شرح العقيدة الواسطية-03
الشيخ عبدالعزيز ابن باز
العقيدة الواسطية
الحجم ( 7.52 ميغابايت )
التنزيل ( 3041 )
الإستماع ( 233 )


2 - تعليق الشيخ على قول المؤلف " وقد دخل في ذلك الإيمان بأنه قريب مجيب كما جمع بين ذلك في قوله: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) الآية. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته) وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وهو علي في دنوه قريبٌ في علوه. ومن الإيمان بالله وكتبه: الإيمان بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأن الله تكلم به حقيقة، وأن هذا القرآن الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم هو كلام الله حقيقة لا كلام غيره، ولا يجوز إطلاق القول بأنه حكايةعن كلام الله أو عبارة بل إذا قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله تعالى حقيقة فإن الكلام إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئاً لا إلى من قاله مبلغاً مؤدياً، وهو كلام الله حروفه ومعانيه ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف. أستمع حفظ

9 - تعليق الشيخ على قول المؤلف " وقد دخل أيضاً فيما ذكرناه من الإيمان به وبكتبه وبملائكته وبرسله الإيمان بأن المؤمنين يرونه يوم القيامة عياناً بأبصارهم كما يرون الشمس صحواً ليس بها سحاب وكما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته يرونه سبحانه وهم في عرصات القيامة ثم يرونه بعد دخول الجنة كما يشاء الله تعالى ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت. فيؤمن بفتنة القبر، وبعذاب القبر ونعيمه. فأما الفتنة فإن الناس يمتحنون في قبورهم فيقال للرجل: ما ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فيقول المؤمن: ربي الله والإسلام ديني ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيي. وأما المرتاب فيقول: هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته: فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة سمعها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق - ثم بعد هذه الفتنة - إما نعيم وإما عذاب إلى أن تقوم القيامة الكبرى فتعاد الأرواح إلى الأجساد، وتقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه وعلى لسان رسوله وأجمع عليها المسلمون، فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلا( ) وتدنو منهم الشمس ويلجمهم العرق، فتنصب الموازين فتوزن بها أعمال العباد (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون) وتنشر الدواوين - وهي صحائف الأعمال - فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره كما قال سبحانه وتعالى: (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً، اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) ويحاسب الله الخلائق ويخلو بعبده المؤمن فيقرره بذنوبه كما وصف ذلك في الكتاب والسنة، وأما الكفار فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته فإنه لا حسنات لهم ولكن تعد أعمالهم فتحصى فيوقفون عليها ويقرون بها. أستمع حفظ

20 - تعليق الشيخ على قول المؤلف "وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي صلى الله عليه وسلم ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، وطوله شهر وعرضه شهر من يشرب منه شربة لا يضمأ بعدها أبدا. والصراط منصوب على متن جهنم وهو الجسر الذي بين الجنة والنار يمر الناس على قدر أعمالهم، فمنهم من يمر كلمح البصر ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كالفرس الجواد ومنهم من يمر كركاب الإبل ومنهم من يعدو عدواً ومنهم من يمشي مشياً ومنهم من يزحف زحفاً ومنهم من يخطف خطفاً ويلقى في جهنم. فإن الجسر عليه كلاليب تخطف الناس بأعمالهم، فمن مر على الصراط دخل الجنة، فإذا عبروا عليه وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة. أستمع حفظ

33 - تعليق الشيخ على قول المؤلف "وأول من يستفتح باب الجنة محمد صلى الله عليه وسلم، وأول من يدخل الجنة من الأمم أمته وله صلى الله عليه وسلم في القيامة ثلاث شفاعات: أما الشفاعة الأولى فيشفع في أهل الموقف حتى يقضى بينهم بعد أن يتراجع الأنبياء: آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم من الشفاعة حتى تنتهي إليه. وأما الشفاعة الثانية فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، وهاتان الشفاعتان خاصتان له، وأما الشفاعة الثالثة فيشفع فيمن استحق النار، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها، ويخرج الله من النار أقواماً بغير شفاعة بل بفضله ورحمته ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا فينشيء الله لها أقواماً فيدخلهم الجنة. وأصناف ما تضمنته الدار الآخرة من الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المنزلة من السماء والآثار من العلم المأثور عن الأنبياء. وفي العلم الموروث عن محمد صلى الله عليه وسلم من ذاك ما يشفي ويكفي فمن ابتغاه وجده. أستمع حفظ

44 - تعليق الشيخ على قول المؤلف "وتؤمن الفرقة الناجية - أهل السنة والجماعة - بالقدر خيره وشره والإيمان بالقدر على درجتين كل درجة تتضمن شيئين: (فالدرجة الأولى) الإيمان بأن الله تعالى عليم بما الخلق عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا وأبدا، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق فأول ما خلق الله القلم( ) قال له: اكتب. قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة. فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه جفت الأقلام وطويت الصحف كما قال تعالى: (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب، إن ذلك على الله يسير) ، وقال: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير) وهذا التقدير - التابع لعلمه سبحانه - يكون في مواضع جملة وتفصيلا فقد كتب في اللوح المحفوظ ما شاء، وإذا خلق جسد الجنين قبل خلق الروح فيه بعث إليه ملكاً فيؤمر بأربع كلمات فيقال له: اكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ونحو ذلك. فهذا التقدير قد كان ينكره غلاة القدرية قديماً ومنكروه اليوم قليل. (وأما الدرجة الثانية) فهي مشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة وهو الإيمان بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه ما في السماوات وما في الأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله سبحانه. لا يكون في ملكه ما لا يريد وأنه سبحانه على كل شيء قدير من الموجودات والمعدومات، فما من مخلوق في الأرض ولا في السماء إلا الله خالقه سبحانه لا خالق غيره ولا رب سواه. ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسله ونهاهم عن معصيته، وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والمقسطين ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، لا يحب الكافرين، ولا يرضى عن القوم الفاسقين، ولا يأمر بالفحشاء ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يحب الفساد والعباد فاعلون حقيقة والله خالق أفعالهم، والعبد هو المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والمصلي والصائم. وللعباد القدرة على أعمالهم ولهم إرادة( ) والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم كما قال الله تعالى: (لمن شاء منكم أن يستقيم، وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين). وهذه الدرجة من القدر يكذب بها عامة القدرية الذين سماهم النبي صلى الله عليه وسلم مجوس هذه الأمة ويغلو فيها قوم من أهل الإثبات( ) حتى سلبوا العبد قدرته واختياره ويخرجون عن أفعال الله وأحكامه حكمها ومصالحها. أستمع حفظ

56 - تعليق الشيخ على قول المؤلف "ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الدين والإيمان قول وعمل: قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح. وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر كما يفعله الخوارج بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي كما قال سبحانه في آية القصاص: (فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف) وقال: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين، إنما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم). ولا يسلبون الفاسق المللي( ) الإسلام بالكلية، ولا يخلدونه في النار كما تقوله المعتزلة بل الفاسق يدخل في اسم الإيمان المطلق كما في قوله: (فتحرير رقبة مؤمنه) وقد لا يدخل في اسم الإيمان المطلق كما في قوله تعالى: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا). وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن) ونقول: هو مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته فلا يعطى الاسم المطلق ولا يسلب مطلق الاسم. أستمع حفظ