معنى الذات في لغة وعند المتكلمين، وهل لها أصل في لغة العرب؟ وهل يعبر عن الله بالذات أم بالنفس ؟
لكن لا مشاحة في الاصطلاح، يعني: أن العلماء تقبلوا هذا وصاروا يقولون: ذات وصفات، صفات الذات، وصفات الأفعال، وإلا فهي في الأصل ليست من كلام العرب، وأظنه مر علينا أننا ذكرنا أن معناها خمسة أو أربعة، لها معاني خمسة أو أربعة، لكن الخمسة بناء على اصطلاح المتكلمين أن الذات بمعنى النفس.
طيب، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الأسماء.
1 - معنى الذات في لغة وعند المتكلمين، وهل لها أصل في لغة العرب؟ وهل يعبر عن الله بالذات أم بالنفس ؟ أستمع حفظ
سؤال: في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يكذب ثلاث كذبات في ذات الله ) ، أليس معناها ( في نفس الله ) ؟
الشيخ : نعم.
السائل : أليس معناه في نفس الله ؟
الشيخ : لا لا، في ذات الله في جهته، يعني: أو في حقه أو ما أشبه ذلك، لأنه ما كذب في نفس الله، كذب في الشيء المتعلق بالله.
2 - سؤال: في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يكذب ثلاث كذبات في ذات الله ) ، أليس معناها ( في نفس الله ) ؟ أستمع حفظ
سؤال: ذكرت أقسام الصفات ، التقسيم الأول إلى صفات ثبوتية وسلبية والتقسيم الثاني إلى ذاتية وفعلية وخبرية ما الفرق بين التقسيمين ؟
السائل : شيخ ذكرت أقسام الصفات، التقسيم الأول والتقسيم الثاني.
الشيخ : إي نعم.
السائل : وش الفرق بين التقسيم هذا والتقسيم هذا؟
الشيخ : وش التقسيم الثاني؟
السائل : التقسيم الأول أنها فعلية وثبوتية ...، والتقسيم هذا أنها صفات كمال محضة وصفات.
الشيخ : إيه
السائل : التقسيم هذا.
الشيخ : الأول من جهة أن الصفات إما مثبتة لله ولا منفية عنه، فتنقسم بهذا الانقسام إلى ثبوتية وسلبية، وذكرنا هذا أظن في أول المقدمة، ولا لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : تكلمنا عليه في أول المقدمة، وإن شاء الله سنعود ونكمل البحث في الأسماء والصفات لأننا نرى أننا قصرنا في تقسيم الصفات، لأنا قسمناها فيما سبق التقسيم الأخير إلى ذاتية وفعلية وخبرية، والتقسيم الآخر؟
الطالب : ...
الشيخ : لا.
الطالب : كمال مطلق.
الشيخ : أي نعم، إلى كمال مطلق، وإلى نقص مطلق، ولكن هذا، نعم، وإلى كمال مقيد، إي نعم.
3 - سؤال: ذكرت أقسام الصفات ، التقسيم الأول إلى صفات ثبوتية وسلبية والتقسيم الثاني إلى ذاتية وفعلية وخبرية ما الفرق بين التقسيمين ؟ أستمع حفظ
سؤال: هل توجد صفة مشتركة بين أن تكون خبرية وتكون ذاتية وهل صفة العلو صفة ذاتية خبرية؟
الشيخ : نعم.
السائل : هل تكون الصفة مشتركة بين أن تكون خبرية وتكون ذاتية؟
الشيخ : وش معنى خبرية ذاتية؟
السائل : نقول الذاتية التي يتصف الله بها أزلا وأبدا.
الشيخ : لا، نحن قسمناها إلى الأقسام الثلاثة: إلى المعنوية اللازمة لله، الصفات الذاتية قلنا هي الصفات المعنوية الثابتة لله أزلا وأبدا، الخبرية هي الصفات التي مسماها أبعاض وأجزاء لنا، فهمت؟ لكن هي باعتبار الثبوت كالصفات الأولى، يعني أنها دائمة لم يزل الله ولا يزال متصفا بها.
السائل : يا شيخ العلو أليس كما ذكرت؟
الشيخ : كيف العلو؟
السائل : العلو أليس صفة ذاتية خبرية؟
الشيخ : لا، ما هي خبرية.
الطالب : ليس خبرية.
