شرح العقيدة السفارينية-08a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
العقيدة السفارينية
معنى قوله:( والإرادة )الكلام على الصفة الخامسة لله وهي صفة الإرادة.
الشيخ : إرادة بالرفع عطفا على الحياة بإسقاط حرف العطف لضرورة النظم، طيب.
إرادة يعني أن الله عز وجل له الإرادة، ودليل ذلك قوله تعالى: (( فعال لما يريد ))، وقوله تعالى: (( والله يريد أن يتوب عليكم ))، وقول الله تعالى: (( يريد الله ليبين لكم )) ((ويريد الذين يتبعون الشهوات ))، لا (( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم والله يريد أن يتوب عليكم )) والآيات في الإرادة كثيرة.
إرادة يعني أن الله عز وجل له الإرادة، ودليل ذلك قوله تعالى: (( فعال لما يريد ))، وقوله تعالى: (( والله يريد أن يتوب عليكم ))، وقول الله تعالى: (( يريد الله ليبين لكم )) ((ويريد الذين يتبعون الشهوات ))، لا (( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم والله يريد أن يتوب عليكم )) والآيات في الإرادة كثيرة.
بيان قسمي الإرادة وهما كونية وشرعية وذكر الأدلة عليهما.
الشيخ : قال أهل العلم: والإرادة تنقسم إلى قسمين: إرادة كونية، وهي التي بمعنى المشيئة، وإرادة شرعية، وهي التي بمعنى المحبة.
أعود مرة ثانية، تنقسم الإرادة إلى قسمين: إرادة شرعية، وهي التي بمعنى إيش؟ المحبة، وإرادة كونية وهي التي بمعنى المشيئة طيب.
المثال: قوله تعالى (( والله يريد أن يتوب عليكم )) هذه بمعنى المحبة، وليست بمعنى المشيئة، لأنها لو كانت بمعنى المشيئة لتاب الله على جميع الناس، لكنها بمعنى المحبة تتعلق بمشيئته، إن شاء تاب، وإن شاء لم يتب. طيب.
إرادة بمعنى المشيئة مثل قوله تعالى: (( إن الله يفعل ما يريد ))، أي: ما يشاء، بدليل قوله تعالى في الآية الثانية: (( ويفعل الله ما يشاء ))، نعم، هذه إرادة بمعنى إيش؟ المشيئة.
طيب، فالإرادة إذن قسمان: كونية وشرعية.
أعود مرة ثانية، تنقسم الإرادة إلى قسمين: إرادة شرعية، وهي التي بمعنى إيش؟ المحبة، وإرادة كونية وهي التي بمعنى المشيئة طيب.
المثال: قوله تعالى (( والله يريد أن يتوب عليكم )) هذه بمعنى المحبة، وليست بمعنى المشيئة، لأنها لو كانت بمعنى المشيئة لتاب الله على جميع الناس، لكنها بمعنى المحبة تتعلق بمشيئته، إن شاء تاب، وإن شاء لم يتب. طيب.
إرادة بمعنى المشيئة مثل قوله تعالى: (( إن الله يفعل ما يريد ))، أي: ما يشاء، بدليل قوله تعالى في الآية الثانية: (( ويفعل الله ما يشاء ))، نعم، هذه إرادة بمعنى إيش؟ المشيئة.
طيب، فالإرادة إذن قسمان: كونية وشرعية.
الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية من حيث الحكم.
الشيخ : إذا قال قائل: ما الفرق بينهما من حيث الحكم؟ فالجواب: الفرق بينهما من وجهين:
الوجه الأول: أن الإرادة الكونية يلزم فيها وقوع المراد، والإرادة الشرعية لا يلزم فيها وقوع المراد، قد يريد الله الشيء شرعا ولا يقع. طيب.
الفرق الثاني: الإرادة الشرعية لا تكون إلا فيما يحبه الله، والإرادة الكونية تكون فيما يحبه وما لا يحبه. الفرق واضح؟ طيب.
فإذا قال قائل: أعطوني أمثلة توضح ذلك؟
قلنا: مثلا الإيمان والعمل الصالح مراد لله؟ مراد لله، كونا أو شرعا؟ شرعا، ليش؟ لأن من الناس من لم يؤمن ولم يعمل صالحا، ولو كان مرادا لله كونا وقدرا للزم أن يؤمن الناس كلهم ويعملوا صالحا. طيب.
إذا قال قائل: الكفر الواقع من بني آدم، هل هو مراد لله؟
الطالب : نعم.
الشيخ : مراد كونا لا شرعا، مراد كونا لأنه واقع، وكل شيء يقع فهو مراد لله عز وجل (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ))، فهو مراد كونا، غير مراد شرعا، لأن الله لا يريد من عباده الكفر، وإنما يريد منهم الإيمان. طيب.
نمثل بالأشخاص، إذا قال قائل: ما تقولون في كفر أبي جهل؟ اصبر يا أخي، نعم.
الطالب : مراد كونا.
الشيخ : مراد كونا؟ لماذا؟ ماهو الدليل على أنه مراد كونا؟
الطالب : لأن الكفر الله يعني الكفر لا يريده الله شرعا لعبيده.
الشيخ : لكن ما دليلك على أنه مراد كونا؟ أنا لست أسأل ما دليلك على أنه لا يراد شرعا، أنا أقول: ما هو الدليل على أنه مراد كونا؟
الطالب : لأن الكفر
الشيخ : لا، يلا عبدالرحمن بن داود؟
الطالب : لأنه توفي كافرا.
الشيخ : هاه؟
الطالب : لأنه توفي كافرا، لم يسلم حتى توفي.
الشيخ : لأنه واقع.
الطالب : توفي كافرا
الشيخ : أقول لأنه واقع.
الطالب : واقع نعم.
الشيخ : واقع، وكل شيء واقع فهو مراد كونا لا إشكال فيه. طيب. هل هو مراد شرعا؟
الطالب : غير مراد شرعا.
الشيخ : لماذا؟
الطالب : لأن المراد شرعا الإيمان.
الشيخ : إيش؟
الطالب : لأن المراد شرعا هو الإيمان.
الشيخ : لا، نعم؟
الطالب : مراد شرعا.
الشيخ : مراد شرعا.
الطالب : إيمانه ولا كفره؟
الشيخ : كفره؟
الطالب : لا، لا يراد شرعا.
الشيخ : لا يراد شرعا، لماذا؟
الطالب : لأنه لا يحبه الله.
الشيخ : لأن الله، نعم، لأن الله لا يحبه، وإذا كان الله لا يحب شيئا فإنه وإن وقع غير مراد لله شرعا.
طيب، ما تقول يا عبدالحميد في إيمان أبي بكر؟
الطالب : مراد شرعا.
الشيخ : هاه؟
الطالب : شرعا.
الشيخ : مراد شرعا لا كونا، لا كونا؟
الطالب : ...
الشيخ : اصبروا يا جماعة خلونا نتناقش معه عشان يفهم، إيمان أبي بكر مراد كونا أو شرعا؟
الطالب : ...
الشيخ : هاه؟
الطالب : شرعا.
الشيخ : مراد شرعا، لأن الله. طيب، وهل هو مراد كونا؟
الطالب : نعم، مراد كونا.
الشيخ : الدليل؟
الطالب : أنه وقع
الشيخ : لأنه واقع، ما سمعت يا عبدالحميد؟ كل شيء واقع فهو مراد كونا، أي شيء كان، وإيمان أبي بكر هاه؟ واقع، إذن هو مراد كونا لوقوعه، مراد شرعا لأنه محبوب إلى الله عز وجل.
طيب، إيمان أبي لهب الأخ؟
الطالب : أنا؟
الشيخ : إي نعم، إيمان أبي لهب؟
الطالب : ما أعرف.
الشيخ : يعني تقديرا، اصبر يا أخي.
الطالب : ليس مراد لا شرعا ولا كونا
الشيخ : آه، إيمان أبي لهب ليس مرادا لا كونا ولا شرعا، توافقونه على هذا؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ما يوافقونك.
الطالب : شيخ؟
الشيخ : هاه؟
الطالب : مراد شرعا لا كونا.
الشيخ : مراد شرعا لا كونا. طيب. علل لماذا كان مراد كونا؟
الطالب : غير مراد كونا.
الشيخ : غير مراد كونا، لماذا؟
الطالب : لأنه حال.
الشيخ : لم يقع.
الطالب : لم يقع.
الشيخ : طيب، مراد شرعا؟
الطالب : أن الله يحب منه الإيمان.
