استدلاله به يدل على أن فيه إشارة إلى هذا المعنى، لكنه إشارة على غير ما أراده، وقد التزم شيخ الإسلام في كتابه يا عادل " درء تعارض العقل والنقل " التزم بأنه لا يأتي مبطل بحجّة يحتجّ بها على باطله إلا جعلها دليلا عليه لا له،.
نعم. إذن نحن نقول لهؤلاء الذين يحكّمون العقل: إنكم أنتم الذين خرجتم بآيات الصفات وأحاديثها عن أيش؟ عن ظاهرها، أما نحن فإننا أخذنا بظاهرها، لأن الله تعالى إنما أنزل الكتاب تبيانا لكل شيء، وأراد من عباده أن يهتدوا بهذا القرآن، لا أن يضلوا فيه، وإذا كنتم أنتم تعملون بظاهر النصوص في العبادات والمعاملات وهي أيضا أعني العبادات والمعاملات فيها ما يرجع فيه إلى العقل كالمسائل القياسية، فكيف لا ترجعون فيها إلى مجرد النقل وتمنعون القياس كما منعه أهل الظاهر؟ مع أن هؤلاء الذين يرجعون إلى العقل في بعض الصفات يرجعون إليها أيضا في باب الأحكام، لكنهم يأخذون بظاهر النصوص فيها ولا يأخذون بظاهر النصوص في باب الصفات، وهذا من التناقض في الاستدلال.
سؤال: ما رأيكم في قول العلماء الذين قالوا بتحكيم العقل في نصوص الصفات ؟
الطالب : العلماء الذين قالوا هذا الكلام ... نعرف أنهم ...؟
الشيخ : هؤلاء نقول إنهم لم يوفّقوا للصواب، ونعلم أنهم ما أرادوا سوء، لكن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء.
الطالب : المقالة هذه ضلالا كبيرا ...
الشيخ : ما في شك، لكن هم الذي يشفع لهم أننا نعلم حسن نيّتهم وأنهم يقصدون الخير، لكن ما وفّقوا له، فيكونون ممن اجتهد فأخطأ، فله أجر.
الشيخ : هؤلاء نقول إنهم لم يوفّقوا للصواب، ونعلم أنهم ما أرادوا سوء، لكن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء.
الطالب : المقالة هذه ضلالا كبيرا ...
الشيخ : ما في شك، لكن هم الذي يشفع لهم أننا نعلم حسن نيّتهم وأنهم يقصدون الخير، لكن ما وفّقوا له، فيكونون ممن اجتهد فأخطأ، فله أجر.
سؤال: نحن قررنا أن أهل السنة يثبتون اللفظ والمعنى ، وقد قال المؤلف : ( من الأحاديث نمره كما قد جاء ) ألا يدل على قول المفوضة ؟
الشيخ : نعم؟
الطالب : أحسن الله إليك، قرر المؤلف أن مذهب أهل السنة أنهم يثبتون اللفظ مع إثبات المعنى
الشيخ : مع إثبات؟
الطالب : المعنى.
الشيخ : نعم، إثبات اللفظ والمعنى.
الطالب : مذهب المفوضة إثبات اللفظ دون المعنى
الشيخ : هاه؟
الطالب : المفوضة يثبتون اللفظ دون المعنى.
الشيخ : نعم.
الطالب : المؤلف يقول هنا: ونمرها كما
الشيخ : كما قد جاء.
الطالب : ظاهره أنه يوافق أهل التفويض؟
الشيخ : لا يا أخي، إذا قال نمرّها كما قد جاء، فهي ألفاظ جاءت لمعان، ما جاءت ألفاظا بلا معنى، فإمرارها كما جاءت يقتضي إثباتها لفظا ومعنى.
الطالب : ...
الشيخ : طيب ما يخالف، (( استوى على العرش )) جاءت على أيش؟
الطالب : أهل التفويض؟
الشيخ : لا مو أهل التفويض، على كلام المؤلف؟
الطالب : نقول استوى حقيقة.