الشيخ : لا، صفة ذاتية وعقلية، حتى العقل دل على أن الله موصوف بالعلو.
ذكر مباحث في الأسماء والصفات: المبحث الأول :هل أسماء الله تعالى مشتقة أو غير مشتقة (بيان أن أسماء الله كلها حسنى)؟
قال رحمه الله تعالى: " *** أسماؤه ثابتة عظيمة "
الشيخ : بس.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: "أسماؤه ثابتة عظيمة " أسماء الله تعالى ثابتة، أي: حق واقع، لقوله تعالى: (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون )).
والبحث في أسماء الله تعالى من عدة أوجه:
أولا: هل أسماء الله تعالى مشتقة أو غير مشتقة؟ بمعنى أنها هل تتضمن معاني وأوصافا أو لا تتضمن؟
والجواب: أنها تتضمن، كل اسم منها يتضمن الصفة التي اشتق منها، حتى الله اسم الله يتضمن صفة، وهي الألوهية، فأسماء الله تعالى إذن أعلام دالة على صفة، كل اسم، أسماء الله كلها تتضمن صفة، ولولا ذلك ما كانت حسنى، لولا أنها تتضمن معنى لم تكن حسنى، لأنها إذا لم تتضمن معنى صارت أسماء جامدة، أسماء جامدة لا معنى لها، وإذا كانت أسماء جامدة لا معنى لها فأين يأتيها الحسن، والله عز وجل وصفها بأنها حسنى، أي فضلى يعني أي بالغة في الحسن كماله.
طيب، إذن ما من اسم إلا ويتضمن صفة، وقد يتضمن صفتين أو أكثر، لكن تضمنه الصفتين أو الأكثر يكون عن طريق الالتزام، يعني: من باب دلالة اللزوم أو الالتزام، فمثلا الخلاق من أسماء الله يتضمن صفة الخلق، ويستلزم صفة العلم والقدرة، إذ لا خلق إلا بعلم وقدرة، طيب هذا بحث.
5 - ذكر مباحث في الأسماء والصفات: المبحث الأول :هل أسماء الله تعالى مشتقة أو غير مشتقة (بيان أن أسماء الله كلها حسنى)؟ أستمع حفظ
أسماء الله أعلام وأوصاف.
المبحث الثاني: هل أسماء الله متباينة أو مترادفة ؟
فنقول: أما باعتبار دلالتها على الذات فهي مترادفة، لأنها دلت على شيء واحد، وهو الله، وأما باعتبار دلالتها على المعنى فهي متباينة، لأن لكل اسم منها معنى غير المعنى في الاسم الثاني، واضح؟
طيب، فإذا سألك سائل: هل أسماء الله مترادفة أو متباينة؟ تقول: أما باعتبار دلالتها على الذات فإنها مترادفة لدلالتها على شيء واحد، وأما باعتبار دلالتها على المعنى فهي متباينة لأن لكل اسم منها معنى غير المعنى الثاني.
وهنا لابد أن نتكلم على المترادف والمتباين، فالمترادف متعدد اللفظ متحد المعنى، والمتباين متعدد اللفظ والمعنى. فحجر وإنسان؟ هاه؟
الطالب : متباين
الشيخ : متباين، لأن اللفظ مختلف والمعنى مختلف. وبشر وإنسان مترادف، لأن اللفظ متعدد والمعنى واحد.
طيب، الله الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام إلى آخره، ما ذكر في سورة الحشر، باعتبار دلالتها على الله مترادفة لأنها تدل على شيء واحد، وباعتبار دلالة كل واحد منها على معناه متباينة، طيب.
المبحث الثالث: هل أسماء الله عز وجل محصورة بعدد معين معلوم أو لا ؟ والجواب عن حديث :" إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة "
الجواب: لا، ليست محصورة، ولا يمكن حصرها، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور حديث ابن مسعود في دعاء الغم والكرب أو الغم والهم، قال: ( أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ) إلى آخره، الشاهد قوله: ( أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) وهذا يدل على أن من أسماء الله ما استأثر الله به، وما استأثر الله به فلا يمكن الوصول إليه، لأنه لو أمكن الوصول إليه لم يكن مستأثرا به، ولهذا قال: ( استأثرت به في علم الغيب عندك ). فإذن ليست أسماء الله محصورة ولا يمكن حصرها.