الشيخ : يحب منه الإيمان، صح، لأنه محبوب إلى الله عز وجل. بقي عندنا إشكال، أنتم ذكرتم الآن أن كفر أبي لهب مراد؟ كونا لوقوعه، غير مراد شرعا، لأنه؟ لأن الله لا يحبه، وقلتم أيضا إن إيمان أبي لهب مراد شرعا، لأن الله يحبه، غير مراد كونا لأنه لم يقع.
الوجه الأول: أن الإرادة الكونية يلزم فيها وقوع المراد، والإرادة الشرعية لا يلزم فيها وقوع المراد، قد يريد الله الشيء شرعا ولا يقع. طيب.
الفرق الثاني: الإرادة الشرعية لا تكون إلا فيما يحبه الله، والإرادة الكونية تكون فيما يحبه وما لا يحبه. الفرق واضح؟ طيب.
فإذا قال قائل: أعطوني أمثلة توضح ذلك؟
قلنا: مثلا الإيمان والعمل الصالح مراد لله؟ مراد لله، كونا أو شرعا؟ شرعا، ليش؟ لأن من الناس من لم يؤمن ولم يعمل صالحا، ولو كان مرادا لله كونا وقدرا للزم أن يؤمن الناس كلهم ويعملوا صالحا. طيب.
إذا قال قائل: الكفر الواقع من بني آدم، هل هو مراد لله؟
الطالب : نعم.
الشيخ : مراد كونا لا شرعا، مراد كونا لأنه واقع، وكل شيء يقع فهو مراد لله عز وجل (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ))، فهو مراد كونا، غير مراد شرعا، لأن الله لا يريد من عباده الكفر، وإنما يريد منهم الإيمان. طيب.
نمثل بالأشخاص، إذا قال قائل: ما تقولون في كفر أبي جهل؟ اصبر يا أخي، نعم.
الطالب : مراد كونا.
الشيخ : مراد كونا؟ لماذا؟ ماهو الدليل على أنه مراد كونا؟
الطالب : لأن الكفر الله يعني الكفر لا يريده الله شرعا لعبيده.
الشيخ : لكن ما دليلك على أنه مراد كونا؟ أنا لست أسأل ما دليلك على أنه لا يراد شرعا، أنا أقول: ما هو الدليل على أنه مراد كونا؟
الطالب : لأن الكفر
الشيخ : لا، يلا عبدالرحمن بن داود؟
الطالب : لأنه توفي كافرا.
الشيخ : هاه؟
الطالب : لأنه توفي كافرا، لم يسلم حتى توفي.
الشيخ : لأنه واقع.
الطالب : توفي كافرا
الشيخ : أقول لأنه واقع.
الطالب : واقع نعم.
الشيخ : واقع، وكل شيء واقع فهو مراد كونا لا إشكال فيه. طيب. هل هو مراد شرعا؟
الطالب : غير مراد شرعا.
الشيخ : لماذا؟
الطالب : لأن المراد شرعا الإيمان.
الشيخ : إيش؟
الطالب : لأن المراد شرعا هو الإيمان.
الشيخ : لا، نعم؟
الطالب : مراد شرعا.
الشيخ : مراد شرعا.
الطالب : إيمانه ولا كفره؟
الشيخ : كفره؟
الطالب : لا، لا يراد شرعا.
الشيخ : لا يراد شرعا، لماذا؟
الطالب : لأنه لا يحبه الله.
الشيخ : لأن الله، نعم، لأن الله لا يحبه، وإذا كان الله لا يحب شيئا فإنه وإن وقع غير مراد لله شرعا.
طيب، ما تقول يا عبدالحميد في إيمان أبي بكر؟
الطالب : مراد شرعا.
الشيخ : هاه؟
الطالب : شرعا.
الشيخ : مراد شرعا لا كونا، لا كونا؟
الطالب : ...
الشيخ : اصبروا يا جماعة خلونا نتناقش معه عشان يفهم، إيمان أبي بكر مراد كونا أو شرعا؟
الطالب : ...
الشيخ : هاه؟
الطالب : شرعا.
الشيخ : مراد شرعا، لأن الله. طيب، وهل هو مراد كونا؟
الطالب : نعم، مراد كونا.
الشيخ : الدليل؟
الطالب : أنه وقع
الشيخ : لأنه واقع، ما سمعت يا عبدالحميد؟ كل شيء واقع فهو مراد كونا، أي شيء كان، وإيمان أبي بكر هاه؟ واقع، إذن هو مراد كونا لوقوعه، مراد شرعا لأنه محبوب إلى الله عز وجل.
طيب، إيمان أبي لهب الأخ؟
الطالب : أنا؟
الشيخ : إي نعم، إيمان أبي لهب؟
الطالب : ما أعرف.
الشيخ : يعني تقديرا، اصبر يا أخي.
الطالب : ليس مراد لا شرعا ولا كونا
الشيخ : آه، إيمان أبي لهب ليس مرادا لا كونا ولا شرعا، توافقونه على هذا؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ما يوافقونك.
الطالب : شيخ؟
الشيخ : هاه؟
الطالب : مراد شرعا لا كونا.
الشيخ : مراد شرعا لا كونا. طيب. علل لماذا كان مراد كونا؟
الطالب : غير مراد كونا.
الشيخ : غير مراد كونا، لماذا؟
الطالب : لأنه حال.
الشيخ : لم يقع.
الطالب : لم يقع.
الشيخ : طيب، مراد شرعا؟
الطالب : أن الله يحب منه الإيمان.
الشيخ : يحب منه الإيمان، صح، لأنه محبوب إلى الله عز وجل. بقي عندنا إشكال، أنتم ذكرتم الآن أن كفر أبي لهب مراد؟ كونا لوقوعه، غير مراد شرعا، لأنه؟ لأن الله لا يحبه، وقلتم أيضا إن إيمان أبي لهب مراد شرعا، لأن الله يحبه، غير مراد كونا لأنه لم يقع.
الجواب عن إشكال: كيف يكون الشيء مراداً لله كوناً وهو لا يحبها ، وهل يكرهه على أن يوقع ما لا يحب ؟
الشيخ : يرد علينا إشكال: كيف يكون الشيء مرادا لله كونا وهو لا يحبه؟ وهل أحد يكرهه على أن يوقع ما لا يحب؟ هذا إشكال وارد. ولهذا أجاب بعض المعتزلة، فقال: كل ما وقع فهو مراد لله كونا وشرعا، كل شيء واقع فهو مراد كونا وشرعا، حتى المعاصي قالوا: إن الله أرادها شرعا، ولكن هذا فيه إشكال، فما هو الجواب السديد عن مثل هذه المسألة إذا قال قائل: إذا كان الله يكره كفر هذا الكافر فلماذا وقع وهو يكرهه؟ هل أحد أكرهه على أن يوقع شيئا يكرهه؟
لجواب: لا، لكنه مكروه لذاته محبوب لغيره، انتبه، الكفر الواقع مكروه لذاته محبوب لغيره، وش هذا الكلام؟! يكون الشيء محبوبا مكروها؟! نعم، يكون محبوبا مكروها باعتبارين، باعتبارين لا باعتبار واحد، الممتنع أن يكون الشيء مكروها محبوبا باعتبار واحد، أو من وجه واحد، أما إذا كان من وجهين فهذا هاه؟ يمكن ليس بممتنع، أرأيت الرجل يأتي بالحديدة محماة حمراء من النار ويكوي بها ابنه المريض، يمكن هذا ولا لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب، هل كيه لابنه مراد لذاته؟ هاه؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، مراد لغيره، ولهذا تجده يكون محبوبا له مكروها، محبوبا من وجه مكروها من وجه، من وجه إيلامه لابنه مكروه، من وجه أنه سبب لشفائه محبوب.
إذن هذا الكفر الواقع بإرادة الله عز وجل مكروه إلى الله لذاته محبوب إليه لغيره، كيف؟ لولا الكفر ما عرف الإيمان، لولا الكفر لم يكن جهاد، لولا الكفر لم يكن امتحان، أليس كذلك؟ لولا الكفر لكان خلق الناس عبثا، إلى غير ذلك من المصالح العظيمة التي أراد الله سبحانه وتعالى أن يقع الكفر بحكمته، ولهذا قال عمر رضي الله: " لا يعرف قدر الإسلام " أو " لا ينقض الإسلام عروة عروة إلا من لم يدخل في الكفر " يعني: أن من عرف قدر الإسلام هو الذي لا ينقضه، ولا يعرف الإنسان قدر الإسلام إلا إذا كان قد دخل في الكفر، فبضدها تتبين الأشياء.