الشيخ : جاءت بلفظ دالّ على المعنى، إذن نثبت هذا اللفظ وما دلّ عليه من المعنى. واضح.
الطالب : أحسن الله إليك، قرر المؤلف أن مذهب أهل السنة أنهم يثبتون اللفظ مع إثبات المعنى
الشيخ : مع إثبات؟
الطالب : المعنى.
الشيخ : نعم، إثبات اللفظ والمعنى.
الطالب : مذهب المفوضة إثبات اللفظ دون المعنى
الشيخ : هاه؟
الطالب : المفوضة يثبتون اللفظ دون المعنى.
الشيخ : نعم.
الطالب : المؤلف يقول هنا: ونمرها كما
الشيخ : كما قد جاء.
الطالب : ظاهره أنه يوافق أهل التفويض؟
الشيخ : لا يا أخي، إذا قال نمرّها كما قد جاء، فهي ألفاظ جاءت لمعان، ما جاءت ألفاظا بلا معنى، فإمرارها كما جاءت يقتضي إثباتها لفظا ومعنى.
الطالب : ...
الشيخ : طيب ما يخالف، (( استوى على العرش )) جاءت على أيش؟
الطالب : أهل التفويض؟
الشيخ : لا مو أهل التفويض، على كلام المؤلف؟
الطالب : نقول استوى حقيقة.
الشيخ : جاءت بلفظ دالّ على المعنى، إذن نثبت هذا اللفظ وما دلّ عليه من المعنى. واضح.
4 - سؤال: نحن قررنا أن أهل السنة يثبتون اللفظ والمعنى ، وقد قال المؤلف : ( من الأحاديث نمره كما قد جاء ) ألا يدل على قول المفوضة ؟ أستمع حفظ
سؤال: هل نحكم بتكفير الذين يحكمون بعقولهم ؟
الطالب : هل نحكم بتكفير هؤلاء الذين يحكمون عقولهم؟
الشيخ : لا ما نحكم، نحن ذكرنا في باب حكم المرتد أنهم إذا أنكروا كفروا، وإن أوّلوا نظرنا فإن كان للتأويل مساغ في اللغة العربية فإنهم لا يكفرون، وإن لم يكن لهم مساغ فإن التأويل الذي لا مساغ له في اللغة العربية بمنزلة الإنكار، لكن كل الشيء الذي يؤوّلونه في هذا الباب يأتون عليه بشبه من اللغة العربية، مثل تحريفهم استوى إلى استولى، واستدلالهم بالبيت المشهور " قد استوى بشر على العراق *** من غير سيف أو دم مهراق "، لكن على كل حال هم ضالون في هذا الشيء.
الشيخ : لا ما نحكم، نحن ذكرنا في باب حكم المرتد أنهم إذا أنكروا كفروا، وإن أوّلوا نظرنا فإن كان للتأويل مساغ في اللغة العربية فإنهم لا يكفرون، وإن لم يكن لهم مساغ فإن التأويل الذي لا مساغ له في اللغة العربية بمنزلة الإنكار، لكن كل الشيء الذي يؤوّلونه في هذا الباب يأتون عليه بشبه من اللغة العربية، مثل تحريفهم استوى إلى استولى، واستدلالهم بالبيت المشهور " قد استوى بشر على العراق *** من غير سيف أو دم مهراق "، لكن على كل حال هم ضالون في هذا الشيء.