فإذا قال قائل: كيف نجمع بين هذا وبين قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ) ؟ فالجواب: أن هذا الحديث الثاني لا يدل على الحصر، وإنما يدل على حصر معين، وهو أن من أسماء الله تسعة وتسعين اسما إذا أحصيتها دخلت الجنة، يعني: إذا أحصيت تسعة وتسعين اسما من أسماء الله، فإنك تدخل الجنة، واضح؟ نظيره لو قلت: عندي عشر سيارات أعددتها لحمل البطحا، هل معنى ذلك أنه ليس عندك إلا عشر؟ هاه؟ لا، لكن هذه العشر خصت بأنها معدودة أو معدة لحمل البطحا، في سيارات أخرى معدة لحمل الخشب، معدة لحمل الرجال، لحمل الأمتعة، المهم أن مثل هذا التعبير لا يدل على الحصر.
8 - المبحث الثالث: هل أسماء الله عز وجل محصورة بعدد معين معلوم أو لا ؟ والجواب عن حديث :" إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة " أستمع حفظ
بيان الفائدة إذا قلنا أن أسماء الله غير محصورة بعدد معين؟
قلنا: الفائدة من أجل أن يبحث المكلف عن هذه الأسماء من الكتاب والسنة حتى يدركها، وإلا لكان النبي عليه الصلاة والسلام يسردها لنا سردا ونستريح، لكن من أجل أن يبتلي الله الإنسان الحريص من غير الحريص، الحريص هو الذي يبحث عن الشيء حتى يصل إليه، وغير الحريص هو الذي يقول: إن كان الشيء سهلا أخذته، وإن كان صعبا يحتاج إلى مراجعة وإلى بحث فلا حاجة.
طيب، إذن أسماء الله محصورة ولا غير محصورة؟
الطالب : غير محصورة.
الشيخ : طيب، أسماء الله غير محصورة، والدليل حديث ابن مسعود، وأما حديث: ( إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ) فلا يدل على الحصر.
المبحث الرابع: هل يسمى بأسماء الله غير الله ؟ وهل يسمى المخلوق بالحكيم؟
فالجواب: أن من أسماء الله ما لا يسمى به غيره، مثل: الله، ما يمكن تسمي أحدا بهذا الاسم، لا على سبيل إرادة المعنى، ولا غيره.
الرحمن أيضا قال العلماء لا يجوز أن يسمى به غيره، ولا يوصف به غيره أيضا، لأن الألوهية والرحمة الواسعة الشاملة التي هي وصف لازم للراحم هذه لا تكون إلا لله.
أما بقية الأسماء فهي إن قصد بها ما يقصد بأسماء الله من الدلالة على العلمية والوصفية فإنها ممنوعة، وإن قصد بها مجرد العلمية فليست ممنوعة، فالحكم والحكيم من أسماء الله، فإذا سمينا شخصا بالحكم أو بالحكيم ولم نقصد معنى الحكمة فيه ولا معنى الحكم فهنا لا بأس به، وفي الصحابة من اسمه حكيم، وفيهم من اسمه الحكم.
وإن قصدنا بذلك المعنى الذي اشتققنا منه هذا الاسم فهذا لا يجوز، لأن هذا من خصائص إيش؟ أسماء الله هي التي يراد بها الاسم والوصف، ولهذا إذا سمينا رجلا بصالح فإنه جائز ولا يغير الاسم، لأننا ما قصدنا بذلك التزكية، أي: وصفه بالصلاح، ما سميناه صالحا لأنه صالح، سمينا صالح مجرد علم، سمينا شخصا بسلمان هاه؟ لأنه سالم؟ لا، قد يكون من أتعس الناس، قد يكون يوم تكسر رجله ويوما تكسر يده، ويوما يفلق راسه، ويوما يخدش ظهره، وليس في السلامة، ومع ذلك نسميه إيه نعم، نسميه سلمان، وكذلك سليمان.
فالمهم أنه إذا لم يقصد المعنى في الاسم فإنه جائز، مجرد علم فقط.
المبحث الخامس أو السادس؟
الطالب : الخامس.
الشيخ : الخامس: هل أسماء الله؟ السادس أظن، إي نعم.
الطالب : الخامس.
الشيخ : عدها لنا عدها لنا.
الطالب : الأول أن أسماء الله كلها حسنى.