فالحاصل أن نقول جوابا على هذا الإيراد الشائك: كيف يكون في ملك الله عز وجل شيء يكرهه، وهو الذي أراده؟
والجواب: أن هذا المكروه إلى الله مكروه إليه لذاته محبوب إليه لغيره، فهو مكروه محبوب من وجهين.
فإن قال قائل: هل هذا ممكن؟ قلنا: نعم، ونضرب له مثلا بماذا؟ بالرجل يكوي ابنه المريض ليشفى، فالكي مكروه لذاته، لكنه محبوب لغيره. نعم.
لجواب: لا، لكنه مكروه لذاته محبوب لغيره، انتبه، الكفر الواقع مكروه لذاته محبوب لغيره، وش هذا الكلام؟! يكون الشيء محبوبا مكروها؟! نعم، يكون محبوبا مكروها باعتبارين، باعتبارين لا باعتبار واحد، الممتنع أن يكون الشيء مكروها محبوبا باعتبار واحد، أو من وجه واحد، أما إذا كان من وجهين فهذا هاه؟ يمكن ليس بممتنع، أرأيت الرجل يأتي بالحديدة محماة حمراء من النار ويكوي بها ابنه المريض، يمكن هذا ولا لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب، هل كيه لابنه مراد لذاته؟ هاه؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، مراد لغيره، ولهذا تجده يكون محبوبا له مكروها، محبوبا من وجه مكروها من وجه، من وجه إيلامه لابنه مكروه، من وجه أنه سبب لشفائه محبوب.
إذن هذا الكفر الواقع بإرادة الله عز وجل مكروه إلى الله لذاته محبوب إليه لغيره، كيف؟ لولا الكفر ما عرف الإيمان، لولا الكفر لم يكن جهاد، لولا الكفر لم يكن امتحان، أليس كذلك؟ لولا الكفر لكان خلق الناس عبثا، إلى غير ذلك من المصالح العظيمة التي أراد الله سبحانه وتعالى أن يقع الكفر بحكمته، ولهذا قال عمر رضي الله: " لا يعرف قدر الإسلام " أو " لا ينقض الإسلام عروة عروة إلا من لم يدخل في الكفر " يعني: أن من عرف قدر الإسلام هو الذي لا ينقضه، ولا يعرف الإنسان قدر الإسلام إلا إذا كان قد دخل في الكفر، فبضدها تتبين الأشياء.
فالحاصل أن نقول جوابا على هذا الإيراد الشائك: كيف يكون في ملك الله عز وجل شيء يكرهه، وهو الذي أراده؟
والجواب: أن هذا المكروه إلى الله مكروه إليه لذاته محبوب إليه لغيره، فهو مكروه محبوب من وجهين.
فإن قال قائل: هل هذا ممكن؟ قلنا: نعم، ونضرب له مثلا بماذا؟ بالرجل يكوي ابنه المريض ليشفى، فالكي مكروه لذاته، لكنه محبوب لغيره. نعم.
4 - الجواب عن إشكال: كيف يكون الشيء مراداً لله كوناً وهو لا يحبها ، وهل يكرهه على أن يوقع ما لا يحب ؟ أستمع حفظ
خلاصة الكلام في الإرادة، مسألة : إذا كان شيء لم يقع فهل ننفي الإرادة الشرعية والكونية؟
الشيخ : خلاصة ما قلنا الآن أن الإرادة تنقسم إلى قسمين: إرادة كونية وإرادة شرعية، فما معنى كل واحدة؟
الإرادة الكونية هي التي بمعنى المشيئة، والشرعية هي التي بمعنى المحبة.
ما الفرق بينهما من حيث الحكم؟
الفرق أولا: الإرادة الكونية يلزم فيها وقوع المراد، فما أراده الله كونا فلابد أن يقع، والإرادة الشرعية لا يلزم فيها وقوع المراد، أي: أن الله قد يريد الشيء شرعا ولكن لا يقع.
الفرق الثاني: الإرادة الكونية عامة لما يحبه الله وما لا يحبه، والإرادة الشرعية خاصة فيما يحبه الله. طيب.
إذن الشيء الواقع نجزم أن فيه الإرادة الكونية، أنتم معي ولا لا؟ الشيء الواقع نجزم أن فيه الإرادة الكونية، لأنه واقع، ولكن هل فيه الإرادة الشرعية؟ ننظر، لا نقول لا، ولا نعم، ننظر، إن كان هذا الواقع مما يحبه الله ففيه الإرادتان الكونية والشرعية، وإن كان مما لا يحب ففيه الإرادة الكونية، وليس فيه الإرادة الشرعية، تمام ولا لا؟ طيب.
إذا كان الشيء لم يقع فإننا نجزم بانتفاء الإرادة الكونية فيه، أو لا؟ نجزم نقول هذا ليس فيه إرادة كونية، لأنه ما وقع، هل ننفي الإرادة الشرعية عنه أو لا؟ ننظر، هل يحبه الله فتكون الإرادة الشرعية ثابتة فيه، أو يكرهه فتكون الإرادة الشرعية غير ثابتة فيه، فإذا كان لم يقع وهو مكروه إلى الله انتفى عنه إيش الإرادتان الكونية والشرعية، ولهذا كفر المؤمن؟
الطالب : ...
الشيخ : كفر المؤمن ما هو كفر الكافر، كفر المؤمن غير مراد لا كونا ولا شرعا، لا كونا لأنه لم يقع فهو مؤمن، ولا شرعا لأنه مكروه إلى الله عز وجل، هاه؟
الطالب : بعضهم كفر بعد ...
الشيخ : لا لا، كفر المؤمن اللي هو مؤمن الآن، يعني: تقديرا. طيب. ثانيا بحثنا في إيراد إشكال، وهو كيف يكون في ملك الله عز وجل ما يكرهه الله؟ أو كيف تقولون إن هذا المكروه إلى الله واقع بإرادة الله، فهل لله أحد يكرهه؟
الجواب: لا، إذن يكون الكفر غير واقع بإرادته، إذ كيف يريد الله عز وجل شيئا يكرهه؟
والجواب: أن الواقع مما يكرهه الله كائن بلا شك بإرادة الله، لكنه مكروه إلى الله من وجه إيش؟ محبوب إليه من وجه آخر، فمن حيث كونه كفرا مكروه إلى الله، ومن حيث ما يترتب على ذلك من المصالح العظيمة والحكم البالغة يكون محبوبا إلى الله عز وجل، طيب، نعم.
الإرادة الكونية هي التي بمعنى المشيئة، والشرعية هي التي بمعنى المحبة.
ما الفرق بينهما من حيث الحكم؟
الفرق أولا: الإرادة الكونية يلزم فيها وقوع المراد، فما أراده الله كونا فلابد أن يقع، والإرادة الشرعية لا يلزم فيها وقوع المراد، أي: أن الله قد يريد الشيء شرعا ولكن لا يقع.
الفرق الثاني: الإرادة الكونية عامة لما يحبه الله وما لا يحبه، والإرادة الشرعية خاصة فيما يحبه الله. طيب.
إذن الشيء الواقع نجزم أن فيه الإرادة الكونية، أنتم معي ولا لا؟ الشيء الواقع نجزم أن فيه الإرادة الكونية، لأنه واقع، ولكن هل فيه الإرادة الشرعية؟ ننظر، لا نقول لا، ولا نعم، ننظر، إن كان هذا الواقع مما يحبه الله ففيه الإرادتان الكونية والشرعية، وإن كان مما لا يحب ففيه الإرادة الكونية، وليس فيه الإرادة الشرعية، تمام ولا لا؟ طيب.
إذا كان الشيء لم يقع فإننا نجزم بانتفاء الإرادة الكونية فيه، أو لا؟ نجزم نقول هذا ليس فيه إرادة كونية، لأنه ما وقع، هل ننفي الإرادة الشرعية عنه أو لا؟ ننظر، هل يحبه الله فتكون الإرادة الشرعية ثابتة فيه، أو يكرهه فتكون الإرادة الشرعية غير ثابتة فيه، فإذا كان لم يقع وهو مكروه إلى الله انتفى عنه إيش الإرادتان الكونية والشرعية، ولهذا كفر المؤمن؟
الطالب : ...
الشيخ : كفر المؤمن ما هو كفر الكافر، كفر المؤمن غير مراد لا كونا ولا شرعا، لا كونا لأنه لم يقع فهو مؤمن، ولا شرعا لأنه مكروه إلى الله عز وجل، هاه؟
الطالب : بعضهم كفر بعد ...