سؤال: بالنسبة للوجه الرابع في إبطال الاستدلال بالعقل : أن العقول متناقضة فقد أوجب شيء وتمنعه ، ألا يقال : كما أن العقول تفهم النصوص فهم مختلف فيرجع إلى العقل الذي وفق للصواب فيرجح بين العقول ؟
الطالب : بالنسبة للوجه الرابع في إبطال الاستدلال بالعقل بما أن العقول متناقضة فقد توجب شيئا وتمنعه أخرى، ألا يقال فيه هذا: كما أن العقول تفهم النصوص بفهم مختلف فيرجع إلى العقل الذي وفّق للصواب فيرجّح بين العقول؟
الشيخ : إي، لكن هم يرون، الآخرون المخالفون يرون أن النصوص دلت على ما اقتضته عقولهم، هم أيضا لا يلتفتون للنصوص أصلا، لا تظن أنهم كمثلك يرجعون للنصوص، أصلا ما يرجعون إلى النصوص، عندهم ما أثبته العقل من صفات الله ثبت، وما نفاه فهو منفي.
الطالب : قصدي إذا قالوا: إن العقول إذا اختلفت عندنا نحن نرجّح ننظر الأصوب ونأخذ به؟
الشيخ : كل واحد منهم يرى أن العقل دل على هذا، فبأي عقل نرجع إليه؟ عقل زيد أو عمرو؟
الطالب : الأقرب إلى الصواب.
الشيخ : لا ما يصير، لأن ذاك يقول أنا الذي عندي الصواب، يقول عقلك فاسد.
الشيخ : إي، لكن هم يرون، الآخرون المخالفون يرون أن النصوص دلت على ما اقتضته عقولهم، هم أيضا لا يلتفتون للنصوص أصلا، لا تظن أنهم كمثلك يرجعون للنصوص، أصلا ما يرجعون إلى النصوص، عندهم ما أثبته العقل من صفات الله ثبت، وما نفاه فهو منفي.
الطالب : قصدي إذا قالوا: إن العقول إذا اختلفت عندنا نحن نرجّح ننظر الأصوب ونأخذ به؟
الشيخ : كل واحد منهم يرى أن العقل دل على هذا، فبأي عقل نرجع إليه؟ عقل زيد أو عمرو؟
الطالب : الأقرب إلى الصواب.
الشيخ : لا ما يصير، لأن ذاك يقول أنا الذي عندي الصواب، يقول عقلك فاسد.
6 - سؤال: بالنسبة للوجه الرابع في إبطال الاستدلال بالعقل : أن العقول متناقضة فقد أوجب شيء وتمنعه ، ألا يقال : كما أن العقول تفهم النصوص فهم مختلف فيرجع إلى العقل الذي وفق للصواب فيرجح بين العقول ؟ أستمع حفظ
مناقشة الشيخ للطلاب حول ما سبق
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الشيخ : اللهم صل وسلم عليه.
القارئ : قال رحمه الله تعالى:
" ولا نرد ذاك بالعقول *** لقول مفتر به جهول
فعقدنا الإثبات يا خليلي *** من غير تعطيل ولا تمثيل
وكل من أول في الصفات *** كذاته من غير ما إثبات
فقد تعدّى واستطال واجترى *** وخاض في بحر الهلاك وافترى ".
الشيخ : بس، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سبق لنا أنه لا يجوز الاعتماد في باب الصفات على العقل وأعللنا ذلك بعلل، نعم؟
الطالب : لأن عقول البشر تختلف في وصف ما يستحقه الله سبحانه وتعالى، فتختلف عقول الناس فيما
الشيخ : يعني تناقض العقلاء فيما بينهم فيما يثبت وفيما ينفى، هذا واحد.
الطالب : نقول إن مقتضى العقل أن نرجع إلى المنقول، ويقدّم على المعقول، لأنه خبر محض.
الشيخ : نعم، أن نقول: لو حكّمنا العقل في هذا لكان مقتضى ذلك أن نرجع إلى المنقول، لأن صفات الله عزّ وجلّ من باب الخبر المحض التي يعتمد فيها على النقل المحض. نعم؟
الطالب : لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فكما أننا لا نحيط بذاته فكذلك لا نحيط بأسمائه ولا صفاته.
الشيخ : نحن ذكرنا هذا؟
الطالب : ...