الشيخ : طيب.
الطالب : الثاني: أن أسماء الله أعلام وأوصاف، أسماء الله مترادفة باعتبار متباينة باعتبار، والرابع أنها غير محصورة، والخامس هل يسمى بأسمائه غيره.
الشيخ : طيب، إذن السادس.
المبحث الخامس: هل أسماء الله توقيفية ومعنى قول الناظم:( لكنها في الحق توقيفية لـنـا بذا أدلـة وفــيـة )
ودليل ذلك من الأثر والنظر، أما الأثر فقوله تعالى: (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ))، وإثبات اسم من أسماء الله لم يسم به نفسه هذا من القول عليه بلا علم، فيكون حراما، وقال تعالى: (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ))، وإثبات اسم لم يسم الله به نفسه لله من قفو ما ليس لنا به علم، واضح؟ طيب.
أما النظر فلأن الاسم اسم المسمى لا يكون إلا بما وضعه لنفسه، وإذا كان الناس يعدون من العدوان أن يسمى الإنسان بما لم يسم به نفسه أو بما لم يسمه به أبوه فإن كون ذلك عدوانا في حق الخالق من باب أولى. الآن واحد عندنا اسمه محمد، جاء شخص وبدأ يسميه عبدالله، كلما ناداه عبدالله، كتب له رسالة إلى عبدالله، هذا جناية ولا لا؟ جناية، ولهذا تجده يقول: أنا ما هو اسمي عبدالله، أنا اسمي محمد، ويرى أن هذا معتد عليه، فإذا كان هذا في حق المخلوق، فما بالك في حق الخالق.
ثانيا: الدليل النظري أن الله قال: (( ولله الأسماء الحسنى )) الحسنى البالغة في الحسن كماله، وأنت إذا سميت الله باسم، فهل عندك علم بأنه بلغ كمال الحسن؟ قد تسميه باسم تظن أنه حسن وهو سيء ليس بحسن، وهذا أيضا دليل عقلي يدل على أنه لا يجوز أن نسمي الله بما لم يسم به نفسه.
فهذه أربعة أدلة دليلان أثريان أو شرعيان ودليلان عقليان، عقليان نظريان، ولهذا قال المؤلف: " لنا بذا أدلة وفية " لنا بذا" المشار إليه القول بأنها توقيفية، " أدلة وفية " أي: كافية وافية بالمقصود ".
فهذه ست مباحث في أسماء الله عز وجل. طيب.
11 - المبحث الخامس: هل أسماء الله توقيفية ومعنى قول الناظم:( لكنها في الحق توقيفية لـنـا بذا أدلـة وفــيـة ) أستمع حفظ
مسألة: هل الصفات كالأسماء توقيفية ؟
الجواب: سبق لنا القول في هذا، وذكرنا أن الصفات ثلاثة أقسام: كمال محض، ونقص محض، وكمال في حال دون حال، فالكمال المحض، نعم، يوصف الله به، والنقص المحض لا يوصف الله به، والمتردد بين هذا وهذا يوصف الله به في حال الكمال، ولا يوصف به في حال النقص، ولا على الإطلاق، انتبه، الذي يكون كمالا في حال دون حال يوصف الله به بحال إيش؟ الكمال، ولا يوصف به في حال النقص، ولا يوصف به على الإطلاق، يعني: يجب أن يكون مقيدا في حال يكون فيها كمالا.
إذن فليست كالأسماء توقيفية، ولهذا ممكن أن نشتق من كل فعل من أفعال الله صفة، فنقول تعالى: إن الله مزجي السحاب، لقوله: (( ألم تر أن الله يزجي سحابا ))، ونقول إن: الله تعالى ماكر بمن يمكر به، لقوله: (( ويمكرون ويمكر الله ))، مستهزئ بمن يستهزئ به (( الله يستهزئ بهم )) لما قالوا (( إنما نحن مستهزئون ))، خادع من يخدعه، لقوله: (( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم )). وعلى هذا فقس.
معنى قوله:( له الحياة والكلام والبصر سـمع إرادة وعـلـم واقتدر )
" له الحياة والكلام والبصر *** سمع إرادة وعلم واقتدر
بقدرة تعلقت بممكن *** كذا إرادة فعي واستبن "
" له " الضمير يعود على من؟ الله، " الحياة والكلام والبصر سمع " هذا على تقدير عاطف، أي: وسمع، " إرادة " كذلك على تقدير عاطف، أي: وإرادة، وعلم واقتدر.