الشيخ : لا لا، كفر المؤمن اللي هو مؤمن الآن، يعني: تقديرا. طيب. ثانيا بحثنا في إيراد إشكال، وهو كيف يكون في ملك الله عز وجل ما يكرهه الله؟ أو كيف تقولون إن هذا المكروه إلى الله واقع بإرادة الله، فهل لله أحد يكرهه؟
الجواب: لا، إذن يكون الكفر غير واقع بإرادته، إذ كيف يريد الله عز وجل شيئا يكرهه؟
والجواب: أن الواقع مما يكرهه الله كائن بلا شك بإرادة الله، لكنه مكروه إلى الله من وجه إيش؟ محبوب إليه من وجه آخر، فمن حيث كونه كفرا مكروه إلى الله، ومن حيث ما يترتب على ذلك من المصالح العظيمة والحكم البالغة يكون محبوبا إلى الله عز وجل، طيب، نعم.
5 - خلاصة الكلام في الإرادة، مسألة : إذا كان شيء لم يقع فهل ننفي الإرادة الشرعية والكونية؟ أستمع حفظ
سؤال: قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي (وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره إساءته ولا بد له منه) فهل هذه إرادة كونية؟
السائل : قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي ... يعني في الأخير آخر الحديث أنه أتاه الموت.
الشيخ : ( وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره إساءته ولابد له منه )، نعم.
السائل : ولابد له منه.
الشيخ : نعم.
السائل : فهذا يا شيخ يكون مرادا كونا، لا، يعني يكون مرادا كونا، وأيضا.
الشيخ : هذا.
السائل : وأيضا يراد به لغيره.
الشيخ : هذا أمر ما يتعلق بالإرادة الشرعية، لأن مسألة موت المؤمن قد نقول إنه غير مراد لله شرعا، لأن بقاء هذا المؤمن يتعبد لله، نعم، خير.
السائل : ما يحبه يا شيخ بعد الموت الله سبحانه وتعالى يحب أن يجزيه الخير.
الشيخ : الله عز وجل يكره هذا الموت للمؤمن، لأن المؤمن يكرهه، فهو سبحانه وتعالى يتردد في قبض نفس المؤمن، لأن المؤمن يكره ذلك، والله تعالى لا يحب أن يفعل ما يكرهه المؤمن، لكن لما كان هذا أمرا لابد منه تقتضيه الحكمة فعله الله عز وجل.
الشيخ : ( وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره إساءته ولابد له منه )، نعم.
السائل : ولابد له منه.
الشيخ : نعم.
السائل : فهذا يا شيخ يكون مرادا كونا، لا، يعني يكون مرادا كونا، وأيضا.
الشيخ : هذا.
السائل : وأيضا يراد به لغيره.
الشيخ : هذا أمر ما يتعلق بالإرادة الشرعية، لأن مسألة موت المؤمن قد نقول إنه غير مراد لله شرعا، لأن بقاء هذا المؤمن يتعبد لله، نعم، خير.
السائل : ما يحبه يا شيخ بعد الموت الله سبحانه وتعالى يحب أن يجزيه الخير.
الشيخ : الله عز وجل يكره هذا الموت للمؤمن، لأن المؤمن يكرهه، فهو سبحانه وتعالى يتردد في قبض نفس المؤمن، لأن المؤمن يكره ذلك، والله تعالى لا يحب أن يفعل ما يكرهه المؤمن، لكن لما كان هذا أمرا لابد منه تقتضيه الحكمة فعله الله عز وجل.
6 - سؤال: قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي (وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره إساءته ولا بد له منه) فهل هذه إرادة كونية؟ أستمع حفظ
مناقشة الشيخ للطلاب حول صفة السمع والإرادة.
القارئ : وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى:
" له الحياة والكلام والبصر *** سمع إرادة وعلم واقتدر "
الشيخ : بس " بقدرة تعلقت بممكن *** " طيب.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سبق لنا أن من صفات الله تعالى السمع، وذكرنا أنه ينقسم إلى قسمين: سمع إدراك وسمع استجابة، وأن من أمثلة سمع الإدراك قوله تعالى: (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ))، ومن أمثلة سمع الإجابة قوله تعالى: (( إن ربي لسميع الدعاء )). وسبق لنا أن سمع الإجابة من باب الصفات الفعلية، وسمع الإدراك من باب الصفات الذاتية.
وسبق لنا أيضا أن سمع الإدراك ينقسم إلى ثلاثة أقسام: سمع يراد به التهديد، وسمع يراد به النصر والتأييد، وسمع يراد به بيان عموم إحاطة الله بكل شيء، أعرفتم؟
ومعنى قولنا يراد، أي: أنه يقتضي ذلك، وإلا فإن السمع الذي للتأييد هو أصله سمع إدراك، لكن يسمعهم سمع إدراك من أجل أن ينصرهم ويؤيدهم، كذلك سمع التهديد هو أصله سمع إدراك، لكنه يقتضي التهديد. وأن من سمع النصر والتأييد من أمثلته قوله تعالى: (( لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى ))، ومن سمع التهديد: (( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ))، ومن بيان سمع الإحاطة (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله )) إلى آخره.
وسبق لنا أيضا الإرادة من صفات الله، وأن الإرادة نوعان: كونية وشرعية، فالكونية هي التي بمعنى المشيئة، والشرعية هي التي بمعنى المحبة.
وذكرنا بينهما فرقين:
الأول: أن الكونية عامة فيما يحبه الله وما لا يحبه، وأما الشرعية فخاصة بما يحبه. وأن الإرادة الكونية لابد فيها من وقوع المراد، وأما الإرادة الشرعية فقد يتخلف فيها وقوع المراد.
وذكرنا من أمثلة الإرادة الكونية قوله تعالى: (( إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم )) فهنا الإرادة كونية، لأن الله تعالى لا يريد شرعا أن يغوي عباده، بل يريد شرعا أن يهديهم (( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم )). وأن من الإرادة الشرعية قوله تعالى: (( يريد الله بكم اليسر ))، وقوله تعالى: (( والله يريد أن يتوب عليكم )). وذكرنا الفرق بينهما كما سبق. طيب.
ثم ذكرنا أمثلة، هل إيمان أبي بكر مراد شرعا أو قدرا؟
الطالب : شرعا.
الشيخ : شرعا وقدرا، وهل كفر أبي لهب مراد شرعا أو مراد كونا؟
الطالب : كونا.
الشيخ : مراد كونا لا شرعا، وأن إيمان أبي لهب غير مراد؟
الطالب : لا شرعا ولا كونا.
الشيخ : لا شرعا، لا، وأن كفر، وأن كفر أبي لهب؟
الطالب : ...
الشيخ : الله أكبر، وأن كفر أبي لهب مراد كونا لا شرعا، طيب. وأن كفر أبي بكر غير مراد كونا ولا شرعا، والأحسن ألا نقول كفر أبي بكر، أن نقول وأن كفر المؤمن حال إيمانه غير مراد لا كونا ولا شرعا. طيب.
طيب، هل يلزم من كل ما أراده الله أن يكون محبوبا له؟
الطالب : فيه تفصيل.
الشيخ : هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : هل يلزم من كل ما أراده الله ووقع أن يكون محبوبا له؟ لا، فالكفر مثلا واقع بإرادة الله الكونية، وليس محبوبا له، صح؟ وأوردنا على هذا سؤالا، وقلنا: كيف يريد الله عز وجل ما يكرهه؟ وأجبنا عن ذلك بأن ما يكرهه الله مراد لغيره لا لذاته، فمن أجل ما يترتب عليه من المصالح يكون مرادا لله، ومن أجل ذاته يكون مكروها لله. وذكرنا أن هذا ممكن عقلا بضرب مثل لرجل يكوي ابنه بالنار من أجل أن يشفى من المرض، وكي ابنه بالنار غير مراد له لذاته، لكن من أجل إيش؟ من أجل أن يشفى، وهكذا الله عز وجل يوقع في عباده ما يكرهه، لكن من أجل مصلحة أخرى أعظم من إيقاعه، وأظن أن بعضكم سأل عن قوله تعالى: ( ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره المؤمن وأكره إساءته ولابد له منه )، وقلنا: هذا مما يكرهه الله، نعم، يكرهه الله شرعا ولا كونا؟ كونا لكنه يوقعه عز وجل لما له من المصالح العظيمة، لأنه لابد من الموت حتى يجازى الإنسان بعمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
قال رحمه الله تعالى:
" له الحياة والكلام والبصر *** سمع إرادة وعلم واقتدر "
الشيخ : بس " بقدرة تعلقت بممكن *** " طيب.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سبق لنا أن من صفات الله تعالى السمع، وذكرنا أنه ينقسم إلى قسمين: سمع إدراك وسمع استجابة، وأن من أمثلة سمع الإدراك قوله تعالى: (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ))، ومن أمثلة سمع الإجابة قوله تعالى: (( إن ربي لسميع الدعاء )). وسبق لنا أن سمع الإجابة من باب الصفات الفعلية، وسمع الإدراك من باب الصفات الذاتية.