الشيخ : والله ما أدري، هو إذا صار من كيسك ننظر فيه.
الطالب : ... .
الشيخ : نعم.
الطالب : أن العقول لا يمكن أن تثبت لله ...
الشيخ : أن العقول لا يمكنها إدراك ما يجب لله ويمتنع ويجوز على سبيل التفصيل، هذا لا يمكن، صحيح على سبيل الإجمال تدرك العقول بأن الله موصوف بصفات الكمال منزّه عن صفات النقص، لكن على سبيل التفصيل لا يمكن، لا يمكن. طيب في وجه رابع؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب، أنه يمتنع عقلا أن تتحدّث عن شخص تجهل حقيقة صفاته فكيف بتحدّثك عن الخالق الذي لا مثيل له. طيب. إذن لا يمكن الرجوع إلى العقل، ثم نقول: في الرجوع إلى العقل أيضا محذور آخر غير هذه الوجوه الأربعة، أن الذين رجعوا إلى العقول في هذا ارتكبوا محذورين: أنهم يقولون على الله ما لا يعلمون، وينفون عن الله ما قاله عن نفسه، هؤلاء ارتكبوا محذورا عظيما.
الشيخ : اللهم صل وسلم عليه.
القارئ : قال رحمه الله تعالى:
" ولا نرد ذاك بالعقول *** لقول مفتر به جهول
فعقدنا الإثبات يا خليلي *** من غير تعطيل ولا تمثيل
وكل من أول في الصفات *** كذاته من غير ما إثبات
فقد تعدّى واستطال واجترى *** وخاض في بحر الهلاك وافترى ".
الشيخ : بس، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سبق لنا أنه لا يجوز الاعتماد في باب الصفات على العقل وأعللنا ذلك بعلل، نعم؟
الطالب : لأن عقول البشر تختلف في وصف ما يستحقه الله سبحانه وتعالى، فتختلف عقول الناس فيما
الشيخ : يعني تناقض العقلاء فيما بينهم فيما يثبت وفيما ينفى، هذا واحد.
الطالب : نقول إن مقتضى العقل أن نرجع إلى المنقول، ويقدّم على المعقول، لأنه خبر محض.
الشيخ : نعم، أن نقول: لو حكّمنا العقل في هذا لكان مقتضى ذلك أن نرجع إلى المنقول، لأن صفات الله عزّ وجلّ من باب الخبر المحض التي يعتمد فيها على النقل المحض. نعم؟
الطالب : لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فكما أننا لا نحيط بذاته فكذلك لا نحيط بأسمائه ولا صفاته.
الشيخ : نحن ذكرنا هذا؟
الطالب : ...
الشيخ : والله ما أدري، هو إذا صار من كيسك ننظر فيه.
الطالب : ... .
الشيخ : نعم.
الطالب : أن العقول لا يمكن أن تثبت لله ...
الشيخ : أن العقول لا يمكنها إدراك ما يجب لله ويمتنع ويجوز على سبيل التفصيل، هذا لا يمكن، صحيح على سبيل الإجمال تدرك العقول بأن الله موصوف بصفات الكمال منزّه عن صفات النقص، لكن على سبيل التفصيل لا يمكن، لا يمكن. طيب في وجه رابع؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب، أنه يمتنع عقلا أن تتحدّث عن شخص تجهل حقيقة صفاته فكيف بتحدّثك عن الخالق الذي لا مثيل له. طيب. إذن لا يمكن الرجوع إلى العقل، ثم نقول: في الرجوع إلى العقل أيضا محذور آخر غير هذه الوجوه الأربعة، أن الذين رجعوا إلى العقول في هذا ارتكبوا محذورين: أنهم يقولون على الله ما لا يعلمون، وينفون عن الله ما قاله عن نفسه، هؤلاء ارتكبوا محذورا عظيما.