" بقدرة " القدرة.
فهذه سبع صفات أثبتها المؤلف رحمه الله لله عز وجل، وسنبين أن في كلامه إيهاما بأنه لا يثبت إلا هذه الصفات السبع، ولكن له كلام آخر بأنه يجب إثبات كل ما وصف الله به نفسه في قوله فيما سبق: " فأثبتوا النصوص بالتنزيه " " فكل ما جاء من الآيات " نعم " أو صح في الأخبار عن ثقات
من الأحاديث نمره كما *** قد جاء "
" ولا نرد ذاك بالعقول *** ".
فإن كلامه السابق يدل على أننا نثبت لله تعالى كل ما أثبته لنفسه من الصفات.
الصفة الأولى وهي صفة الحياة لله، وبيان أن حياة الله كاملة لا كحياة المخلوق، وانتفاء النوم والسنة عن الله.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
" له الحياة والكلام والبصر *** سمع إرادة وعلم واقتدر
بقدرة تعلقت بممكن *** كذا إرادة فعي واستبن
والعلم والكلام قد تعلقا *** بكل شيء يا خليلي مطلقا "
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله: " له الحياة " شرع المؤلف في بيان الصفات على سبيل التفصيل، فقال: " له الحياة " لمن؟ لله عز وجل، والحياة هنا أل فيها للاستغراق، يعني: الحياة الكاملة أو لبيان الحقيقة، وتعرف الحقيقة بحسب ما تضاف إليه الصفة، فالحياة المضافة إلى الله ليست كالحياة المضافة إلى البشر أو إلى المخلوق على سبيل العموم. حياة الله عز وجل أزلية أبدية، أي: لم يزل ولا يزال حيا، ثم هي حياة أيضا كاملة لا يعتريها نقص بوجه من الوجوه، قال الله سبحانه وتعالى: (( وتوكل على الحي الذي لا يموت )) فهذا منع، فهذا فيه الامتناع عن زوال هذه الحياة، (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم )) وهذا منع لوصفها بالنقائص، فهي حياة كاملة، ليس فيها سنة ولا نوم، حياة دائمة ليس فيها موت، حياة أزلية لأنها لم تسبق بعدم، وكل حياة البشر بل كل حياة المخلوق مسبوقة بعدم، كل المخلوقات حياتها مسبوقة بالعدم،كذلك أيضا قابلة للزوال، جميع حياة الأحياء قابلة للزوال غير الله عز وجل، حتى ما خلق للبقاء كالروح وغلمان أهل الجنة والحور، هذه خلقت للبقاء وستبقى، لكنها قابلة للزوال، لو شاء الله تعالى لأهلكها، أما حياة الله عز وجل فإنها غير قابلة للزوال ولا للنقص ولا للابتداء، فيستحيل عليه ابتداء الحياة وزوالها ونقصها، ولهذا قال عز وجل: (( لا تأخذه سنة ولا نوم )) بخلاف حياة الإنسان فإنه وإن امتنع عن النوم لو حاول أن يبتعد عن النوم فلابد أن يأخذه النوم أو يهلك، ولهذا عبر بقوله: (( لا تأخذه )) أي: لا تغلبه، ولم يقل: لا ينم، لأن البشر قد يحاول ألا ينام، ولكن لو حاول ألا ينام فلنقصه لابد أن تأخذه السنة والنوم أو يهلك، أما الرب عز وجل فإنه لا تأخذه السنة والنوم، وفي الحديث الصحيح: ( إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ) فانتفى بذلك غلبة النوم والسنة عليه عز وجل بنص القرآن، وأنه لا ينام ولا بإرادته، لأن ذلك من المستحيل عليه لقوله: " ولا ينبغي له أن ينام "، لأن النوم نقص، ونحن إنما ننام لنقصنا لا لكمالنا، ننام من أجل، من أجل إيش؟ من أجل الراحة عما مضى، واستجلاب القوة لما يستقبل. أما الله عز وجل فإنه لم يزل ولا يزال قويا، وخلق السماوات والأرض في ستة أيام وما مسه من لغوب.
فالحاصل أن الله له الحياة الكاملة أزلا ابتداء وانتهاء واستمرارا، فابتداء لم تسبق؟
الطالب : بعدم.