وسبق لنا أيضا أن سمع الإدراك ينقسم إلى ثلاثة أقسام: سمع يراد به التهديد، وسمع يراد به النصر والتأييد، وسمع يراد به بيان عموم إحاطة الله بكل شيء، أعرفتم؟
ومعنى قولنا يراد، أي: أنه يقتضي ذلك، وإلا فإن السمع الذي للتأييد هو أصله سمع إدراك، لكن يسمعهم سمع إدراك من أجل أن ينصرهم ويؤيدهم، كذلك سمع التهديد هو أصله سمع إدراك، لكنه يقتضي التهديد. وأن من سمع النصر والتأييد من أمثلته قوله تعالى: (( لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى ))، ومن سمع التهديد: (( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ))، ومن بيان سمع الإحاطة (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله )) إلى آخره.
وسبق لنا أيضا الإرادة من صفات الله، وأن الإرادة نوعان: كونية وشرعية، فالكونية هي التي بمعنى المشيئة، والشرعية هي التي بمعنى المحبة.
وذكرنا بينهما فرقين:
الأول: أن الكونية عامة فيما يحبه الله وما لا يحبه، وأما الشرعية فخاصة بما يحبه. وأن الإرادة الكونية لابد فيها من وقوع المراد، وأما الإرادة الشرعية فقد يتخلف فيها وقوع المراد.
وذكرنا من أمثلة الإرادة الكونية قوله تعالى: (( إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم )) فهنا الإرادة كونية، لأن الله تعالى لا يريد شرعا أن يغوي عباده، بل يريد شرعا أن يهديهم (( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم )). وأن من الإرادة الشرعية قوله تعالى: (( يريد الله بكم اليسر ))، وقوله تعالى: (( والله يريد أن يتوب عليكم )). وذكرنا الفرق بينهما كما سبق. طيب.
ثم ذكرنا أمثلة، هل إيمان أبي بكر مراد شرعا أو قدرا؟
الطالب : شرعا.
الشيخ : شرعا وقدرا، وهل كفر أبي لهب مراد شرعا أو مراد كونا؟
الطالب : كونا.
الشيخ : مراد كونا لا شرعا، وأن إيمان أبي لهب غير مراد؟
الطالب : لا شرعا ولا كونا.
الشيخ : لا شرعا، لا، وأن كفر، وأن كفر أبي لهب؟
الطالب : ...
الشيخ : الله أكبر، وأن كفر أبي لهب مراد كونا لا شرعا، طيب. وأن كفر أبي بكر غير مراد كونا ولا شرعا، والأحسن ألا نقول كفر أبي بكر، أن نقول وأن كفر المؤمن حال إيمانه غير مراد لا كونا ولا شرعا. طيب.
طيب، هل يلزم من كل ما أراده الله أن يكون محبوبا له؟
الطالب : فيه تفصيل.
الشيخ : هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : هل يلزم من كل ما أراده الله ووقع أن يكون محبوبا له؟ لا، فالكفر مثلا واقع بإرادة الله الكونية، وليس محبوبا له، صح؟ وأوردنا على هذا سؤالا، وقلنا: كيف يريد الله عز وجل ما يكرهه؟ وأجبنا عن ذلك بأن ما يكرهه الله مراد لغيره لا لذاته، فمن أجل ما يترتب عليه من المصالح يكون مرادا لله، ومن أجل ذاته يكون مكروها لله. وذكرنا أن هذا ممكن عقلا بضرب مثل لرجل يكوي ابنه بالنار من أجل أن يشفى من المرض، وكي ابنه بالنار غير مراد له لذاته، لكن من أجل إيش؟ من أجل أن يشفى، وهكذا الله عز وجل يوقع في عباده ما يكرهه، لكن من أجل مصلحة أخرى أعظم من إيقاعه، وأظن أن بعضكم سأل عن قوله تعالى: ( ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره المؤمن وأكره إساءته ولابد له منه )، وقلنا: هذا مما يكرهه الله، نعم، يكرهه الله شرعا ولا كونا؟ كونا لكنه يوقعه عز وجل لما له من المصالح العظيمة، لأنه لابد من الموت حتى يجازى الإنسان بعمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
معنى قوله:( وعلم )الكلام على الصفة السادسة لله وهي صفة العلم.
الشيخ : طيب. ثم قال المؤلف: " وعلم " أي: من صفات الله تعالى العلم، والعلم صفة كمال، ولهذا يتمدح به الإنسان ويكره أن يوصف بضده، لو قلت لشخص يا جاهل، وأنت من أعلم الناس، قال لك الجاهل أنت، لأنه يرى أن وصفه بالجهل عيب وقدح، فلو جاء مثلا رجل من أعلم الناس، وقال لآخر: يا جاهل كيف تعمل هذا العمل؟ قال: الجاهل أنت، مع أنه من هاه؟ من أعلم الناس، لكنه لما سبه رد عليه مسبته، فالعلم صفة كمال بلا شك، وعلم الله عز وجل شامل لكل شيء حاضرا مستقبلا ماضيا، قال الله سبحانه وتعالى: (( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ))، وقال تعالى عن الملائكة: (( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ))، وقال تعالى: (( وهو بكل شيء عليم )). وكذلك أيضا علم الله تعالى محيط بكل شيء تفصيلا، قال الله تعالى: (( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين )) وعلمه سبحانه وتعالى شامل لما يتعلق بفعله وما يتعلق بفعل عباده، قال الله تعالى: (( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ))، وقال تعالى (( والله عليم بذات الصدور ))، وقال (( والله بما تعملون عليم ))، فعلم الله شامل لكل ما يعمله العبد، واضح يا جماعة؟
إذن علم الله ثابت له بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين والنظر الصحيح، الكتاب ما أكثر الآيات التي تصف الله بالعلم، والسنة كذلك مملوءة بما يدل على أن الله تعالى بكل شيء عليم، كما في حديث الاستخارة وغيره، وإجماع المسلمين ثابت بأن الله بكل شيء عليم، والنظر الصحيح يدل عليه، لقول الله تعالى مستدلا على علمه بدلالة عقلية: (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ))، فالخالق لابد أن يكون عالما بمخلوقه، وعالما بخلقه كيف يخلق، فالعلم دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وش بعد؟ والعقل، جملة وتفصيلا.
إذن علم الله ثابت له بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين والنظر الصحيح، الكتاب ما أكثر الآيات التي تصف الله بالعلم، والسنة كذلك مملوءة بما يدل على أن الله تعالى بكل شيء عليم، كما في حديث الاستخارة وغيره، وإجماع المسلمين ثابت بأن الله بكل شيء عليم، والنظر الصحيح يدل عليه، لقول الله تعالى مستدلا على علمه بدلالة عقلية: (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ))، فالخالق لابد أن يكون عالما بمخلوقه، وعالما بخلقه كيف يخلق، فالعلم دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وش بعد؟ والعقل، جملة وتفصيلا.
معنى قوله:( بقدرة تـعلقـت بممكن كذا إرادة فع واسـتـبـن ) الكلام على الصفة السابعة لله وهي صفة القدرة، وهل قدرة الله تشمل المستحيل.
الشيخ : طيب ثم قال: " واقتدر بقدرة تعلقت بممكن *** " يعني من صفات الله تعالى القدرة، وقال: " اقتدر " من باب المبالغة، أبلغ من قدر، فإن اقتدر تدل على صفة ذاتية لازمة، قال الله تعالى: (( إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر ))، وقال تعالى: (( إن الله على كل شيء قدير )) والآيات في هذا كثيرة.
وقدرة الله تعالى قدرة مقرونة بالقوة، فهو القوي القادر، نعم، بخلاف المخلوق فإن قدرته محدودة، وقد تكون قدرة بقوة وقد تكون قدرة بلا قوة. نعم.