تتمة الكلام على الوجه الخامس في الرد على من قال إن المرجع في إثبات الصفات ونفيها هو العقل.
الشيخ : وإن شئتم جعلناه خامسا: أن في الاعتماد على العقل ارتكاب محذورين عظيمين، أحدهما: أن نقول على الله ما لا نعلم، والثاني: أن ننفي عن الله ما أثبته لنفسه، وهذا محذور عظيم، لا يمكن لمؤمن أن يرتكبه، بل ولا يمكن لعاقل أن يرتكبه فضلا عن مؤمن، وهؤلاء ارتكبوا ذلك بحجّة أن العقل يمنع هذا على الله، أو بحجّة أن العقل يوجب على الله هذا الشيء.
8 - تتمة الكلام على الوجه الخامس في الرد على من قال إن المرجع في إثبات الصفات ونفيها هو العقل. أستمع حفظ
معنى قوله:( لقول مفتر به جهول )
الشيخ : ولهذا قال المؤلف: " ولا نرد ذاك بالعقول *** لقول مفتر " " مفتر " اللام هنا للتعليل، أي: من أجل قول مفتر، والمفتري هو الكاذب، وبه " مفتر به " أي كاذب به " جهول " ويجوز أن نجعل به متعلقا بجهول، أي جهول به، وإنما قال المؤلف: مفتر وجهول، لأن من خالف النص وقال المراد به كذا فهو إما كاذب وإما جاهل، إما كاذب إن تعمّد مخالفة النص، يعني أن النص يدل على كذا، ولكن قال نرجع إلى كذا، وإما جهول إن كان لا يدري أنه خالف النص، فالذين خالفوا النصوص في هذا الباب لا يخرجون عن أحد هذين الوصفين، إما الكذب إن علموا أن النص يدل على خلاف قولهم ولكن ارتكبوا خلافه عن عمد، وإما الجهل إن ارتكبوا خلاف النص عن غير عمد.
معنى قوله:( فـعقـدنـا الإثبات يا خليلي مـن غيـر تعطيـل ولا تـمثيـل )
الشيخ : ثم قال: " فعقدنا الإثبات يا خليلي *** من غير تعطيل ولا تمثيل " " عقدنا " يعني اعتقادنا، الإثبات من غير تعطيل ولا تمثيل. قوله " فعقدنا الإثبات " أي إثبات هو؟ إثبات ما أثبته الله لنفسه، ولا شكّ أن في العبارة قصورا، لأن عقدنا الإثبات فيما أثبته الله لنفسه، والنفي فيما نفاه الله عن نفسه، والتوقّف فيما لم يرد إثباته ولا نفيه ما لم يتضمّن نقصا فإن تضمّن نقصا محضا فهو مما ينفى عن الله، فصار اعتقادنا على النحو التالي: أولا إثبات ما أثبته الله لنفسه، والثاني نفي ما نفاه الله عن نفسه، والثالث التوقف فيما لم يرد إثباته ولا نفيه ما لم يتضمّن نقصا محضا فإننا أيش؟ ننفيه عن الله.
إثبات ما أثبته الله لنفسه كالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والوجه والعين واليد والقدم والأصبع، وما أشبه ذلك، أعرفتم؟ هذه نثبتها، لأن الله أثبتها لنفسه، نفي ما نفاه عن نفسه؟ كالظلم والجهل والغفلة والنسيان وما أشبه ذلك، ننفي ما نفاه الله عن نفسه، والعور أيضا العور في العين.
إثبات ما أثبته الله لنفسه كالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والوجه والعين واليد والقدم والأصبع، وما أشبه ذلك، أعرفتم؟ هذه نثبتها، لأن الله أثبتها لنفسه، نفي ما نفاه عن نفسه؟ كالظلم والجهل والغفلة والنسيان وما أشبه ذلك، ننفي ما نفاه الله عن نفسه، والعور أيضا العور في العين.
اضيفت في - 2007-02-04