الشيخ : وانتهاء لا يلحقها زوال، واستمرارا أنها حياة كاملة لا يعتريها سنة ولا نوم ولا نقص بأي نوع من أنواع النقص (( لا تأخذه سنة ولا نوم )). طيب.
14 - الصفة الأولى وهي صفة الحياة لله، وبيان أن حياة الله كاملة لا كحياة المخلوق، وانتفاء النوم والسنة عن الله. أستمع حفظ
الصفة الثانية وهي صفة الكلام لله، وبيان أن كلام الله بحرف وصوت ويسمع ويرد عليه وذكر الأدلة على ذلك.
أما الأول وهو أن كلامه بحرف فهو أشهر من أن يذكر، كل الكلام الذي ذكره الله عن نفسه نجده في حروف، فمثلا القرآن الكريم سماه الله تعالى كلاما له، فقال: (( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله )) ومعلوم أن القرآن حروف ولا لا؟ حروف، كله حروف، ثم إن الله يقول: (( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم )) (( وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين )) (( وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة )) كل هذه المقولات إيش؟ حروف.
طيب، حروف متتابعة ولا متقارنة؟ متتابعة، (( يا عيسى )) عيسى بعد يا، (( إني متوفيك )) بعد عيسى، فهي متتابعة بعضها بعد بعض، وليست متقارنة، ولا يمكن أن تكون متقارنة، طيب.
وهل هي بصوت؟ كلام الله بصوت؟
الجواب: نعم، كلام الله تعالى بصوت (( وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا )) فالمناداة بصوت مرتفع، والمناجاة بصوت منخفض، وكل ذلك وصف الله به نفسه، (( ناديناه )) (( وقربناه نجيا ))، ثم إن المحاورة التي تقع بين الله وبين رسله تكون بشيء مسموع بلا شك، أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : فإن موسى عليه الصلاة والسلام لما كان الله يحاوره (( وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى )) هل كان موسى يسمع هذا ولا لا؟ يسمع، وهل يمكن أن يُسمع شيء بلا صوت؟ لا يمكن أبدا، لابد من صوت، فكلام الله إذن بحرف وصوت. طيب.
15 - الصفة الثانية وهي صفة الكلام لله، وبيان أن كلام الله بحرف وصوت ويسمع ويرد عليه وذكر الأدلة على ذلك. أستمع حفظ
بيان أن كلام الله يتعلق بمشيئته ابتداءً وانتهاءً وكيفية .
يتكلم كذلك كيف شاء بالنسبة للغة، فيكلم محمدا بالعربية ويكلم موسى بالسيريانية، هذا هو الظاهر لنا، وإن كان من الجائز أن يكلمه الله بالعربية وأن يلقي له فهما خاصا في تلك اللحظة يفهم به اللغة العربية، هذا جائز عقلا، لكنه خلاف؟
الطالب : الظاهر.
الشيخ : خلاف الظاهر، ونحن ليس لنا إلا الظاهر، أما ما وراء الظاهر ما نعلم عنه، فمن ادعاه فعليه الدليل، فالله عز وجل يتكلم كيف شاء. طيب.
ويتكلم بما شاء؟ نعم؟ نعم، يتكلم بما شاء، بالأمر والنهي والخبر والاستخبار الذي هو الاستفهام، وغير ذلك، يتكلم بما شاء، لأن له الملك المطلق والتدبير المطلق، فله أن يتكلم بما شاء من الكلام. طيب.
متى شاء؟ نعم؟ متى شاء، لأن الكلام يتعلق بمشيئته، فمتى شاء تكلم، فالكلام الذي حصل لموسى كان حين أرسله، وكان حين جاء للميقات (( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك )) فيتكلم في أي وقت شاء، وكلامه في أي وقت شاء ضروري أمر يوجبه العقل، لأننا نشاهد المحدثات ولا لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب. المحدثات لا تحدث إلا بإرادته، وإذا أراد شيئا (( فإنما يقول له كن فيكون )) إذن لابد أن يتعلق الكلام بمشيئته، متى شاء تكلم بما يريده عز وجل من الكلام الكوني والكلام الشرعي.