لكن المؤلف قيّد القدرة، قال: " تعلقت بممكن " وتعلقت بالواجب أيضا؟ نعم، بالواجب من باب أولى. تعلقت بالمستحيل؟ لا، لأن المستحيل ليس بشيء فضلا عن أن يكون مقدورا عليه، لكن المستحيل الذي يتصور الذهن أنه مستحيل مستحيل لذاته، ومستحيل لغيره، أما المستحيل لذاته فهو مستحيل، لا يمكن، لو أن أحدا أراد أن يقول هل الله قادر على أن يخلق مثله؟ لقلنا هذا مستحيل، لكن الله قادر على أن يخلق خلقا أعظم من الخلق الذي نعلمه الآن، ونحن نعلم الآن أن أعظم مخلوق نعلمه هو؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، العرش، العرش أعظم من كل شيء من المخلوقات التي نعلمها، ومع ذلك نعلم أن الله قادر على أن يخلق أعظم من العرش، واضح؟ لكن الشيء المستحيل لذاته هذا غير ممكن، نعلم أنه يستحيل في العادة ما هو لذاته أنه لا يقع خسوف القمر في أول الشهر، هذا مستحيل حسب إيش؟ حسب العادة، ونعلم أيضا أنه لا يمكن أن يهلّ الهلال ثم تخسف الشمس بعد غروبها بعد الغروب، هذا نعلم علم اليقين أنه لن يكون، لكن لذاته ولا لغيره؟ لغيره، أي: حسب ما أجرى الله العادة، وإلا فإن الله قادر على أن يكسف القمر في أول الشهر، وعلى أن يهل الهلال، ثم تخسف الشمس بعد غروبها، أو ما فهمتم؟ هاه؟ هلال الهلال لا يمكن أن يكون قبل خسوف الشمس، بمعنى: أنه إذا خسفت الشمس في ليلة قلنا إنها هي أول ليلة في الشهر، فهذا شيء مستحيل، لأن من المعلوم أن كسوف الشمس سببه الذي جعله الله سببا كونيا حيلولة القمر بين الشمس والأرض، وحيلولة القمر بين الشمس والأرض يمنع أن يهل الهلال قبل الخسوف، لأنه إذا هل الهلال قبل الخسوف لا يمكن أن يتجاوز، ثم يحول بين الشمس والأرض، لأن المعلوم أن القمر يتأخر عن الشمس، الكلام هذا معلوم ولا غير معلوم؟ هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : والله ما أدري عنكم، طيب. ما هو سبب الخسوف الذي جعله الله سببا للخسوف في العادة؟ حيلولة القمر بين الشمس وبين الأرض، إذن الشمس سبقت في هذه الحال ولا ما سبقت؟
الطالب : سبقت.
الشيخ : لا إله إلا الله، كيف سبقت يا ياسر؟ ما سبقت، لا، أبدا، هذا القمر وهذه الشمس وهذه الأرض، الأرض هذه، وهذا القمر، وهذه الشمس، الآن حالت بينه وبين، حال بينها وبين الأرض، هل سبقته ولا لا؟ لو سبقته ما صار خسوف، وإذا هل الهلال لزم أن تكون الشمس قد سبقت الهلال، لأن الهلال لا يكون هلالا إلا بعد غروب الشمس، وإذا كانت الشمس قد سبقت هل يمكن الخسوف، لا يمكن أبدا، لأن القمر ما يمكن بعد ما إنه تأخر عن الشمس يذهب بسرعة حتى يكون تحتها، هذا مستحيل، مستحيل لذاته؟ لغيره، يعني حسب ما أجرى الله العادة أن هذا مستحيل، لكن الله قادر على أن يحبس الشمس ويسرع في سير القمر حتى يخسف بعد الغروب، واضح ولا لا؟
وقدرة الله تعالى قدرة مقرونة بالقوة، فهو القوي القادر، نعم، بخلاف المخلوق فإن قدرته محدودة، وقد تكون قدرة بقوة وقد تكون قدرة بلا قوة. نعم.
لكن المؤلف قيّد القدرة، قال: " تعلقت بممكن " وتعلقت بالواجب أيضا؟ نعم، بالواجب من باب أولى. تعلقت بالمستحيل؟ لا، لأن المستحيل ليس بشيء فضلا عن أن يكون مقدورا عليه، لكن المستحيل الذي يتصور الذهن أنه مستحيل مستحيل لذاته، ومستحيل لغيره، أما المستحيل لذاته فهو مستحيل، لا يمكن، لو أن أحدا أراد أن يقول هل الله قادر على أن يخلق مثله؟ لقلنا هذا مستحيل، لكن الله قادر على أن يخلق خلقا أعظم من الخلق الذي نعلمه الآن، ونحن نعلم الآن أن أعظم مخلوق نعلمه هو؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، العرش، العرش أعظم من كل شيء من المخلوقات التي نعلمها، ومع ذلك نعلم أن الله قادر على أن يخلق أعظم من العرش، واضح؟ لكن الشيء المستحيل لذاته هذا غير ممكن، نعلم أنه يستحيل في العادة ما هو لذاته أنه لا يقع خسوف القمر في أول الشهر، هذا مستحيل حسب إيش؟ حسب العادة، ونعلم أيضا أنه لا يمكن أن يهلّ الهلال ثم تخسف الشمس بعد غروبها بعد الغروب، هذا نعلم علم اليقين أنه لن يكون، لكن لذاته ولا لغيره؟ لغيره، أي: حسب ما أجرى الله العادة، وإلا فإن الله قادر على أن يكسف القمر في أول الشهر، وعلى أن يهل الهلال، ثم تخسف الشمس بعد غروبها، أو ما فهمتم؟ هاه؟ هلال الهلال لا يمكن أن يكون قبل خسوف الشمس، بمعنى: أنه إذا خسفت الشمس في ليلة قلنا إنها هي أول ليلة في الشهر، فهذا شيء مستحيل، لأن من المعلوم أن كسوف الشمس سببه الذي جعله الله سببا كونيا حيلولة القمر بين الشمس والأرض، وحيلولة القمر بين الشمس والأرض يمنع أن يهل الهلال قبل الخسوف، لأنه إذا هل الهلال قبل الخسوف لا يمكن أن يتجاوز، ثم يحول بين الشمس والأرض، لأن المعلوم أن القمر يتأخر عن الشمس، الكلام هذا معلوم ولا غير معلوم؟ هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : والله ما أدري عنكم، طيب. ما هو سبب الخسوف الذي جعله الله سببا للخسوف في العادة؟ حيلولة القمر بين الشمس وبين الأرض، إذن الشمس سبقت في هذه الحال ولا ما سبقت؟
الطالب : سبقت.
الشيخ : لا إله إلا الله، كيف سبقت يا ياسر؟ ما سبقت، لا، أبدا، هذا القمر وهذه الشمس وهذه الأرض، الأرض هذه، وهذا القمر، وهذه الشمس، الآن حالت بينه وبين، حال بينها وبين الأرض، هل سبقته ولا لا؟ لو سبقته ما صار خسوف، وإذا هل الهلال لزم أن تكون الشمس قد سبقت الهلال، لأن الهلال لا يكون هلالا إلا بعد غروب الشمس، وإذا كانت الشمس قد سبقت هل يمكن الخسوف، لا يمكن أبدا، لأن القمر ما يمكن بعد ما إنه تأخر عن الشمس يذهب بسرعة حتى يكون تحتها، هذا مستحيل، مستحيل لذاته؟ لغيره، يعني حسب ما أجرى الله العادة أن هذا مستحيل، لكن الله قادر على أن يحبس الشمس ويسرع في سير القمر حتى يخسف بعد الغروب، واضح ولا لا؟
9 - معنى قوله:( بقدرة تـعلقـت بممكن كذا إرادة فع واسـتـبـن ) الكلام على الصفة السابعة لله وهي صفة القدرة، وهل قدرة الله تشمل المستحيل. أستمع حفظ
بيان أقسام المستحيل: مستحيل لذاته ولغيره.
الشيخ : طيب. إذن قول المؤلف " تعلقت بممكن " نقول ضده إيش؟ المستحيل، فالمستحيل لا تتعلق به القدرة، لأنه على اسمه مستحيل.
لكن يجب أن نعلم حتى لا يتوهم واهم أننا قيدنا ما، أو أننا خصصنا ما عمه الله، أو قيدنا ما أطلقه، يجب أن نعلم أن المستحيل نوعان: مستحيل لذاته، ومستحيل لغيره، فالمستحيل لذاته ما يمكن أن تتعلق به القدرة، كما مثلنا وقلنا: لو قال قائل هل يقدر الله أن يخلق مثله؟ قلنا هذا مستحيل لذاته، لأن المماثلة مستحيلة، أدنى ما نقول أن نقول إن هذا مخلوق والرب خالق فتنتفي المماثلة على كل حال.
الشيء الثاني: مستحيل لغيره، بمعنى: أن الله تعالى أجرى هذا الشيء على هذه العادة المستمرة التي يستحيل أن تنخرم، ولكن الله قادر على أن يخرمها، واضح؟ هذا نقول: إن القدرة تتعلق به، فيمكن للشيء الذي نرى أنه مستحيل بحسب العادة أن يكون جائزا واقعا بحسب القدرة، أو لا؟ نعم، وهذا شيء كثير، كل آيات الأنبياء الكونية من هذا؟ من هذا الباب، مستحيل لغيره، انشقاق القمر للرسول عليه الصلاة والسلام مستحيل لغيره، لكن لذاته غير مستحيل، لأنه وقع، والله قادر على أن يشق القمر نصفين، بل قادر على أن يشق الشمس نصفين، أليس كذلك؟ طيب.
نحن الآن نرى أنه من المستحيل أن الشمس تنزل وتكون فوق المنارة، ولا لا؟ هاه؟ لو جاءنا واحد وقال إني مررت بمنارة نعم وجدت أن الشمس موضوعة فوق المنارة بالضبط، وش نقول له؟ نقول: هذا كذب مستحيل، لكن مستحيل لغيره ولا لذاته؟ لغيره، حسب ما أجرى الله العادة، لكن الله قادر على أن تكون الشمس على مستوى منارة، بل دون المنارة، فإنه يوم القيامة تكون على رؤوس الناس بقدر ميل.
فعبارة المؤلف رحمه الله تحتاج إلى بيان في قوله: " تعلقت بممكن " فإن ظاهر كلامه أن القدرة لا تتعلق بالمستحيل، ونحن نقول: لابد في ذلك من التفصيل، وهو أن المستحيل لذاته لا تتعلق به القدرة، لأنه لا يمكن، ما هو موجود، ولا يمكن يوجد، ولا يفرضه الذهن. هل يمكن أن يكون الشيء متحركا ساكنا؟ هاه؟ لأنه إن كان متحركا فليس بساكن، إن كان ساكنا فليس بمتحرك.
لكن يجب أن نعلم حتى لا يتوهم واهم أننا قيدنا ما، أو أننا خصصنا ما عمه الله، أو قيدنا ما أطلقه، يجب أن نعلم أن المستحيل نوعان: مستحيل لذاته، ومستحيل لغيره، فالمستحيل لذاته ما يمكن أن تتعلق به القدرة، كما مثلنا وقلنا: لو قال قائل هل يقدر الله أن يخلق مثله؟ قلنا هذا مستحيل لذاته، لأن المماثلة مستحيلة، أدنى ما نقول أن نقول إن هذا مخلوق والرب خالق فتنتفي المماثلة على كل حال.
الشيء الثاني: مستحيل لغيره، بمعنى: أن الله تعالى أجرى هذا الشيء على هذه العادة المستمرة التي يستحيل أن تنخرم، ولكن الله قادر على أن يخرمها، واضح؟ هذا نقول: إن القدرة تتعلق به، فيمكن للشيء الذي نرى أنه مستحيل بحسب العادة أن يكون جائزا واقعا بحسب القدرة، أو لا؟ نعم، وهذا شيء كثير، كل آيات الأنبياء الكونية من هذا؟ من هذا الباب، مستحيل لغيره، انشقاق القمر للرسول عليه الصلاة والسلام مستحيل لغيره، لكن لذاته غير مستحيل، لأنه وقع، والله قادر على أن يشق القمر نصفين، بل قادر على أن يشق الشمس نصفين، أليس كذلك؟ طيب.
نحن الآن نرى أنه من المستحيل أن الشمس تنزل وتكون فوق المنارة، ولا لا؟ هاه؟ لو جاءنا واحد وقال إني مررت بمنارة نعم وجدت أن الشمس موضوعة فوق المنارة بالضبط، وش نقول له؟ نقول: هذا كذب مستحيل، لكن مستحيل لغيره ولا لذاته؟ لغيره، حسب ما أجرى الله العادة، لكن الله قادر على أن تكون الشمس على مستوى منارة، بل دون المنارة، فإنه يوم القيامة تكون على رؤوس الناس بقدر ميل.
فعبارة المؤلف رحمه الله تحتاج إلى بيان في قوله: " تعلقت بممكن " فإن ظاهر كلامه أن القدرة لا تتعلق بالمستحيل، ونحن نقول: لابد في ذلك من التفصيل، وهو أن المستحيل لذاته لا تتعلق به القدرة، لأنه لا يمكن، ما هو موجود، ولا يمكن يوجد، ولا يفرضه الذهن. هل يمكن أن يكون الشيء متحركا ساكنا؟ هاه؟ لأنه إن كان متحركا فليس بساكن، إن كان ساكنا فليس بمتحرك.
أمثلة للمستحيل لغيره.
الشيخ : أما المستحيل لغيره يعني: بحيث يكون بحسب العادة غير ممكن فهذا تتعلق به القدرة، وإذا طلب منا مثل لذلك، قلنا ما أكثر الأمثلة، كل آيات الأنبياء الكونية من هذا؟ من هذا الباب. في العادة لو أن أحدا قال: أنا أبضرب هذا الحجر، حجر ضربه بعصاة، قال: فانفلق اثنا عشر عين، وش نقول: نقول هذا مستحيل حسب العادة، لو تضرب حجر بعصا من حديد حتى يتفتت الحجر ما جاك اثنا عشر عين، لكن هل هو مستحيل لذاته؟
الطالب : لا.
الشيخ : لأن الله تعالى جعله لموسى، طيب.
إنسان معه عصا، وقال أنا أضع هذا العصا ويكون حية، وش نقول؟ نقول هذا ما هو بصحيح لا يمكن أن يكون حية، حتى في السحر ما يمكن يكون حية، إنما يكون حية بالسحر حسب نظرنا، لكن حقيقة لا، ليس بحية، لكن يمكن أن يكون العصا حية حقيقة حسب القدرة قدرة الله، فكون العصا حية مستحيل لذاته ولا لغيره؟ هاه؟ مستحيل لغيره، لكنه لقدرة الله ليس مستحيلا، ولهذا كان عصا موسى ينقلب حية حقيقية تلقف تأكل. الإنسان مخلوق من الطين، لو واحد صنع تمثالا على شكل إنسان، أو على شكل طير، على شكل طير أحسن لأجل توافق الآية التي لعيسى، صنع تمثالا على شكل طير، وقام ينفخ فيه، وقال صار طير طار، نصدقه؟
الطالب : لا.
الشيخ : لأن هذا مستحيل حسب العادة، لكنه مستحيل لغيره، وأما حسب القدرة فليس بمستحيل، ولهذا جعله الله آية لعيسى، يخلق تمثالا على شكل الطير، ثم ينفخ فيه فيطير، عرفتم الآن؟ طيب. ونقتصر على هذا، لأنه انتهى الوقت. نعم.
الطالب : لا.
الشيخ : لأن الله تعالى جعله لموسى، طيب.
إنسان معه عصا، وقال أنا أضع هذا العصا ويكون حية، وش نقول؟ نقول هذا ما هو بصحيح لا يمكن أن يكون حية، حتى في السحر ما يمكن يكون حية، إنما يكون حية بالسحر حسب نظرنا، لكن حقيقة لا، ليس بحية، لكن يمكن أن يكون العصا حية حقيقة حسب القدرة قدرة الله، فكون العصا حية مستحيل لذاته ولا لغيره؟ هاه؟ مستحيل لغيره، لكنه لقدرة الله ليس مستحيلا، ولهذا كان عصا موسى ينقلب حية حقيقية تلقف تأكل. الإنسان مخلوق من الطين، لو واحد صنع تمثالا على شكل إنسان، أو على شكل طير، على شكل طير أحسن لأجل توافق الآية التي لعيسى، صنع تمثالا على شكل طير، وقام ينفخ فيه، وقال صار طير طار، نصدقه؟
الطالب : لا.
الشيخ : لأن هذا مستحيل حسب العادة، لكنه مستحيل لغيره، وأما حسب القدرة فليس بمستحيل، ولهذا جعله الله آية لعيسى، يخلق تمثالا على شكل الطير، ثم ينفخ فيه فيطير، عرفتم الآن؟ طيب. ونقتصر على هذا، لأنه انتهى الوقت. نعم.