الكلام عند أهل السنة والرد على أهل البدع في ذلك : القول الأول أن كلام الله مخلوق وهو قول الجهمية والمعتزلة
وقال أهل البدع قولا كثيرا في الكلام، بلغ إلى ثمانية أقوال بالإضافة إلى قول أهل السنة والجماعة، وذكرها ابن القيم رحمه الله، وتجدونها في " مختصر الصواعق المرسلة "، نذكر منها قولين مشهورين:
القول الأول: قول الجهمية والمعتزلة وأتباعهما، يقولون إن الله تعالى يتكلم بكلام يسمع، وبحرف، ومتى شاء، وبما شاء، ولكن ليس كلامه صفة فيه، بل كلامه مخلوق من مخلوقاته بائن منه، يخلق كلاما في الهواء، كلاما في جهة معينة، ثم يسمع فيضاف إلى الله إضافة تشريف وخلق، كما أضاف الله إلى نفسه البيت في قوله: (( وطهر بيتي ))، وكما أضاف إلى نفسه الناقة في قوله: (( ناقة الله وسقياها ))، وكما أضاف إلى نفسه المساجد في قوله: (( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه )) فالإضافة إضافة الكلام إليه لا لأنه تكلم به وأنه صفة من صفاته، ولكن لأنه خلقه، أما الله عز وجل فمحال أن يتكلم بكلام، وإنما يخلق كلاما في غيره، ثم يضيفه إليه على سبيل إيش؟ التشريف والتكريم والتعظيم.
طيب. كيف ماذا تقولون في مناداة الله لموسى؟ قال: نعم نقول (( وناديناه من جانب الطور الأيمن )) خلق الله في جانب الطور الأيمن صوتا فسمعه موسى، ناداه من الشجرة، نودي من الشجرة أن يا موسى، نعم، فهو خلق كلاما في الشجرة، فسمعه موسى.
فنقول: سبحان الله! كيف الله تعالى يضيف الكلام إلى نفسه (( وناديناه من جانب الطور الأيمن )) ويضيف إلى نفسه في محاورته لموسى، ثم تقولون إنه من الشجرة! وعلى قاعدتكم هذه نقول: كل كلام يمكن أن يكون كلام الله، حتى كلام البشر ممكن أن نقول: إنه كلام الله، لأنه مخلوق في الإنسان، بل إن كلام البشر على قاعدتكم يكون أشرف من كلام الله، لأنه مسموع من البشر الذي فضله الله على كثير ممن خلق تفضيلا، وكلام الله عندكم مسموع من أين؟ من شجرة ولا من جانب جبل ولا ما أشبه ذلك، ومن ثم ادعى أهل الحلول أن كل كلام فهو كلام الله، كل كلام الخلق كلام الله، حتى نعيق الطيور وأصواتها كلام الله، وقال قائلهم " وكل كلام في الوجود كلامه *** سواء علينا نثره ونظامه " كل كلام في الوجود فهو كلام الله، هذا معقول ولا لا؟! يعني حتى اللي يتكلم باللعن والسب والشتم، ويشتم الله ورسله وكتبه يعتبر كلامه كلام الله عند أهل الحلول. لكن هذا القول وإن كان الجهمية والمعتزلة ينكرونه لكنه لازم لهم، لأنكم إذا صححتم أن ما يضاف إلى الله من الكلام يكون كلام غيره فلا فرق بين أن يكون كلام البشر، أو كلام الشجرة وجانب الطور وما أشبه ذلك.
17 - الكلام عند أهل السنة والرد على أهل البدع في ذلك : القول الأول أن كلام الله مخلوق وهو قول الجهمية والمعتزلة أستمع حفظ
الرد على شبهة الجهمية والمعتزلة: ليس كل منزلٍ مخلوقاً ، فالله أنزل من السماء ماءاً والماء النازل من السماء مخلوق والحديد مخلوق
نقول: إن المنزل إما أن يكون عينا قائمة بنفسها، وحينئذ يكون مخلوقا، لأنه بائن من الله عز وجل، وإما أن يكون وصفا لا يقوم إلا بغيره، وحينئذ يجب أن يكون من صفات الله، والكلام وصف لا يقوم إلا بغيره ولا عينا تقوم بنفسها؟ هاه؟ وصف لا يقوم إلا بغيره، وحينئذ إذا أضاف الله الكلام إلى نفسه فهو صفة من صفاته، أما حديد يكون من صفات الله ما هو معقول هذا.