مراجعة فيما يتعلق بالقدرة والمستحيل.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى:
" له الحياة والكلام والبصر *** سمع إرادة وعلم واقتدر "
الشيخ : كيف؟ أيش؟
القارئ : نعم؟
الشيخ : لا، " بقدرة تعلقت "
القارئ : " بقدرة تعلقت بممكن *** كذا إرادة "
الشيخ : " فعي واستبن "
القارئ : " واستبن
والعلم والكلام "
الشيخ : " فعي واستبن "
القارئ : " فعي واستبن
والعلم والكلام قد تعلقا *** بكل شيء يا خليلي مطلقا
وسمعه سبحانه كالبصر *** بكل مسموع وكل مبصر "
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
لما بين المؤلف رحمه الله هذه الصفات السبع، وهي: الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة والكلام، بيَّن متعلقات هذه الصفات، فنقول: أولا الحياة، ما ذكر المؤلف لها متعلق، وسيأتي إن شاء الله أنه لا متعلق لها لأنها لا تتعدى.
القدرة، يقول المؤلف: " بقدرة تعلقت بممكن *** كذا إرادة فعي واستبن " سبق لنا أن قوله " بممكن " يخرج به المستحيل، وذكرنا أن المستحيل نوعان: مستحيل لذاته ومستحيل لغيره،ـ فالمستحيل لذاته نعم لا تتعلق به القدرة لأنه مستحيل، ومثلنا لذلك بكون الشيء متحركا ساكنا في آن واحد، هذا مستحيل، لأنه إن تحرك، نعم، فليس بساكن، وإن سكن فليس بمتحرك، وأما المستحيل لغيره، أي: لكونه لم تجر به عادة أو ما أشبه ذلك، فهذا تتعلق به القدرة، وله أمثلة كثيرة، فخلق عيسى عليه الصلاة والسلام من غير أب أمر مستحيل في العادة، لا يمكن أن يوجد ولد بلا أب، وخلق ولد بلا أم أيضا مستحيل، ولد بلا أم مستحيل بالعادة، ما من ولد إلا له أم، ولكن في حواء صار لها أب وليس لها أم. طيب، كذلك أيضا يستحيل في العادة أن يوجد ولد أو أن يوجد بشر بلا أم ولا أب، فلو جاءنا رجل وقال: أبشروا، بماذا؟ قال: وجدت ولدا نابتا في السطح، ماذا نقول له؟ نقول هذا مجنون، لا يمكن أن يكون هكذا، ولكن هذا مستحيل لغيره، لو شاء الله أن يخلقه لخلقه، أليس الناس إذا دفنوا في القبور فإن الأرض تأكل أجسامهم كلها إلا عجب الذنب، ومع ذلك يتكون من هذا التراب يتكون آدمي بشر، وآدم عليه الصلاة والسلام كان خلق من الطين، وهذا مستحيل لغيره حسب العادة، ولكن الله قادر عليه.
قال: " كذا إرادة " يعني: كذلك الإرادة تتعلق بالممكن، أما المستحيل فلا يمكن، فالمستحيل لذاته لا يمكن أن يريده الله، لأن هذه الإرادة عبث، والله منزه عن العبث، لو قال قائل مثل إن الله يريد هذا الشيء يكون متحركا ساكنا، فالجواب: لا، لا يريد هذا، لأنه متى كان متحركا لم يكن ساكنا، ومتى ساكنا لم يكن متحركا، وليس المراد أنه يكون متحركا ثم يسكن، أو ساكنا ثم يتحرك، هذا ممكن، فالإرادة أيضا تتعلق بماذا؟ بالممكن، ولهذا نقول: إن الإرادة إذا أراد الله أمرا فإنما يقول له كن فيكون، وهذا يدل على أن الإرادة تكون في الأشياء الممكنة التي يمكن أن يفعلها الله. طيب.
قال رحمه الله تعالى:
" له الحياة والكلام والبصر *** سمع إرادة وعلم واقتدر "
الشيخ : كيف؟ أيش؟
القارئ : نعم؟
الشيخ : لا، " بقدرة تعلقت "
القارئ : " بقدرة تعلقت بممكن *** كذا إرادة "
الشيخ : " فعي واستبن "
القارئ : " واستبن
والعلم والكلام "
الشيخ : " فعي واستبن "
القارئ : " فعي واستبن
والعلم والكلام قد تعلقا *** بكل شيء يا خليلي مطلقا
وسمعه سبحانه كالبصر *** بكل مسموع وكل مبصر "
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
لما بين المؤلف رحمه الله هذه الصفات السبع، وهي: الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة والكلام، بيَّن متعلقات هذه الصفات، فنقول: أولا الحياة، ما ذكر المؤلف لها متعلق، وسيأتي إن شاء الله أنه لا متعلق لها لأنها لا تتعدى.
القدرة، يقول المؤلف: " بقدرة تعلقت بممكن *** كذا إرادة فعي واستبن " سبق لنا أن قوله " بممكن " يخرج به المستحيل، وذكرنا أن المستحيل نوعان: مستحيل لذاته ومستحيل لغيره،ـ فالمستحيل لذاته نعم لا تتعلق به القدرة لأنه مستحيل، ومثلنا لذلك بكون الشيء متحركا ساكنا في آن واحد، هذا مستحيل، لأنه إن تحرك، نعم، فليس بساكن، وإن سكن فليس بمتحرك، وأما المستحيل لغيره، أي: لكونه لم تجر به عادة أو ما أشبه ذلك، فهذا تتعلق به القدرة، وله أمثلة كثيرة، فخلق عيسى عليه الصلاة والسلام من غير أب أمر مستحيل في العادة، لا يمكن أن يوجد ولد بلا أب، وخلق ولد بلا أم أيضا مستحيل، ولد بلا أم مستحيل بالعادة، ما من ولد إلا له أم، ولكن في حواء صار لها أب وليس لها أم. طيب، كذلك أيضا يستحيل في العادة أن يوجد ولد أو أن يوجد بشر بلا أم ولا أب، فلو جاءنا رجل وقال: أبشروا، بماذا؟ قال: وجدت ولدا نابتا في السطح، ماذا نقول له؟ نقول هذا مجنون، لا يمكن أن يكون هكذا، ولكن هذا مستحيل لغيره، لو شاء الله أن يخلقه لخلقه، أليس الناس إذا دفنوا في القبور فإن الأرض تأكل أجسامهم كلها إلا عجب الذنب، ومع ذلك يتكون من هذا التراب يتكون آدمي بشر، وآدم عليه الصلاة والسلام كان خلق من الطين، وهذا مستحيل لغيره حسب العادة، ولكن الله قادر عليه.
قال: " كذا إرادة " يعني: كذلك الإرادة تتعلق بالممكن، أما المستحيل فلا يمكن، فالمستحيل لذاته لا يمكن أن يريده الله، لأن هذه الإرادة عبث، والله منزه عن العبث، لو قال قائل مثل إن الله يريد هذا الشيء يكون متحركا ساكنا، فالجواب: لا، لا يريد هذا، لأنه متى كان متحركا لم يكن ساكنا، ومتى ساكنا لم يكن متحركا، وليس المراد أنه يكون متحركا ثم يسكن، أو ساكنا ثم يتحرك، هذا ممكن، فالإرادة أيضا تتعلق بماذا؟ بالممكن، ولهذا نقول: إن الإرادة إذا أراد الله أمرا فإنما يقول له كن فيكون، وهذا يدل على أن الإرادة تكون في الأشياء الممكنة التي يمكن أن يفعلها الله. طيب.
معنى قوله:( والعلم والكلام قد تعلقا بـكل شيء يا خلـيلي مطلقا )
الشيخ : قال " والعلم والكلام قد تعلقا *** بكل شيء " العلم والكلام تعلقا بكل شيء، يعني: يمكن أن الله يتكلم بالشيء المستحيل، ويعلم الشيء المستحيل، أو لا؟ نعم، يمكن، فالله سبحانه وتعالى يقول: (( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا )) فقال بالمستحيل، يعني: تكلم عن شيء مستحيل، أو لا؟ (( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله )) تكلم بشيء مستحيل، العلم يتعلق بالمستحيل ولا لا؟ نعم، والدليل هاتان الآيتان (( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا )) هذا خبر، يخبر الله أنه لو كان في السماء والأرض آلهة إلا الله لفسدتا، هذا خبر عن شيء، أجب؟
الطالب : مستحيل.
الشيخ : مستحيل، طيب.
إذن الكلام يتعلق بالمستحيل، يتعلق بالواجب؟ نعم، من باب أولى، فالله تعالى يتكلم بالشيء الواجب، ومما تكلم به من الأمور الواجبة أن الله واحد لا شريك له.
الطالب : مستحيل.
الشيخ : مستحيل، طيب.
إذن الكلام يتعلق بالمستحيل، يتعلق بالواجب؟ نعم، من باب أولى، فالله تعالى يتكلم بالشيء الواجب، ومما تكلم به من الأمور الواجبة أن الله واحد لا شريك له.
اضيفت في - 2007-02-04